في صباح السبت 15 أبريل اليوم الأول للمؤتمر صحوت مبكرا في السابعة توضأت وصليت وحدَّثت إبداعات مجانين، وكان عليَّ بعدها أن أبدأ الحركة للذهاب إلى مكان المؤتمر أفطرت إفطاري الخفيف وأهم ما فيه القهوة السوداء، وحين وصلت مكان المؤتمر في فندق الدبلومات فاجأني عدد الحضور وعرفت أن هناك بالفعل عددًا كبيرا من الأطباء النفسيين في دولنا العربية، وتساءلت في داخل نفسي أين تأثير هؤلاء جميعا في مجتمعاتنا العربية؟ أين تأثيرهم في إفهام الناس وتعريفهم بمفاهيم الصحة النفسية الاجتماعية الصحيحة، لابد إذن أنهم يسيرون مسارا غير المسار الصحيح مع الأسف
المهم حضرت الجلسة الافتتاحية وسمعت كلمة رائعة لوزيرة الصحة البحرينية الدكتورة ندى حفاظ، وكذلك أسعدني وأسعد الجميع الدكتور ممدوح العدل الذي كان بحق محرك المؤتمر وهو من دعاني لحضور المؤتمر حيث كنا قد تعارفنا أنا وهو وابن عبد الله في مؤتمر الجمعية العالمية للطب النفسي والذي انعقد في القاهرة في أغسطس 2005 وكان الدكتور ممدوح وهو بلديات الدكتور محمد المهدي كان هو الوحيد الذي ارتجل كلمته وكانت كلماته أقرب من قلوبنا جميعا ونبهنا كذلك إلى الدور الذي يقوم به الطبيب النفسي العربي المقيم في الغرب فهو فعلا حين يحسن عمله بوابة يدخل منها محبو الثقافة العربية والإسلامية.
بعد ذلك كانت المحاضرة الأولى للدكتور عكاشه وكانت عن تحسين حياة مرضى الاكتئاب بالعقاقير العلاجية، والحقيقة أن اللافت للنظر في محاضرات الدكتور عكاشه الأخيرة –أي في السنوات الأخير- هي اعترافه الواضح بأهمية سبل العلاج الأخرى غير العقاقير، وكذلك نبرة اتهامه العالية –الجديدة- لشركات الدواء بأنها -ضحكت علينا- وطبعا حين يقول الدكتور عكاشه هذا الكلام فإن لذلك معانٍ كثيرة، كذلك كان إعلانه الواضح أيضًا لأهمية الدين والأمور الروحية في حياة الإنسان وصحته بوجه عام، وفي العلاج النفسي أيضًا بالنسبة للمتدينين، وهذه كلها مفاهيم بدأ يعلنها لنا الدكتور عكاشه في السنوات الأخيرة فقط.
بعد محاضرة الدكتور عكاشه خرجنا لشرب القهوة والتهام المأكولات الخفيفة لمن يشاء وأثناء ذلك التقيت الدكتور خالد عبد العظيم منصور والذي كان ما زال لا يصدق أن في مصر أو بالأحرى في مكان عمله الأخير فيها والذي تركه مجبرا أو قولوا فارا من كونه نموذجا طيبا للطبيب النفسي المسلم فهذا عيب في مصر إذا كنت صغيرا على ما يبدو، لم يكن يتوقع خالد منصور أنه ترك أثرا كبيرا في نفوس من تركهم ولحسن الحظ التقيت بواحد من أبنائنا يعمل أصلا في قسم الطب النفسي بجامعة الزقازيق، لكنه الآن يعمل في السعودية وهو الدكتور أسامة جادو وحين أخبرته بأن الدكتور خالد عبد العظيم موجود هنا في هذا المؤتمر كاد يرقص من فرحه وترجاني أن أقدمه إليه، ووقفت أرقب انفعالات خالد وهو يستغرب أن من لم يروه من الأطباء النفسيين الذين التحقوا بالقسم بعده يعرفونه بل يحبونه لما سمعوه عنه رغم عدم رؤيتهم له.
وفي مساء ذلك اليوم خرجنا إلى سوق الذهب وهو بناية كبيرة متعددة الطوابق لم أجد بها غير محلات لبيع الذهب والمجوهرات وبعض محلات بيع العطور، وفي أغلب المحلات تجد الباعة من الهنود بل والله كلها فأنا لا أكاد أذكرُ بحرينيا اشتريت منه أو تعاملت معه إلا في محل بيع الذهب بالجملة – أمسكوا أعصابكم لم أشتر ذهبا بالجملة بالطبع- والذي دلنا عليه الدكتور حميد وهو أحد كبار الأطباء النفسانيين في البحرين، وكان صاحب ذلك المحل يمتلك مصنعا لصنع الحلي من الذهب البحريني الذي اتضح أن له شهرة كبيرة، وكنت مع زميلي السوري والمصري ليلتها ولم يشتر أحد غيري يبدو لأنني لا أحب كثرة التجول للشراء وإنما أتكل على صاحب الملك وأشتري أول ما يعجبني سائلا الله أن يعجب ذوقي من أشتري لها -آمين يا رب-.
الغريب في هذا البلد أنك تجد بالفعل بلدا خليجيا كل من فيه متحضرون متعلمون لكن أغلبهم يشتكي من سوء الحالة الاقتصادية، والأسباب بالفعل غير مفهومة لكن النظريات كثيرة والكلام عنها كلام في السياسة وأنا لا أحب الاستفاضة فيه هي باختصار بلد من البلدان العربية التي تضيع ثرواتها أو لا تقسم بالعدل، والحقيقة أن لكل واحد من سائقي سيارات الأجرة كان يحكي لنا شيئا يدل على ذلك وبعضهم يحكي عن أن من المواطنين البحرينيين من يعمل في تنظيف السيارات في المواقف –يعني زى مصر المحروسة- ويكفي هذا...
وحين خرجنا من سوق الذهب فوجئنا بأن شارع باب البحرين -والذي يشبه الأسواق العربية التقليدية من حيث كونه شارعا ضيقا تصطف فيه المحلات على الجانبين- مكتظ عن آخره بطابور طويل من السيارات وكان الغريب أن أحدا لا يطلق نفير السيارة وبشكل ملفت في الواقع مقارنة بمصر أو سوريا كما أشار الدكتور نديم، ولم نكن لا أنا ولا من معي ندري حتى أخبرنا سائق التاكسي أن سبب ذلك الزحام هو الاحتفال بالمولد النبوي الشريف!
ياه تخيلوا أنها أول مرة -منذ تزوجت- أقضي فيها مولد سيد الخلق عليه الصلاة والسلام خارج مصر وبعيدا عن أمي وزوجتي وولدي، وكنت قد نويت أن أفعل شيئا على مجانين هذا العام في ذكرى مولد الرسول الكريم لكنني على ما يبدو أُخذت من الدوحة إلى المنامة ولم أنتبه، فلعلني أنتبه في السنة القادمة.
المواد والآراء المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
Copyright @2010 Maganin.com, Established by: Prof.Dr. Wa-il Abou Hendy - , Powered by
GoOnWeb.Com