تخيلات محرمة.. وإصلاح الصورة الأموميةأشكر لكم هذا الجهد الرائع وأخبركم أني معتادة على متابعة المشاكل التي يرسلها القراء بانتظام، وصراحة لم أكن أصدق تلك المشاكل الخاصة بزنا المحارم وكنت أعتقد -وعذراً لهذا- أنكم تألفون هذه المشاكل وتردّون عليها، فأنا لا أتخيل أن هناك شخصاً يشتهي أمه أو أخته ويتمنى يفعل بهما كما يفعل الزوج بزوجته حتى اكتشفت الكارثة التي جعلتني أكتب إليكم وأسألكم المشورة. أنا مهندسة كمبيوتر في الخامسة والأربعين من عمري، أعيش حياة مستقرة مع زوجي وأبنائي الذين أهتم بهم كثيراً وبمعرفة كل شيء عن أصدقائهم حتى لا يفسدوا أخلاقهم. ذات يوم خرج ابني الكبير مسرعاً ليلحق بأصدقائه الذين ينادونه أسفل المنزل ونسي الكمبيوتر مفتوحاً وعندما هممت بإغلاقه وجدت رسالة قادمة من إحدى برامج المحادثة، وهالني أن الطرف الآخر يتحدث بكلام فاضح عن أمه فهو يصفها بأنها عاهرة وأنها تشتاق لممارسة الجنس مع أي شخص وتعجبت ما الذي يجعل شخصاً يتحدث مع ابني بمثل هذا الشكل؟! ولهذا سايرته وبدأت أكتب له على أني هو -ابني- وعرفت منه أن ابني قد أخبره أنه يشتهيني ويريد أن يمارس الجنس معي! ولم أصدق هذا إلا بعد أن قمت ببحث دقيق في كل مكان بالكمبيوتر حتى وجدته يخبئ مجموعة من الأفلام الجنسية كلها تتناول ممارسات جنسية بين أم وابنها، ووجدته يحتفظ بمحادثات سابقة مع أشخاص لهم نفس الاهتمام الشاذ، وكان يخبر البعض منهم بأنه مارس معي الجنس بالفعل، ويظل يصف لهم الأوضاع الجنسية التي نتخذها سوياً بعد أن ينصرف أبوه وإخوته ويخلو لنا المنزل، وتارة يخبرهم أنه يتمنى أن يجرب معي ولكن يخاف أن أصدّه. لم أنم ليلتها، وظللت أبكي طوال الليل وألقي باللوم على نفسي؛ وهنا أود أن أعترف لكم أني كنت أتخفف من الملابس في المنزل، فلم أكن أتوقع أن أحداً من أبنائي يمكن أن ينظر لي نظرة شهوانية، ولهذا فقد بدأت أنتبه لهذا الأمر ولكن المشكلة مازالت قائمة، بل أني بدأت أشعر أني أعيش في المنزل مع رجل غريب يريد مشاركتي الفراش، وفكرت كثيراً في إخبار أبيه بما عرفت ولكني أعرفه جيداً وأعرف أنه غير متعقل وكل ما سيفعله أن يأتي به ويصرخ في وجهه قليلاً وتظل المشكلة قائمة، كما أن مثل هذه المواجهة لها مساوئها حيث سيسقط حاجز الحياء عند ابني وقد يتطور الأمر... ولنفس السبب لم أخبر ابني أني عرفت شيئاً، بل أني تركت له كل ما وجدته من أفلام ورسائل ول أحذفها حتى لا ينتبه لشيء، ورغم أنه لم يحاول التحرش بي إلا أني أخاف أن يتطور الأمر في المستقبل ويتجرأ فيلتصق بي. 23/11/2008
لقد فتح عالم الانترنت أبواباً كثيرة كانت مغلقة، ولم تكن هذه ميزة في كل الأوقات، فإن من الطبيعي أن تفتح أبواب وتغلق أخرى، فنحن نفتح الباب حين تدخل منه الشمس لتطهر المكان أو تدخل منه نسمة رقيقة نستمتع بها أو ليدخل شخص نرغب في دخوله، وعلى العكس فإننا نغلق الباب لنحتمي من ريح عاصفة أو برد قارس أو شمس محرقة أو لص غادر. وللأسف الشديد فإن أبواب الانترنت دائماً مفتوحة، فيدخل منها كل شيء وأي شيء. لقد استُبعد الرقيب تماماً، وأصبح أي طفل أو مراهق في مواجهة كاملة مع أبواب مفتحة يدخل منها أي شيء، والبعض يقول: "وما المانع أن يعرف الطفل أو المراهق كل شيء وأي شيء؟ أليس هذا أفضل له بحيث يتعامل مع الأشياء من منطق المعرفة والوعي وليس من منطق الجهل؟ والذين يقولون ذلك ربما لم يمروا بمشكلة كالتي تمرين بها؛ إذ فتح الانترنت على ابنك باباً دخلت منه وحوش رغبة محرمة تجاهك، وجعلك تشعرين بغربة تجاهه، بل تشعرين بخوف منه، فقد غدا بالنسبة لك رجلاً غريباً يهدد أمنك وسلامتك، وتغيّرت النظرة منه لك ومنك له، وسقطت الكثير من المعاني والمشاعر الجميلة. قد يقول قائل: إن هذا الابن لديه تلك المشاعر المحرمة نحو أمه من البداية، وأن الدخول على الانترنت لم ينشئها من عدم، وأنه فقط وجد من يشاركه نفس المشاعر ممن يحادثهم. وحتى لو كان هذا صحيحاً، وأن الابن لديه ميولاً نحو الأم كما قال فرويد، وأن عقدة أوديب لم تحلّ عنده، بمعنى أنه يعشق أمه وينظر إلى أبيه على أنه منافس له في هذا العشق، فإن الدخول على الانترنت والشات مع غيره من المتعشقين لأمهاتهم جعله وجعلهم يشعرون بأن هذا أمراً طبيعياً ما دام هناك أناس يشعرون بمثل هذه الأشياء، وربما ينتقل الأمر إلى المرحلة التالية بتشجيع بعضهم بعضاً فيقترح أحدهم أن ينبذوا الخوف من هذه المشاعر وأن يعلنوها صراحة، ثم يقترح آخر أن يقوموا بممارسة هذا العشق فعلاً!. وهذا الذي أقوله أو أتوقعه ليس مجرد خيال، وليس تهويلاً أخلاقياً يحذر من شيء لن يحدث، فلدينا أمثلة كثيرة في الاضطرابات الجنسية حيث تحول الكثير منها من مشاعر كامنة -كان يمكن أن تظل كامنة حتى تضمر أو على الأقل تحاصر بمشاغل واهتمامات مقبولة- إلى مشاعر معلنة وبفخر أحياناً. فمثلاً، بعض الأشخاص كانت لديهم ميول جنسية مثلية لا يمارسونها ولكن يشعرون بها في أعماقهم ويعتبرونها شيئاً غريباً يحاصرونه في حدود معينة في فضائهم النفسي، ولكن مع تكرار أحاديثهم على الانترنت مع جنسيين مثليين آخرين تعلموا أن لا يخفوا هذه المشاعر، وأن يبادروا بإعلانها، بل وبممارستها، وهكذا تحولت نسبة كبيرة من الحالات الكامنة إلى حالات ظاهرة ومتحدية ومتبجحة. وقد يقول قائل من المنادين بالحرية المطلقة للمشاعر والسلوكيات: إن خروج المشاعر أفضل من كتمانها! وهذا ليس صحيحاً من الناحية العلمية في كل الأوقات؛ لأن الجهاز النفسي للإنسان مليء بالغرائز والرغبات غير التكيفية وغير الملائمة لاستمرار الحياة، وخاصة مشاعر الجنس والعدوان، وقد خلق الله للإنسان أجهزة وأعضاء ووظائف تضبط تلك المشاعر وتضبط السلوكيات، وهدى المجتمعات لتقوم أيضاً بدور الضبط الاجتماعي الذي سمح بخروج أشياء ومنع أشياء أخرى. إذن، لا يعقل أن يخرج الإنسان كل مشاعره ورغباته هكذا دون تنظيم وضبط، ولو صح هذا لوجدنا كل من يكره شخصاً يقتله، وكل من يرغب في امرأة يغتصبها في الشارع! ولرأينا الناس يمشون في الشوارع عراة بلا ملابس تسترهم. إذن ففكرة التعري المطلق، وفكرة التعبير المطلق عن كل المشاعر والاحتياجات والرغبات دون ضوابط كلها أفكار غير علمية وغير إنسانية وغير حضارية، فالحضارة هي ضبط النفس، والعقل هو الذي يعقل ويضبط السلوك، لأن المجنون فقط هو الذي يخرج رغباته بلا ضوابط ويقول ما يأتي على باله دون أي اعتبارات، أما العاقل فيحمل في حناياه الكثير من المشاعر والرغبات والاحتياجات فيقبل هذا ويرفض ذاك ويعبر عن هذا ويؤجل ذاك ويرفض هذا ويقبل ذاك بناءً على معايير اجتماعية أو أخلاقية أو دينية. هذه المعايير ليست أشياء ضارة أو شريرة أو قاهرة، وإنما هي أشبه بإشارات وعلامات المرور والتي بدونها تضطرب الحياة. وفي الطبيعي تقوم الأحلام أثناء النوم بوظيفة التعبير عن الرغبات المحرمة في حدود آمنة تفرغ الجهاز النفسي من ضغط تلك الرغبات دون أن تزيد هياجها أو تضخمها. والحرية الموجودة الآن على الإنترنت قد أزالت كل الخطوط الحمراء وحطمت كل علامات المرور وإرشاداته، وخرقت كل المحظورات الدينية والاجتماعية، وأصبح المحظور مألوفاً من كثرة تداوله وتناوله، ومن دعم الذين خرقوا المحظور لأولئك الذين ما زالوا في بداية الطريق، إضافة إلى ذلك فإن الإنترنت وما يحدث فيه يؤدي إلى تنشيط وإثارة تلك الرغبات واشعالها للدرجة التي قد يصبح الشخص غير قادر على ضبطها، وما حدث من حالات التحرش الجماعي في شوارع القاهرة يصلح لأن يكون نموذجاً لذلك. معذرة لهذه المقدمة الطويلة، ولكن نعود مرة أخرى إلى حالة ابنك الذي تعود أن يتبادل خبرات التخيل الجنسي المحرم تجاهك مع أصدقائه على الشات، فقد يقول قائل: "إنها مجرد تخيلات طفل أو مراهق ولن تتعدى هذه الحدود"، أو أن "تعبيره عنها يخفف من ضغطها عليه في الحقيقة" وهذا كلام أيضاً غير علمي، بل الأصح أن حديثه المتكرر مع أصدقائه حول تلك الرغبات المحرمة سيقلل من حساسيته تجاه تحريمها، وربما في وقت من الأوقات يجد تشجيعاً على التعبير عنها وكأنها مشاعر طبيعية، خاصة وأن هناك اتجاهات عالمية وعولمية تقول بأن الجنس نشاط بيولوجي وأن ليس له علاقة بالاعتبارات الأخلاقية أو الدينية، أي أنه كالطعام والشراب يأخذ منه الإنسان ما يرغبه، وهذا يشجع كل من لديه ميل جنسي أن يمارسه في أحد المراحل على مستوى الخيال ثم ينتقل به إلى مستوى الواقع فيما بعد. والمطلوب الآن هو ألا تفتحي هذا الموضوع مع ابنك بشكل صريح حتى لا يزول حاجز الحياء بينكما ويفعل هو ما يرغبه طالما أن الأمر قد انكشف، ولا يستحسن أن تخبري أباه بذلك فإنه قد يفسد العلاقة بينهما للأبد وقد يؤدي إلى انقسامات ونزاعات خطيرة داخل الأسرة، ولكن قومي بتنظيم جلوس ابنك على الانترنت بحيث لا يقضي ساعات طويلة أمامه، وقومي بتننبيهه بشكل عام إلى مخاطر بعض المواقع وبعض الأشخاص الذين يلقاهم على الانترنت، ثم ضعي الكومبيوتر في مكان ظاهر في البيت (في الصالة مثلاً) بحيث يعرف ابنك أنه ليس معزولاً تماماً عنكم وليس حراً في أن يفعل ما يشاء، وإذا رفض شيئاً من ذلك فاستعيني بسلطة الأب لدعمك في هذه التنظيمات والترتيبات. كل هذه الأشياء حين تفعلنيها فإنها ستوصل له رسالة بأن الأم ليست موضوعاً للجنس وليست سهلة المنال، بل هي بالإضافة لدورها المحب والحنون لها دور سلطوي تنظيمي ناقد أحياناً وزاجر في أحيان أخرى،, وهذا سيساعده على السيطرة على الخيالات المريضة التي تراوده، إذ يدخل عنصر الزجر فيجعله يفيق إلى سلطة الأم وإلى قوتها المعنوية. يضاف إلى ذلك تجنبك لارتداء ملابس شفافة أو ضيقة داخل البيت لأن تلك الملابس كانت تساعد على رؤيتك كموضوع جنسي سهل المنال، والآن أنت تتحولين لتكوني الأم الراعية والضابطة في ذات الوقت بل الأم الزاجرة أحياناً، أي أنك بسلوكك ستعدلين صورتك في وعي ابنك وأيضاً في خياله حتى لا يتجرأ على صورتك في الواقع أو في الخيال فيعبث بها. بالإضافة لذلك شجعيه على تنويع نشاطاته بحيث يكون في برنامجه اليومي أوقات للعبادة والمعرفة الدينية، وأوقات للرياضة، وأوقات للأنشطة الاجتماعية أو الثقافية، كل هذا سيأخذه بعيداً عن أحلام اليقظة الشاذة إلى واقع يعرف فيه المصالح والمضار والدوافع والضوابط بشكل صحيح.