في البداية ترددت في الكتابة رفضت أن أذكر حقيقة نفسي أمام أحد وللمرة الأولى تخرج الكلمات من جوفي ومرارتها لا توصف لأول مرة أزيل شيئاً من حمم البركان التي تحرقني منذ سنين في الثامنة والعشرين وأحس بأني بالثامنة والثمانين وربما أكثر أصف لكم حالتي أم لطفل عمره أربع سنين أفتقر لأبسط أبسط مقومات الحياة ميتة يمشي، لكن هذه الميتة عندما تثور تقذف اللعنة في كل مكان وتحول المكان لمسرح تقذف فيه كل ما تراه متاحا أمامها نهر من الغضب لا ينضب.
لا أجد طعما لطعامي أو شرابي لا أرى سوى أرض مكفهرة الشديدة التصحر أنام ساعات طويلة وأحيانا أصاب بأرق شديد لا أذكر آخر مرة فيها ذقت طعم السعادة غابت الكلمة عن قاموسي. لا أرى النصف الممتلئ من الكأس لأن الكأس فاض قهرا وألما.
ولدت في عائلة كبيرة لأب مثقف جدا جدا وأم متعلمة وكنت وما زلت مدللة أبي وكان أبي وما زال الشخصية المقدسة في حياتي وما زال. عائلتي منغلقة على المجتمع الخارجي لذا اجتمعت لي الدنيا في أبي وكتبه ومقالاته وأفكاره. بعد نيل شهادة بكالوريوس في تخصص دقيق من أحسن جامعة في بلدنا شجعني أبي لنيل الدراسات العليا وكنت في الطريق في قمة النجاح لكن كان لدي موعد مع القدر جاءني لخطبتي فتى العائلة الذهبي ابن عمتي الشاب الوسيم ابن الشقيقة الغالية ووافق أبي دون حتى استشارتي!!!! وطبعا أبي أصر على الرجل ووافقت لأن أبي وافق ليس إلا.
في فترة الخطوبة القصيرة جدا حدثت مشكلة بين والدي وابن شقيقته واحتدم الخلاف لقد وجد فيه رجلا لا يستحق ابنته وكان على صواب. وأراد أبي إنهاء علاقتي بخطيبي لكن الرجل أصر وتمسك بي واتصل بي وأراد بشدة مقابلتي ليفهم طبيعة الخلاف أخبرته بأنه مجرد سوء تفاهم وسينتهي أصر على لقائي وحدثت مأساتي أقدم الحقير على اغتصابي ليحتفظ بي لنفسه ووضعي أمام الأمر الواقع.
لا ولن أستطيع نسيان ألم تلك اللحظات لا تستطيعي تقدير ما خسرت خسرت إنسانيتي؟ حولني من الفتاة الطاهرة لجارية مما ملكت يمينه؟؟ لقد قاومته بشدة لكنه أشد وثاقي ونال مني ما يريد بل أكثر ساعات من الألم وأنا أبكي وأطلب منه الرحمة لكنه كلما زاد بكائي زاد في أفعاله الشائنة وهنا انهارت أعصابي ودخلت في حالة هستيرية من الصراخ لا أذكر بعدها سوى قطرات الماء الباردة، غسلني وأخذني للمستشفى وأخبر أبي بأن حادث سير وقع لي وصدمت بذلك وبعدما خرجت من المستشفى.
قلت لأبي أريده فهو خطيبي ومكتوب كتابنا وأصريت فقط لأستر ما حدث لي بل تعجلت في الزواج وتزوجنا لكن أنا لست أنا. لقد فقدت نفسي بعد تلك الحادثة. شعور التقزز من هذا الرجل لا يمكني وصفه حتى في أول ليلة زواج لم أسمح له بلمسي لكنه كحيوان كاسر تمادى في أخذ حقوقه بل أغلظ معاملتي. وزاد جفائي له وتقززي منه والكل يعتقد بأني في أفضل حالاتي وفي حال خروجه من البيت أمضي وقتي في الاستحمام فقط لأزيل شعور التقزز.
كلما حاولت ممارسة حياتي الطبيعية وأحاول إقناع نفسي بأن ما حدث مقدر وأنه كان زوجي لحظتها أبدأ بالاستفراغ بعد أي لقاء ولم يستطع ترويضي أبدا، لم نقترب من بعضنا أبدا بود ككل الأزواج بل كنت أسيرته التي يأخذ ما يريد وقت ما يريد بكل الطرق المقرفة التي يمكن تخيلها، ووقتي يمر بالبكاء وحملت بطفلي الأول لكن طفح الكيل سئمت دور الضحية في أحد الليالي حاول الاقتراب مني مجددا لكني بدون وعي غرزت سكيني في ذراعه وكنت مستعدة لقتله وكانت أول مرة يضربني بشدة وانتهى به الحال في المستشفى.
تخيل رأيت نفسي أحاول قتله لم أندم على تلك الفعلة وللآن لم يحدث الندم كنت سأقدم على قتله؟؟ لم يخبر أحد بطبيعة الواقعة حتى أنا لم أخبر أحد وتوجهت لبيت أهلي ووضعت مولودي الأول وتخيل وكأني لم يكفيني ما حدث ما؟؟؟؟ ولد الصغير مشوها تشوها كبيرا ولم ألمح والده بعدها نهائيا لم أرى سوى ورقة الطلاق الذي طلبته بمل إرادتي.
مأساتي في زواجي وفي طفلي المريض وفي تحويلي من فتاة نابضة بالحياة لامرأة ميتة لم أعد ذي فائدة لأحد حتى لولدي وكلما تذكرت أفعاله ولقائي به لا أسكت حرقة دمي ومرارة حياتي سوى بقطعة زجاج تقطع أجزاء جسدي وينزف دمي بغزارة. لا أجد حلا للألم سوى ألم مثله وحتى أكبر.
ما زلت على حالي في انفصال عن الدنيا لا شيء يفرحني ولا يريحني وصدقني عندما أقول أريد الانتحار لا أبالغ ولا أحاول تضخيم حجم مأساتي فهي أكبر مما تتخيل إذ يلومني الجميع على ما حدث ويقللون من شأني وفي نظرهم أنا بقايا وأمضي وقتي في غرفتي أعذب نفسي بأكبر طريقة ممكنة حتى بدأ مشوها تماما كما في داخلي.
حتى ولدي يذكرني بأبيه وبماض تعيس بجحيم سابق بنار أكتوي فيها لوحدي وأحترق شيئا فشيئا ولا أجد لنفسي العذر بما حدث لي فأجلد ذاتي بطريقتي الخاصة بل بت أعشق تعذيب نفسي. أكره نفسي أكره أبي أكره وأمقت طليقي؟ أكره حتى ولدي؟؟
أرسم مئات من صور الدمار والقتل لنصف الرجل؟ أكره الجميع؟
أريد إنهاء حياتي فعلا؟ لا أدري تجرأت وطعنت ذلك النذل سابقا وما زلت أتفنن باستخدام المشارط على جسدي؟
04/06/2011
رد المستشار
ما أقسى الطعنات الغادرة يا صغيرتي، فهناك طعنات تهدأ بعد وقت طال أو قصر، إلا طعنة الغدر فهي لا تهدأ ولا تذوب مع الأيام، وطعنته كانت غادرة قاهرة بجدارة، ولم يفكر قط ذلك المعتوه أن يصحح الأمر أو يهذبه شيئاَ فشيئاَ ولكنه كان بجانب عتهه "غبياَ" طول الوقت وظل على نفس الوتيرة ولا أعلم ماذا كان ينتظر الأبله؟، الذي صور له خياله المريض أنه مادام عقد عليك فيمكن أن يفعل ما يريد فلا حرج؟ فطعنتك له بالسكين كانت رقيقة مهذبة أمام ما طعنك به، ولكنني أتساءل بصدق لماذا تؤنبين نفسك"، وتتركين نفسك نهباَ لأعراض الاكتئاب بهذا الوضع؟
لماذا تجدين أنك تستحقين المزيد من التشويه والتجريح والألم؟، هل كان من المنطق أن تتوقعي أنه سيكون بتلك الخسة؟، هل كنت تتوقعين أن يحدث ذلك من لحمك ودمك؟، أم كنت تنتظرين أن تقاوميه وهو كالثور الهائج الذي أحكم وثاقه لك؟، هل من الممكن أن تكون فتاة في حالة ذهول من وقع ما يحدث لها في تلك اللحظات على غِرة وتم توثيقها أن تقاوم فحلاَ يفكر بشكل أخرق ليحصل على الزواج المؤكد بتلك الطريقة؟، هل كنت ستضربينه وأنت مقيدة مثلاَ؟، أم كنت ستمنعينه من الوصول إليك وأنت مشلولة الحركة؟، كيف كان سيحدث ذلك؟، وهل تؤنبين نفسك على أنك كنت معه في تلك اللحظات وحدك؟، فهل كنت مع شخص غريب حينها أم كان زوجك الذي تأتمنين نفسك عليه وتثقين فيه لموافقة والدك؟، أم تؤنبين نفسك على الموافقة من الأساس؟؛
فهل من المفترض أن تفكري وأنت تلك الصغيرة التي تعلم أن والدها ذلك الشخص العظيم المثقف المتميز قد لا يدرك في غير علمه الكثير والكثير؟، هل من المتصور أن تكوني في مثل هذه السن وتتصورين أن الكمال لله وحده وأن والدك قد يصيب ويخطئ في تقديراته الشخصية والعلاقات وفهم البشر التي لا تمت بصلة للتخصص النادر في علمه؟، أم تلومين نفسك على مواصلة الارتباط بعد أن انكشف لوالدك؟، فهل كنت بالنضوج الذي نضجته اليوم؟، هل كان ابن عمتك هذا يكشر عن أنيابه زرقاء اللون تلك في ذلك الوقت فتتوقعي منه ما فعل؟، فما هذا الذي تفعلينه؟، هل تستحق نفسك الرحمة أم التعذيب؟، أما كفاها ما لاقت من هدر للإنسانية والكرامة وتعرضها لزلزال مروّع لم يكن في الحسبان فتأتي أنت وتكملين عليها؟
هي لا تتحمل ما تفعلينه بها أيتها القاسية فلترحميها وتهدهديها بعد كل تلك العذابات فهي تشتاق منذ زمن طويل ليد دافئة رحيمة تربت عليها وتحتضنها بدلاَ مما تفعلين بها، فهي لم تجد من تبوح له بأسرارها المؤلمة منذ زمن طويل، ولم تجد من يسمع بكائها ويرى جروحها فيضمدها منذ سنوات، وإن لم تفعلي أنت معها ذلك فمن يا تُرى سيستطيع؟، هل يعلم سرها سواك؟، هل تبوح إلا لك؟، هل سيربت عليها سواك أنت؟، فلتعطيها بعض الحنان والرفق اللذان حرمت منهما منذ تلك اللحظة الكريهة وتحملي بكائها الطويل فقد عانت كثيرا، وأحبي صمودها وشجعيها على الوقوف من جديد على قدميها فهما لازالتا موجودتان ولكن في حالة إعياء شديدة وتحتاج من يدعّمهما ويكن سنداَ لهما، فلقد أغلقت على نفسك الحياة فعشت وراء باب مغلق منذ تلك اللحظة فلم تري أي شيء في الوجود سوى استرجاع ذكريات كريهة قاتمة مُذلة وليالي مقززة تخافي منها وتكرهينها، فافتحي الباب وأطلقي لقدميك الريح وستجدي أن الحياة لازالت موجودة رحبة، وستجدين فراغات كثيرة حدثت بسبب غيابك الطويل ولن يملأها سواك، في عملك وبين من يحبوك وعند والدك وعند ولدك وهذه الخطوة قد تكون صعبة عليك في البداية فلتتواصلي مع متخصصة نفسية لتعينك على إكمال تلك الخطوة بجلسات معرفية وبعض الأدوية المعينة على تخفيف نزعة الإيذاء والاكتئاب.
فكفاك موتاَ نابضاَ بالحياة المزيفة، وكفاك تجريحاَ في جسدك ونفسك التي لم تعد تتحمل قواها على أكثر من ذلك، فلو ظللنا أسرى تجاربنا المريرة في الحياة وصفعاتها القاتلة لتدمر الكون منذ زمن بعيد؛ ولكنها سطور الحياة التي تعلمنا من صفعاتها أكثر من قبلاتها، ولتركني لله العظيم بحق الذي لا يتخلى ولا يغدر ولا يهين، فهو المعين اللطيف ينتظر منك أن تفيقي وتقولين "يا رب أعِنِّي" فيهرول لك، وولدك رغم أنه من هذا الرجل؛ إلا أنه لا ناقة له ولا جمل فيما حدث؛ فهل تتركيه وحيداَ كما أنت وحيدة رغم وجودك بين أسرتك؟، فأنت أسرته كلها فحين تقفين من جديد على قدميك ستتمكنين من حبه وتقديم الحنان الذي يفتقده منك ويحتاجه بشدة، وسترين عجائب الله في هذا الرجل بمرور الأيام وغداَ ستقولين أنني قلت هذا، هيا يا صغيرتي كفاك استخداماَ للمشارط وابدئي في استخدام إرادتك وعزيمتك التي تمكنت بفضلها فعلاَ أن تتخلصي من هذا الرجل رغم ما فعله حتى يتمكن من الزواج منك كما كان يتصور هذا الأبله المعتوه.
* ويضيف د. وائل أبو هندي المستشيرة الفاضلة "هلا" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، ليس لدي ما أزيد على كلام أستاذة أميرة بدران بارك الله فيها إلا أن أضع خطا تحت نقرات لوحة مفاتيحك التي كتبت: (........... وما زلت أتفنن باستخدام المشارط على جسدي؟) فهناك الآن فضلا عن العدوانية التي وجهتها تجاه من يستحق أنت الآن توجهين عدوانيتك دون وعي منك إلى ذاتك.... وهو ما يلزم طلب العون النفسي فيه وبسرعة
واقرئي:
اضطراب كشط الجلد النفسي م
حب الألم واستعذابه: مازوخية جدا؟اضطراب قشط الجلد النفسي
التشويه الذاتي للجسد: وصف الظاهرة
التشويه الذاتي للجسد: وصف الظاهرة2
التشويه الذاتي للجسد: وصف الظاهرة مشاركة3
ويتبع:>>>> العصبية القاتلة: الشخصية الحدية م1
التعليق: هلا إن الله رحمان رحيم
’ارحمي نفسك وجسدك المسكين يا حبيبتي ناجي الله في الظلمات والنور إنه قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه قولي:
يا رب اشكي له وتوكلي عليه والله سيعينك ولا تظلمي ابنك وعسى أنه رحمة من رب العالمين انظري للدنيا بعين الرضا والحب والتفاؤل قاومي اخلقي إرادة من حديد كوني امراة حديدية وستكونين كذلك بعون الله لك