الإرهاب حين يمشي عارياً، هذا أقل ما يمكن أن توصف به الجريمة الصهيونية بحق أسطول الحرية في عرض البحر، حيث نفَّذت قوات الإرهاب الصهيوني جريمتها ببث حي ومباشر وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع، سواء العالم الرسمي أو العالم الشعبي.
غير أن العالم الرسمي الغربي ممن بقي لديهم شيء من ضمير أو كرامة قامت بالاحتجاج واستدعاء سفير الإرهاب الصهيوني لديها، كما ارتفعت أصوات منظماتهم الإنسانية والحقوقية، كما تحركت بعضاً من جماهيرهم.
بينما لم نرَ في ذات الوقت أي رد فعل رسمي عربي سوى ما صدر عن أمير قطر أو عن سوريا أو عن عمرو موسى والذي لم يتحدث بأكثر مما يتحدث به الشارع العربي وبلغته الاحتجاجية المعتادة وكأنه مواطن عربي عادي وليس رئيساً لأهم منظمة سياسية عربية.
الإرهاب يُعربد في عرض البحر عارياً، ويُحرك الكيان نصف قواتـه البحريـة النخبويـة ليوجـه سـلاحـه القاتل نحو رأس حربـة الإنسـانية الحيـة في العالم الذين قادوا أسـطولاً للحريـة لينثروها على شـواطئ بحر غزة، فنزف الأسـطول عوضاً عن الدماء حريـة وإنسـانيـة، كرامـة وعزة، وقرعوا بعظامهم التي فتتها الرصاص الصهيوني أجراس اليقظـة والصحوة والانتفاضة الشـعبيـة والرسـميـة والقانونيـة في وجه كيان الإرهاب العاري في العالم.
على مرأى ومسمع العالم كله خرج نائب وزير خارجية كيان الإرهاب (داني أيالون) ليقول للجميع "نحن لا نخشى أحداً" فالقانون الصهيوني فوق كل وأي قانون في العالم، ولا قانون فوق قانون الإرهاب الصهيوني الذي يستفرد بتصنيف العالم بين "إرهابيين" وأصدقاء.
لا يكفي أن نُعلن الحداد وأن نُقيم خيم العزاء وأن نُصدر بيانات الاستنكار، وأن نسيِّر المسيرات الضخمة والحاشدة فقط.
فأسـطول الحريـة لم يخرج ليوصل الخبز والدواء لغزة فقط؛ بل خرج ليقرع جدران الخزان الذي يُغلقـه كيان الإرهاب الصهيوني على غزة، وليقول للعالم... أيها العالم الظالم الغافل، هناك شـعب كامل يتعرض للخنق... للقتل... للذبح... على مذبح "إنسـانيتكم" المزعومـة و"حريتكم" المصادرة وقراراتكم الدوليـة العبثيـة.
أيها العرب من الخليج إلى المحيط: ألا تسـتفزكم وتسـتنهضكم هذه المشـاهد المروعـة على متن أسـطول الحريـة الذين تصدوا بصدورهم العاريـة وبلحمهم وعظامهم وبأظفارهم لعدو بشـع فيما أسـلحتكم تصدأ في المخازن، وأموالكم تتعفن بل وتُنهب في بنوك الغرب!!؟؟ بعض مئات من العُزل في أسـطول الحريـة لم يخشـوا مواجهـة أعتى آلـة عسـكريـة إرهابيـة في العالم، فما بالكم تخشـون ـ وأنتم بمئات الملايين ـ أن تدوسـوا وبكل ثقـة على أرذل أهل الأرض!!؟؟ إن لم يكن انتصاراً لدينكم ولنبيكم فانتقاماً لكرامتكم التي يدوسـها أحفاد القردة والخنازير في كل حين!!!؟؟؟
أيها المسلمون في بقاع الأرض: هل تعلمون عمن كان يُدافع هؤلاء العُزل في أسطول الحرية، إنهم يدافعون عن كرامتكم التي بيعت في أسواق النخاسة الغربية، إنهم يُدافعون عن جزء من أمتكم في غزة الذين تقتلهم كل يوم وكل لحظة الأيدي الإرهابية الصهيونية، إنهم خرجوا ليوقظوا فيكم ضميراً قد غُيِّب وعِزاً قد ضُيِّع وسيادة قد انتُهكت، إنهم تركوا خلفهم أعمالاً وأموالاً وأزواجاً وأبناءً وخرجوا نيابة عنكم ليقولوا لكم وللعالم أن المحاصرين في غزة هم شعبكم، أن المجاهدين في غزة يُقتلون لأنهم يُنافحون عن كرامتكم المهدورة والتي تدوسها بساطير الاحتلال الذي يُعربد في فلسطين الأرض المباركة، ويستبيحون القدس بوابة السماء.
يا أدعياء الحرية وحقوق الإنسان: اليوم يومكم وقد حانت فرصة امتحان صدقكم، فها هو الإرهاب يُعربد بقرصنته عارياً وسط البحر يُكشر عن بشاعته على مئات من العُزل من نحو 50 دول في العالم، فماذا أنتم فاعلون، وأين قراراتكم الشاجبة والمدينة لهذا الإرهاب، وأين المحاكم الدولية من الفصل السابع، أم أن "إسرائيل" كيان فوق العالم وفوق القانون وفوق الإنسانية!!؟؟ إلا أننا نُبشركم أن فوقنا جميعاً سماء ستُظلنا قريباً بعدلها الذي يُمهل ولا يُهمل.
يا أيتها الدول الضحية: إن من قُتل وأُريق دمه وامتُهنت كرامته قبل جسده في أسطول الحرية هم أبناؤكم، هم مواطنوكم، هم برلمانييكم، هم أغلى شيء ممكن أن يمتلكه وطن، فأين قراراتكم السيادية، وأين كرامتكم الوطنية من هذا الاعتداء السافر والعاري عليكم وعلى مواطنيكم بل على عزتكم وسيادتكم، فهل نرى منكم نخوة توقف عربدة هذا الكيان الإرهابي أو صفعة تُعيدون به كيان الإرهاب إلى صوابه وتُعلمونه بها درساً لا ينساه أبداً...!!؟؟
أيها الإرهابيون الصهاينة: يا لحماقتكم، يا لغبائكم، لقد صدق فيكم قول المثل "قلع عينه بيده"، إن استعلائكم وغروركم بما تمتلكون من قوة ها هو يضعكم في المواجهة، ليس في مواجهة عدد من الدول العربية، أو الدول الأوروبية، أو الدول الإسلامية، بل في مواجه العالم بأسره، بأنظمته الرسمية، وبمنظماته الإنسانية والحقوقية، وبشعوبه الحرة بما تمتلك من قوة ضاغطة مادية ومعنوية وسياسية.
أيها الصهاينـة إنكم تُتيحون لحظـة علينا أن نقبض عليها، إنها لحظـة الحقيقـة، حقيقـة كيانكم الإرهابي الهمجي، وحقيقـة احتلالكم واغتصابكم لشـعب حر ولوطن مقدس، حقيقـة أن صراعنا الحقيقي معكم ليـس صراعاً على غزة وعلى حصارها، بل صراعاً على وطن مقدس وعلى بوابـة السـماء التي تسـتغيث لتطهيرها من رجسـكم.
أيها الصهاينـة، إن ما فعلتموه جداً جميل بحق قضيتنا وحقنا السـليب؛ فقد أعدتم ـ إلى حد ما ـ توجيـه البوصلـة نحو وجهتها الحقيقيـة، وعريتكم أنفسـكم وكل الرويبضات المنافقين من العرب والغرب الذين يُناصروكم، فقد حانت ليـس سـاعـة الحقيقـة فقط بل سـاعـة المواجهـة الحقيقيـة، إن ما اقترفتـه أيديكم يدفع الأمـة نحو محوكم وسـحقكم عن خارطـة العالم بينما لن تجدوا في العالم من يذرف عليكم دمعـة واحدة!!
يا شعبنا الفلسطيني في كل أماكن تواجده: هنيئاً لك هذه الوقفة وهذه الهبة الحرة من أسطول الحرية ومن خلفه الملايين في العالم، هنيئاً لكم عودة قضيتكم على رأس الأجندات الدولية، هنيئاً لكم تسـليط الضوء من جديد على الإرهاب الصهيوني، وعلى حقيقـة الصراع على هذه الأرض.
إن أسـطول الحريـة انطلق من أجلكم، من أجل شـعبكم، من أجل كرامتكم، من أجل قضيتكم، وها نحن نرى دماء الأحرار من 50 دولـة في أسـطول الحريـة تمتزج ببعضها ثم بماء البحر لترسـم على صفحات أمواجـه كلماتٍ من العزة والفخار والكرامـة لنا ولشـعبنا ولأمتنا، فليس أقل من انتفاضة إنسانية في مختلف أماكن تواجدكم؛ مسيرات، مظاهرات، اعتصامات، خيام عزاء، بل خيام كرامة وصحوة للتعبير عن بعض من شكر وثناء، بعض من وفاء لهذه الدماء الحرة التي أُريقت على مذبح الإنسانية.
أيها العالم المتفرج: إن ما رأيتموه ببث مباشر على متن أسطول الحرية ما هو إلا صورة مصغرة جداً لما يُمارسه هذا الكيان الإرهابي كل يوم وكل دقيقة وكل لحظة بحق غزة وأهلها وشعبها المحاصر بل والمخنوق.
ونقول لكم: إن كان الأحرار على متن أسطول الحرية لم ينزفوا دماء فقط بل نزفوا إنسانية وكرامة وعزة وأنفة، فإننا في غزة ننزف ومنذ سنوات طويلة وحتى اليوم إلى جانب الكرامة والعزة إصراراً وعزماً وثباتاً على المضي في طريق ذات الشوكة لتعرية هذا الكيان الإرهابي أولاً، وثانياً لإزالته عن هذه الأرض المباركة... أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين حتى ولو بلغت دماؤنا بحراً تمخر عبابه جيوش الأمة نحو القدس.
واقرأ أيضاً:
إسرائيل دولة ديمقراطية!!!! / هذه هي إسرائيل الطيبة يا مستر بوش...