السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أشكركم على هذا الموقع الرائع، أنا طالبة في علم النفس، وأود أن أطرح موضوعا يشغل بالي منذ فترة وهو ما تعيشه الآن العراق وسوريا وغزة ومصر من ظروف سيئة جدا.
يا ترى ما أبرز المشاكل النفسية التي ستنتج بعد الحصار والحرب؟
وما أبرز المشاكل النفسية التي سيعاني منها أطفال العراق الآن، وبالتحديد ما أثر الحرب على الاكتئاب لدى الأطفال والمراهقين؟!
أرجو من كل أخصائي وطبيب نفسي لديه تحليل أو تعليق أن يكتب،
ولكم جزيل الشكر.
20/8/2013
رد المستشار
الأخت السائلة؛ أحييك أولا على يقظة العقل والمشاعر، وعلى محاولتك قراءة الواقع العربي الإسلامي مستفيدة من دراستك لعلم النفس؛ فمثل هذا التوجه منك وأنت طالبة جامعية دليل على أنك مشروع باحثة مسلمة لعل الله ينفع الناس بها، وأدعو الله أن يمكنني من الإجابة على تساؤلك هذا معترفا بأنني حاولت أن أتجنب الكتابة منذ فترة قصف العراق وخلال حصار غزة وما واكب الربيع العربي في سوريا ثم هو الآن على الأبواب في مصر رغم أن أخي الدكتور أحمد عبد الله طلب ذلك مني عدة مرات، وكنت في كل مرة أجيبه بأنني الآن مع الناس أتابع وأدعو الله أن ينصر الحق والعدل، وكنت وما زلت أرى أن مناقشة الآثار النفسية للحرب أمر يجب تأجيله، وأننا يجب أن نشارك في الجهاد بالجهاد حتى ولو كان الجهاد الذي نستطيعه هو الجهاد المدني، وكنت أستثني مناقشة العواقب النفسية للحرب من الجهاد المدني، وأرى فيها دعوة للتخاذل اللهم إلا ما يقدم للمجاهدين من دعم نفسي على جبهات القتال.
أما وقد اختلطت الأمور بشكل ملغز ولأسباب لا يعلمها إلا الله عز وجل، وأصبحت الصورة مبهمة أيما إبهام، فإن مناقشة العواقب النفسية للقصف بين المدنيين وللتعامل بالرصاص الحي مع المتظاهرين السلميين أصبحت الآن واجبة لكي نستخلص الخبرات والتجارب، ونتمكن من تقديم الدعم والعلاج اللازم لمحتاجيه الآن بعد حروب الدهشة والصدمة كما سماها الأمريكان عند قصف العراق، ثم عرفتها الشعوب العربية من حولها بعد أقل من عقد من الزمان ولكن على أيدي جيوشها لا جيش الأمريكان، نسأل الله أن ينقذنا بنصر قريب من عنده.
وعادة في العالم العربي لا نهتم اهتماما كبيرا بالرعاية النفسية للناس، ولا بالوسائل المطلوبة لاحتواء تأثير الكروب والصدمات عليهم، وسوف أعرض لك في السطور التالية استجابة الكائن البشري للكروب الهائلة الشديدة، والأطفال بالطبع هم الأكثر حساسية لكل هذه التأثيرات؛ لأنه يصعب عليهم التعبير عن الشعور أو الحالة النفسية التي يمرون بها بينما يختزلها العقل، وتؤدي إلى مشاكل نفسية عميقة خاصة إذا لم يتمكن الأهل أو البيئة المحيطة بهم من احتواء هذه الحالات ومساعدة الطفل على تجاوزها.
وبينما يؤكد غالبية المختصين أن أخطر آثار الحروب وهذه الحرب على وجه التحديد هو ما سيظهر بشكل ملموس لاحقا في أجيال كاملة من الأطفال العرب، حيث سيكبر من ينجو منهم وهو يعاني من مشاكل نفسية تتراوح في خطورتها بقدر استيعاب ووعي الأهل لكيفية مساعدة الطفل على تجاوز المشاهد التي مرت به، رغم كل هذا الكلام فإن الأمور في العالم العربي تبدو أكثر تعقيدا وتركيبا من ذلك بكثير.
وكثيرا تحدثت دوائر غربية عديدة عن تأثير متابعة صور القصف والدمار والدماء والجرحى والقتلى من قبل الأطفال في الغرب على شاشات القنوات الفضائية، وكيف أن ذلك يؤثر تأثيرا سلبيا على الأطفال الغربيين، وقدمت نصائح بأفضل أساليب تصرف الآباء والأمهات من قبيل محاولة إلهاء الأطفال عن متابعة القتال وطمأنتهم المستمرة بأن ذلك يحدث بعيدا عنهم وأنهم (أي الأطفال الغربيين) لا يمكن أن يحدث ذلك لا لهم ولا حتى قريبا منهم! وأما أطفال العرب خاصة في سوريا وغزة فهم يعيشون الأحداث وليس فقط يتابعونها على الشاشات؛ وكل ما يمكن أن يقال لطمأنتهم قد يكون كذبا أو فرط استبشار، وذلك فضلا عن احتمال استشهادهم أو استشهاد أحد أو كل أهلهم أو جيرانهم- وضع الجميع في منطقتنا مؤسف بل مزري!
ولكي أكون صادقا معك فإن أغلب ما سأقوله عن تأثيرات الحروب والكوارث على الإنسان هو نتاج التفكير والملاحظات السريرية (الإكلينيكية) الغربية، فرغم أن هناك بعض الأبحاث العربية التي أجريت في فلسطين المحتلة وفي الكويت بعد حرب تدمير العراق (واحتلال الكويت1991)، فإن ما هداني إليه بحثي يشير بوضوح إلى أن نظرة الباحثين سواء للحالات المتضمنة في تلك الدراسات أو لطريقة الدراسات نفسها وطرق التشخيص وغير ذلك كانت متأثرة تماما بالآراء الغربية المتمثلة في آراء شركات الدواء، ولعلها أيضا تأثرت بالنوايا التي تعكس مصالح جهات معينة، وأما تأثيرات حرب العاشر من رمضان المجيدة فلم تدرس من الناحية النفسية، وسوف أتناول تأثيرات الكروب على الأطفال (والكبار) من زاويتين رئيسيتين إحداهما تتعلق بما يحدث أثناء القصف والمعارك والثانية بما قد يحدث بعد انتهاء المعارك بفترات قد تطول وقد تقصر:
أولا: التفاعل للكرب الحاد Acute Stress Reaction: ويعرف في الطب النفسي بأنه: (اضطراب عابر على درجة كبيرة من الشدة، يحدث للشخص دون وجود أي اضطراب نفسي واضح آخر، كاستجابة لكرب استثنائي جسدي أو نفسي أو كليهما، ويتلاشى عادة خلال ساعات أو أيام)، ومسبب الكرب في حالات الحروب التي نحصر كلامنا هنا عنها قد يكون تعرض الشخص نفسه أو أحد أعضاء أسرته أو جيرانه المقربين أو منزله للخطر أو الإصابة أو الموت، مثلا وفيات متعددة أو حريق في المنزل وهذا بالطبع أقل بكثير مما يحدث في سوريا أو العراق أو عزة، كما أن احتمال الإصابة بهذا الاضطراب يزيد إذا تواكب مع إجهاد جسدي أو عوامل عضوية (وهذا بالطبع حال السواد الأعظم من المواطنين العرب في أقطارهم قبل بداية الأحداث سواء في العراق أو سوريا أو غزة أو مصر).
والاستعداد الشخصي للتأثر والقدرة الشخصية على الصمود يلعبان دورا كبيرا في ظهور وشدة أعراض التفاعلات الحادة للكرب، فليس كل من يتعرض لنفس المؤثر يصاب بهذا التفاعل، وهنا نجد أنفسنا محتاجين لمعرفة معلومات كثيرة عن الشخص وعن معنى الحدث بالنسبة له غير متناسين أنه كلما كانت الروح المعنوية اعلى كلما ازدادت قدرة الشخص على التحمل، لذا تتميز أعراض التفاعل للكرب الحاد بالتباين الشديد من شخص لآخر، لكن الأعراض النموذجية تشمل حالة مبدئية من التبلد، مع بعض الانكماش في مساحة الوعي والانتباه إضافة إلى عدم القدرة على فهم المنبهات المحيطة والتوهان، وقد يلي هذه الحالة إما انسحاب متزايد من الموقف المحيط ربما يصل إلى حد الذهول الانشقاقي، وإما تهيج وزيادة في النشاط (تفاعل الهروب)، إضافة إلى أعراض اضطراب وظائف الجهاز العصبي المستقل (الأوتونومي) -مثل اختلال سرعة دقات القلب وسرعة أو معدل التنفس وربما العرق والرعشة وجفاف الحلق وكثرة التبول إلى آخره- وتظهر هذه الأعراض خلال دقائق من حدوث الكارثة (إن لم تكن فورية) وتختفي خلال يومين أو ثلاثة (وغالبا خلال ساعات)، وقد يحدث فقدان ذاكرة كلي أو جزئي بالنسبة للنوبة.
قديما عادة كان الحديث يطول عن أثر الكرب الرضحي المتعلق بكارثة واحدة، ويلكن بدو أن تعاقب وتزاحم الكوارث على المجتمعات والدول في أمتنا أصبح يستوجب السؤال عن أثر تكرار الحدث المأساوي المتمثل في القصف المتكرر ونتائجه، وهو في رأيي الشخصي ليس أثرا سلبيا بالتأكيد؛ لأنه في الحالات التي يستمر فيها الكرب فإن الأعراض السالفة الذكر تبدأ عادة في النقصان بعد يوم أو يومين رغم استمرار القصف والكوارث الناتجة عنه، أي أن الكائن البشري يكتسب ما نستطيع تسميته بالصلابة في المواجهة، فإذا أضفنا ما يقوم به الإيمان بالله وبقدرته ومشيئته إلى هذه الصورة فإن النتائج لن تظل سلبية بالتأكيد على الأقل عند أصحاب العقيدة الراسخة الحية.
ثانيا: الاضطراب الكربي التالي للرضح (أو الضغوط التالية للصدمة) Posttraumatic Stress Disorder، وهذا نوع آخر من الاضطرابات النفسية المتعلقة بالتعرض للكروب الشديدة والكوارث الاستثنائية، لكنه يختلف عن التفاعل الحاد للكرب في أنه يحدث متأخرا بعض الشيء، حيث يظهر هذا الاضطراب كاستجابة متأخرة لحادث أو لحالة مسببة للكرب الوجيز (القصير المدى) أو المديد، بشرط أن يحمل ذلك الكرب صفة التهديد الاستثنائي البالغ والذي ينتظر منه أن يحدث ضيقا عاما لأي شخص يتعرض له، وحرب احتلال العراق بالطبع حملت ما يمكن أن يسبب هذا الاضطراب فيمن يتابعون الأحداث على شاشات التليفزيون فما بالكم بمن يعيشون تلك الأحداث؟ وإن كان من المهم التنبيه إلى أن الشعور بالخوف والعجز والضعف أثناء الحدث الرضحي، والذي هو شرط لحدوث اضطراب الكرب الرضحي غالبا ما يحدث أكثر بين المشاهدين البعيدين عن الحدث منه بين الموجودين في الحدث الكربي نفسه.
ويختلف هذا الاضطراب عن التفاعل الحاد للكرب في كونه لا يشترط أن تكون بداية أعراضه مرتبطة ارتباطا زمنيا مباشرا بالحادث المأساوي، فيمكن أن تحدث الأعراض لأول مرة بعد فترة طويلة من ذلك الحدث ربما تصل إلى السنة الكاملة وربما أكثر، وقد تكون ذكرى مرور عام مثلا على الحدث هي اللحظة التي يبدأ عندها ظهور الأعراض، وإن كان الأغلب هو أن تكون العلاقة الزمنية أوضح من ذلك وأقرب.
وتبدأ هذه الحالة بعد الرضح Trauma بفترة من الكمون قد تتراوح بين بضعة أسابيع وشهور (ولكنها نادرا ما تتجاوز ستة أشهر)، واضطراب الكرب التالي للرضح قد يظهر على السطح بعد شهور أو أعوام من الحدث، ومسار الحالة مذبذب، ولكن الشفاء متوقع في أغلب الحالات، إلا أنه في نسبة صغيرة من الحالات يأخذ الاضطراب مسارا مزمنا عبر سنوات كثيرة وقد تتحول الأعراض إلى تغير دائم بالشخصية.
ويتميز هذا الاضطراب بحدوث نوبات متكررة من اجترار الرضح Trauma من خلال ذكريات اقتحامية (رجائع زمنية Flashbacks) تحدث على خلفية مستمرة من الإحساس بالتنمل والتبلد الانفعالي Emotional Numbness والانفصال عن الآخرين، وعدم الاستجابة للعالم المحيط، أي أن الشخص يشعر بانفصاله عن الواقع المحيط للحظات، يتذكر فيها الحادثة المأساوية التي تعرض لها في نفس الوقت الذي يشعر فيه بتبلد مشاعره اللهم إلا الشعور بالعجز والضعف.
وعادة ما يلي ذلك حالة من زيادة نشاط الجهاز العصبي المستقل Autonomic Nervous System مع فرط الانتباه وتفاعل الجفول Startle Response المتزايد، حيث ينتفض الشخص عند سماع صوت دقة على الباب مثلا أو صوت كلام أحد المحيطين به والأرق، إذن فالمريض بعد بداية ظهور الأعراض يعيش في حالة من الاستثارة واليقظة المفرطة والجفول المتزايد والضيق والقلق تزداد حدتها مع حدوث الرجائع الزمنية وتكرارها.
إذن فلاضطراب الكرب التالي للرضح ثلاث مجموعات من الأعراض:
1) أعراض التيقظ الزائد Hyperarousal: وتحدث هذه الأعراض كاستمرار لحالة التوتر الشديدة أثناء التعرض للخطر، وتشمل الأرق ونوبات من الغضب وفزعا مبالغا فيه وحذرا شديدا، وقد يصاحب هذه الأعراض صداع وإسهال وتعب ورجفة.
2) أعراض النكران Denial والتجنب Avoidance: وتشمل الشعور بالانفصال واللامبالاة وفقد الحس وتجنب ذكر الحادث أو زيارة المكان، كما ينفصل المصاب عن الأحداث الاجتماعية المحيطة والعلاقات الشخصية وبالذات ما له علاقة تماس بالحادث.
3) أعراض تكرار الخبرة Re-Experiencing: وتعتبر من أخطر الأعراض وتشمل أفكارا متكررة ومعوقة للتركيز الطبيعي وأداء الوظيفة، وأيضا كوابيس متكررة ذات علاقة بمضمون الحادث، وذلك بعكس الكوابيس التي قد يعاني منها الشخص الطبيعي وفي الحالات الشديدة تحدث الرجائع الزمنية بشكل متكرر مؤلم.
وهذه المجموعات من الأعراض تظهر بصور مختلفة في الأطفال، ويختلف ظهورها حسب عمر الطفل، ففي الصغار جدا (سن ما قبل المدرسة) نلاحظ ظهور عدد محدود من الأعراض؛ لأن معظم الأعراض تحتاج لغة للتعبير عن المشاعر، وأكثر ما يميز هذه المرحلة ما يلي:
۰ الخوف الشديد والرعب والهلع ويظهر في صورة قلق من الغرباء Strange Anxiety وقلق من الانفصال Separation Anxiety مع اضطرابات النوم.
۰ الانشغال بكلمات ورموز متكررة، وكذلك تكرار الألعاب التي تركز على رموز الحدث المأساوي، ويختلف هذا اللعب عن لعب الأطفال الطبيعي في تكرار نفس الأحداث وغياب التنوع وفي عدم الشعور بالسعادة أثناء اللعب.
۰ الارتداد إلى ممارسات سابقة مثل عادة مص الأصابع أو فقدان القدرة على التحكم في عمليات الإخراج.
أما بالنسبة لأطفال المرحلة الأساسية فإننا نلاحظ ما يلي:
۰ استرجاع بصري للأحداث/ التعبير عن الأحداث من خلال الألعاب والرسومات.
۰ حدوث نسيان أو خلل في ترتيب الأحداث.
۰ زيادة الخوف والتوتر: الخوف من النوم بمفرده والخوف من المدرسة/ تخيل وجود نذر شؤم يمكن له أن يلاحظها إذا كان متيقظا لتجنب الكوارث التالية.
۰ تراجع في السلوك: الخوف من الظلام والالتصاق الشديد بالوالدين ومص الأصابع وفقدان التحكم في الإخراج.
۰ ضعف المستوى الدراسي وضعف التركيز.
۰ زيادة الغضب والعنف ومشاعر الإحباط وكذلك السلوكيات المتمردة وسلوكيات ضد المجتمع وبالذات في المراهقين.
۰ رفض الحدث أو النكران Denial: ولا بد من مواجهة ذلك بحسم، وبمنتهى الرقة واللطف مع تقديم الدعم اللازم.
وهناك عوامل تساعد على حدوث هذا الاضطراب: بعضها متعلق بالشخص نفسه وبعضها يتعلق بالحدث المأساوي وبعضها متعلق بالبيئة المحيطة.
1- العوامل المتعلقة بالشخص: وجد أن الأشخاص المصابين باضطرابات نفسية مثل الاكتئاب يصبحون أكثر عرضة للإصابة، وقد اختلفت الأبحاث حول تأثير السن ومعظمها لم تجد علاقة بين السن ومعدل حدوث الإصابة، أما بالنسبة لجنس المصاب فقد أكدت بعض الأبحاث أن النساء أكثر تعرضا من الرجال.
2- عوامل متعلقة بالحدث: وجد أن شدة الحدث ومدى قربه أو بعده عن الشخص يلعب دورا مهما في تحديد توابعه، وتعرض الشخص لصدمات ضعيفة، ولكن متكررة يجعله أكثر عرضه للإصابة بالاضطراب عند تعرضه لصدمة أخرى ضعيفة، وكأن الصدمات المتكررة مهما ضعفت شدتها فإنها تدفع الشخص نحو الحافة أو إلى الحد الذي لا يستطيع معه أن يتكيف مع أي أحداث مؤلمة جديدة، كما وجد أن الآثار النفسية للكوارث الطبيعية تكون أشد في البداية، ولكن هذه الآثار -رغم عنفها- فإنها تضمحل بصورة أسرع مقارنة بالآثار الناجمة عن العنف البشري والذي تمثل الحرب الأمريكية أبشع صوره في العصر الحديث.
3- البيئة المحيطة وحجم الدعم والتفهم الذي تقدمه للمصاب.
وقد بينت دراسة أمريكية أن معدل حدوث اضطراب الكرب التالي للرضح في الأطفال والمراهقين الذين تعرضوا لحادث قذف ناري بالمدرسة بلغت 77%، ولنا أن نتخيل الفرق بين من يتعرض للقذف الناري بالمسدس في مدرسته وبين من تقذف مدارسهم وبيوتهم بالصواريخ والقنابل، لكننا مرة أخرى لا نستطيع حتى الآن تقييم ما حدث في العراق؛ لأن جزءا كبيرا منه تم بعيدا عن آلات تصوير وعيون الصحفيين ومراسلي الفضائيات.
وألخص لك بعض النقاط الهامة في التعامل مع الأطفال والمراهقين في عدة نقاط هامة هي أولا إعطاء اهتمام أكثر للأطفال والسماح لهم بالتعبير الحر عن مشاعرهم المتعلقة بالأحداث مع مراعاة استخدام المفاهيم والمعلومات التي تناسب سن ومستوى فهم الطفل، وثانيا ضرورة الانتباه من جانب الراشدين إلى ردود أفعالهم هم لأنها حين تتسم بالخوف والانزعاج الشديد تكون أسوأ أثرا على أطفالهم، وثالثا الحد قدر الإمكان من ما يشاعده الطفل من مشاهد العنف، كذلك مراقبة تصرفات الطفل أو الراشد الصغير التي تدل على الكرب والسماح للأطفال باللعب والرسم مع مراقبة الألعاب والرسوم
صحيح أن مشاهدة الدمار والخراب ومشاهد الإذلال المتكرر للمدنيين العزل قد يدمر بعض النفوس، لكنني أؤكد لك أن ما تشهده شعوبنا رغم فظاعته وبشاعته إنما يزيد الأحرار المؤمنين منهم صلابة لا ضعفا، وأختتم ردي عليك بالآيات التالية: يقول الله تعالى: {فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون} (الروم: 60)، {فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار} (غافر: 55)، {فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون} (غافر: 77).
واقرأ أيضًا:
جودة حياة الطفل المصري خلال الاضطرابات