مثلث الخيبة!
السلام عليكم وبعد....
حسنا!... أنا شاب 23سنة طالب بكلية الصيدلة أعيش مع أسرتي أبي وأمي وأخ واحد صغير (في الابتدائية حاليا) بالنسبة لمشكلتي أعتقد أنها 3مشاكل في بعض وهم الخجل وما يسمى بالرهاب الاجتماعي أولا والاكتئاب ثانيا والفشل ثالثا.
فانا منذ صغرى وأنا خجول جدا و منطوي، لا توجد بداية محددة يمكن أن تكون أدت إلى ذلك فلم أكن أبدا كالآخرين، لى صديقتان أو ثلاثة من أيام ابتدائي فلم أستطع بعدها وحتى الآن أن أكوّن صداقات جديدة، وحتى هؤلاء الأصدقاء أصبحت علاقتي بهم الآن ضعيفة أو شبه معدومة..
وبالنسبة لعائلتي فهي كالعادة الأم تقلق جدا علي لأتفه الأسباب خاصة وأنني ظللت وحيدا لفترة كبيرة والأب عصبي ويغضب لأتفه الأسباب هذا طبعا معي فقط وليس مع باقي الناس فهو ودود جدا وربما طيب جدا، وقد رباني على أن لا عمل لي في الحياة غير أني أتعلم كي أتخصص علمي علوم لأدخل الطب لأن خالي فلان طبيب وابن عمي فلان طيب ولأن هذا هو أفضل شيء لي لأنني مجرد طفل أحمق لا يفهم شيئا في الحياة.
بالنسبة للشكل العام فهي الصورة القديمة لطالب العلم المثالي! نحيل جدا وبنظارة وعدم اهتمام كبير بالمظهر العام... بالنسبة للحالة الصحية لا توجد عندي أمراض مزمنة مثلا أو إعاقة ما...
وساهم ضغط أهلي مع خجلي الطبيعي ألا أعرف أي شيء في العالم سوى الذهاب إلى المدرسة، حتى أمور الدين فأنا بالكاد أجيد الصلاة.
ومع هذا فمستواي الدراسي كان عاديا جدا ولم يكن فائقا بما يتناسب مع ما يبدو من شخص لا يفعل شيء إلا التعلم ربما لم يكن ضعفا في الفهم أو الاستيعاب بل كانا جيدين جدا على حسب قول المعلمين إنما كنت أعاني من عدم التركيز في المذاكرة وبدأت تتضح هذه المشكلة أكثر مع بداية المرحلة الإعدادية وظهرت بقوة في المرحلة الثانوية فقد كان ذهني يتشتت بسهولة بسبب تليفزيون عالي مثلا عند الجيران أو مكالمة هاتفية لوالدي أو أتذكر أي موقف شاهدته طوال اليوم (فأنا طبعا كنت مشاهدا فقط و لا أتفاعل مع أي شيء)
أو حتى أتخيل أي مواقف وأحداث من عندي....المهم ظللت على هذا الحال حتى أنهيت الثانوية العامة ودخلت كلية الصيدلة بإحدى المحافظات القريبة (الطريف أنني أذهب وأعود كل يوم بالقطار لأن فكرة أن أسكن هناك مرفوضة تماما لأن والدي على قناعة تامة بأن هذا السكن سيتحول في ظرف أسبوع إلى وكرِِِِِِ للمخدرات والجنس و الخمور!!!أنا الذي لا علاقة لي بالثلاثة من قريب أو بعيد)
طبعا لم تكن الطب ولم تكن جامعة القاهرة أو عين شمس كما كان يجب أن يحدث ولكن لم يغضب أحد فقط شعور بالحزن على الطالب الفاشل الذي خيّب آمال أهله فيه المهم دخلت الكلية في الواقع لم أكن سعيدا فيها ولا حزينا فقط عدم التركيز ازداد جدا وشعور بأن لا قيمة لأي شيء، كنت طوال عمري على هدف أن أنجح وأدخل الكلية وها أنا في الكلية ماذا حدث لا شيء، المهم انتهت السنة وطلعت بمادتين كما يقولون وطبعا كانت كارثة أنا الذي لم أسمع في حياتي عن الرسوب، ولم يعد أحد يذكر أي شيء إلا هاتين المادتين وفجأة أصبحت من أرباب السوابق وطبعا ضاعت أول أجازة صيف حقيقية لي في هاتين المادتين (فكانت عادة أجازاتي تنقسم ما بين القلق على النتيجة ثم الاستعداد للعام التالي تمنيت حتى أن أعمل في الصيف ولكن الأوامر هي الأوامر)
طبعا كل هذا جعلني أدخل العام التالي له وأنا مكتئب تماما فبعد أن كنت أجلس دائما في الصفوف الأمامية أصبحت أجلس في آخر المدرج فلم يعد ما يقوله الدكاترة له أي أهمية بل لم يعد أي شيء له أهمية وطبعا عِدت السنة..وهنا اتضح لي أنه لا تكفي الأوامر للنجاح في الكلية خاصة لو كانت كلية عملية وصعبة ويجب أن يكون هناك اهتمام أو دافع شخصي من الطالب نفسه، وأنا لم أعد أستطيع نهائيا الدراسة ما أن أجلس أمام الكتب ولا يمر نصف ساعة حتى أُصاب بالصداع والضيق الشديد ولا أفهم متى حدث هذا فجأة تحول عدم التركيز الذي كنت أعانيه قديما إلى كل هذا...........
المهم ظل الحال على هذا وها أنا الآن قُرب نهاية عامي الخامس في الكلية ولم أجتاز إلا عامين دراسيين، والآن أنا أصبحت أكره الكلية أخرج من البيت كل يوم كما تعودت وبآلية أذهب إلى المحطة وأركب القطار (وهنا اكتشفت أنني لا أعرف مكانا أو شخصا ما يمكن أن أذهب إليه إذا يوما فكرت أن أخرج بخلاف أن أكون ذاهبا إلى مكان الدراسة) وأنزل وأتجول قليلا في المدينة حتى يتملكني التعب فأجلس لأشرب أو آكل شيئا ثم أعود إلى المنزل متعبا وحزينا لأنام ثم أصحو أقرأ قليلا ساعة أو أقل (حتى القراءة العادية أصبحت مشكلة بالنسبة لي) ثم أجلس أمام الكمبيوتر أو الانترنت (ليس بصورة مَرَضية و لكن ما عندي شيء آخر أفعله) ثم أنام من جديد وحتى الصباح وهكذا.... ولا أدري لماذا حدث هذا الفشل السريع المتتالي والآن فقط!!!!.
الطريف أنني بدأت أسمع أشياء جديدة من الوالدين هذه الأيام مثل لماذا تجلس وحيدا هكذا ليس لديك أهل ألا تخرج إلى أي مكان لمَ لا تمارس الرياضة وقد أصبحت عود كبرت! لماذا لم نر لك أصدقاء جدد من عشر سنوات... إلخ
وطبعا هذا الكلام بنفس أسلوب اللوم والغضب المعتادين فتعددت الأسباب واللوم واحد ثم منذ متى وكانت هذه الأشياء مهمة ثم إن هذا قد ينفع مع طفل صغير لكن ماذا يمكن أن يقدموه لي الآن بعد أكثر من عشرين عاما.
بالإضافة إلى أنه لم يعد لدي أي تفاؤل بالنسبة للمستقبل فالوضع الطبيعي لأي خريج مثلا هو الجيش أولا ثم البحث عن عمل والزواج، وأما الجيش فلا أعرف طبيعة الحياة فيه ما شكلها ولكن يكفى أن الآخرين (الأسوياء)يخشونه كي أنا (الأحمق) أرتعد منه وإن كان لدي ميزة ما هنا وهي أنني أجيد تلقى وتنفيذ الأوامر!، وأما العمل فأنا طبعا أتمنى أن أعمل ليس لحاجة مادية إنما لحاجة اجتماعية أود أن يصبح لي فائدة ما أو شيء ما أجيده غير الجلوس أمام الكتب ولكن العمل يحتاج إلى قدرة في التعامل مع الناس كي أبدأ مثلا في عمل حر أو خاص أو إجادة كبيرة في تخصص ما وأنا والحمد لله لا أملك الأولى ولم أصل للثانية بعد
(لا أتحدث طبعا عن واسطة مثلا كي ألتحق بوظيفة ما مملة لا أعلم عنها شيئا)، وأما الزواج فربما قد يكون لا لحاجة جنسية إنما لحاجة اجتماعية بأنه يكون لي خير رفيق في الدنيا وأن أنتمي لعائلة لم تمر بصحيفة سوابقي الاجتماعية والدراسية!ولكني بالكاد أحاول تحمل مسؤولية نفسي فما بالك بالزواج فلن أتزوج مثلا كي أعالج مشكلتي أنا النفسية وأصيب من أتزوجها بالاكتئاب ثم إن حتى مجرد الحديث مع فتاة بالنسبة لي هو نوع من الخيال العلمي!.
ربما لا أعيش مأساة أو أنني أتعس إنسان على وجه الأرض ولكني لا أجد أي شيء في حياتي سعيدا أو حتى حزينا لقد كانت حياتي (ماسخة!) بل تمنيت لو كانت مشكلتي واضحة المعالم يمكن الإمساك بها مثلا وُلدت بإعاقة ما أو ولدت في ظروف صعبة...إلخ أي شيء كان أفضل مما أنا فيه، بل أذكر أن أحد جيراننا قد أُصيب بمرض شديد(سرطان)ووجدت حوله حشود من البشر هناك من جاء له من محافظات بعيدة هناك من يعالجه ومن يبكى لأمره ومن يحاول الترفيه عنه (بالمناسبة لم يكن من أصحاب المناصب العليا و لا مليونيرا!!) ووجدته في حالة نفسية لا بأس بها ،وطبعا لم أفكر في الحلول الحمقاء كالانتحار فالمسألة لا تحتمل أن أخسر آخرتي أيضا.
وهناك نقطه أخري يقولون أن الرهاب من أكثر الأمراض النفسية انتشارا ولكن أنا خلال وجودي بثلاث مدارس مختلفة بالإضافة للجامعة لم أجد من هو مثلي (وأنا طبعا لم أكن أفعل شيئا سوى ملاحظة ما حولي) ربما وجدت من هو هاديء قليلا ملتزم قليلا ولكن مثلي لم يرد علي أبدا.
*وفى ظل حالة الفراغ هذه بدأت تجارب (فردية طبعا وفاشلة طبعا) للخروج من هذه المشكلة:
1-قلت أغير جو كما يفعلون في الأفلام أسافر إلي الإسكندرية مثلا ولو يوم وأرجع أو أبحث عن أي مكان ترفيهي من الذي يذهب إليه الناس ولكن ما وجدت فارقا أنا وحيد وصامت وحزين في القاهرة في الإسكندرية أو حتى جزر الهاواي وملاحق الصيف لا تدع لي مجالا أصلا لسفر أو غيره ثم إنني لا أتحمل الوجود في أماكن بها تجمعات من الناس مثلا لو شاهدت جماعة من الشباب أو حتى فتيات في تجمع أو حتى مجموعة أصدقاء يسيرون معا في الشارع أشعر بضيق كالذي أشعر به أمام الكتب (ربمايذكروني بالجامعة)، أنا لا أحقد عليهم مثلا فلا سبب لهذا ولكنها حالة غريبة لا أفهم سببا لها !!!!... المهم فشلت الفكرة الأولى.
2-قلت أحاول أن أندمج مع من حولي: مثلا أتحدث إلى زملائي في الكلية ماذا سيحدث لن يأكلوني وأنا لم أعد أهتم بشيء على أي حال، وهنا وجدت مشكلة غريبة جدا، هل تعرف ما يسمى بالفجوة بين الأجيال هذا تقريبا ما شعرت به شعرت أن كل شيء غريب عني طريقة كلامهم أفكارهم مواضيع حديثهم التي تنوعت ما بين الهيافة الشديدة أو التعقيد الشديد مثلا يتحدثون عن الموبايلات وأنا لم أهتم بأن يكون لدي واحد فمن سأكلمه أصلا،
يتحدثون عن مباريات كأس أوروبا وأنا قلما أشاهد الكرة، يتحدثون عن الفتيات وأنا لم أكلم فتاة في حياتي، يتحدثون عن أشياء قاموا بها أو أحداث مرت عليهم وأنا لم أفعل أي شيء عمري سوى الذهاب للمدرسة، يتحدثون عن مشكلة فلسطين وأنا كنت غارقا في مشاكلي ومش ناقص، وأشياء أخرى كثيرة وخبرات في الحياة نمت مع السنين لن أعرفها في يومين شعرت أن فرصة الاندماج مع الناس قد مضت وأنني أضعتها منذ فترة.
3-قلت بلاها الشباب فلا أتحدث مع أي ناس تانية (وهنا أشير إلى أن حياتنا عموما ليست اجتماعية بالدرجة الكبيرة فلا يكفى أن أدير وجهي لأجد الكثير من الأهل والمعارف والجيران) والدي دائم الزيارات ولكني لم أر أحدا يزورنا إلا في المناسبات وعلى فترات بعيدة جدا قلت أذهب مع والدي إلى أي من الأقارب هنا وجدت أن سمعتي تسبقني دائما فوالدي أجده يجلس صامتا أغلب الوقت حتى تأتي الفرصة للحديث عن الأولاد وهنا ينفتح بالكلام عن ابنه الفاشل السيىء الأحمق مع أنه يؤدي وأجبه كأب على أكمل وجه وبصورة مثالية.. الخ، طبعا كل هذا لم يزدني إلا حزنا و انطواء...
4-قلت لما لا أغير دراستي ربما أنا تعبت من الكلية التي دخلتها بالأوامر لأدخل كلية حسب ميولي (المشكلة أنني لا أعرف ما هي ميولي أصلا ولم يكن هناك معنى لهذه الكلمة في قاموسي منذ الصغر) قلت لا يهم الكثير يدخلون كلية بسبب المجموع لا أكثر.
5-قلت لعل طبيعة الدراسة بكليتي تفرض مزيدا من الانطواء فهي كلية هادئة أولا قليلة النشاط والدراسة بها تحتاج الى تفرغ وعزله نسبيا وأنا مش ناقص وما زاد عندي من هذه الفكرة هو ما (أسمعه) من أحاديث للطلبة مثل فين أيام ثانوي كانت أرحم، أو إمتى ونخلص وهكذا ولكني قلت لقد أنهيت عامين فعلا من الدراسة وقد مضى على خمس سنوات هنا فهل أبدأ من الصفر في مكان جديد وأنا أصلا يصعب علي التكيف مع الأماكن الجديدة ثم ما يضمن أن الأحوال تتحسن في المكان الجديد، ولكن أنا غير قادر على الاستمرار في هذا المكان فعلا، حتى المكان نفسه ارتبط معي بالحزن والكآبة (كانت والدتي تقول إن لقب دكتور أو صيدلي سيزيد من مكانتي الاجتماعية و لكن أنا ليس لي مكانة اجتماعية أصلا حتى تزيد أو تقل).. المهم أنني ما بين هذا وذاك لم أقم بخطوة إيجابية..
(كنت أود لو تكرمتم برأي في هذه النقطة خاصة)
6-قلت أنتهي من دراستي و أتفرغ لعلاج الرهاب والاكتئاب بعدها! ولكن عدة مرات حاولت المذاكرة وغصبت على نفسي بشدة و المحصلة لا شيء تقريبا والغريب أنني لا أستطيع المذاكرة إلا قبل الامتحان بأيام قليلة أو حتى بيوم واحد وهى طبعا مدة لا تكفى لأي شيء ولا أفهم ما هو العامل الذي يؤثر في ساعتها ولا أجده طوال العام!!!! إلا أنني بهذا المعدل ومع الإعادة نجحت في تجاوز عامين دراسيين ولكن هذا يعنى أن علي الانتظار لستة سنوات أخرى كي أتخرج!!!.
7-قلت أذهب إلى طبيب نفسي ولكنني لا أعرف واحدا وطبعا سأخجل أن أسال عن هذا أي أحد بالإضافة إلى أن أهلي لن يقتنعوا ليس لعدم اقتناعهم بالطب النفسي بل لاعتقادهم أنني فقط مجرد فاشل وكسول يبحث عن شماعة يعلق عليها فشله وهذا ما كان يحدث دائما إذا حدث ومرضت يعتبر هذا المرض ما هو إلا محاولة مني للتهرب من المدرسة حتى قلما كنت أذهب للأطباء إلا في الحالات القوية فعلا!، فكان المرض يأخذ وقته معي حتى ينتهي وحده أو بمساعدة بعض المسكنات.
8-قلت أحاول الاشتراك في أي نشاط رياضي مثلا أو ما شابه ولكن لا أجد لدي الموهبة في شيء وحتى ولو كان فيّ فهي بالتأكيد قد تضاءلت مع الزمن وحتى لا أعرف ما هي أصلا وأيضا لا أجد عندي الحماس للدخول في أي شيء ثم أنني لا أستطيع أبدا أن أدخل على جماعة ما (فريق رياضي مثلا) وأطلب إشراكي معهم في شيء أشعر بخوف هائل جدا.
9-قلت أبحث عن عمل ولو بسيط ولكن ماذا أعمل إن من يريدون عمل لحاجة مادية مثلا يجدونه بصعوبة فهل أجد أنا عملا لمجرد أنني أحاول الترفيه عن حالتي النفسية ثم إن البحث عن عمل في حد ذاته شيء يصيب الإنسان بالاكتئاب! ومن جديد إنني المفروض أن أدرس طوال العام وفي ملاحق طوال الصيف فأين وقت هذا العمل فضلا عن ضعف ثقتي في نفسي بأنني أستطيع البقاء في عمل ما أسبوع على بعضه، بل فكرت في أن أستقل تماما عن أهلي ولكنه حل غير مقبول فأنا أولا لم أعتد على مثل هذا مثلا في الخارج أسمع أن الابن ربما بداية من سن 16تصبح له حياته المستقلة ولكن هذا غير مألوف بالمرة في مجتمعنا ثم إنه ماديا أنا لا أملك هذا ثم اجتماعيا سأكون بمظهر الابن العاق الذي ترك أهله يتعذبون.
10-أخيرا (ومع الأسف الإنسان لا يلجأ إلى الله إلا في النهاية) قلت يبقى لا دنيا ولا آخرة فلأهتم أكثر بأمور الدين التي أكون قد أهملتها ولو بغير قصد وهذا ما أحاول فيه الآن.
أخيرا أيضا انتهت هذه الرسالة الطويلة.
أعرف أنه علي ألا أنتظر حلولا سحرية ولكن لعلها فقط الرغبة في الحديث عن مشكلتي أو الرغبة في سماع رأي أو تعليق ممن هم ذوو علم وخبرة وقد لمست جدية واهتمام رائعين بالرد على الرسائل والمشكلات. وفى الواقع أنا أتمني تعليقا أكثر على محاولاتي للحل والتي فشلت كلها فشلا ساحقا منقطع النظير.
وآسف للإطالة ولكن اعتقدت أن الحديث عن الموضوع من بدايته قد يكون أفضل في فهم المشكلة أرجو ألا أكون أطلت بلا داع، وأعتذر أيضا عن أي أخطاء إملائية قد تكون عن عدم قدرة في التعبير بشكل جيد فلم أعتد أن أنقل أفكاري عن طريق الكتابة ولا حتى الكلام.
وشكرا لكم جزيل الشكر.
03/04/2004
رد المستشار
صديقي، إن مثلث الخيبة الذي ذكرته إنما ينحصر في نقطة واحدة هي أساس ومنشأ الثلاث مشاكل: الخجل والرهاب الاجتماعي والاكتئاب والفشل....
النقطة الوحيدة التي يجب أن توليها اهتمامك لكي تحل المشاكل الثلاثة في آن واحد هي فكرتك عن نفسك نسبة إلى عالمك.
من أنت في رأيك؟
من كنت قبل أن تعتنق فكرة أنك فاشل؟
قد لا تتذكر من كنت ولكني أستطيع أن أُؤكد لك أنك لم تولد فاشلا ولا خجولا ولا مكتئبا وإنما اكتسبت هذه الصفات عبر الأيام.. تذكر الآية القرآنية: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) صدق الله العظيم (سورة البقرة 286 )
والآن ماذا تريد أن تكسب؟؟
إنك لم تفكر في هذا منذ زمن طويل على ما أعتقد و كما هو واضح من خطابك.
أرجو أن تعي وتفهم أن مشكلتك تكمن في الآتي غضب شديد نحو نفسك وغضب شديد نحو والدك المنتقد والذي لا يعرف كيف يشجعك (قد يكون في محاولة لتربيتك عن طريق تقليد أعمى لما رآه في صغره من أبويه وأقربائه)
تفسير سلبي وعمومي لكل مشاكلك بحيث تبعث اليأس في نفسك قبل أن تأخذ أي خطوة في أي اتجاه مما يجعل خطواتك مترددة وضعيفة إذا أخذتها تركيزا على المشكلة بدلا من الحل...
لقد عطلت نفسك في الرياضة والدراسة والحياة الاجتماعية بهذا...
لم تتعرف على ندم والديك الغير معلن ومحاولتهما تصحيح الوضع بتشجيعك على الصداقات والنشاطات... ركزت على التعبير عن غضبك منهم بطريقة سلبية... أليس الفشل في الدراسة أقوى انتقام من والدك المنتقد؟؟
إنه انتقام قوى وفعّال ويبدو أنه خارج عن إرادتك للآخرين فيقولون: مسكين لا يقدر على التركيز.. ربنا ياخد بيده
اعتقاد بأن الأوان قد فات للتحسن... و هذا لا يمكن أن يكون فإنه لدينا الفرصة للتحسن حتى آخر لحظة في العمر وإلا لما ظهر أي فكر جديد في العالم منذ بدايته
لديك اختيار في أن تصبح ناجحا أو أن تظل في ما أنت فيه من يأس وقلة حيلة وتشاؤم... لكي تختار أن تصبح ناجحا فمن اللازم أن تريد النجاح...
ربما السبب في الفشل هو أنك لا تريد النجاح حقيقة لأنك طوال الوقت تحس بأنك تفعل ما تفعل من أجل والدك وليس من أجل نفسك.. وربما لم تخطط للنجاح... وربما خططت للفشل.من وجهة نظر معينة، لقد نجحت في شيء من أصعب الأشياء: نجحت في أن تغلق جميع أحاسيسك ومواهبك فيما عدا الغضب السلبي... فدعني أسألك في مصلحة من هذا؟؟
فلماذا لا تبدأ في التعرف على نفسك أو تكوين نفسك كما تريد من البداية... ماذا تريد أنت وفي معزل عن ما يرتضيه والداك أو أي شخص آخر؟؟؟ ماذا لو توفاهم الله جميعا؟؟؟
حدد من أنت ومن تريد أن تكون ثم ابدأ فورا بأن تتصرف بأبسط السبل بطريقة من تريد أن تكون... مثلا إذا أردت أن تبرع في لعبة ما، فبدلا من أن تطلب أو تتوقع من نفسك النبوغ التلقائي والنجومية السريعة، انتبه إلى أن كل من برع في أي شيء يجب أن يكون أولا مهتما بشدة بهذا الشيء وأن يدفعه اهتمامه وشغفه إلى الانخراط فيه والتقدم فيه عن طريق مواجهة العقبات وتقسيمها إلى عقبات صغيرة من الممكن تخطيها بسهولة... عليك أيضا أن تعرف ما يعرفه وما يفعله اللاعب البارع وأن تراقبه وتقلد خطواته وأفكاره وحركات جسده... إذا فعلت هذا مع أي شيء، فبالقليل من المثابرة والصبر سوف تصل إلى أي شيء تريده.
يجب بالتالي أن تعرف سبب رغبتك في أي شيء... لماذا تريد هذا بالذات؟ ما الذي سوف يعطيك نفس الإحساس ويكون هناك إمكانية أكثر في تحقيقه؟
ماذا تريد في حياتك حقيقة؟؟؟ لماذا تريد هذه الأشياء؟؟؟ أجب على هذين السؤالين بدقة شديدة ثم فكّر في الآتي:
ما الذي يمنعك من تحقيق هذا؟؟ ما هي الموارد أو الأشخاص أو الأشياء التي يمكن الاستعانة بها لتحقيق أهدافك؟؟ ما هي الحالة التي ستكون فيها إذا ما حققت أحلامك؟؟ هل يمكنك تخيل الإحساس؟؟هل يمكنك أن تحسه الآن؟؟
لماذا لا تنجز لأنك سعيد بدلا من أن تسعد لأنك أنجزت؟؟
فلماذا لا تكتب على الورق ما تعتبره مهما أو ما يجعل من أي شخص فردا ذا أهمية؟؟ هذه هي البداية.. حدد ما سوف يجعلك تحس بأنك مهم وبأنك إنسان جيد ثم ابدأ في تنفيذ أبسط وأصغر خطواته حتى ولو لم يكن هناك إمكانية فعلية لتنفيذه بسرعة في الوقت الحالي... بالتالي فإنه من الأسهل ومن الأعقل أن تبدأ بما يمكن تنفيذه... الثقافة مثلا يمكن أن تبدأ في تنفيذها فورا من خلال القراءة في أي مجال تحبه أو تختاره.. اقرأ بعقلية نقدية و كوّن رأيا فيما تقرأ... بعد ذلك
يمكنك مناقشة رأيك مع الآخرين.
الأهداف الكبيرة يمكن الوصول إليها مع الوقت عن طريق تقسيمها إلى أهداف عديدة صغيرة وسهلة المنال وتترتب بعضها على بعض... طريق الألف ميل يبدأ بخطوة... تتبعها خطوات نحو الهدف.
اكتب أهدافا محددة لنفسك في السبع نواحي الآتية، وحاول تحديد أهدافك علي المدى القصير وعلي المدى الطويل.. أهداف لسنة و3 و5 و10سنوات:
الناحية الجسمانية والصحية .
الناحية الاجتماعية .
الناحية العائلية .
الناحية المادية .
الناحية العقلية .
الناحية الروحانية .
الناحية العملية .
ضع لكل هدف ميعادا للتنفيذ.
تحت كل هدف اكتب جملة تلخص فيها لماذا هو ضروري و كيف تعرف أنك قد حققته ما هي العقبات؟؟
ما هي الموارد المتاحة الآن؟
(الموارد المتاحة للجميع: إنسانية -من نعرف ومن في مقدرتهم المساعدة ومن يؤمنون بأهدافنا.....مالية- نقودنا ونقود الآخرين... الممتلكات... القدوة- النموذج.... الذكاء.... الإيمان والإصرار والمثابرة.)
أما عن الخجل:
الخجل هو إحساسنا بأن الآخرين يرون فينا أسوأ ما فينا من مجرد النظر إلينا... الحقيقة هي أننا نعتقد أنهم يرون ما نعرفه عن أنفسنا من سوء أو من نقاط ضعف.
فنعتقد أننا مفضوحون أمام الآخرين أو سوف نكون كذلك عندما نتعامل معهم. هذا يعنى أنه ليس لدينا قاعدة راسخة ننطلق منها في الحياة وإنما نتخبط بين آراء وأهواء الناس المختلفة.
الخجل الشديد يعنى أنك تخاف من رأى الآخرين فيك لأنك تعتقد أن لديهم نفس رأيك القاسي فيك.
إن حل هذه المشكلة يكمن في أن تُنمى في نفسك تقدير الذات عن طريق أن تفعل ما تفخر به وتحلم به ولو بنسبة صغيرة ... إن النجاح هو رحلة وليس انتهاءها أو غايتها...
جلوسك مع زملائك يتيح لك فرصة المشاركة ولكنك تنتقد نفسك من قبل أن تفتح فمك بكلمة... لماذا تتصرف وكأنك عدو نفسك اللدود أو شخص لا يريد لك إلا أن تظل صامتا و منعزلا (لكي لا يعرف الآخرين ما تريد إخفاءه من احتقارك لنفسك والذي تظن أنه حقارة نفسك) إذا كان صوتك الداخلي المنتقد يقول: "ح أقول إيه يعنى" وهذا معناه أن رأيك في نفسك أنه ليس لديك ما هو مهم للكلام عنه أو إضافته للآخرين. إن الحل في هذا بسيط جدا... ما عليك إلا أن تثقف نفسك قليلا في مجالات مختلفة ومعلومات عامة ومعلومات عن ما يهم أصدقاءك وزملاءك.. فمثلا إذا كنت تهتم بالكمبيوتر والإنترنت فمن السهل على أي شخص أن يدخل معك في حديث شيق عنهما إذا ما تحدث معك فيما يهمك وما يثير فضولك عنهما... الأمر يتكرر في كل المجالات والمجتمعات..
إذا كنت ترى أن معظم الشباب أصبحوا ذوي اهتمامات تافهة فابحث عن آخرين...
ولكن ما هي اهتماماتك؟؟؟ على الأقل هم يهتمون بما يحركهم حتى ولو كان تافها في رأيك وفي رأى البعض... ولكن أليس هو رأى والدك وأقربائك مع زيادة في الانتقاد والتشاؤم والكبر؟؟؟
بداية أي صداقة غالبا ما تكون عن طريق اكتشاف أشياء مشتركة بينك وبين الآخر...
هل من الممكن أن تصادق من يختلف عنك تماما و من يخالفك الرأي دائما؟؟؟
بالطبع لا... لن تتغلب على الخجل وأنت تتيح لانتقادك الذاتي فرصة السيطرة على أفكارك والذي تدخل من جرائه في مرحلة تعليم نفسك الخجل (الانعزالية) وتأكيده عن طريق النبوءة التلقائية التنفيذ: تتنبأ بأنه ليس لديك ما تقوله وأنهم لن يهتموا بما لديك من إضافة أو مشاركة أو تخاف من أن تخطئ فيسخروا منك أو أن يرفضوك... فتصمت... ومن ثمة تحس بالرفض الذي خفت منه بادئ ذي بدء و الذي منعك من الكلام...
وتعود وتقول لنفسك ما يؤكد ويأصل فيك الإحساس بالخجل والخوف من الرفض أو السخرية.. ثم تسخر من نفسك وترفض نفسك أو تعنفها... ولا مناص بعد كل هذا من أن تحس بضعف الإيمان في قدراتك مما سوف يؤدي إلى أداء ضعيف ونتائج ضعيفة تؤكد فكرتك عن نفسك وتنقلها للآخرين من خلال أفعالك أو انعزالك.. هكذا وهكذا إلى ما لا نهاية... إلا إذا كسرت نمط هذا الحلزون المتجه إلى الأسفل أو الأسوأ و حولته إلى أعلى...
وأخيرا أريد أن أسألك كيف ستكون حياتك وإحساسك بنفسك إذا ما توفى والداك وجميع أقاربك ولم يبق ممن يعرفون تاريخك أحد؟؟؟؟
لماذا تعيش حياة من يؤكد وينفذ أفكار الآخرين السلبية عنه؟؟
أرجو المتابعة معنا، وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي، الأخ العزيز السائل أهلا وسهلا بك، ونشكرك على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين، ما أود إضافته فقط بعد الإجابة الشاملة للأخ الزميل الاستاذ علاء مرسي، هو أن أحيلك إلى قراءة ما يرد تحت العناوين التالية على موقعنا مجانين:
إذا هبت أمرًا فقع فيه
مجتمعاتٌ ضد توكيد الذات
الخوف من المشاركة
الحياء الشرعي والرهاب المرضي
صعوبة التعامل مع الآخرين: النموذج والعلاج
فن العلاقات: وعي غائب، وفريضة ضائعة
البحث عن الحب والصداقة
كيف نهزم الخجل ونحب الأصدقاء
كيف تنمي ثقتك بنفسك ، م
وأهلا وسهلا بك دائما على موقعنا مجانين، فتابعنا بالتطورات.