السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
جزاكم الله كل خير على هذا المجهود المبارك.. وأعانكم على أداء هذه الرسالة.. ولا حرمنا إياكم مرة أخرى أبدا أبدا..
لدي سؤال حول سن (الغلاظة) عند الأطفال.. قد يبدو هذا السؤال مضحكا أو غريبا.. ولكنني أراه مهما جدا.. ففي الطفولة المتأخرة وأوائل المراهقة يبدأ الطفل بمحاولاته أن يكون ظريفا وذا نكتة, وكثير المزاح.. ولكن المشكلة في أن مزاحه في هذه الفترة يتسم بصفة الغلظة.. لأنه لا يعرف كيف يضبط مزاحه ليكون لطيفا.. أظن حضرتكم فاهمين ما أقصده جيدا..
المشكلة التي تواجهنا كأمهات ومربيات هي أننا حين نتباسط في علاقتنا مع الطفل فإنه "يسوق فيها" ويبدأ باعتبارنا أقرانا له ويمزح مع أمه وأبيه كما لو كان يمزح مع أصدقائه في المدرسة..
هنا كيف يتصرف الوالدان؟؟
كيف يفهمان الطفل أن المزاح مع الوالدان يجب أن يكون باحترام؟؟
وما هي الحدود الفعلية التي يجب أن لا يتنازل عنها الوالدان في مزاح أطفالهم معهم؟؟ حيث إن هناك من يعتقد أنه وبما أن كل ما يقوله الطفل ويفعله هو: مزاح إذا لا بأس..
هل هذا الاعتقاد صحيح ؟؟
وإذا كنا سنضع للطفل حدودا للمزاح المحترم فإنه لن يشعر بالحرية, بل ستظل قيود ما تقيده حتى في تعامله المازح.. هذا بالنسبة لمزاح الطفل مع المربين..
وسؤالي الآخر هو:
كيف نتحمل هذه الغلاظة منهم, فربما ربيت أخي على كتفي فأشعر أن كتفي انهدّ من "عزم الربتة".. وهذا –بصراحة– يستفزني –أحيانا- فأصرخ في وجهه وتنقلب المزحة إلى مشكلة.. وأندم بعدها كثيرا..
مرة كنت جالسة على الأرجوحة في الشرفة أشرب القهوة, وكان هو يهم بالدخول من الشرفة وإذا بي أُفاجأ بجاكيت بيجامته يهوى علي, أخي خفيف الظل أراد أن يمزح معي فرماني بجاكيت البيجاما, ولولا أن فنجان القهوة كان في منتصفة لاندلقت القهوة..
أكثر ما يستفزني هو قوله: كنت أمزح!!
هل هو فعلا لا يقدر عواقب مثل هذه الأمور البديهية أم أنه يحاول استفزاز الآخرين أم ماذا بالضبط؟؟؟ هذا أيضا تعانيه إحدى صديقاتي مع ابنها, فهي "تعطيه وجها" ولكنه يتمادى "ومبتبقاش عارفة تلمه بعد كدة"..
أيضا نريد توجيها سليما للطفل في هذه المرحلة, لأنني وكما لاحظت كثيرا من الأطفال لا يفرقون بين المزاح والغلاظة حتى مع أصدقائهم مما يجعلهم يخسرون أصدقاءهم, وأنا أريد أن أوجههم بطريقة لا تجرح شعورهم, ولا أريد أن يفهموا أنهم مرفوضون, فهم يحاولون جادين أن يكونوا ظرفاء ولطيفي المعشر, ولكن النتيجة عكس ذلك تماما وهي أنهم يصبحون ثقيلي الدم وغليظي المعشر.. لا أريدهم أن يفقدوا الثقة بأنفسهم وبقدراتهم..
إذا الأسئلة هي:
كيف نتحمل غلاظتهم؟؟
إلى أي مدى يسمح بالمزاح مع الوالدين والمربين؟؟
كيف نوجههم ونقول لهم بأن ما يفعلونه هو غلاظة وليس ظرفا دون أن نجرح مشاعرهم؟؟
أظن أن الإجابة عن هذه الأسئلة ستكون من وحي تجربة المستشارين الأفاضل في أبوّتهم وأمومتهن. ودمتم سالمين.
وجزاكم الله كل خير..
23/04/2004
رد المستشار
سيدتي، إن من طبيعة الطفل أن يستكشف وأن يختبر الحدود وأن يحاول أن يتجاوزها.. في الحقيقة كلنا نفعل هذا بشكل أو بآخر أياً كان عمرنا ولكن المسألة تشتد في حدتها في سن المراهقة وقد تبدأ من سن العاشرة تقريبا إلى أن تنتهي بشيء من الاعتدال والنضج في العشرين.
إن كان العنف والغلظة مجرد استكشاف فسوف يكون من السهل أن نوجه المراهقين بمجرد إظهار عدم استحسان الفعل... ولكن إن استمر أي شخص، صغيرا كان أم كبيرا في فعل أو تصرف يؤذي أو يزعج الآخرين
فإن هذا يعني أن به غضب يحاول التنفيس عنه في صورة الفكاهة أو عنف يحاول أن يمارسه في صورة هزار، دعيني أسألك إذاً، ما هي نوعية العلاقة بين الآباء و الأمهات.. و بينهم وبين الأولاد؟؟؟
إذا لم تكن هناك مشاكل بين الأزواج وليست هناك مشاكل أو غضب من الأبناء تجاههم فمن السهل توجيه الأبناء برفق ولين وتكون استجابتهم جيدة... أما إذا كانت هناك مشاكل في أي من هاتين الناحيتين فستظهر الصعوبة في توجيه الأبناء.
ولكل أسرة حرية اختيار الحدود اللائقة للاحترام من الصغار للكبار ولكن هذا لن يكون مجديا إلا إذا كان الاحترام من الكبار إلى الصغار أولا... إنهم يتعلمون من الكبار.. أليس كذلك؟؟؟
التوجيه سوف يختلف من موقف لآخر ولكن يجب أن تصل الرسالة الآتية بوضوح إلى الصغار:
نحن نحبكم وسوف نحبكم مهما كانت أفعالكم ولكننا قد نكره أفعالكم وسوف نتوقع منكم الكف عن ما نكره إذا لم يرتدعوا فهذا معناه أن نبدأ بسحب الامتيازات واحدة تلو الأخرى إلى أن نصل إلى الأكل وتنظيف الملابس.. نمنع أولا الامتيازات والأشياء الممتعة الأخرى تدريجيا.
يجب مزج الرفق مع الصرامة والرحمة مع العدل يجب أن يكون حبنا قويا وحقيقيا وليس مجرد تدليل أجوف. قد تكون الصعوبات و(الغلاظة) ببساطة مجرد محاولة لجذب الانتباه
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب.
ويتبع >>>>>>>>: الظرف السمج .. ماذا نفعل به ؟؟ مشاركة