ناقوس الخطر الماسوني في فلسطين يدق منذ زمن بقوة، ودقاته تزداد عنفواناً وقوة مع الأيام، ونفوذ الماسونيين يزداد يوماً بعد يوم، وأعداد الماسونيين في تزايد. نشاطات ماسونية تجري في الضفة الغربية، وهناك محاولات استقطاب لأناس من أصحاب النفوذ والتأثير في المجتمع، الأمر الذي يُشكل تهديداً جديداً وخطيراً للشعب الفلسطيني والوطن الفلسطيني. الماسـونيـة عبارة عن تنظيم خطير جداً، وهو أخطر بكثير من الصهيونيـة العالميـة، وهو يعمل بدأب وصمت، ويُحقق إنجازات كبيرة لصالح حاخامات اليهود السـاعين إلى السـيطرة على الشـعوب، أو على الأقل، إلى تلويث الثقافات وتتفيـه أفكار الشـباب والشـابات، وتقليصهم إلى مجرد مسـتهلكين مبهورين "بمتع" الحضارة الغربيـة.
تأتي أخطار الماسونية من التالي:
أولاً: الماسـونيـة عبارة عن تنظيم تاريخي نشـأ في بابل، وكان مقصده العودة إلى الأرض المقدسـة وبناء هيكل سـليمان لأنه رمز المحبـة والسـلام. ومن هنا أتت كلمـة "الماسـونيـة" التي تعني حركة البنائيين: أي الذين يعملون على بناء الهيكل. تجددت الحركـة بأسـلوب جديد في العصر الحديث، وهدفها النهائي هو إقامـة هيكل سـليمان في مدينة القدس، على اعتبار أن السـلام في العالم لن يقوم إلا ببناء الهيكل.
ثانياً: الحركة الماسونية يقودها ويوجهها يهود، لكنها تشمل في عضويتها أُناسا من الديانات والجنسيات المختلفة. لقد رأى هؤلاء القادة أنه من المهم تجنيد الآخرين من أجل خدمة أطماعهم وأهدافهم، وإنما بصورة سلسة غير منفرة، ومشجعة أحياناً. طبعاً العضويـة فيها غير مفتوحـة للجميع وإنما يُركز قادتها على أصحاب القرار والنفوذ والفكر مثل الحكام والوزراء وأصحاب المال والفكر، ذلك لأنهم يُريدون الاسـتحواذ على القرار في الدول، وأن يطمئنوا أن الدول التي تنتشـر فيها الماسـونيـة لا تتخذ قرارات لا تخدم اليهود أو تُعادي سـياسـاتهم. والعضويـة فيها مقتصرة على الرجال دون النسـاء.
ثالثاً: يتوجه الماسـونيون إلى الأشـخاص الذين يُشـكلون عناصر جذب باسم العمل الخيري والاجتماعي الذي يعود بالخير على جمهور الناس بخاصـة المحتاجين منهم. يظهرون في البدايـة على أنهم "ملائكـة" يسـعون نحو خير البشـرية وخدمـة اليتامى والأرامل والدفع بالبلاد إلى الأمام في مختلف المجالات. ولهذا يظن المسـتهدفون بدايـة أنهم سـيكونون عناصر بناء ونهوض لأوطانهم وشـعوبهم. وهنا أذكر إحدى طالباتي في الجامعة الأردنية عندما حاضرت حول أخطار الماسونية والتي قالت إن الماسونية غير ذلك وتعمل خيراً لأن "بابا ماسوني".
رابعاً: لا تُكلف الماسونية الذي يريد الانضمام إليها مالاً لأنها تتكفل بكل شيء. بل تعرض الماسونية في البداية المساعدات على أعضائها من أجل تحسين أوضاعهم المالية مما يرفع من درجة نفوذهم في المجتمع. وتقدم الماسونية دعماً مالياً ومعنوياً، وتُثير الغيرة لدى غير المنضمين إليها وتُشجعهم بصورة غير مباشرة للبحث عمن يستقطبهم.
خامساً: يجري توريط المنضم إلى الماسونية منذ اليوم الأول لقبوله عضواً فيها؛ أي يوم التعميد. الماسونية تُعمّد أعضاءها، ولها مراسيم خاصة بذلك. وحسب ما كتبه رئيس محفل الإسكندرية الذي وصل درجة 33، وهي أعلى درجة في الحركة، يُعرى الشخص الذي يتم تعميده، ويُربط بحبل (رسن) في رقبته، ويجثو على أربع، ويُساق إلى رئيس المحفل وهو مسحوب كالحمار ليُلوح الرئيس على رقبته بالسيف قائلاً له بأنه مقبول في الحركة، وأن رقبته ستُقطع هكذا إذا باح بأسرارها. ويُضيف بعضهم أن الشخص المعمد يتعرض للواط ويتم تصويره حتى لا يقوى مستقبلاً على ترك الحركة أو البوح بأسرارها. لا أدري فيما إذا كان اللواط يُمارس الآن مع الماسونيين العرب بخاصة أن الحركة رفعت عن نفسها بعض الأعمال السرية في هذه البلاد، وفتحت المجال لدخول واسع للناس الباحثين عن مناصب ونفوذ.
سادساً: يرى الماسـوني لدى دخولـه الحركـة ثلاثـة كُتب وهي القرآن والإنجيل والتوراة كرمز لوحدة الأديان. يختفي القرآن عندما يصل الشـخص الدرجـة الثامنـة، ويختفي الإنجيل عند الدرجـة خمـس وعشـرين، وتبقى التوراة التي بين أيدي اليهود الآن. وهذا دليل على أن الهدف النهائي هو خدمـة أهداف قادة اليهود.
سابعاً: تستعمل الماسونية التوريط في أعمالها بخاصة التوريط الأخلاقي. يبدأ التوريط يوم التعميد بالتسخيم، ومن ثم ينتقل إلى التوريط بنساء أو إختلاس أموال، وما شابه ذلك. هذا أسلوب يستعمله أيضاً عدد من قادة العرب لامتطاء مساعديهم. يُحول التوريط القيادات المستهدفة إلى أدوات تخدم الحركة الماسونية، وبذلك تطمئن الماسونية إلى أن أهداف الصهيونية وأهداف (إسرائيل) ستبقى نبراساً يهتدي به القادة في مجمل سياساتهم. وهذا بالتأكيد ما يُفسر إصرار العديد من القادة العرب على البقاء ضمن دائرة المصالح الإسرائيلية. مسـموح للقائد العربي أن يُصرح أحياناً ضد (إسـرائيل) وأن يُعبر عن إنزعاجـه من أجل أن يُبقي على بعض "المصداقيـة" لدى شـعبـه، لكن ليـس من المسـموح لـه أن يتمادى بحيث يؤذي (إسـرائيل).
المناصب للماسونيين
هناك دول عربية تنتشر فيها الماسونية مثل الأردن وتونس ومصر وعراق اليوم والمغرب والجزائر ودول الخليج وأجزاء من لبنان والضفة الغربية، والمحافل الماسونية موجودة في هذه الدول إلا من دول الخليج. الاجتماعات الماسونية تُعقد في البلدان العربية علناً الآن، وماسونيو الخليج يحضرون اجتماعات في بلدان أخرى مثل الأردن ولبنان و(إسرائيل).
المناصب العليا والأسـاسـيـة في دول العرب الماسـونيـة هي من نصيب الماسـونيين فقط؛ لا يمكن لشـخص غير ماسـوني أن يصل إلى منصب رفيع لأن ذلك يُناقض فكرة الهيمنـة الماسـونيـة على الدولـة، ويُعرض مصالح (إسـرائيل) للخطر. فإذا كنت أيها القارئ مهتماً بالحصول على منصب في هذا الزمن المتصف بالسقوط والضياع ما عليك إلا أن تكون ماسونياً. إذا أصبحت ماسونياً فإن الطريق أمامك نحو الزعامة ستُصبح مفتوحة. سيجعلون منك زعيماً وسيُقدمون لك مختلف أنواع الدعم لتحسين صورتك أمام شعبك، وليُبعدوا عنك الشبهات!
إذا أصبحت ماسونياً فإنك ستجد نفسك في الإعلام بدون جهد أو تعب، وستسقط على شعبك مباشرة وكأنك ولدت قائداً مقداماً ومهنياً وعادلاً. أنت بالتأكيد أجوف وخبرتك ضئيلة، وعلمك نزير، وربما أخلاقك منحطة، لكنهم سيجعلون منك شيئاً مهماً، وسيُحققون لك الإنجازات التي تجعلك بطلاً، ولكن في المقابل عليك أن تبيع شعبك ووطنك، ومن المحتمل أن تُتاجر بامرأتك. ولا تنبهر إن قلت لك أنك ستحضر حفلات يتم في نهايتها تبادل الزوجات. ستدخل قاعة الحفل وتضع مفاتيح بيتك في وعاء، وعندما تخرج تمد يدك لتأخذ مفتاحاً بطريقة عشوائية، وعندها ستتأكد بأن زوجتك ستُضاجع جرذوناً على شاكلتك، وأنت ستُضاجع ضبة على شاكلة امرأتك. فهل تريد أن تكون ماسونياً؟
ألا ترى كيف يظهر في بلادك زعماء فجأة؟ هناك من يُنجزون في مختلف المجالات، وهناك من يُناضلون ويُضحون، وهناك من يرفعون رايات الوطن، لكن لا نصيب لهم. فجأة يظهر لك في الإعلام من لم تسـمع بـه، وخلال أسـابيع قليلـة يُصبح زعيماً تلتف حولـه الجماهير، وتهتف بإسـمـه. الزعماء لا يسـقطون من الفضاء، إنما ينبتون من الشـعب؛ وفقط العملاء هم الذي تأتيهم الزعامـة من حيث لا تدري.
الماسونية أخطر من الصهيونية
نجم الصهيونيـة قد أفل إلى حد كبير منذ الخمسـينات. صحيح أن المنظمـة الصهيونيـة مازالت موجودة، لكن العمل الدؤوب هو من نصيب الماسـونيـة. لقد جندت الماسونية زعماء وقادة في الشرق والغرب وبلدان العرب والمسلمين، وأصبحت (إسرائيل) مطمئنة إلى أن صوتها هو الذي يعلو، وأن مصالحها هي التي ستفوز بالرعاية والاهتمام. ألا ترى كيف يثور العالم إذا تفل شخص على قبر يهودي في اليابان، بينما لا يكترث لمئات القتلى في انفجارات هنا وهناك؟ السبب هو أن لقبر اليهودي "بكّايات"، وأولاد الفقراء لا بكاء عليهم. هناك قادة مجندون في الحركة الماسونية، وهم لا يشذون عن الطريق المرسومة لهم.
لماذا فضحوا الرئيس كلينتون؟ أنا لا أعلم، لكن احتفاظ (مونيكا لوينسكي) بفستانها المبلل لعدة سنوات لا يعني إلا شيئاً واحداً وهو أن (كلينتون) قد صنع شيئاً استحق عليه العقاب. وفعلاً عاقبوه وأذلوه. وإذا كان (كلينتون) قد تعرض للفضيحة والإذلال، فلك أن تتخيل حال زعماء العرب الذين ينهقون كلما جذبهم جمال امرأة. هؤلاء يُسمسرون على الوطن العربي الذي تبلغ مساحته أكثر من 14 مليون كيلومتر مربع، وليس فقط على فلسطين التي تبلغ مساحتها 27 ألف كيلومتر مربع. فهل هذا يحل اللغز: لماذا لا تصنع القمم العربيـة شـيئاً مفيداً؟ ولماذا يسـتمر العرب بالتنازل خدمـة لأهداف ما يُسـمى "بالسـلام"!؟ المسـألـة بسـيطـة: هؤلاء حكام لا يملكون من أمرهم شـيئاً، إذ قد باعوا أنفسـهم.
فلسطين هدف الماسونية
كان في فلسطين ماسونيون قبل عام 1967، لكنهم هاجروا وهجروا بسبب حالة عدم الاستقرار وخوفاً من الناس. لكن الماسونية لم تنقطع وبقيت تعمل بشكل أو بآخر من خلال منتديات مثل (الروتاري) و(الليونز). انتعش الماسونيون الفلسطينيون في الأردن، وتسلل منهم إلى داخل فلسطين ليرفعوا شعارات الوطنية كتغطية للتنازلات. أما الآن فالأمر يبدو أكثر خطورة لأن قادة من الحركة الماسونية يتحركون في الضفة الغربية، ويعملون على استقطاب أعضاء أصحاب نفوذ وتأثير وقرار. وهناك من هم في الصف الأول، وفق ما توارد على مسامعي، يحضرون هذه الاجتماعات ويُساهمون في عملية الاستقطاب.
إذا كنت أنا صادقا، فستجدون مشاريع خدماتية مثيرة تقوم في فلسطين مثل شبكة الطرق التي يتم تعبيدها الآن، وستسمعون شعارات وطنية كثيرة، لكنكم ستجدون (إسرائيل) ممعنة في سياساتها التقليدية من مصادرة أراضٍ وبناء مستوطنات وتهويد القدس وتقطيع أوصال الضفة الغربية. إن كنت أنا صادقاً، فإنكم لن تروا دولة حقيقية تحت الظروف الحالية، لكنكم سترون تسابقاً بين الناس على المناصب والرواتب، وسترون تجذراً بالمزيد للعقلية الاستهلاكية، وتحولاً متسارعاً نحو الشعارات الوطنية دون أن نرى وطناً.
إن كنت أنا صادقاً ستجدون تركيزاً على أعمال إعلامية شبه بهلوانية، وفيها بعض الإنجاز، لكنها في النهاية تهدف إلى تحويل أنظار الناس عن حقوقهم الوطنية الثابتة. سـترون الدعم المالي والإعلامي الغربي من أجل رفع شـأن بعض الناس وزيادة شـعبيتهم، لكنكم سـترون مزيداً من التطبيع، ومزيداً من هجوم المثقفيتن السـاقطين على وعي الناس والتزامهم بالحقوق الوطنيـة، وسـتجدون مزيداً من تهاوي الشـباب وهبوط اهتماماتهم، وسـترون مزيداً من الهبوط في مسـتوى التعليم على مسـتويي المدارس والجامعات.
آمل أن أكون مخطئاً.
واقرأ أيضاً:
الانقلاب الثقافي الفلسطيني/ انتصارات إسرائيل قد ولّت/ عكا ووحدة الشعب الفلسطيني/ لا سيادة لمصر