الأردن مؤتمر الأطباء النفسانيين العرب الدولي(14)3
وفي صباح الجمعة كان علي أن أبدل مكان إقامتي من فندق ماريوت إلى مقر المؤتمر بالرويال وكانت هناك سيارة بانتظاري وبعض الذاهبين إلى الجلسة الصباحية في المؤتمر ... تركت حقيبتي في استقبال الفندق عند المسؤول، ولقيت سدادا وبعدها بقليل د. لطفي الشربيني ... تجولنا قليلا بين ردهات وقاعات المؤتمر وتناقشنا مع ممثلي شركات الدواء والأجهزة الطبية المعلنين في المؤتمر حول المتاح من العقاقير وتركيزاتها المختلفة في الأردن ولبنان ومصر... ولم نفكر بالمقارنة مع المتاح في إنجلترا كي لا نشعر بالإحباط ... احتسينا القهوة أنا وسداد ويوسف مسلم وبعد قليل استأذن سداد لبعض أنه على أن يعود بعد الغذاء.
كان علينا البحث عن مكان لصلاة الجمعة وقد عرفنا أن المكان موجود في فندق الرويال نفسه حيث المؤتمر وهو ما أشعرنا بالطمأنينة ألن نضطر للخروج بعيدا عن مكان المؤتمر.... وصعدنا كل إلى غرفته للوضوء أنا وواحد من الزملاء لا أذكر من، على أن نتقابل في بهو الفندق ... وبالفعل بعد دقائق خمس سألنا عن مكان الصلاة فقيل لنا في الطابق P1 وبدأنا رحلة طويلة في المصاعد التي تقف في ذلك الطابق فلم تقف ولا تلك التي لا تقف أصلا فيه وقفت بالطبع.... المهم هرولنا من مصعد إلى مصعد وسألنا عددا من العمال الذين قابلونا عن الطابق بي1 ولا يبدو أننا فهمنا جيدا لأننا بعد عشر دقائق يشير لك الناس إلى مكان الصلاة فلا تصل .. قال رفيقي ما على المسافر جمعة أصليها ظهرا ... واتجهت ناحية قاعات المؤتمر يائسا فإذا بي أسمع صوت د. لطفي الشربيني من بعيد يكبر ثم يقرأ الفاتحة... وقد كان معنا في وقت ما في ترتيبات سؤالنا عن مكان الصلاة أو بحثنا عنه لكنه سبقنا أو تأخر عنا المهم أنا سألت هذه المرة لا عن مكان الصلاة وإنما من أين يأتي هذا الصوت وكيف أذهب عنده؟ فقيل لي المصعد الزجاجي في الصالة أمام قاعات المؤتمر التي كنت أقف فيها .... إنه الدور المسحور .... فوق أكبر قاعات المؤتمر أو كلها .... انتظرت المصعد الذي حمل واقفين أمامه وحين وصلت أخيرا وجدت الصلاة على الأرض ... ود. لطفي في ركوع الركعة الثانية والحمد لله أني أدركته وإلا صليت الظهر أربع ركعات... أتممت صلاتي ... وكان علي الاتجاه للقاعة لتقديم أولي ورش العمل.
تتميز مؤتمرات الأردن بالحضور الكثيف وعلمية وجدية الأسئلة وبأن المستوى الذي يظهر به الزملاء من الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين هو مستوى يلفت النظر، الأردنيون دائما معلوماتهم حديثة وهكذا كان انطباعي منذ أول مؤتمر طبنفسي أحضره في عمان ... وتعمق هذه المرة انطباعي، كنت أقدم عرضا ضمن ورشة عمل عن احتياطات الأمان أو سلوكيات التأمين في مرضى الوسواس القهري وأغلب المداخلات والمشاركات كانت مثرية للنقاش أو سائلة في موضوع الورشة ... واختتمت الجلسة على سؤال من مشاركة شخصتها وسداد من سؤالها وكنت قد قرأت وجه سداد بسرعة وهي تقول سؤالها فلم أفاجأ به عندما قال لي السؤال الأخير كان من مريضة وسواس.
انقر الصورة لترى حجما أكبر
حضرنا بعد ذلك محاضرة د. لطفي الشربيني ذات العنوان المثير: متلازمة الزوجة الأولى First Wife Syndrome .... وكنت أحسبه سيقدم تحليلا لحنين الزوج بعد زواجه الثاني إلى زوجته الأولى متماشيا مع المثل العامي المصري "القديمة تحلَى ولو كانت وحلهْ" لكنني وجدت الموضوع الذي يعرضه متعلقا بمشاعر وتفاعلات الزوجة الأولى بعد معرفتها بأن زوجها تزوج أخرى، والحقيقة أن الدراسة التي أجراها كانت فريدة حيث أشار إلى خصوصية هذا الأمر في ثقافتنا وعن أفضل الطرق العلاجية التي تستخدم لمساعدة الزوجة المصدومة على اجتياز محنتها، وكان المحاضر يلقي محاضرته بينما تنتظره سيارة ستطير به إلى المطار لقرب موعد سفره إلى مصر، أثار د. لطفي إذن عديدا من التساؤلات ثم استأذن من الحاضرين متعجلا وظللت أفكر أنا في تسميته لموضوع محاضرته وكيف لا يسبب خلطا في الفهم؟ فمازلت مقتنعا أن متلازمة الزوجة الأولى أصح أن يوصف بها الزوج المعدد، لكنني حتى الآن لم أجد وصفا يناسب الزوجة التي أشار إليها إلا وصفها بالزوجة الأولى!
في المساء كانت لدينا رحلة أخرى إلى البحر الميت وصحبت فيها في الباص أ.د فهد العصيمي وهو صديق سعودي فاضل من الذين يريحك النظر إلى وجوههم –وهم قليلون- ويمدني بطمأنينة هادئة واثقة ... حدسي أنه يوزعها على كل من يتعامل معهم حياه الله، طالت بنا الحكايات كما تطول بين المهتمين بشؤون المجمتعات الإسلامية في طول الأرض وعرضها، لكن النصيب الأكبر كان لمصر والسعودية والشام .... رغم قسوة الأوضاع وصولا إلى البشاعة العلنية في الشام ... لم يغب الاطمئنان عن وجهه ولا صوته طوال رحلة الذهاب ... واجتمعنا كذلك على العشاء .... شكوت له من غياب د. أحمد الهادي (موقع معرفي www.CBTArabia.com) عن فعاليات انتظرته فيها وعرفت أنه لأنه من مواليد منطقة الجوف في شمال السعودية وعلى حدود الأردن، فإن له من الارتباط بالأردن وأهله ما يفوقنا جميعا ووجدت له العذر.
وحين رجعت إلى الفندق كان علي أن أنام جيدا فغدا السبت يوم عمل شاق وسفر نسأل الله أن يكون سهلا والله حافظ عليم هكذا حدثت نفسي وأنا أطرد وسواس الاطمئنان على قوارير زيت الزيتون... وعلى خير تمسون وتصبحون.
ويتبع >>>>>>: الأردن مؤتمر الأطباء النفسانيين العرب الدولي(14)5
واقرأ أيضًا:
شكرا سوريا: مؤتمر مختلف / ثانية ألتقي سدادا .... جمعا في لندن / لقاء في الأردن