رددت كثيراً وأنا أقرأ رسالتك هذه الكلمة: ما شاء الله لا قوة إلا بالله, لأرد عنك العين يا بني, قد تتساءل: عين من ؟ وسأقول لك: عيني أنا أولاً وقبل كل الناس, ألم يخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام أنه إذا رأى الواحد منا من ولده ما يعجبه أن يقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله, فإن عين الوالدان قد تصيبه..
لكم حلمت بجيل مثقف وجاد وواعٍ ومنتج مثلك, كنت وأنا اقرأ استشارتك أتأكد كل شوية من عمرك, وإذا بي لم أخطئ القراءة, إنها: 16, وليست 26, بارك الله بك يا بني ووفقك.. وبارك في هذه الأسرة الطيبة المكافحة التي أنشأت رمزاً نفخر جميعاً به..
ولا عجب, فمثل هذه الأجواء الأسرية الهادئة من الطبيعي أن تنتج أبناءً يكونون قرّة عين لأهاليهم ومجتمعاتهم كلها.. فأدام الله نعمة الوفاق هذه وبارك في هذه الأسرة الطيبة وهذه الأم المجاهدة.. وهذا الوالد الصبور.. وأكثر من أمثالها.
وهذه تحية إكبار لعقلك الراجح ونضجك الحقيقي, حيث أنزلت كل شيء في منزله الصحيح ولم تسمح لهذا الحب الذي غزا قلبك أن يفسد عليك نجاحاتك في حياتك: سواء الدراسية أو التعاملية – بر والدتك – أو المهنية.....
ياه يا محمد, لقد أعدت الأمل كبيراً في قلبي أن هناك إمكانية حقيقية لأرى أجيالنا الصاعدة ناضجة مثلك.. وهذا يا عزيزي لا يأتي من فراغ, بل يأتي من تربية ناضجة مسئولة.. فتحياتي إلى والدتك التي أتمنى أن أتعرف عليها فعلا.
أستطيع أن أقول بأنك رجل, رجل حقيقي, تكسب المال, ومتوازن نفسياً, وناجح في حياتك, فما المانع أن تفعل كما يفعل الرجال: تخطبها.
أنت تتساءل هل تصارحها بحبك أم لا, وأنا أقول لك: ولو صارحتها: فما الفائدة ؟ ما الثمرة التي ستجنيها ؟؟
يا بُني لقد قال النبي عليه الصلاة والسلام " لم أر للمتحابين مثل النكاح " , بالزواج تستطيع أن تحافظ على حبك , أما إذا صارحتها به فما هي الخطوة التالية ؟ هل ستظلان تتبادلان كلام الحب والهوى ؟
ونظرات العشق والهيام ؟
هل ستستطيعان الصبر على الظمأ الذي سيزداد بازدياد حرارة الحب والتي ستزداد بدورها كلما ازداد ما يؤججها ؟
أنا أخشى عليك ساعتها أن لا تصمد فإما أن تنزلق معها إلى ما يغضب الله, وإما أن تكبت مشاعرك فتقع في مشاكل نفسية نتيجة الكبت فنخسر هذا الرجل الصغير الذي نرفع رؤوسنا به, والذي نتمنى أن يكون كل أولادنا مثله..
أقترح أن تناقش فكرة الزواج مع والدتك, وما كنت لأشجعك عليها إلا لأنك قادر على كسب رزقك بنفسك, وبالتالي فأنت رجل تستطيع أن تفتح بيت, أما إذا كنت لا تتاجر ولا تكسب رزقك فخطوة الزواج تكون في هذه الحالة حماقة, وحماقة اكبر منها أن يظل شبابنا وبناتنا متشوقين كل منهم للآخر ولا زواج..
كثيراً ما كنت أحلم بتغيير نظام التعليم بحيث يخرّج أفواجاً قادرة على العمل والكسب وواعية ومنذ سن الخامسة عشرة, ليستطيعوا الزواج في الثامنة أو التاسعة عشرة على أبعد تقدير, وبهذا نحل مشكلة التأخر في سن الزواج وما ينتج عنها من مشاكل كارثية على الأولاد والبنات.. وإذا بي أفاجأ أنني الآن أرى أمامي نموذجاً عملياً رائعاً لذلك.
أما عن سؤالك ب "هل تحبك هي", حتى ولو كانت تحبك فإن أخلاقها ودينها وحياءها وفطرتها يمنعونها أن تظهر ذلك لك, على كل حال أعتقد أن الطريق الوحيد لمعرفة ذلك هي بأن تجعل أمك تتحسس لك الموضوع "من تحت لتحت".. فإذا ما كانت الفتاة تميل لك فعندها تتقدم لخطبتها..
لا يجب أن يعرف أحد بهذا الحب, فما الفائدة من معرفة الناس بذلك ؟
أعرف كيف أن المحب يجد رغبة جارفة تجول داخله تدفعه لأن يصرخ وبأعلى صوته ليسمع العالم كله بحبه, ولكن العقلاء يا بني أمثالك لا ينساقون وراء رغباتهم إلا بعد دراسة نتائجها مسبقاً, وعندها يقررون تنفيذها من عدمه.
ثم لماذا تحاول أن تنكر أن حبك خال من أي غريزة أو مصلحة كما لو كانت الغريزة إثماً يجب الفرار منه ؟
يا صغيري, عفواً لا والله لست بصغير, إذاً سأقول: يا ولدي - فأنا في حكم والدتك - لولا هذه الغريزة في نفس الإنسان لما تزوج وأنجب وعمّر الحياة, ولما صبر كل شريك على شريكه, هذه الغريزة التي يسبغ الله تعالى عليها المودة والرحمة لتصبح هي العلاقة السائدة بين الأزواج حتى بين متنافري الطباع , "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة " فهذه الغريزة هي من بديع آيات الله عز وجل وإذا تحققت الخطوبة والزواج فلا تنس أن “تعزمني", فأنا من أشار عليك بذلك, فلا أقل من أكحل عيني برؤية حلمي يتحقق : شاب وفتاة يتزوجان وهما في ميعة الصبا, قادرين على تحمل أعباء الحياة وتكاليفها لأنهما راجل "ملو هدومه"وهي ست مقدّرة ومحترمة .. ينشئان بيتاً يرضى الله عنه يكون قدوة للشباب أمثالهما.
بارك الله بك يا بني وألهمك الرشد والصواب, وجعلك قرة عين لوالديك ولنا جميعاً في الدنيا والآخرة..وأكثر من أمثالك.
أنتظر رأيك ورأي والدتك في اقتراحي.. فلا تنس أن تتابعنا. |