إخوتي وأخواتي المستشارين لقد استنفذت جميع الحلول لحل مشكلتان تعيقا عيشتي فقد عانيت كثيرا بسببهما ألا وهما: المشكلة الأولى أنني أعاني من مشكلة نفسية تتجلى في كوني بدأت طريق طلب العلم الشرعي لكن المشكل يكمن في كون أصدقائي الطلبة لا يقومون بتبليغي بمكان تواجد الدروس الفقهية أو حتى زيارتي وهذا ما يجعلني وحيدا في طريقي حيث أطمح كذلك لإكمال الطلب في مصر والسعودية وسوريا وهدفي دعوة الناس إلى طريق الله وتوحيد الأمة وكذلك التصدي لأهل البدع والأهواء حتى أنني أنشأت مجموعة على موقع فيسبوك باسم أمة التوحيد فهذا كل ما أريده من الدنيا؛
بخصوص مشكلتي أني أعاني من عدم مساندة طلاب العلم لي خصوصا أني حديث الطلب فقد كان لي صديق تمسكت به في البداية وأرشدني لمكان تواجد الدروس لكنه لا يكلمني إلا عن الدروس فقط فأنا أريد حقا من يرشدني لذلك إنما أريد كذلك أن أعيش نصيبي من الدنيا فمثلا أريد التنزه والتسلية وكذلك الطلب لكني لم أجد الشخص الذي أتشارك معه في أهدافي أو حتى في الجمع بين الطلب والأخذ بالنصيب في الدنيا وبهذه الأسباب فأنا أعاني وعندما أريد التخفيف عني من خلال مقولة ابن عباس (أنت الجماعة وإن كنت وحدك) فيقوى إيماني لكن بعد ذلك أضعف أمام بحار الشهوات، أما أصدقائي الذين يزوروني فهم لا يحفزوني ولا يدعموني فلدي هدف ولهم أهدافهم هذا بخوص مشكلتي الأولى.
أما مشكلتي الثانية فهي أن لي أبا متقاعد لا يستثمر وقته إلا في النوم ومشاهدة الأفلام الأمريكية بما تحتويه من مشاهد مخلة بالآداب وكذلك مشاهدة مباريات كرة القدم والتعصب لفريقه لدرجة أنه يتعصب وينزعج لخسارة فريقه ثم يخصص ربع ساعة لتلاوة القرآن، أما الصلوات الخمس فيؤديها بسرعة الضوء، أما شخصيته فهي ضعيفة أمام أمي وأخواتي ومع الجميع، تخيل معي أنه كبير العائلة ولم يتم دعوته في زواج ابنة ابنة أخته فقد أحضروا رجلا غريبا ولم يحضروه وهذا أثر في كثيرا وآلمني.
كذلك عند ذهابي إلى عرس أقاموه ولم يرحبوا بي كما يجب فحتى في الصور الكل أخد صورة إلا أنا لم يتم المناداة عليَّ وقد أخبرت أبي مرارا بزيارة أقاربي لكنه لم يلبي الطلب حتى تضغط عليه أمي للذهاب وأشير إليه باستثمار وقته في ما ينفع لكن دون جدوى. وختاما أرجوا منكم إبلاغي بالحل لمشكلتيَّ اللتان أعاني منهما
ولكم جزيل الشكر.
أخوكم في الله أشرف من المغرب 20 سنة .
10/05/2012
رد المستشار
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.
الأخ العزيز؛
جميل أن يبحث الإنسان عن حل مشاكله، وأن يسأل من يظن فيهم خيرا، حتى يرشدوه لما فيه صلاح دينه ودنياه.
كما أحمد لك منهجك الرائع الذي يتسق مع طبيعة الإنسان المسلم، الذي يسعى لأن يجمع بين خيري الدنيا والآخرة، وهذا المبدأ الذي تتحدث عنه هو مبدأ كل فطرة إنسان سوي، وعبر القرآن عنه بقوله سبحانه وتعالى في الحديث عن قصة قارون: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} القصص 77، كما عبر عنها ربنا تعالى في قوله سبحانه: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} الأعراف32، وقد قيل: من لا يحسن فن الراحة؛ لا يحسن فن العمل.
وإن كان زملاؤك الذين يشاركونك طلب العلم ليس لهم نفس المنهج، وأصدقاؤك لا يشاركونك نفس الأفكار، فأحسب أن المشكلة تكمن في تغيير خطتك، وعلاجها في أحد أمرين:
الأول: أنت تبادر أنت بأن تطلب منهم أن يشاركوك في الذهاب لمكان نزهة ونحوه، فلماذا لا تباشر أنت بالطلب منهم، وأن تكون أنت في ذلك القائد لا المقود، المتبوع لا التابع؟ فهذا خير من الانتظار.
الثاني: إن اقترحت على أصدقائك ورفضوا ذلك، فيمكن لك أن تخرج أنت وحدك، وفي الطريق وفي الحياة ستجد لك شركاء في نفس اهتمامك.
كما أنني أحب أن أنوهك لأمر هام، وهو أنه لا يشترط في الصداقة أن يشاركك صديقك أو زميلك كل اهتمامك، بل وسع دائرة الأصدقاء، فصادق البعض في طلب العلم، وصادق البعض الآخر في التنزه والخروج إلى ما تحب أن تذهب إليه، فاصنع دائرتك أنت، ولا تجعلها تصنع لك، ثم تجد نفسك في حيرة من أمرك، كيف تتصرف معهم.
أما عن قصة أبيه وضعف شخصيتك، فالتغيير الجذري لوالدك فيه شيء من الصعوبة، لأن ما وصل إليه كان نتيجة تراكمات عديدة عبر السنوات المتلاحقة، لكن هذا لا يمنع من أن تبادر أنت بالنص مرة بعد مرة، وقد قيل: من داوم قرع الباب؛ يوشك أن يفتح له، وهو ما يعبر عنه في العلم الحديث بتكرار التجربة، فطريق نجاح الإنسان هو الإصرار والتكرار، ولعلك تعرف قصة اختراع المصباح، وهي تجربة إنسانية رائعة راقية، يمكن الإفادة منها.
فقد كان لاختراع المصباح الكهربائي قصة مؤثرة في حياة أديسون، ففي أحد الأيام مرضت والدته مرضا شديدا، وقد استلزم الأمر إجراء عملية جراحية لها، إلا أن الطبيب لم يتمكن من إجراء العملية نظراً لعدم وجود الضوء الكافي، واضطر للانتظار للصباح لكي يجري العملية لها، ومن هنا تولد الإصرار عند أديسون لكي يضئ الليل بضوء مبهر.
فأنكب على تجاربه ومحاولاته العديدة من اجل تنفيذ فكرته حتى انه خاض أكثر من 99 تجربة في إطار سعيه من اجل نجاح اختراعه، وقال عندما تكرر فشله في تجاربه "هذا عظيم، لقد أثبتنا أن هذه أيضا وسيلة فاشلة في الوصول للاختراع الذي نحلم به"، وعلى الرغم من تكرار الفشل للتجارب إلا انه لم ييأس وواصل عمله بمنتهى الهمة باذلاً المزيد من الجهد إلى أن كلل تعبه بالنجاح فتم اختراع المصباح الكهربائي في عام 1879م. وما زال هذا الاختراع مخلدا لاسم إديسون ويطلق عليه البعض الرجل الذي صنع المستقبل.
ولا تنزعج من معاملة الأقارب؛ لأن أباك هو الذي ارتضى ذلك لنفسه، فلا ترتض أنت لنفسك ذلك، والتغيير يأتي مع الوقت، وقد قالوا: الوقت جزء من العلاج، المهم أن تكون لك شخصيتك، ومنهجك في الحياة، ومرة بعد مرة، سترغم الناس على احترامك وتقدير، بحسن أخلاقك في التعامل معهم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن".
كما عليك أن تحسن لمن تتعامل معهم، لأن الإحسان مفتاح القلوب، وقد قال الشاعر الحكيم:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ولطالما استعبد الإحسان إنسانا.
خالص دعائي لك بالتوفيق والسداد