قلبوا دماغنا بسيناء اللي قال إيه رجعت كاملة لينا ومش عارفة ليه أبتديت أشك أنها انتقلت من احتلال لاحتلال. سيناء الحبيبة مغلقة من دوننا بالضبة والمفتاح وكأنها ليست أرضا مصرية مسموح لأي مصري السير فيها إلا بإذن من السلطات ومشيئتها وبالحساب والمقدار، بينما علي الناحية الأخرى من الحدود يدخلها السياح الإسرائيليين بدون تأشيرة. قالوا لنا إن قوافل مساعدات غزة مسألة أمن قومي لها صلة بأطراف خارجية، وماذا الآن عن السيول التي اجتاحت سيناء نفسها لتهدم وتقتل وتشرد في قلب الوطن، أناس يسمح لهم بالدخول لتقديم المساعدات وآخرون يمنعون رغم فداحة الكارثة وفي الحالين لا نعرف تفسيرا سوي أن السلطات تتحكم كيفما تريد.
أما ما يحدث في سيناء نفسها فمصيبة كبيرة يحتكر الحزب الحاكم إدارتها لنفسه فيمنع المساعدات ويستولي عليها بحجة أنه يريد توزيعها بنفسه وكأن كوارث البشر هي أيضا استثمار لمكاسب سياسية. أنقل لكم الصورة كما كتبها شهود عيان فيقول د.عادل قاسم رئيس قافلة جامعة الزقازيق إلي العريش "إلي من يسألنا عن مهمتنا في العريش الأوضاع هناك لا يمكن تصديقها أو احتمالها لدرجة انهيار معنوياتنا للأرض وانخرطنا جميعا في نوبة من البكاء الحاد عندما اكتشفنا أوضاعا لا آدمية لا تحتمل، أناس يعيشون في عشش ولحود فجاء السيل ليعصف حتى بالتراب الذي كانوا ينامون عليه فتخيلي عندما نقوم بالتوزيع ونجد نساءً وأطفالاً في قلب الصحراء والعتمة ينامون مباشرة فوق الطين ملتفين بأغطية وملابس مهلهلة المشكلة الأكبر أن السلطات كانت رافضة تماماً وصولنا لهذه المناطق.. وحاصرتنا لتسليمهم المعونات كي يتولوا هم توزيعها بمعرفة الهلال أو الحزب الوطني، لكننا (وبما يشبه المغامرات) واتصالات البعض من ذوي الحيثية.
وصلنا إليهم لنكتشف هذه الكائنات الضائعة وخجلنا أن الشاحنة الهائلة التي معنا ليست بأكثر من نكتة أو فنجان في محيط فمن المضحك أن نذهب رافعين شعار مرتبة أو بطانية للأسرة.. وجميعهم يحتضن البلل والطين.. والبطون (وياللخجل) خاوية "وتضيف د.نادية: بعد كل الكلام اللي سمعتموه وقرأتموه الصورة أقتم وأسود من ذلك. لما كنت باشوف أطفال الشوارع كنت باقول لنفسي كلنا حندخل النار علشان ماعملنلهمش حاجة.. مش حاوصف حاجة لكن حاقول إني حزينة على الناس دي وعلى أنفسنا حنقول إيه لربنا لما نسأل يوم المشهد العظيم؟ رجاااااااااااء اللي يقدر يوصل حال القرى المنسية، قرية عاطف السادات وعزبة المطار وعزبة المزرعة عايزة أسالكم سؤال: حد منكم يقدر ينام وهو خايف أو بردان؟ احنا شفنا جثث نايمة على الطين الرطب في وضع غير آدمي والمفاجأة إنهم مولعين كوم من الخشب بجانبهم للتدفئة والإنارة حيث لا توجد إضاءة.. ياالله مين ممكن ينام وعارف إنه في لحظة ممكن يتحرق وأولاده .حد فيكم يرد علية أنا مش قادرة استوعب الموقف" وأقول أنا في النهاية لهذه الحكومة المستبدة أنه لولا الديمقراطية لما كنا قد رأينا بوش وكلينتون وأوباما يقفون معا جنبا إلي جنب كي يستنهضون العالم لمساعدة ضحايا زلزال هاييتي، أقول لحكومتنا "إذا لم تستح فأفعل ما شئت".
اقرأ أيضاً:
برضه ليها وحشة/ المجلس الحكومي لحقوق الإنسان