عام ألفين وسبعة عشر، عام تفاقم، وعلائمه بدأت منذ الساعات الأولى، ولا تزال تتواصل وتتأزم، فالواقع بقوانينه الشرق أوسطية، والعربية خصوصا، يؤكد مرارا وتكرارا، أن أي خطوة سيئة عليها أن تتطور وتتفاعل للوصول إلى متواليات هندسية تفاقمية متوالدة. فتفاقم المشاكل ومنع حلولها يخدم المصالح الإقليمية والعالمية، ويساهم في نهب الثروات النفطية، واستشراء الفساد والظلم والقهر، واستلاب الحقوق وتدمير الأوطان والإنسان.
والذي يتصور بأن قوة خارجية مهما كانت قدراتها ستساهم بحل المشاكل القائمة، فهو على وهم وفي بهتان كبير، فجميع القوى تستثمر بالصراعات العربية - العربية، وتستفيد منها أعظم الفوائد، وتجني الأرباح الخيالية.
فأوضاع الشرق الأوسط العربي والإسلامي من أروع الأعمال والتجارات، إنه "بزنز" القرن الجديد، الذي يشفط الدم من كل وريد وشريان عربي.
فالمؤشرات تؤكد بأن القوى الكبرى ستضع يدها مباشرة وبعنفوان على الأرض العربية، وستتقاسم الثروات فيما بينها، وتمد العرب بما يؤهلهم ويمكّنهم من الدخول في صراعات دامية لا تنتهي، بل تتطور وتتعقد وتمتنع عنها الحلول.
فالأرض العربية ما عادت ملكا للعرب، وذلك بإرادتهم الديمقراطية الحرة، وإنما هي ملك مشاع للقوى القادرة على الافتراس، والتي تستخدم العرب للتصارع مع بعضها، فهي الرابحة دوما، ما دامت قد أوجدت مَن يقوم بتحقيق مصالحها بالنيابة عنه، حتى ليبدو العرب وكأنهم، وبلا استثناء، وكلاء يخدمون القوى التي أعطتهم الوكالة، وأمدتهم بالأسلحة والأعتدة اللازمة لتواصل النزاعات.
فالعرب لا يصنعون سلاحا، وإنما يأتيهم السلاح من الطامعين بثرواتهم، والذين يستخدمونهم لتنفيذ أجنداتهم ومشاريعهم، وخوض معاركهم اللازمة لتأمين مصالحهم.
ولا خيار للعرب إلا التلاحم، إن أرادوا الخروج من غفلتهم، والشعور ببعض العزة والكرامة والسيادة، فعليهم أن يعتصموا بحبل عروبتهم ووطنهم، وسوى هذا الالتحام، فإن واقعهم في القرن الحادي والعشرين، سيزداد تفاقما وعنفوانا واضطرابا، حتى سيستسلموا بالتمام للآخرين المتحفزين لافتراسهم، واستعبادهم، ومصادرة وجودهم وهويتهم وتأريخهم، وكل ما يشير إليهم من السمات، بل وسيجهزون على لغة الضاد.
فهل سيتلاحم العرب، أمْ أن التفاقم عليهم قد وثب؟!!
2\1\2017
واقرأ أيضاً:
أوعية الشعوب المثقوبة!/ تُجّار اليأس!!/ بلاد الأرقام أوطاني؟!!/ العقيدة العلمية الغائبة!!/هل نراجع لكي نكون؟!!/ الاعتماد القاتل!!/ صوت الكلمة!!/ البشر البضائع ضائع!!/ التجهيل الوطني!!/ اللغة والبشر!!/ اللغة العربية!!/ النفس العدمية!!/ التعفن الفكري!!/ قراءة سلوكية لعام جديد!!/ الأمة يستعبدها المُستورَد!!