أشم رائحة كريهة وغير زكية في الفضاء الإعلامي العربي. مصدرها ضيف جديد قدِم إلى الساحة هو (روبرت ميردوخ)، اللاعب الكبير والخطير في حلبة الإعلام العالمي بمختلف فنونه.
فقبل أيام أعلن الرجل أنه اختار أبو ظبي لكي تكون مقراً لنشاط إمبراطوريته الإعلامية في الشرق الأوسط. وأنه سينقل إليها بعض قنواته الفضائية التي تتمركز في (هونج كونج). وقد صدر عنه ذلك الإعلان بعد أن أبرم عقداً مع الأمير الوليد بن طلال، استحوذ بمقتضاه على نحو 10٪ من رأسمال شركة (روتانا) الإعلامية، التي تُعد واحدة من أهم ممولي ومنتجي الأعمال الفنية في العالم العربي؛ ـ تملك (روتانا) ست قنوات تليفزيونية ولديها فرع لإنتاج الأفلام ـ، وقد دفع مقابل ذلك 70 مليون دولار، مع حقه في مضاعفة حصته خلال السنة ونصف السنة المقبلة!!!
(ميردوخ) ـ البالغ 79 عاماً ـ بدأ مسيرته في الصحف المحلية والتليفزيونات التي تصدر في بلده الأصلي استراليا، ثم ما لبث أن تمدد إلى بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث بسط سيطرته على صناعة الأفلام والإعلام الفضائي وحتى شبكات (الإنترنت)، ويكفي أن تعلم أنه يُسيطر الآن على 40٪ من الصُحف البريطانية، وفي مقدمتها صحيفتا «تايمز» و«صن»، إلى جانب سيطرته شبه الكاملة على التجارة التليفزيونية البريطانية.
وقد تمددت مجموعتـه الكبرى «نيوز كوربوريشـن» في الولايات المتحدة، حيث سـيطرت على عدة صُحف في مقدمتها «نيويورك بوسـت»، إضافـة إلى قنوات التليفزيون التي على رأسـها «فوكـس نيوز» التي تُعد أبرز أبواق المحافظين الجُدد، والأقوى مناصرة (لإسـرائيل)، والأشـد تأييداً لمخططات الهيمنـة الأمريكيـة في المنطقـة، ومعروف دورها في تأليب الرأي العام العالمي ضد العراق، وتوفير أرضيـة شـعبيـة متعاطفـة مع غزوه وإسـقاط نظامـه.
يوم 23 فبراير الماضي أصدرت «روتانا» بياناً أعلنت فيه الاتفاق الذي تم مع (ميردوخ) ومجموعته العالمية «نيوز جروب»، وعقد الأمير الوليد بن طلال مؤتمراً صحفياً في الرياض قال فيه إن الاتفاق لا يُعد نقلة نوعية (لروتانا) وحدها وإنما للعالم العربي كله، وذكر أنه يأمل في أن تُساعد العلاقة بين «روتانا» و«نيوز جروب» في تعديل صورة مجموعة (ميردوخ) التي تُعد معادية للعرب!!!
واعتبر أن قناة (فوكس) ليست المحطة الأمريكية الوحيدة المعادية للعرب، لأن ذلك العداء يُعد حالة عامة في الولايات المتحدة، ثم أضاف قائلاً «سنقوم بما في وسعنا بُغية تصحيح لهجتها»(!).
نقل (ميردوخ) لبعض أنشـطتـه إلى أبو ظبي، ودخولـه شـريكاً في (روتانا) ليـس بريئاً تماماً!!! صحيح أن العالم العربي يُشـكل سـوقاً جيدة للأفلام والمسـلسـلات والمنوعات التي تسـتهوي الشـباب وتقوم مجموعـة (نيوز جروب) بإنتاجها أو توزيعها، إلا أننا ينبغي ألا نتجاهل أنـه واجـه ضغوطاً وقيوداً في (هونج كونج) من قِبل الجهات التشـريعيـة الصينيـة التي دأبت على انتقاد ما تبثـه قنواتـه من مواد هناك، الأمر الذي اضطره إلى الرضوخ في بعض الأحيان. ودفعـه بعد ذلك إلى الاتجاه إلى العالم العربي الذي وجده مفتوحاً وأكثر «تسـامحاً» من الصين!!!
من الأنباء التي تُسلط الضوء على أنشطة السيد (ميردوخ) أنه اشترى مؤخراً محطة تليفزيونية خاصة في تركيا (تي. جي. آر. تي)، ويسعى الآن إلى شراء صحيفة «تركيا» ووكالة «إخلاص» للأنباء التي يملكها رجل الأعمال التركي (أنور أوران).
وهو يهدف من وراء ذلك إلى محاولـة التصدي للشـعور المعادي (لإسـرائيل) الذي يتنامى في تركيا. يوضح صورتـه أكثر أن (إسـرائيل) هي الدولـة الوحيدة في المنطقـة التي اسـتثمر فيها الرجل بعض مالـه من خلال إحدى شـركات التكنولوجيا الرقميـة والاتصالات!!!
يُكمل الصورة ملاحظـة أن أقرب أصدقائـه هو رئيـس الوزراء (بنيامين نتنياهو)، كما ذكرت صحيفـة «لوموند» في 26/02/2010. وهي خلفيـة تدعونا إلى إثارة العديد من الأسـئلة حول دوره مع «روتانا» في المرحلـة المقبلـة، كما أنها توضح لنا مصدر الرائحـة الكريهـة التي لاحت في الفضاء العربي!!!
واقرأ أيضاً:
«جريمة» حماس التي لن تغتفر/ مطلوب تحرير أبو مازن من مختطفيه/ أكاذيب دعاة التطبيع/ كنز إسرائيل الاستراتيجي!