نسخة للطباعة لمقال من موقع مجانين.كوم

أنواع الخلايا العصبية الدبقية


أ.د وائل أبو هندي

 في الجهاز العصبي المركزي Central Nervous System هناك أربعةُ أصناف رئيسية من الخلايا الدبقية Neuroglia هي: الخلايا النجمية Astrocytes ، والخلايا قليلة التغصن Oligodendrocytes ، وخلايا البطانة العصبية Ependymal Cells والخلايا الدبقية الصغيرة Microglia وكلها تقوم بوظائف مختلفة؛ وأما في الجهاز العصبي المحيطي Peripheral Nervous System فلا نجدُ إلا ممثلا واحدا للخلايا الدبقية هو خلايا شفان المسئولة عن تغليف المحاوير العصبية بالميالين وعن تسهيلِ تَجُدُّدِها حال تعرُّضها للإصابات المختلفة، وكما ذكرنا سابقا فإن الخلايا الدبقية تشكل ما يساوي من 80% إلى 90% من كتلة الجهاز العصبي وتقوم بوظائف متعددة ما يزال بعضها غير معروف أو غير مفهوم بالكامل، حيث اختلفت النظرة لها حديثا فأصبحت ترى لا كمجرد حشو داعم للعصبونات بتغصناتها ومحاويرها ومشابكها العصبية وإنما كوحدات لها وظائف متعددة أكبر بكثير من ذلك خاصة عندما يتعلق الحديث بالخلايا النجمية والتي تقوم بوظائف أساسية تبدأ منذ مراحل النمو الجنيني للجهاز العصبي؛

وتستمر بعد ذلك في المحافظة على البيئة الاستقلابية للجهاز العصبي وكذلك المساعدة في معالجة الناقلات العصبية وفي تفعيل المناعة وغير ذلك كما سنبين في هذا المقال. 


الخلايا النجمية Astrocytes: 
الخلية النجمية هي خليةٌ صغيرة نجمية الشكل، ونجدها منتشرة بأنواعها المختلفة خلال نسيجِ الجهاز العصبي المركزي، وهي تُقَسَّمُ إلى أنواع حسب مورفولوجيتها (إلى جِبْلية Protoplasmic Astrocyte وتحوي ألياف أقل وتوجد أكثر في المادة السنجابية Grey Matter ، وليفية Fibrous astrocyte وتحوي خيوطا كثيرة وتوجد أكثر في المادة البيضاءWhite Matter ) أو تقسم حسب تنشؤها، وتقوم هذه الخلايا بوظائف عدة مهمة داخل الجهاز العصبي المركزي وليسوا ببساطة مجرد حشو أو نسيج لدعم العصبونات.

- تشكِّل الخلايا النجمية شبكة تركيبية وداعمة للعصبونات والشعيرات الدموية من خلال نتوءاتها الهَيُولية المسماة بالنتوءات القدمية Foot Processes ، والتي تنتهي ملتصقة ليس فقط بالعصبونات وإنما أيضا بجدران الشعيرات الدموية، وهي تشكل الغشاء الدِّبقي المحدِّدَ حيث تغطي هذه النتوءاتُ القدميةُ الصفيحةَ القاعديةَ حول الأوعية الدموية والأمِّ الحنون.

- تحافظُ على سلامة الحائل الدموي الدماغي Blood Brain Barrier من خلال تسهيلها لتكوين ملتقيات عاليةِ المقاومة بين الخلايا البطانية في الشعيرات الدموية المخية.

- تستطيع الخلايا النجمية امتصاصَ واختزانَ ثم إفراز بعض الناقلات العصبية (مثل الجلوتاميت وحمض الجاما أمينو بيوتريت) وبالتالي فقد تكون مهمة في التوصيل العصبي الكيميائي في الجهاز العصبي المركزي.

- يمكن للخلايا النجمية أيضا أخذُ ونشرُ تركيزات عالية من الأيونات في السائل بين الخلوي، خاصة البوتاسيوم

- تشاركُ الخلايا النجمية في توجيه العصبوناتِ أثناء عملية النماء، وقد يكون لها دورٌ مهمٌّ في الاستجابة للإصابة المخية، وكذلك في مصيرِ الخلايا سَلِيفةِ العصبية في الحُصَين في المخ البالغ.

- قد يكون للخلايا النجمية دورٌ في تعريف الجهاز المناعي بالمُسْتَضِدَّات في حالة تعرُّضِ أنسجةِ الجهاز العصبي المركزي أو الحائل الدموي الدماغي للتلف.

ومن الناحية الإكلينيكية فإنّ أكثرَ الأمراضِ الناتجة عن خللِ وظيفة الخلايا النجمية تتمثلُ في زيادةِ تكاثرها، ونشوءِ الورَمِ النجمي Astrocytoma، والذي يُحْدثُ أعراضا نتيجة للضغطِ على الأنسجةِ العصبية المجاورةِ (وقد تشملُ تلك الأعراض أو لا تشملُ نوبات صَرْعية) حسْبَ مكان الورمِ، وغالبا ما يكون مكان الورمِ في نصف المخ الكروي في البالغين.

`

الخلايا قليلة التغصن Oligodendrocytes:
الخليةُ قليلةُ التغصّن هي المسؤولةُ عن تغليفِ المحاوير في الجهاز العصبي المركزي بالميالين وتوجدُ لذلك بكثرة في المادةِ البيضاء White Matter حيث تُغَلِّفُ الخليةُ الواحدة من ثلاثة إلى خمسين ليفة عصبية، كما تحيطُ ببعض الأليافِ دون أن تكوِّن غلافها المياليني، وتحتوي الخلايا قليلةُ التغصّن على بعض الجزيئاتِ المُثَبِّطَةِ لتجدُّدِ الألياف العصبية في المخ البالغ، وأما الاضطراباتُ الإكلينيكية الناتجةُ عن خلل وظائف الخلايا قليلة التغصن فأهمُّها زوالُ الميالين، مثل التصَلُّبِ المتعدد Multiple Sclerosis ، وأما الورمُ فيُسَمى ورمَ الدِّبقياتِ قليلة التغصُّن Oligodendroglioma، وغالبا ما تظهر الأعراضُ بنوبات صرعية.

خلايا البطانة العصبية Ependymal Cells:
وهي الخلايا التي تُسَهِّلُ حركَةَ السائل المخي الشوكي كما تَتَشاركُ مع الخلايا النجمية في تكوينِ حائل يفصل بطينات الدماغ والسائل المخي الشوكي من النسيجِ العصبي، وتبطِّنُ هذه الخلايا أيضا القناةَ المركزية Central Canal للحبل الشوكي، وتُسَمَّى واحدةُ هذه الخلايا بالخلية البطانية العصبية Ependymocyte لتفريقها من الخلايا البطانية التي تشكِّلُ الضفيرةَ المَشِيمَوية Choroid Plexus ومن الخلايا البطانية التي تُسَاهِم في نقل الموادّ من السائل المخي الشوكي إلى الدم، وتسمى الخلايا المُمْتَدَّة Tanycytes (في قناة السيساء).

ويمكنُ أن تَنْبُتَ أورامٌ من هذه الخلايا (الأورام البِطانية العصبية Ependymomas وأورامُ الضفيرة المَشِيمَوِية الحَلمية Choroid Plexus Papillomas)، في بطيناتِ الدماغ حيث يمكنُ أن تسبب مَوَهَ الرأس (الاستسقاء الدماغي) أو في الحبل الشوكي فتسببُ تلفا موضعِيّا للأنسجةِ العصبية المحيطة.


الخلايا الدبقية الصغيرة Microglia:
وهي بَلاعِمُ نسيج المخ وتوجدُ في المادة السنجابيةِ Grey Matter والمادة البيضاء White Matter في الجهاز العصبي المركزي، وهي خلايا بَلْعَمية بطبيعَتها ولها دورٌ مهم في الاستجابةِ المناعية داخل الجهاز العصبي المركزي، 

خلايا شفان Schwan Cells:
توجدُ هذه الخلايا فقط في الجهاز العصبي المحيطي، وهي مسئولة عن تغليف الأعصاب الطرفية بالميالين خلالَ عمليةِ التفافِ للخلية نفسها حول المحوار، وبالتالي نجدُ غلافَ الميالين مكونا من طبقات من غشاءِ خليةِ شفان التي تَطْرُدُ ما فيها من هيولى ليتجمَّعَ في طبقة تُحِيطُ بالنواة، وعلى غير ما نرى في الخلايا قليلة التغصُّن فإن خليةَ شفان الواحدة تغلِّفُ محوارا واحدا ما بين عقدتي رانفييه، كذلك فإن خلايا شفان تُساعدُ في عملية تجدُّدِ المحاوير الطرفية المصابة وهو عكسُ ما تقومُ به الخلايا قليلةُ التغصّن في الجهاز العصبي المركزي.

وهناك عددٌ من الاعتلالاتِ العصبية الوراثيةِ والالتهابيةِ يحدث فيها زوالٌ لغلاف الميالين (وليس المحاوير) وتؤدِّي إلى خللِ وظيفةِ الأعصاب الطرفية (اعتلالات عصبية يزول فيها الميالين Demyelinating Neuropathies )، وبالإضافة لذلك فهناك أورامٌ حميدةٌ تنشأ من خلايا شفان (الأورام الشّفانية Schwanomas)، خاصة في بعض الحالات الجينية مثل (الورّام الليفي العصبي نوع 1 Neurofibromatosis 
Type I) والتي تكونُ مصاحبة لنقص الجين المثبط للأورام (النيورفيبرومين Neurofibromin)، وهذه الأورامُ غالبا لا تسبِّبُ أعراضا إلا في حالة حدوثها في الأماكنِ الضيقةِ الحيز في الجهاز العصبي حيث تُسَبّبُ انْضِغاطا للأنسجةِ العصبية المجاورةِ مثلا في الزاوية الجِسْرية المُخَيْخِية Cerebellopontine Angle في جذع المخ أو في الجذر الشوكي.

المراجع:

Roger Barker, Stephen Barasi &  Michael J. Neal (2003) : Neuroscience at a Glance. Paperback 

واقرأ أيضاً:
أسباب الأمراض النفسيةالأمراض النفسية رد فعل للظروف ××
لا فائدة من العقاقير النفسية ××كيف يعالج عقَّارٌ مادي معاناة نفسية؟ ××