السادة مشرفي صفحة استشارات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لابد أنكم تستغربون عنوان المشكلة وتصنيفها على أنها وجودية (وجودي في الحياة عبء علي وعلى من حولي). في الحقيقة هذه مشكلتي أنني موجود على قيد الحياة لأن الحياة أصبحت بالنسبة لي قيدا ولغزا شعور بالعجز المطبق. لقد قرأت في كتاب الله العزيز قوله تعالى يخير عباده (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، فهل الحياة حقا خيار واختيار، وبمعنى أدق حرية اختيار وبناء على اختيارك تتحمل النتائج.بالنسبة لي أغلى وأعلى قيمة عندي هي (الحرية). لم أرها في حياتي، ولم أعشها في حياتي، ولم أذق طعمها في حياتي التي امتدت حتى الآن ما يقرب من أربعة عقود كلها ظلم زعسف وقهر إلى حد العبث. ولأكون أكثر دقة أنني لي خيارتي في عقلي وقلبي واضحة غير أن ثمنها باهظ جدا. لا أملك الشجاعة لأختار ما أحب أو ما أنا مؤمن ومقتنع به. حتى في اختيار شريكة العمر. هل يملك الإنسان أغلى من حياته وعمره؟!! تحت ضغوط اجتماعية تولدت عنها ضغوط نفسية مصدرها كلها ضغط سياسي فوق الاحتما وفوق التصور هو سبب كل المآسي التي نحياها جميعا والتي لا تخفي على أحد.لأمارس حريتي السياسية قلت لا بأس نؤجل الممارسة السياسية لبعض الوقت، فإذا بي لا أمارس حريتي المهنية فإذا بي تواجهني ظروف الحياة إلى اختصاص لم يكن يوما من خياراتي قلت لا بأس سأعمل بالنصيحة التي تقول (أما أن تعمل فيما تحب أو تحب عملك) ورضيت بعملي كالفتاة المسكينة في مجتمعاتنا التي تقبل بالذي يفرض عليها من الرجال ليكون لها زوجا وأن تحبه إذا استطاعت وإلا تحطمت حياتها بالطلاق الذي هو في حد ذاته عيب في ثقافتنا المشوهة.ولكن أن يصل الأمر أن تجبرني الظروف على اختيار زوجة أعيش معها رغما عني فهذه القشة التي ستقصم ظهر البعير (أنا). وكان ذلك تحت ضغط اجتماعي ونفسي رهيب على الأقل بالنسبة لي. في الحقيقة لم يجبرني أحد من أهلي ولا من غيرهم أن أختارها هم فقط اقترحوها علي وبعد تردد طويل وصراع نفسي مرير لأنني أعيش وضعا اجتماعيا مزريا فالأم مريضة ومعها جدتان طاعنتان في السن وليس لي شقيقات ولا عمات ولا خالات.وهذه الفتاة اجتماعيا تناسبني ولكن فكريا ونفسيا المسافة بيننا شاسعة واسعة. وفوق ذلك كله وضع مادي حرج جدا لعدم وجود مكان يصلح أن يكون عشا للزواج في ظل ارتفاع الأسعار الخيالي للعقارات وفي ظل مرتبات هزيلة جدا، ووجود شقيقين مقبلان على الزواج هما أيضا، في ظل كل ذلك أو في ناره وحره خيم على البيت جو من الكآبة مزعج جدا ولا يطاق. وإحدى الجدتين ذات طباع قاسية وتزيد الأمر سوءا.هذا مع ضيقي بالكبت الذي نحياه والفقر الذي يزداد يوما بعد يوم أ صبحت الحياة عبئا ثقيلا أرزح تحته. وبالنسبة للفتاة التي خطبتها لا ذنب لها المكسينة إلا أن خطبها رجل هذا حاله وقد تعلقت بي تعلقا شديدا وهي التي قبل أن أخطبها لم أكن أخطر حتى في بالها. موقفي الآن إذا فسخت خطوبتي سأدمر الفتاة ومعها أمي لأنها ابنة خالها وجدتي قاسية الطباع لأنها ابنة شقيقها . وفي نفس الوقت لا أشعر بأي انجذاب لها فليست الفتاة التي رسمتها في عقلي وقلبي. ولكي أزيد الصورة وضوحا أعبش في مجتمع مشلول، بمعنى لا يوجد به مؤسسة اجتماعية أو تقدم استشارات نفسية واجتماعية للذين يضيعون في الطريق نظرا لتحريم العمل المدني وحتى الاجتماعي، صدقوني إلى هذه الدرجة السياسة أفسدت حياتنا، والمجتمع مع وجود تململ لبعض نخب المجتمع ترفع صوتها قليلا بين الحين والآخر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.ولكن الإصلاح في المجتمعات يأخذ وقتا طويلا وأنا أريد أن أنقذ نفسي وعائلتي وأن آخذ استراحة بعد عناء طويل من بداية حياتي (وأنا بالناسبة استشرتكم من قبل) ولكن المشكلة أيضا فيّ أنا فأعاني من سلبية وخوف يقيداني عن اتخاذ قرار حازم وأشعر كأن الدنيا ستنتهي لأنني كثيرا ما أتخذ قرارات خاطئة . ولست من الذين لهم تدبير وحكمة في أمورهم. أرجو النصيحة ولكم مني جزيل الشكر. 25/05/2007