وسواس قهري وخلطة قلق م2
الوسواس العنيد
بداية أود أن أشكر كل القائمين على هذا الموقع الرائد والثري الذي يعد بمثابة منبر وهمزة وصل لكل الذين يعانون أمثالي أنا صاحب استشارات سابقة بعنوان خلطة قلق ووسواس قهري
وأنا مواظب على العلاج العقاري برأي ووصفة الطبيب المعالج منذ ما يقارب عامين أو أكثر. لا أخفيكم أني أعاني من أعراض هذا المرض الخبيث الذي ما إن يستحكم على عقل أحد ما حتى يصبح أسيره وعبده ويرسم عليه خريطته ويفرضها عليه بإلحاح.
لا أنكر أنه لا يوجد تحسن بعد العلاج بل على العكس يوجد تحسن، ولكن هناك أمور تختفي وأمور أخرى تظهر. بالإضافة إلى الشلل وضعف التركيز الذي يفرضه هذا المرض، والحزن الذي يبعثه في النفوس نتيجة الوقت الضائع مع الوسواس القهري.
بالرغم أني استطعت أن أسيطر على وساوس النظافة والتلوث، إلا أن وساوس الوجود والموت والدين كانت بالمرصاد. ولب المشكلة عندي هو تأنيب الضمير، حيث ما إن أخطئ أو أذنب حتى أحس أن القدر والطبيعة غاضبة علي وأن الله سيسخر كل شيء ضدي وأبقى حذرا مترقبا العقاب.
أعرف أنها حماقات، لكن تجاهلها صعب بالإضافة إلى وساوس ما بعد الموت وتحلل الجسد ومصيره بعد الموت، والتي تطلق عندي سيلا من التأويلات والمخاوف.
أرجو من السادة المستشارين مدي بنصائح وإرشادات تعينني في كسر هذه المخاوف
وفي النهاية دمتم في رعاية الله وحفظه.
11/10/2012
رد المستشار
أهلا بك يا أخ "نصر الدين"، شكرًا على مشاعرك الطيبة وكل عام وأنت والجميع بخير.
أحمد الله تعالى على تحسنك، وأسأله سبحانه أن يتمم نعمته عليك بالشفاء التام وراحة البال...
لعل رسالتك –كما أحسست من كلماتك- فضفضة أكثر منها طلب استشارة أو استفسار...
فأنت تعرف أن ما يخطر في ذهنك وسواس، وتعرف أنه سخيف، وأنه لا معنى له، ولا أساس له من الصحة...
كما أنك تعرف أن الأفكار الوسواسية دواؤها الإهمال، وقلة الالتفات لها أو الأخذ والرد فيها...
فلم يبقَ أمامك إلا التطبيق، أو التحفيز على التطبيق...
بالنسبة للذنوب، وتأنيب الضمير، لا دواء له إلا أن تستغفر الله تعالى، وتعزم على ألا تعود ثم تستحضر ما وعد الله به عباده التائبين من العفو والمغفرة، وأنه لا يخلف وعده، وتحسن به الظن، وأنه سيقبلك كما قبل توبة الكفار، أو توبة الذي قتل مئة نفس.... ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) [الزمر:53].
ثم ارمِ من فورك كل خاطرٍ يقنطك، ومهما أتاك فطمئن نفسك أن الأمر انتهى، وأن الغفور قد غفر.... فلا داعي للتفكير في الموضوع. وأما ما يتعلق بالموت ونحوه، فأظنك تعرف جيدًا مصير الروح والجسد بعد الموت، وإن جهلت أمرًا، فلا بأس أن تسأل عنه، لكن لا تلتفت للأخذ والرد بعد أن تعلم الإجابة.
وأذكرك بما رواه أبو هريرة –رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يأتي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا، مَنْ خَلَقَ كَذَا، حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ، وَلْيَنْتَهِ». وفي رواية عند مسلم: «لاَ يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ هَذَا: خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ». وفي رواية عند أبي داود: قَالَ: «فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقُولُوا: ((اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)) .ثُمَّ لْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاَثاً، وَلْيَسْتَعِذْ مِن الشَّيْطَانِ». [البخاري: بدء الخلق/باب صفة إبليس وجنوده، مسلم: الإيمان/باب بيان الوسوسة في الإيمان، أبو داود: السنة/ باب في الجهمية].
أظنك ستستطيع فعل هذا -بإذن الله- كما استطعت التغلب على وساوس أخرى.... توجه إلى الله تعالى بالدعاء أن يعافيك ويعينك، ولن يخيبك بفضلك وكرمه.
ويتبع >>: وسواس قهري وخلطة قلق م4