إغلاق
 

Bookmark and Share

الدعوة القومية في بداية القرن العشرين ::

الكاتب: الشيخ عبد الله عزام (رحمه الله)
نشرت على الموقع بتاريخ: 14/08/2007


القومية العربية: الجمعيات القومية
 

استطاعت شخصية عبد الحميد الفذة أن تجمد الدعوة إلى القومية خاصة وأنه رفع شعار (يا مسلمي العالم اتحدوا). وقبل نهاية القرن التاسع عشر عقد مؤتمر بال سنة 1897 الصهيوني، وقرروا إنشاء وطن لليهود في فلسطين، وزار هرتزل السلطان عبد الحميد مرتين وعرض عليه مبلغ (150) مليون جنيه وإنشاء أسطول عثماني والدفاع عن سياسته في أوربا وأمريكا وسداد كثير من ديون الدولة العثمانية، مقابل السماح لليهود بشراء بعض الأراضي في فلسطين. وكان جواب السلطان عبد الحميد قاطعا: (بأن قطع عضو من أعضائي أهون علي من أن تقطع فلسطين - من الدولة العثمانية).

فبدأت أجهزة البث تعمل ليل نهار ضد السلطان عبد الحميد، وقد أصبحت القاهرة وباريس أهم مراكز التآمر على السلطان، وقد أشرنا قبل قليل كيف عملت جميع القوى -تقريبا- في القاهرة ضد السلطان -حتى الدعاة المعروفون- أمثال الشيخ جمال الدين ومحمد عبده -على السلطان عبد الحميد. وتجمع في القاهرة كذلك شباب تركيا الفتاة- وهم من أعداء الله وأدعياء القومية الطورانية - تحركهم أصابع اليهودية في سلانيك وإيطاليا وأسبانيا. وأما دعاة القومية العربية فبالإضافة إلى نصارى الشام في القاهرة الذين تولوا توجيه الفكر في مصر كلها فهناك في المركز الآخر في باريس
(29).

بعض النصارى السوريين ومنهم: نجيب عازوري.
نجيب عازوري: وهو نصراني سوري ألف سنة 1904 جمعية (عصبة الوطن العربي) في باريس. وكان هدفها الذي أعلنته تحرير الشام والعراق من السيطرة التركية، ونشر سنة 1905 كتاب (يقظة الأمة العربية) باللغة الفرنسية وأصدر بالاشتراك مع الكتاب الفرنسيين مجلة (الاستقلال العربي) صدر العدد الأول منها ابريل سنة 1907 وتوقفت بعد إعلان دستور سنة 1908م. يقول ساطع الحصري: (إن القومية ابتدأت بنجيب عازوري الذي يضع آماله العربية السورية في فرنسة أولا وفي إنجلترا ثانيا)، وكانت أعمال نجيب عازوري تمهيدا لمؤتمر باريس سنة 1913م.

مؤتمر باريس سنة 1913م: يكاد كثير من كتاب القومية العربية يعتبرون مؤتمر باريس أساسا للقومية الحديثة، وكان عدد المشتركين 24 عضوا نصفهم من المسيحيين ونصفهم من أبناء المسلمين، فيقول عنه أنيس الصايغ: بأنه كان خاليا من المطالبة بالاستقلال حتى لا تحرج بعض الدول الأوروبية التي كانت تشجع الحركة القومية وتمدها بالأموال. وقد صرح الزهراوي رئيس المؤتمر لمراسل السلطان الفرنسية: بأنه ليس للمؤتمر علاقة بولايات العرب غير العثمانية -أي الشمال الإفريقي- لأن فرنسا تشرف على المؤتمر وهي تحكم الشمال الإفريقي وشكر وزارة الخارجية الفرنسية ورفض المؤتمرون إشراك مصر في المؤتمر وقد طالبوا بجعل اللغة العربية رسمية في البلاد العربية. واضطرت الحكومة الاتحادية أن تفاوضهم وترضيهم بإدخال 3 وزراء عرب وخمسة من الولاة عرب كذلك في سلك الدولة.

عوامل هامة في تطور الحركة القومية
هنالك عوامل هامة كان لها أثر كبير في تأجيج نار القومية العربية في الربع الأول من القرن العشرين ومن أهم هذه العوامل:
1- استلام جمعية الاتحاد والترقي الحكم: في تركيا بعد إسقاط السلطان عبد الحميد في 27 نيسان سنة 1909، وبدأت المناداة بالقومية الطورانية التركية، ومن فلاسفتها خالدة أديب -اليهودية- التي أصبحت فيما بعد وزيرة للمعارف. وكذلك ضياكوك ألب: وهو تلميذ اليهودي دوركايم وتلميذ اليهودي الآخر مويزألب (Moizalp).

ومن المعلوم أن قادة الاتحاد والترقي كلهم على الإطلاق من الماسيون وليس منهم واحد مسلم الأصل أو تركي العرق. فأنور بولندي، جاويد -يهود دونمة- كراسو - يهودي أسباني... وبدأت جمعية الاتحاد والترقي بفرض عملية التتريك على جميع المحافظات العربية وغيرها. ففرضت التركية في الدواوين والمدارس والمناهج.

وبدأت عملية التتريك كذلك في أجهزة الدولة وقد ظهر هذا واضحا في انتخابات مجلس النواب (المبعوثان) الذي انتخب على أثر إعلان الدستور سنة 1908 فأشرفت جمعية الاتحاد والترقي على الانتخابات لتكون النتيجة في جانب الجنس التركي فكانت النتيجة أن نجح 150 من الأتراك و60 من العرب بينما العرب متفوقون في عدد السكان بنسبة 5: 2.

وفي غمرة الفرحة بتكبيل أيادي السلطان عبد الحميد أنشئت (جمعية الإخاء العرب العثماني) في 2 أيلول سنة 1908 بعد الدستور بشهر، فعاشت هذه الجمعية ثمانية أشهر ثم حلتها الجمعية الاتحادية. وعملية التتريك الجبري على يد يهود الدونمة أدى إلى ردود فعل عنيفة لدى العرب بإنشاء الجمعيات السرية والعلنية.

2 - تشكيل الجمعيات العلنية والسرية: التي تنادي بالقومية العربية وتنادي بفصل الدول العربية عن الأتراك ولو على الأقل الحكم الذاتي في داخل الدولة العثمانية يكون للعرب إدارة أمورهم الداخلية من تعليم واقتصاد وثقافة ومشاركة الدولة العثمانية في الأمور الخارجية كالدفاع وغيرها.

وقد تشكلت عدة جمعيات منها:
أ- العلنية: منها:
1 - جمعية المنتدى الأدبي في استانبول.
2- حزب اللامركزية الإدارية العثماني وقد تأسس في القاهرة سنة 1912م.
ب- الجمعيات السرية: منها:
1- الجمع القحطانية: أسسها عزيز المصري، وكان أحد الضباط البارزين في الجيش ومن أعضاء جمعية الاتحاد والترقي واشترك في الأحداث سنة 1908- 1909 ضد السلطان عبد الحميد. وكان يحاضر في كلية الأركان، وهدف الجمعية تحويل الدولة العثمانية إلى مملكة ذات تاجين (تركي وعربي) مثل الإمبراطورية النمساوية (النمسا مع المجر). وكان الضابط (سليم الجزائري) يعين عزيز المصري في إدارة الجمعية.
2 – جمعية العربية الفتاة: أسست في باريس سنة 1911 على يد سبعة من أبناء المسلمين منهم عوني عبد الهادي وتوفيق التميمي، وهذه الجمعية مهدت لمؤتمر باريس سنة 1913م.
3- جمعية (العهد): أسسها عزيز المصري سنة 1913، وكل أعضائها من العسكريين عدا اثنين أحدهما عادل أرسلان. ورغم كل البطولات التي نسبت إلى عزيز المصري إلا أن شخصيته لا زالت غامضة لدي، وفي سنة 1914 أعتقل عزيز المصري في استانبول وأتهم بتسليم برقة للطليان وتدخل السفير البريطاني في مصر (كتشز) لإنقاذه، وكتبت التايمز أربع مقالات افتتاحية تدافع عنه وقامت ضجة كبرى في العالم العربي عندما حكم عليه بالإعدام، ولكن بالضغط البريطاني أخلي سراحه ووصل في 12 نيسان سنة 1914 إلى مصر مع استقبال شعبي رائع.

3-
تولية جمال باشا واليا على بلاد الشام: وكانت خالدة أديب اليهودية أمينة سره. وقد اضطر جمال باشا أن يهادن العرب ويحسن إليهم في بداية الحرب الكبرى لألا ينضم العرب إلى معسكر الحلفاء ضد تركيا، وقد استلم جمال باشا قيادة الجيش الرابع في سوريا، وقد كان جمال باشا يحس بوجود التجمعات القومية السرية في بلاد الشام وكان يعلم أن العرب ضاقوا ذرعا بتصرفات الاتحاديين وبتعصبهم لتركيا.

فكان العرب يبحثون عن مخرج واتصل زعماؤهم بفرنسا. مما جعل جمال باشا يقتحم السفارة الفرنسية في كل من بيروت ودمشق ويضبط وثائق فيها تثبت اتصال قادة التنظيمات والجمعيات العربية بفرنسا وتنادي بانفصال سوريا عن العثمانيين، إلا أن جمال باشا أراد أن يغض الطرف عن القضية طمعا في وقوف العرب لجانب تركيا في الحرب.

وبعد إحساس جمال بنية الشريف حسين بدخول الحرب ضد تركيا والى وجانب بريطانيا استشاط جمال باشا غضبا وأمر بإعدام 11 شخصية عربية في 12 آب سنة 1915 بعد المحاكمة العسكرية في عاليه. وفي 6 أيار سنة 1916 شنق 21 شخصية عربية أخرى منهم عبد الحميد الزهراوي (رئيس مؤتمر باريس وعضو مجلس الأعيان التركي) وسليم الجزائري مساعد عزيز المصري في الجمعية القحطانية وكانت المحاكمة كذلك للمرة الثانية في عاليه.

ولقد أحدثت هذه الإعدامات هزة عنيفة في العالم العربي، ولقد نفذ جمال باشا الإعدام بعد توسط الشريف حسين وابنه فيصل إلا أنه لم يصغ إليهما. وقد كان الأمير فيصل بن الحسين آنذاك في دمشق فرمى كوفيته على الأرض وداسها وقال (طاب الموت يا عرب)
(30).

4 - العامل الرابع: دخول الشريف حسين الحرب العالمية بجانب بريطانيا ضد تركيا: فلقد بقي الشريف حسين في تركيا ستة عشر عاما إذ كان السلطان عبد الحميد يخشى منه، وبعد إعلان الدستور سنة 1908 اختارته جمعية الاتحاد والترقي ليكون أميرا لمكة وعارض عبد الحميد في هذا التعيين
(31).

وقد كان إعلان الدستور في 24 تموز سنة 1908 بعد مؤامرة طويلة المدى يديرها أعضاء جمعية الاتحاد والترقي الذين كان معظمهم من اليهود الدونمة أو الأتراك المتهودين الذين تلعب بهم أصابع الماسونية في محافل سالونيك وقد كانت الجمعية تعقد اجتماعاتها في بيوت اليهود المنتمين إلى الجنسية الإيطالية.

فقد كتب ستون وتسون يقول
(32): (إن الحقيقة البارزة في تكوين جمعية الاتحاد والترقي أنها غير تركية وغير إسلامية، فمنذ تأسيسها لم يظهر بين زعمائها وقادتها عضو واحد من أصل تركي صاف، فأنور باشا هو ابن رجل بولندي مرتد، وكان جاويد من الطائفة اليهودية المعروفة دونمة، وكراسو من اليهود الأسبان القاطنين في مدينة سالونيكا، وكان طلعت باشا من أصل غجري اعتنق الإسلام دينا، أما أحمد رضا أحد زعمائهم في تلك الفترة فكان نصفه شركسيا ونصفه غجريا إلى جانب كونه من أتباع مدرسة كومت الفلسفية).

ويضيف ستون وتسون قائلا: (إن أصحاب العقول المحركة وراء الحركة كانوا يهودا أو مسلمين من أصل يهودي وأما العون المالي فكان يجيئهم عن طريق (الدونمة) ويهود سالونيكا الأثرياء.... كما أنه كانت تأتيهم معونات مالية من الرأسمالية الدولية -أو الشبيهة بالدولية- من فينا وبودبست وبرلين وربما من باريس ولندن). ويقول هر برت أبري: (كان يهود سالونيكا ويعرفون (بالدونمة) - أي المرتدون- شركاء الثورة التركية الحقيقيين، وهؤلاء هم من العرق اليهودي، ولكن معتقدهم قد لا يكون يهوديا أصلا.

والاعتقاد الشائع بين الناس هو: أنهم مسلمون بالاسم، أما بالفعل فإنهم من أتباع توراة موسى... وفي تلك الفترة التي نحن بصددها لم يعرف أحد من الناس شيئا عنهم، سوى قلة من العلماء المختصين بدراسة الشرق الأدنى، ولم يكن أحد من الناس يجرؤ أن يتنبأ أن هذه اليهودية المعروفة (بالدونمة) ستلعب دورا رئيسيا في ثورة كان لها نتائج خطيرة في سير التاريخ
(33).

وقد كان الشريف حسين يتلمس المناسبة للتخلص من الحكم التركي خاصة وأنه أحس أن الاتحاديين سنة 1914 يريدون التخلص منه. وكان عبد الله بن الحسين آنذاك نائبا في البرلمان التركي وقد اتصل بكتشنر (المعتمد البريطاني في مصر) ورونالدستورز المستشار الشرقي في دار الاعتماد البريطاني.

وأطلعه على النفور الشديد بين أبيه وبين الأتراك وسأله عن إمكانية وقوف بريطانيا بجانب الشريف فيما إذا أعلن الشريف الحرب على تركيا إلا أنه لم يلق أي تشجيع منهما وقال كتشنر: ليس من المحتمل أن تقف بريطانيا بجانب أبيك
(34). (وكان الأمير عبد الله نفسه عضوا في إحدى الجمعيات السرية وكان مؤمنا بفوائد التفاهم الإنجليزي العربي متحمسا له) (35). ونشبت الحرب الكبرى في أب سن 1914 وكان عبد الله متحمسا لإعلان الحرب على تركيا، بينما كان الأمير فيصل يرى الوقوف معها. وفي سنة 1915 زار فيصل دمشق واستانبول، وفي دمشق انضم إلى جمعية (العربية الفتاة) وأقسم على نصرتها. وأعلن الشريف الحرب على تركيا يوم الاثنين 5حزيران سنة 1916 (وسبحان ربي! كانت هزيمة العرب في 5 حزيران يوم الاثنين سنة 1967) ومن جانب قبر حمزة بن عبد المطلب بالمدينة أعلن الحرب بعد أن وعدته بريطانيا باستقلال بلاد العرب وبتتويجه ملكا عليها، وكان كتشنر قد أصبح وزيرا للحربية البريطانية واستلم مكماهون معتمدا بريطانيا في مصر، وحدثت المكاتبات المعروفة بينه وبين مكماهون ووعدوه بملك البلاد العربية بعد استقلالها.
 
واندفع الشريف حسين بكل طاقته يؤجج نار الحمية العربية ضد الأتراك وهزم الأتراك. وحصلت اتفاقية سايكس بيكو لتقسيم البلاد العربية بين بريطانيا وفرنسا وأعطيت فلسطين لليهود بوعد بلفور وكان الجزاء الجميل للشريف حسين أن نفته بريطانيا ست سنوات وسلبت ملكه، ولقد كانت الصدمة عنيفة لأعصاب الشريف حتى داهمه الفالج وذاب جسده حسرة وألما، وكان يصب جام غضبه طيلة حياته على مكماهون ولويد جورج - الوزير البريطاني المعروف. يقول جورج أنطونيوس
(36). (لقد زرته قبل موته بأشهر سنة 1931م وقد قلصه الفالج وابيض وجهه الوسيم من شحوب الموت... فقال لي: الإنجليز يا ولدي قوم شرفاء، في أقوالهم وأفعالهم، في السراء والضراء، أقول: شرفاء، ماعدا صاحب السعادة الموقر الهمام لويد جورج فهو أشبه بالبهلوان وبالثعلب. أقول: ثعلب، حاشا مقامك رحم الله صاحب السعادة كتشنر). كانت هذه النتيجة الأسيفة الأليمة للتعاون مع الإنجليز وصدق الله العظيم (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين بل الله مولاكم وهو خير الناصرين) (37).

ولقد حذر بعض الصادقين العقلاء الشريف حسين من مغبة غدر الإنجليز ومن هذه الفاجعة المتوقعة فقد كتب شكيب أرسلان
(38) إلى الشريف عندما بلغه عزم الشريف لغزو سوريا مع جيوش الحلفاء قائلا: أتقاتل العرب بالعرب أيها الأمير، حتى تكون ثمرة دماء قاتلهم ومقتولهم استيلاء انجلترا على جزيرة العرب وفرنسا على سوريا واليهود على فلسطين.

يقول لورنس في أعمدة الحكمة السبعة (لقد كنت أعلم أننا إذا كسبنا الحرب فإن عهودنا للعرب ستصبح أوراقا ميتة ولو كنت ناصحا شريفا للعرب لنصحتهم بالعودة إلى بيوتهم. لقد كان قادة الحركة العربية يفهمون السياسة الخارجية فهما عشائريا بدويا وكان البريطانيون والفرنسيون يقومون بمناورات جريئة اعتمادا على سذاجة العرب وضعفهم وبساطة قلوبهم وتفكيرهم ولهم ثقة بالعدو... إنني أكثر ما أكون فخرا أن الدم الإنجليزي لم يسفك في المعارك الثلاثين التي خضتها لأن جميع الأقطار الخاضعة لنا لم تكن تساوي في نظري موت إنجليزي واحد)، ويقول وايزمان (لقد قدم لنا لورنس خدمات جليلة)، هذا هو لورنس الذي كانوا يسمونه - ملك العرب غير المتوج.

وصلت جمعية الاتحاد والترقي إلى الحكم واستراحت من الغول الرهيب الذي طالما أقض مضجعها وأرق أجفانها (عبد الحميد) وأصبحت تركيا الإسلامية دمية في يد اليهودية تحركها كيف شاءت وإن أرادت. وأصبحت مقاطعاتها حمى مستباحا للذئاب الغربية من أعداء الإسلام وأصبح هذا المارد الجبار (الدولة العثمانية) يؤكل شلوا شلوا، وكما قال الشاعر:
رب في الفناء علوا وسفلا              وأراني أموت عضوا فعضوا

فابتلع الغرب أولا دول البلقان النمسا والمجر والبوسنة والهرسك في تشرين الأول سنة 1908 (أي بعد تسلم الاتحاد والترقي) زمام الأمور، وبعد إعلان الدستور بشهرين فقط وانفصلت بلغاريا واعتدت إيطاليا على ليبيا في خريف سنة 1911، ثم نشبت الحرب البلقانية سنة 1912، وفي هذه السنوات القلية فقدت الدولة العثمانية جميع ولاياتها في أوربا (ماعدا تراقيا الشرقية)
(39)، وفقدت ذلك الجزء من ليبيا الذي يتألف من ولايتي طرابلس الغرب وبني غازي، ولقد انسحبت تركيا من ليبيا بمؤامرة خيانة مكشوفة لا تخفى على كل ذي عينين، ولا يفوتنا أن نذكر أن اليهود الإيطاليين هم أساتذة المحافل الماسونية في سالونيك، وفي بيوت هؤلاء اليهود الإيطاليين كانت تعقد اجتماعات جمعية الاتحاد والترقي، فليس كبيرا أن تعطي جمعية الاتحاد والترقي ليبيا هدية متواضعة إلى إيطاليا كرد جميل على صنيعهم السابق الكبير. وفضلا عن هذه الخسارة فقدت كريت وكانت ميزانية تركيا تنوء بأعباء النفقات العسكرية.
                        وللحديث بقية.........
الهـوامـش:
(20) [الفكر العربي المعاصر/ ألبرت حوراني ص 144 وأنظر كتاب الإسلام والحضارة الغربية لمحمد محمد
(21) [الإسلام والحضارة الغربية ص 70-83 نقلا عن تاريخ الأستاذ الإمام ص 144-145].
(32) [أنظر الحلول المستوردة للقرضاوي ص165 نقلا عن كتاب نشوء القومية العربية لزين ص86-87].
(33) [الحلول المستوردة ص 165 نقلا عن القومية لزين زين ص207-208].
(34) [يقظة العرب 206].
(35) [يقظة العرب208].
(36) [يقظة العرب 275].
(37) [آل عمران: 149-150].
(38) [الإسلام والحضارة الغربية ص228].



الكاتب: الشيخ عبد الله عزام (رحمه الله)
نشرت على الموقع بتاريخ: 14/08/2007