الدخان ليس دائما أثرا لحريق، بل أحيانا يولد وحده، غيمة سوداء بلا جمر ولا لهب، تنبعث من نفوس امتلأت بالغيرة، وتنتشر في الهواء كما لو أن للفراغ قدرة على الاختراع، دخان يتشكل من العدم، يتكاثف من الظنون، يتصاعد من الأحقاد الدفينة، ثم يلف العالم بضبابه الخانق دون أن يشتعل عود ثقاب واحد! هذا الدخان بلا أصل، لكنه يتقن دور الحقيقة ببراعة مخيفة، يلف الناس بهدوء، يتسلل إلى العيون فيغشي البصر، ويعلق في الحناجر فيخنق الكلمات، ويدخل الصدور فيضيق التنفس، ليجعل الجميع يستنشقون الشك اقرأ المزيد
عندما جُمعت أحاديث رسول الله من ذاكرة الرواة بعد أجيال من النبي ﷺ وصحابته، وتطور علم الحديث والفقه، ثم وضع الفقهاء قواعد أصولية وقواعد فقهية يسترشدون بها في عملية استنباط الأحكام، وضعت قاعدة (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)، وبذلك تحول تحذير النبي ﷺ من أذى يهود المدينة في عهده والذي انتهى برحيلهم عن المدينة، إلى حكم شرعي مطلق وعام، ينطبق على كل اليهود والنصارى، وعلى كل المسلمين في كل زمان ومكان. إن أخذ النص معزولاً عن سياقه التاريخي والكلامي واستنباط الأحكام منه اقرأ المزيد
"ولكن" في كل الأماكن!! من الظواهر المغفولة في عالم الثقافة والفكر والمعرفة، إن الانطلاق بالبحث والدراسة ينتهي إلى توصيات يرى أنها ذات منفعة عملية، وبعد أن يسطرها، يردفها بقول: "ولكن"، ولكن يشترط، ولكن يتوجب، ولكن المجتمع لا يزال دون القدرة على كذا وكذا...!! أي أن "ولكن" تنسف ما سبقها من ألفه إلى يائه!! ترى لماذا يرتكزون على عمود "ولكن"؟ يبدو أن المشاعر الإحباطية الفاعلة في الواقع، لها دورها في برمجة الرؤى والتصورات والخلاصات، وتعودها اقرأ المزيد
بفضل الله... لديّ حاسـوب يفهم لغة الضاد، وعليه برامج تتعامل مع العربية، ولا أجد عائقًا يستحق الذكر على هذا الصعيد... ولا غرابة إذن أنني أردت مؤخرًا البحث في شبكة العنكبوت عن معلومات جيدة وموثقة عن العاهل الأردني الراحل الملك حسين بن طلال، لإعداد موضوع يتناول حجم مسؤوليته عما يجري في بلده من بعده، فكان أوّل ما خطر لي هو أن أكتب الاسم بالعربية اقرأ المزيد
من يدبن عمل ما يعين صاحبه على تكراره، لأنه وفر له الحوافز اللازمة لإعادة فعلته. أدان: قبّحَ والإدانة هي الحكم على فعل بأنه غير مقبول وخاطئ، وفي السياسة تستخدم للتعبير عن الرفض والشجب لتصرفات دولة أو جهة ما، وهي حكم سلبي على فعل أو شخص قانونيا أو أخلاقيا أو سياسيا. الرد بالكلمات لاينفع عندما تكون خالية من الفعل، فالأيادي تتكلم بلغة القوة والعزة والكرامة وتنتصر على لغة اللسان، وخطابات الأوهام والهذيانات. القوي صائب والضعيف خائب، والإدانة تعبير عن الضعف، والقنوط واستمراء الذل والهوان، والتفاعل الإيجابي مع الفاعلين، أو المعتدين. اقرأ المزيد
ديننا دين الرحمة، ولا تحس القلوب بالرحمة وهي مملوءة بالعداء، لأن العداوة تولد البغضاء وتصاحبها، أما الرحمة فهي وليدة المودة ورفيقتها. كان النبي ﷺ يدعو لقومه بالهداية بكل صدق في أشد مواقف الإيذاء الذي ناله منهم. لن نستطيع أن نهدي البشرية ما لم نحبها، ولن يهتدوا ما لم يحبونا، ولن يحبونا إن لمسوا منا الجفاء والكراهية. إن كنا نريد أن نكون على خطا محمد ﷺ وأن نخرج الناس من الظلمات إلى النور كي ننال رضى الله وثوابه العظيم فعلينا أن نكون مثله رحمة للعالمين، والعالمين في القرآن تعني كل الشعوب مؤمنها وكافرها، بل اقرأ المزيد
العلاقة وثيقة بين العلم والأدب، ويمكن لرحم العلم أن ينجب أدبا أصيلا ومتميزا، ولا يستطيع الأدب أن يولد من رحم ذاته، وكينونة جوهره. والأدب الخالي من النفحات العلمية لا يتجاوز مرحلة الترويح النفسي الذاتي، ويميل إلى استحضار المفردات السلبية والإمعان باليأس والقنوطية، ويخشى إيقاد مشاعل الأمل ومصابيح التفاؤل. الإبداع العلمي يتميز بالمنهجية واكتشاف القوانين ويعتمد الدقة والمنطق والموضوعية وعلى الدليل والبرهان. أما الإبداع الأدبي فيقوم على الخيال والوجدان ويعبر عن المشاعر والأفكار ويتميز بالعاطفة اقرأ المزيد
الحب غير الولاء إن الحب، سواء في العلاقة بين الزوجين، أو العلاقة بين صديقين، شيء مختلف عن الولاء: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{51}﴾ [المائدة: 51]. والولاء يكون بين المؤمنين: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{72} اقرأ المزيد
أحيانا لا تكفي الكلمات، وتصبح المسافة بين القول والفعل هوّة سحيقة لا يملأها إلا أجساد تتحرك في قارب يخترق الصمت، وأيادٍ تلمس ماء البحر لتقول: «نحن هنا».. هذا بالضبط ما يمثله الأسطول المتجه إلى غزة، فهو ليس مجرد سفن تحمل المساعدات، بل صرخة ضمير جمعي استيقظ من سبات طويل! نحن جيل وُلد والقضية الفلسطينية في دمه، رضعناها مع حليب أمهاتنا، وحفظناها مع أناشيد المدرسة، فكبرنا ونحن نرسم خريطة فلسطين من النهر إلى البحر، ونحفظ أسماء المدن المحتلة كأنها أسماء أحبائنا، اقرأ المزيد
عالمنا المعاصر المتدفق المعلومات والتواصلات، أخذت فيه الصورة دورها وتأثيرها، وما عاد للكلمة كبير قيمة ومعنى، وتجدنا أمام حشد من الصور المتنوعة الحية والجامدة. ويبدو أن الصورة قد طغت وحجبت الكلمة وجردتها من فعاليتها وتحاورها مع الألباب. الصورة أخذت ترسم معالم السلوك وتضع اللبنات الأساسية لمنطلقات الحياة الجديدة. عالم ما قبل الصورة لا يقارن بعصر ما بعدها، فالذهنية البشرية أصيبت اقرأ المزيد








