وُهبنا العقل، وهو معيار وجودنا وبوصلة سلوكنا، وذخيرة ذاتنا.
والمجتمعات بعقولها!
والسياسات برهان العقل، وعنوان الحكمة والحلم والحمق والسفه والغباء!
والإناء ينضح بما فيه.
وكيفما يكون العقل يكون الحال.
والأحوال تتبدل بتأثير العقول.
والمشاكل لا يمكنها أن تصل إلى حل من غير فعل العقل، والزمن يترع العقول بالتجارب، ويصقلها بالأدلة والحجج والأمثلة والأحداث والتفاعلات التي تغنيها وتثري مداركها.
ولا قوة لمن لاعقل له.
ولا حياة صالحة إذا غاب عنها العقل.
وكل موجود يُزان بالعقل.
و"دليل عقل المرء فعله"
و"قِوام المرء عقله"
و"إذا تفاعلت عقول الناس أوجدت حلا وإذا تغافلت أوجدت غلا"
والمجتمعات المتقدمة ذات عقول متنورة وفعالة.
وفي عصرٍ فسيح وتوارد متغيرات وتطورات وتفاعلات جارية كالسيل العرمرم في أرض البشرية.
لابد للمجتمعات أن تُعمل عقولها، وتلاقحها وتفاعلها وتستدعيها للنظر في عواقب الأمور وتقدير الخلل والقصور.
فالفرد ما عاد قادرا أن يكون صاحب الرأي السديد، وما بإمكان عقل واحد أن يكون لوحده هو الرشيد، ولهذا فالمجتمعات المتقدمة تستدعي العقول المتبصرة المتنورة، لتمحص الحالات وتقدر التطورات وتعين أصحاب القرار على إيجاد ما هو أصوب من الإجراءات، فتجدها قد مضت بسلامة، إلى حيث تريد وتهدف الإرادة المقدامة.
وكم وجدناها تتروى وتتعقل، وتستحضر طاقات الحلم والحكمة والتدبير والتقدير، لكي تأتي بما هو نافع وبصير.
ولهذا فهي متأهبة لحل مشاكلها، وابتكار خططها ورسم خارطة مسيرها وتقدمها، وتحولها من حال إلى حال فيه أفضل ما يمكن أن يُنال.
وفي تأريخنا القديم، تداولت العقود في صراعات وحروب ونكود، وما أوقفها إلا العقل والحلم وصالح التحذير وصدق التقدير.
ولنا عبرة في حرب داحس والغبراء وحرب البسوس، ولنا وقفة مع معلقة زهير بن أبي سلمى، وهو يلخص الصيرورة الإنسانية المثلى، وما يترشح من هذه الصراعات من حكمة، وكيف لنا الخلاص من شرورها، ووضع أسس المحبة والسلامة والأمان والأخوة والرقاء.
وأعظم ما قالته العرب "ألا كل شيٍء ما خلا الله باطلُ... وكل نعيم لا محالة زائلُ"
وما أكثر عقلاء هذه الأمة ولكنهم في معاقل النسيان مغيّبون!!
واقرأ أيضاً:
التفاضل والتكامل!! / الجُهلاء!! / الذاكرة والسلوك!!