كثيرا ما نواجه من مرضانا (أو ذويهم) بهذا السؤال: أهو مرض أم مس من الجن أم سحر أم حسد؟ والسؤال منهم ليس ترفا وإنما هم يريدون أن يحددوا جهة الاختصاص التي يلجئون إليها حتى يطمئنوا أن جهودهم وأموالهم لن تضيع سدى. فالمريض قد تحير بين طبيبه وشيخه فالطبيب يجزم بثقة بأن هذه حالة نفسية علاجها الدواء والشيخ المعالج يؤكد أن هذه حالة مس من الجن علاجها القراءة وإخراج الجن ووضع التمائم والتعاويذ. ويجد الطبيب نفسه في موقف صعب فهو إن أنكر هذه الأشياء (أو الممارسات العلاجية الشعبية المترتبة عليها) فإنه يصطدم بمعتقدات المريض وأهله، وإن وافق عليها فهو يثبت نوعا من التفكير السحري تضيع في سراديبه الحقائق الطبية والدينية معا، وفي كثير من الأحيان لا يوجد لدى الطبيب الوقت الكافي لشرح وتوضيح تفاصيل هذه المسألة الشائكة لكل مريض يزوره.
وقد ثبت من بعض الأبحاث أن 70-80% من المرضى النفسيين في المجتمع المصري يترددون على المعالجين الشعبيين طلبا للعلاج، وطبقا لتقارير المركز القومي للبحوث(سبتمبر 2003) فإن في مصر مليون مواطن يعتقد أنه ممسوس بالجن وثلاثمائة وخمسون ألف شخص على الأقل يعملون في مجال العلاج بإخراج الجن ويطلق كل منهم على نفسه لقب معالج أو شيخ.
ولم يعد الأمر يقتصر على المستويات الشعبية الدنيا وإنما امتد ليشمل مستويات تعليمية عالية تصل إلى مستوى أساتذة الجامعات خاصة حين يصطبغ العلاج الشعبي بالصبغة الدينية أو يتستر وراءها (وهو غالبا ما يفعل ذلك بحثا عن المصداقية واتقاءا للنقد). فقد بالغ الشرق في الحديث عن عالم الجن والسحر والحسد بحيث اختلطت الحقيقة بأضعافها من الخيالات والأوهام والحكايات، وعُلق كل شيء في قول العامة(ونسبة غير قليلة من الخاصة) على الجن والسحر والحسد حتى إذا ذهب أحدهم لطبيب فإنه يذهب قبل ذلك أو أثناء ذلك أو بعد ذلك لمعالج يخلصه من السحر أو الجن أو كلاهما، وأصبح هناك –كما رأينا - الكثيرون ممن يقومون بهذه الوظيفة. لذلك سنحاولً إيضاح الصورة وتخليص الحقيقة من بين الخيالات والأوهام بعون من الله وتوفيقه.
الجن حقيقة شوهتها الشعوذة:
هذا الكون الذي نعيش فيه يحوي الكثير من الكائنات والقوى والعوالم بعضها نستطيع إدراكه بحواسنا أو بوسائل إدراكنا وبعضها نعجز عن إدراكه، وهناك فرق بين وجود الشيء وإدراكه ففي زمن مضى لم نكن ندرك وجود الميكروبات أو الفيروسات ومع ذلك كانت موجودة وتؤثر في حياتنا في صورة أمراض نشعر بأعراضها مثل ارتفاع الحرارة والألم وغيره. هذا على مستوى الرؤية الميكروسكوبية الدقيقة، فإذا انتقلنا إلى مستوى الرؤية التلسكوبية عرفنا أننا أيضا في الماضي كنا نجهل الكثير عن الكواكب والنجوم لأننا لم نكن نملك وسائل إدراكها، وحين امتلكنا تلك الوسائل رأينا وأدركنا ما تسمح به هذه الوسائل وتَيقَّـنا أن هناك عوالم أخرى لا نستطيع إدراكها بوسائلنا الحالية.
فإذا جاءت الأديان كلها وحدثتنا عن عوالم الجن والملائكة والعرش والكرسي والجنة والنار فلا يليق أن ننفي وجود هذه الأشياء لمجرد أننا لا نستطيع إدراكها، فهناك أشياء شاءت إرادة الله أن ندركها وننتفع بها، وأشياء أخرى حجبت عن إدراكنا لحكمة يعلمها اله . يقول تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (الأنعام:59).
إذن هناك قوى خير ممثلة في الملائكة لها تأثير في حياتنا على الرغم من عدم إدراكنا إياها، وقوى شر ممثلة في الشياطين وهم مردة الجن، وهناك سورة كاملة في القرآن الكريم عن الجن تبين طبيعة خلقهم ووظيفتهم والقوانين التي تحكمهم ، ومن ضمن هذه القوانين أنهم يروننا ولا نراهم {يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} (الأعراف 27)، إضافة إلى قدرتهم الهائلة على الحركة والتأثير التي تفوق قدرة الإنسان، ومن هنا جاء خوف الإنسان من هذه القوة الخفية التي يمكنها أن تؤثر فيه أو عليه (بدافع منها أو بتوجيه من شرار الإنس) دون أن يراها أو يملك وسيلة لدفعها، هذا الخوف أحاط موضوع الجن بالكثير من الحكايات والأساطير.
وقد استغل الدجالون والمشعوذون هذا الخوف ولعبوا عليه وضخموه في عقول العامة، وأقاموا على أساسه ركاما هائلا من المعتقدات والممارسات الأسطورية والسحرية جعلت لهم سلطانا على عقول وقلوب الدهماء خاصة في المجتمعات المتخلفة. ولكي يستمر سلطانهم وسيطرتهم فهم يحيطون أفكارهم وممارساتهم ببعض التصورات شبه الدينية لكي يحتموا بها ويزيد تأثيرهم في الناس. وللأسف الشديد لم يعد تأثيرهم يقتصر على العامة كما تعودنا، وإنما استطاعوا ببراعتهم وخداعهم واستخدامهم للرموز الدينية أن يغزوا عقول المتعلمين والمثقفين فأصبح من روادهم عدد لا بأس به من حملة الدكتوراه وبعض أصحاب الرأي والفكر.
وعلى الجانب الآخر فقد أدت الاكتشافات الطبية الكبيرة في مجال الأمراض النفسية إلى الاعتقاد بأن كل شيء أصبح واضحاً، وأن ما كان يعتقده الأولون من حالات تأثير للجن أصبحت الآن مفهومة من خلال عمليات اللا شعور التي تقوم بوظيفة دفاعية لمصلحة توازن المريض.
وأكثر هذه الحالات إثارة للجدل هي حالات الهستيريا وهي الحالات المسئولة عن هذا التشوش فهي التي استغلها المعالجون الشعبيون لإثبات صحة عملهم وفاعليته، وهذه الحالات تصيب الشخصيات غير الناضجة انفعاليا والقابلة للإيحاء في نفس الوقت فيحدث أنه في مواجهة ضغوط معينة كعدم قدرة الطالب أو عدم رغبته في إكمال الدراسة أو عدم تكيف زوجة في زواجها أن يحدث انشقاق في مستوى الوعي فتحدث حالات الإغماء أو الصرع الهستيري أو يتصرف الشخص كأنه شخص آخر ليعبر عما لايستطع التعبير عنه في حالاته العادية وأحيانا يتغير صوته ويأتي بأفعال تثير خيالات العامة وتأويلاتهم ودهشتهم فيلجأون إلى بعض المعالجين الشعبيين حيث يقومون ببعض الإيحاءات للمريض أو إيلامه بالضرب.
إذا لزم الأمر فيفيق من هذا الانشقاق الهروبي بسرعة تبهر العامة وتزيد ثقتهم بهذا المعالج، ولكن الأعراض ما تلبث أن تعود عند أول ضغط نفسي أو اجتماعي لأن المعالج لم يبحث عن الأسباب وإنما عالج العرض الموجود فقط في جو من الغموض، بل ويحدث أن يتمادى المريض في أعراضه ويطورها بعد ما سمع ورأى من إيحاءات عن تلبس الجن له وتزداد الأمور تعقيداً وهنا يعود أهل المريض إلى المعالج الذي يبتزهم تحت وهم تأثير الجن، وقد أراد بعضهم أن يوسع تأثيره على الناس فسجل أشرطة تبين كيف يخرج الجن من المرضى، وانتشرت هذه الأشرطة وسببت فزعاً لكل من سمعها، وقد جاءوا للعلاج من تأثيرها وقد قدر لي أن أسمع عدداً من هذه الأشرطة وما رأيت فيها إلا حالات هستيرية كالتي سبق وصفها تتحدث تحت تأثير إيحاءات المعالج.
يقول الشيخ الشعراوي (1990): ويريد الله سبحانه وتعالى أن يزيل خوفنا من أن يصيبنا ضرر من هذه القوى التي ترانا ولا نراها، فيطمئننا بأنه جل جلاله يحفظنا ويرعانا.. لا ينام ولا يغفل.. قيوم على كونه.. أي قائم عليه في كل ثانية.. فيقول جل جلاله: {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ} (البقرة 255)، ثم يريد الحق تبارك وتعالى أن يزيد اطمئناننا.. فيقول لنا أنه عز وجل هو خالق السماوات والأرض.. ولذلك فإنه لا يوجد من خلقه من يستطيع أن يخرج عن مشيئته..
فالمخلوق خاضع خضوعا تاما للقوانين التي أرادها له الخالق.. لا يمكنه أن يتمرد عليها.. وذلك حتى لا نخشى أن يتمرد مخلوق من مخلوقات الله ويفعل شيئا لم يأذن له به خالقه.. فيقول جل جلاله: {لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} (البقرة 255)، ونظراً لكثرة الممارسات المؤسفة والخاطئة في هذا المجال فقد أعلن معظم الأطباء استنكارهم لما يحدث وامتد الاستنكار ليشمل أمورا حقيقية ثابتة في الكتاب والسنة ولكنها أحيطت بأخطاء المشعوذين ومبالغات العامة وأوهامهم.
والجن يمكن أن يؤثر في الإنسان بطريقة لا نعلم كيفيتها (وهذا ليس قاصرا على الجن بل إن كل شيء في الكون يؤثر ويتأثر بالأشياء الأخرى) فقد قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ} (البقرة 275)، قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية ما نصه: أي لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع هاله صرعه وتخبط الشيطان له وذلك أنه يقوم قياما منكراً.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية: آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنوناً يخنق، وقال الرسول صلي الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان عن صفية رضي الله عنها: (ان الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)، إذن هذه النصوص تدل على إمكانية تأثير الشيطان في الإنسان مع إعطاء صورة الجنون أو اضطراب الحركة والتصرف.
ولكن مدعي العلم بأسرار الجن بالغوا في هذا الأمر فادعوا أن كل الأمراض هي مس من الجن أو هي تأثير سحر ليبتزوا المرضى المساكين وخاصة أصحاب الأمراض المزمنة الذين يتلمسون الشفاء في أي مكان وبأية طريقة وهكذا انتشرت العرافة والكهانة بصورة جديدة تخفي نفسها خلف آيات من كتاب الله يقرؤها هؤلاء حتى يظلون في حمايتها وتزداد قوة تأثيرهم في العامة؛
وعلى الجانب الآخر – كما ذكرنا - بالغ الأطباء في استنكار ما يحدث وإنكار تأثير الجن والسحر والحسد بالكلية واللوذ بمكتسبات الطب التي كشفت الكثير من الغموض وقد اعتقد الكثيرون منهم أنه لم يعد هناك شيء بعيد عن البحث والتجربة الملموسة.
والواقع الحقيقي غير ذلك فمازلت أسباب كثير من الأمراض النفسية في مجال النظريات التي تتغير من وقت لآخر ومازالت هناك مناطق شديدة الغموض حيث تم وصف الكثير من مظاهر الأمراض ولكن بقيت المسببات في حاجة إلى بحث طويل، وحين أقول هذا لا أبرر الخوض في مبالغات تأثير الجن والاستكانة السلبية لهذه القوى الخفية بديلا عن البحث الجاد عن أسباب يمكن معالجتها بالوسائل العلمية المتاحة.
وإنما أرجو أن يتخلى الطرفان المتناقضان عن موقفهما المتطرف لتكون الحركة واعية وموضوعية مع الاعتراف والالتزام والاعتقاد بما ورد من آيات وأحاديث صحيحة في هذا الشأن دون تقليل أو تهويل.
لكل داء دواء بعيداً عن التعميم الخاطئ في التشخيص والعلاج:
في الصحيحين عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه مسلم: (ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء)، وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبي صلي الله عليه مسلم أنه قال: (لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل)، ففي ذلك الحديث الأخير علق الرسول صلي الله عليه مسلم البرء بموافقة الداء للدواء فإنه لا شيء من المخلوقات إلا له ضد وهذا يؤكد فكرة نوعية وتخصيص العلاجات للأمراض المختلفة فليست كل الأمراض تعالج بنفس الطريقة كما يفعل بعض المعالجين الشعبيين فيعطون نفس المادة لكل الأمراض ويتبعون نفس الطريقة في كل الحالات وهذا تعميم خاطئ دحضه الرسول بحديثه؛
وفي قوله صلي الله عليه مسلم (أنتم أعلم بأمور دنياكم) توجيه منه إلى إعطاء كل شيء لمن تخصصوا فيه وعلموه بالدراسة والتجربة والتمحيص، وفي المسند (والسنن) عن أبي خزامة قال: قلت يا رسول الله: أرأيت رقى نسترقيها، ودواء نتداوى به، وتقاة نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئاً؟ فقال: (هي من قدر الله)، فقد تضمنت هذه الأحاديث إثبات الأسباب والمسببات وإبطال قول من أنكرها.
يقول ابن القيم في الطب النبوي: (وفي الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوي وأنه لا ينافي التوكل، كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرا وشرعا، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل، كما يقدح في الأمر والحكمة، ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل، فإن تركها عجزا ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه ودفع ما يضره في دينه ودنياه؛
ولابد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب، وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع، فلا يجعل العبد عجزه توكلاً ولا توكله عجزاً )، وفي قوله صلي الله عليه مسلم " لكل داء دواء تقوية لنفس المريض والطبيب، وحث على طلب ذلك الدواء والتفتيش عليه، فإن المريض إذا استشعرت نفسه أن لدائه دواءً يزيله، تعلق قلبه بروح الرجاء، وبردت عنده حرارة اليأس، وانفتح له باب الرجاء وكذلك الطبيب إذا علم أن لهذا الداء دواء أمكنه طلبه والتفتيش عليه.
صرع الأبدان وصرع الأرواح:
قال ابن القيم في "الطب النبوي" صفحة 66:" الصرع صرعان: صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية، وصرع من الأخلاط الرديئة والثاني هو الذي يتكلم فيه الأطباء في سببه وعلاجه". ولكن ابن القيم رحمه الله لم يذكر كيفية التفريق بين نوعي الصرع، وربما له العذر في ذلك فلم تكن في عهده وسائل تشخيصية مثل رسم المخ الكهربائي، ولم يكن موضوع الأعراض الإنشقاقية والتحولية(الهستيرية) معروفا بدقة في ذلك الوقت، ولكن يكفيه فخرا أنه استنبط أن ثمة نوعين مختلفين من تلك النوبات التي تصيب الإنسان، أما الروايات التي ذكرت في مثل هذه الحالات فإما أنها اعتمدت على وحي من الله أو بصيرة شخصية خاصة.
فقد جاء في حديث يعلي بن مرة عن النبي صلي الله عليه مسلم أنه أتته امرأة بابن لها قد أصابه لمم فقال له النبي صلي الله عليه مسلم : "أخرج عدو الله أنا رسول الله". قال: فبرأ ( أخرجه الإمام أحمد 4/170، 171، 172)، ووردت روايات أخرى عن إخراج الجن على يد ابن تيمية كما ذكر ابن القيم في الطب النبوي صفحة 768 وهذه قد اعتمدت على بصيرة ابن تيمية الخاصة وقوة إيمانه وتقواه.
ومع هذا لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه عالج هذه الحالة بالضرب أو الخنق وإنما ثبت العلاج بالضرب عن ابن تيمية فقط كما ذكر ابن القيم. ولم يثبت في التاريخ الإسلامي أن عرب الجزيرة توافدوا بالمئات أو الآلاف طلبا للعلاج بالرقيا على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو صحابته الكرام، وإنما كانوا يتوافدون لمعرفة الإسلام كدين ينظم حياتهم الدنيوية والأخروية.
أما في عصور التدهور الحضاري فقد تمادى الكثيرون ممن يعلمون وممن لا يعلمون في هذا الأمر فاعتبروا كل الأمراض تلبس جن واعتبروا أنفع الوسائل هي الضرب المبرح أو الخنق أو الكي أو إيذاء المريض بحجة إيذاء الجن المتلبس وقد حدثت مآس كثيرة نقابلها كل يوم وأدت في بعض الأحيان إلى وفاة بعض المرضى كما حدث في مصر لامرأة ضربوها حتى ماتت وشاب آخر مات تحت وطأة الضرب بحجة إخراج الجن، إضافة إلى انتهاك حرمات الكثير من النساء وهتك أعراضهن على أيدي مدعي العلاج بالقرآن والقرآن منهم ومن أفعالهم براء.
0 والسؤال الهام هنا: من يستطيع الآن أن يفرق بين الحالة التي تلبسها الجن (كما يزعم المعالجون الشعبيون) وبين الحالات المرضية الأخرى؟ والجواب هنا لا أظن أنه من السهولة بمكان. ومن خلال عملي في مجال الطب النفسي رأيت مدعي إخراج الجن يعالجون حالات مرضية نفسية وأحياناً عضوية معروف أسبابها ولها تسلسل سببي منطقي صريح في حياة المريض وليس فيها غموض تلبس الجن وهم مع ذلك يصرون على تلبسها بالجن وهذه الحالات ساءت كثيرا بسبب ما بث في عقولها من خيالات وصاروا يعانون من اضطرابات نفسية شديدة نظرا لخوفهم الشديد من هذه القوى الخفية التي تحاربهم ونظرا للجو الأسطوري المخيف الذي يعيشونه عند هؤلاء المعالجين.
السحر:
إن هناك قوى خفية في الكون(كما ذكرنا آنفا)، وأن من هذه القوى السحر، وأن السحر ليس حقيقة ولكنه تخيل لشيء غير واقع، وأن الذي يسحر هو أعين الناس، وأن السحر يدخل الرهبة في النفوس، ويجعلها تستسلم لما يريده الساحر، وأن الساحر يستعين بقوى بحكم عناصر خلقها أكبر من قوة الإنسان وهم شياطين الجن( الشعراوي 1990)، وذلك مصداقا لقوله تعالى: {أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} (الأعراف 116).
والسحر قد ورد ذكره في القرآن الكريم في أكثر من موضع نذكر منها قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (البقره102).
ويتضح من هذه الآيات أن السحر شيء خفي يتعلمه البشر من الشياطين، وهو يمكن أن يؤثر في السلوك(يفرقون به بين المرء وزوجه)، ولكن هذا التأثير معلق بمشيئة الله (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله)، وأن هذا السحر ليس فيه نفع بل كله ضرر(ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم) وهذا الأمر واضح جدا في الواقع حيث نرى أن الساحر رغم ما يستعين به من قوى شيطانية خفية إلا أنه يعيش حياة ملؤها البؤس والشقاء ولا يستطيع دفع هذا عن نفسه رغم ما يدعيه من قدرة على التأثير في حياة الناس، وهو يحتاج لما في يد الناس من مال لكي يعيش، وأول شيء جاء في القرآن الكريم هو [يفرقون بين المرء وزوجه]، وهذه التفرقة يمكن أن تتم بأمور مادية..
ألا يوجد في الحياة العادية من البشر - الذين لا يراعون منهج الله – من ينقل كلمة هنا وكلمة هناك فيفرق بين الزوجين؟.. يوجد ونحن نشهد بذلك.. فإذا كان ذلك يحدث في الأمور المادية فإنه يحدث أيضا في الأمور الغيبية. والحق سبحانه وتعالى له أمور غيبية لا يمكن أن نقول فيها كيف؟.. فهو سبحانه وتعالى أخبرنا أن التفرقة بين المرء وزوجه يمكن أن تحدث بالسحر، ولكنه لم يبين لنا ما هي الطرق التي تحدث بها.. كما أخبرنا الحق جل جلاله أن الضر يحدث بالسحر، ولكنه لم يخبرنا سبحانه عن كيفية حدوثه (الشعراوي 1990).
"روى البخاري في صحيحه 10/192.. ومسلم في صحيحه 4/1719 عن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودي من يهود بني زريق.. يقال له لبيد بن الأعصم.. قالت: حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه يفعل الشئ وما يفعله.. حتى إذا كان ذات يوم _ أو ذات ليلة – دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ثم دعا.. ثم دعا.. ثم قال: يا عائشة.. أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه.. جاءني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي.. فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي.. أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي:
ما وجع الرجل؟.. قال مطبوب.. أي مسحور.. قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم. قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر.. قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذي أروان.. قالت: فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه.. ثم قال يا عائشة: والله لكأن ماءها نقاعة الحناء.. ولكأن نخلها رؤس الشياطين.. قالت: فقلت يا رسول الله أفلا أحرقته؟.. قال: لا.. أما أنا فقد عافاني الله وكرهت أن أثير على الناس شرا.. فأمرت بها فدفنت" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا الحديث قد أثار جدلا كثيرا بين العلماء وبنيت عليه الكثير من الممارسات، وهنا نقول باختصار: "كون محمد صلى الله عليه وسلم سحره اليهود.. هذا ليس اتهاما ضده.. ولكنه تحد للإنس والجان بأن يفعلوا أقصى ما يستطيعون ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم.. والله جل جلاله سينصره عليهم.. ولو أنهم لم يستعينوا بالسحر والجان لقالوا لو استعنا بالسحر لكانت لنا الغلبة عليه..
ولو أن الحق سبحانه وتعالى أبطل السحر قبل أن يقع.. لقالوا لو أن السحر لم يبطل لكان لنا معه شأن آخر.. ولكن الله سبحانه وتعالى شاء أن يستعان عليه بالسحر والجان.. وأن تسحر عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم – كما سحرت عينا موسى من قبل – ثم يدله الله جل جلاله على مكان السحر ليبطله. على أن السحر الذي تعرض له رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كان من نفس نوع السحر الذي تعرض له موسى عليه السلام وهو سحر التخيل الذي يؤثر على العين وحدها ولا يؤثر على العقل أو القلب ولا باقي أعضاء الجسم.. وإن كان الله قد أعطى بعض خلقه القدرة على الاستعانة بالشياطين في إيذاء البشر.. فإنه قد احتفظ لنفسه سبحانه وتعالى بإذن الضر.. وطلب منا أن نستعيذ به من السحر"(الشعراوي 1990).
يقول تعالى: "وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ" ( البقرة 102 )، وهذا الحديث – كما ذكرنا - قد بنى عليه كثير من الناس أفعالا لا يقرها الله ورسوله فأصبح هناك قوم وظيفتهم عمل السحر وفك السحر وزاد روادهم من العامة وبعض الخاصة بحجة أن السحر ورد في القرآن وورد في الحديث وزاد من خبثهم أنهم يخرجون ما يدعون أنه سحرا محاط ببقايا شعر لكي يشبه ما ورد في الحديث.
لو تأملنا الأمر جليا لوجدنا أن الرسول صلي الله عليه وسلم حين سحر توجه إلى ربه ولم يتوجه إلى عراف فدله الله عليه أي أن المسألة نوع من الوحي والكشف الخاص بالرسول صلي الله عليه وسلم وقد نهانا صلي الله عليه وسلم في أحاديث صريحة (سنذكرها لاحقا) عن الوقوع في خطأ العرافة والكهانة طلباً لفك السحر أو دفع الحسد أو إخراج الجن، وقد ورد السحر في كتاب الكبائر للإمام الحافظ شمس الدين الذهبي على أنه الكبيرة الثالثة (بعد الشرك بالله وقتل النفس).
وعن على ابن أبي طالب رضي الله عنه قال: "الكاهن والساحر كافر" (الكاهن الذي يدعي معرفة الغيب، والساحر يدعي التأثير في الأحداث وتغيير القدر، وكل هذه أباطيل ) ( الذهبي 673-748هجرية). وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر، وقاطع رحم، ومصدق بسحر"(رواه الإمام أحمد في مسنده)، وعن بجالة بن عبدة أنه قال: "أتانا كتاب عمر رضي الله عنه قبل موته بسنة أن اقتلوا كل ساحر وساحرة" (رواه البخاري ).
فالسحرة يشيعون الفتنة والهلع في نفوس الناس كما أنهم يشيعون التفكير الخرافي الذي جاء الإسلام لمحاربته، ويقول الشيخ الشعراوي في حكم السحر: "إن الذي يستعين بالسحر إنما يستعين بقوة أكبر من قوة الإنسان.. واستعانته به تحدث خللا في المجتمع البشري.. تماما كالذي يملك مسدسا وسط مجموعة من الذين لا يملكون سلاحا.. فان قوته تغريه على الظلم وعلى البطش. ولذلك فقد حرم الله الاستعانة بالسحر، واعتبره نوعا من الكفر، لأن الساحر يعتقد أنه بذاته وعلمه يستطيع أن يسيطر على غيره في الكون" (الشعراوي 1990).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اجتنبوا السبع الموبقات"قالوا يا رسول الله وما هن؟ قال: "الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات" (متفق عليه). أنظر كيف جاء السحر بعد الشرك مباشرة لما فيه من الحرمة الشديدة، فلا يتعلم السحر مؤمن، وقد جعل الله السحر فتنة لمن أراد أن يتبدل الكفر بالإيمان وما له في الآخرة من خلاق(موزه 1990).
وربما يسأل سائل: إذا كان السحر يحمل كل هذا الشر فما هي حكمة وجوده؟.. والإجابة هي أن الله سبحانه وتعالى قد شاءت حكمته أن يبتلى الإنسان بالخير والشر مصداقا لقوله تعالى: "وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً" ( الأنبياء 35)، ومن سنة الله في الكون أن يجعل قوى الشر تقابلها قوى الخير لكي يختار الإنسان من بينها ثم يحاسب على اختياره، إضافة إلى أن وجود هذه القوة الخفية التي لا يملك الإنسان دفعها عن نفسه بنفسه يجعله يلجأ إلى ربه مستعيذا منها.
الحسد:
ذكر الحسد في سورة الفلق: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِوَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}. والحسد هو تمني زوال النعمة.. دون أن يكون الحاسد مستفيدا مما سيحدث، "والحسد مقطوع به، وصحيح مؤكد الوجود، لأنه ورد في القرآن الكريم.. وهو شر من قوى الغيب التي تضر الإنسان.. ولذلك طلب منا الحق سبحانه وتعالى أن نستعيذ به جل جلاله: (وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ).... وإذا كنا لا نعرف شيئا عن الحسد.. فإننا نقول إن الشئ كلما كان دقيقا لا تراه العين.. كان أثره وفعله أكبر.. وكان عنيفا في عمله، فأدق الجراثيم مثلا هي أعنفها في التأثير على الجسم.. وهي أقواها في مقاومة الأدواء..
وإذا أردنا أن نقرب الصورة إلى الأذهان نقول بأن أشعة الليزر التي تم اكتشافها في العصر الحديث تستخدم في العمليات الجراحية الدقيقة وفي أشياء أخرى كثيرة دون أن يراها المريض أو يتعرف عليها وهي تدخل إلى جسده.. إذن هناك شيء خفي عن العين يستطيع أن يدخل إلى الجسد.. ويفعل فيه أشياء أكثر من مشرط الجراح. ما الذي يدريك أن عين الحاسد تخرج منها أشعة أشد فتكا من أشعة الليزر؟"(الشعراوي1990).
النهي عن إتيان الكهان والمنجمين والعرافين وأصحاب الرمل وقارئي الفنجان وغيرهم:
إن من حكمة الله في الكون أن تكون هناك قوى خفية لا ندركها ومع ذلك يمكن أن يكون لها تأثير على الإنسان بشكل لا نعلم كيفيته، وهذا التأثير لا يحدث إلا بمشيئة الله سبحانه وتعالى، ومادام الأمر كذلك كان من المنطقي أن نلجأ إلى الله تعالى مباشرة ودون وسطاء للاستعاذة به من تأثير هذه القوى الخفية، وهو سبحانه قد حثنا على ذلك في سورتي الفلق والناس (المعوذتان).
والمنجمين وضاربي الرمل وضاربي الودع وقارئي الفنجان فحدث انحراف في التصور والاعتقاد واللجوء إلى غير الله وإضفاء قدرة وربما قداسة على هذه القوى الخفية ومن يظنون أنهم يدفعون تأثيرها.
ولما كان هذا أمر يمس صلب العقيدة لذلك جاءت النصوص الدينية الصريحة تصحح الاتجاه وتأخذ بيد الناس نحو الله الذي يملك كل شيء ولا يخرج شيء في الكون عن مشيئته: عن عائشة رضي الله عنها قالت: سأل أناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكهان، فقال:"ليسوا بشيء"، فقالوا: يا رسول الله إنهم يحدثونا أحيانا بشيء فيكون حقا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه، فيخلطون معها مائة كذبة"(متفق عليه).
وعن صفية بنت أبي عبيد، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه، لم تقبل له صلاة أربعين يوما" (رواه مسلم)، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اقتبس علما من النجوم، اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد" (رواه أبو داوود بإسناد صحيح).
العلاج بالتمائم والرقى:
سأل أحد القراء فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي عن علاج زوجته عند أحد المعالجين بالقراءة والتمائم، فرد عليه فضيلته قائلا (القرضاوي 1418ه-1998م): لقد جاءت الأحاديث تحذر المسلمين من مثل هذه الأمور وتنهى أن يعتمدوا في علاجهم وتداويهم على مثل هذه التمائم، قد سماها الإسلام تمائم، وهي أشياء كانوا يعلقونها على الأولاد ونحو ذلك لتدفع الجن أو تدفع العين أو ما أشبه ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك"، والرقى جمع رقية وهي أن يرقي الشخص ويعزم عليه بكلام لا يفهمه.. فهذه الرقى ممنوعة.. إلا ما كان منهلا مأثورا عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل: "اللهم رب الناس أذهب الباس، اشف وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما"(رواه أحمد وأبو داوود والبيهقي والحاكم وصححه وأقره الذهبي).
والتولة بوزن عنبة لون من السحر تلجأ إليه المرأة تتحبب به إلى زوجها فيما تزعم، ويستطرد فضيلته قائلا: "وكان الواجب على هذا الأخ السائل أن يعرض زوجته على طبيب، فإما أن يعالجها وإما أن يحيلها على طبيب أخص منه.. وقد قال صلى الله عليه وسلم:"تداووا عباد الله، فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء.. " (رواه أحمد وأصحاب السنن وابن حبان والحاكم وقال الترمذي حسن صحيح).
وجاء في صحيح البخاري عنه عليه الصلاة والسلام: "إنما الشفاء في ثلاثة: شربة عسل أو شرطة محجم، أو كي بنار". فلم يجعل الشفاء في التمائم ولا في القراءة ولا في نحو ذلك، وإنما جعلها في الأمور الطبيعية وهي جوامع الطب: ما يتناول عن طريق الفم، ومثله الآن الدواء، وشرطة المحجم: العمليات الجراحية، والكي، ومثله الآن الجلسات الكهربائية، فكل هذا من الطب الذي جاء به الإسلام" (القرضاوي 1418ه-1998م ).
اختيار الطبيب الحاذق:
أمرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بالبحث عن أحذق الأطباء للعلاج فقد ذكر مالك في"موطئه" عن زيد بن أسلم أن رجلاً في زمان رسول الله صلي الله عليه وسلم أصابه جرح فاحتقن الجرح الدم وإن الرجل دعا رجلين من بني أنمار، فنظر إليه فزعما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لهما: "أيكما أطب"؟ فقال: أو في الطب خير يا رسول الله؟ فقال: "أنزل الدواء الذي أنزل الداء" (الموطأ 4/328 بشرح الزرقاني)، وقد روى عمرو بن دينار عن هلال بن يساف قال: دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم على مريض يعوده فقال: "أرسلوا إلى طبيب" فقال قائل: وأنت تقول ذلك يا رسول الله؟ قال: "نعم إن الله عز وجل لم ينزل داء إلا أنزل له دواء".
وقد شدد الرسول في عقوبة من يمارس الطب بدون علم كاف به وحمله دية الخطأ في حديثه الذي رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من تطبب ولم يعلم منه الطب قبل ذلك فهو ضامن" أي متحمل الدية، وكم من الأخطاء يرتكبها مدعو الطب دون حساب.
مخاطر العلاج الشعبي المتستر بالرموز شبه الدينية:
1 – الغموض الذي يحيط بالعملية العلاجية برمتها، ونتيجة لهذا الغموض فإن المريض يلقي بنفسه في المجهول، وكل احتمالات الفشل أو النجاح قائمة، والمسألة أشبه بمقامرة بلا أي ضمانات. وهذا الغموض يجعل خبرة المعالج الشعبي غير قابلة للنقل إلا بشروط سرية خاصة تعمل تحت الأرض.
2 – السلبية والاعتمادية من جانب المريض وذويه، فليس مطلوبا منهم فعل شيء ذا بال إلا الاستسلام للمعالج الشعبي وتوجيهاته الغامضة.
3 – التلويح بالحل السحري: إن كثيراً من المعالجين الشعبيين يلوحون للمريض وأسرته بإمكان حل مشاكلهم بطريقة سحرية لا تتطلب الكثير من الجهد من المريض أو من أهله، وهذا ربما يكون أحد العوامل التي تفسر إقبال الناس على العلاج الشعبي الذي يعد(ولا يفي) بالحل السحري السريع دون استفسار أو تقصي أو شرح أو بذل جهد، وإنما كل المطلوب تناول بعض السوائل أو لبس بعض التمائم أو تكرار بعض العبارات غير المفهومة، وهذا يؤدي إلى كثير من المشاكل المعرفية والسلوكية الخطيرة مثل نشر التفكير السحري بين الناس، وتوقع الحلول السحرية لمشاكل يومية واقعية كانت تحتاج لبذل جهد حقيقي من المريض وأسرته ومجتمعه.
4- سهولة تغلغل الدجالين والمشعوذين في مجال العلاج الشعبي نظراً لعدم وجود ضوابط تحدد ماهية العلاج الشعبي؟، ومن هو الذي يحق له ممارسته؟ ومن الذي سيعطيه ذلك الحق؟، ويحاسبه إذا أخطأ؟، ويسحب منه ترخيص العمل إذا خرج عن حدود الممارسة.
5- عدم وجود قوانين ونظم وأخلاقيات تحكم ممارسة العلاج الشعبي.
6- استغلال بعض اللافتات الدينية لتغطية ممارسات خاطئة ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بالدين، وهذا يؤدي إلى خلط مفاهيم خاطئة بمفاهيم دينية، فيؤدي إلى اضطراب في تصورات العامة واعتقاداتهم.
7- احتمالات تقديس المعالج إذا حقق نجاحاً ملحوظاً في بعض الحالات، وهذا ربما يؤدي بالمريض وأهله إلى التعلق بغير الله. وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين: هل يمكن أن يؤدي العلاج عند المقرئين إلى نوع من التقديس لهم، وكيف يمكن تفادي ذلك؟.. فأجاب فضيلته قائلاً: "هذا يختلف باختلاف الناس، فمن الناس من يقدس من أسدى له خيراً، حتى ولو كان أمراً دنيوياً، ومنهم من لا يقدسه ولكنه يرى أن له معروفاً عليه لا يكافئه إلا بقضاء حاجه.
لكن إذا كان الشفاء بالقراءة الشرعية فإن التقديس للإنسان أكثر توقعاً مما لو كان بغير ذلك، لأنه ربما يعتقد أن لهذا الرجل منزلة عند الله عز وجل وأنه بسبب هذه المنزلة فقد كتب الله له الشفاء على يديه، لكن الواجب أن يعلم الإنسان أن القراءة هي سبب للشفاء والدواء الذي حصل به الشفاء وإنما هو سبب، والله سبحانه وتعالى هو المسبب".
8- استخدام بعض الوسائل التي تضر المريض أو ربما تودي بحياته مثل الخنق والضرب والحرق والصعق بالكهرباء من قبل بعض المعالجين. يقول الشيخ عبد العزيز الحمدان: "إن هناك أساليب خاطئة يتبعها البعض مثل حرق أيدي النساء بالنار أو بجهاز كهربي، أو الخنق والضرب بحجة إخراج الجني من الدم. وإني أعجب من هذه الأساليب، فهل هذا نقص في الاعتقاد بأن كلام الله ليس كاف في العلاج، أم هي رغبة في التأثير على ذلك الجني بالرهبة والضرب، وهنا أقول: إنه يكفي كلام الله رهبة، فلو نزل على جبل لزلزله وتصدع".
9- ابتزاز أموال الناس تحت أسماء مختلفة كالتبرعات أو النذور أو دفع ثمن الماء والزيت مضاعفاً.. إلخ.
10- التعميم، بحيث يعتبر كل مريض ممسوس أو معيون أو مسحور (أو على الأقل أغلب المرضى)، وتمارس معهم نفس الطريقة في العلاج. وهذا عيب كبير يمحو الفوارق الفردية، ويهمل الاحتياجات الخاصة لكل حالة. وكنتيجة لهذا التعميم نجد بعض المعالجين الشعبيين يعالجون مجاميع غفيرة بالميكروفون في مكان واحد.
11- القفز إلى استنتاجات خطيرة بلا دليل مقنع، فمثلاً بعض المعالجين يقول لك إن هذا الشخص لديه مس من الجن أو عين أو سحر دون أن يكون لديه دليل واضح على ذلك، أو يسوق أدلة تحدث لأغلب الناس كالأحلام المزعجة والصداع والضيق... إلخ، أو يعتمد على أن هذا الشخص يشكو من حالة غريبة احتار الطب فيها.. مع العلم بأن كل الأمراض المعروفة حالياً احتار الطب فيها لفترة وبعد ذلك عرف أسبابها وعلاجها، إذن فليست حيرة الأطباء أو فشلهم دليلاً على أن الحالة بها جن أو عين أو سحر.
يقول الشيخ علي العامري (وهو من أشهر المعالجين بالقراءة سابقا وقد توقف عن ذلك بعد أن تبين له الحق): "أنا أول ما دخلت في هذا الأمر كان كل من يأتيني ويسقط ويصيح أتصور أن هذا جني، لأنه ليست لدي خلفية في الموضوع لكن اثني عشر عاماً كفيلة بأن تعطيني دراسة وافية لهذا الموضوع، وعرفت بعد هذه التجربة أنه ليس هناك أي شيطان يتلبس الإنسان بهذه الطريقة وأن كل من يزعم ذلك كاذب إلا في حالات معينة".
ما الحل؟ الجواب يمكن إيضاحه في النقاط التالية:
(1) أن الجن والسحر والحسد قوى خفية ثابتة بالكتاب والسنة ولا يعلم كنهها إلا الله سبحانه وتعالى، وهي لا تضر ولا تنفع إلا بإذن الله ولحكمة يعلمها سبحانه واتقاؤها يتم باللجوء إليه وحده دون وساطة من كهان أو عرافين أو دجالين مهما اختلفت صفاتهم ومهما تستروا خلف لافتات دينية أو شبه دينية.
(2) أن ادعاء المعالجين الشعبيين (مهما اختلفت أسماؤهم) بأن حالات معينة بها مس من الجن أو تأثير سحر أو حسد إنما هو نوع من الظن الذي لا يقوم على دليل من العلم التجريبي أو من الشرع، وهو تجرؤ على الغيب الذي اختص الله سبحانه وتعالى وحده بمعرفته.
(3) إن الممارس لمهنة الطب النفسي يلاحظ أن معظم الحالات التي تتردد للعلاج لها مسار مرضي محدد وتسلسل منطقي واضح واستجابة معقولة للأدوية المتاحة رغم قصورها. وإذا كانت هناك نسبة من الأمراض النفسية ما زالت أسبابها الحقيقية غامضة فهذا يدعونا إلى البحث والدراسة للوصول لأسبابها وليس أضر علينا من إلقاء كل الأمراض على تلبس الجن أو السحر أو الحسد لأن ذلك يوقف حركة الاجتهاد والبحث البشري ولو كان الحال هكذا لما اكتشف علاج مرض واحد. وهذا الاجتهاد الإيجابي نوع من السعي والأخذ بالأسباب الذي حث عليه صحيح الدين.
(4) من الصعوبة على أي شخص أن يجزم بأن حالة معينة هي مس للجن أو سحر أو حسد ولم يثبت عن الرسول صلي الله عليه وسلم أنه عالج كل الحالات على أنها مس جن أو سحر أو حسد ولكنه عالج بكل الوسائل المتاحة في عصره، فقد عالج بعض الحالات بالعسل وعالج أخرى بالكي وعالج بالحمية وعالج بحبة البركة وعالج بالحناء وعالج بالعصابة للرأس... إلخ. وأمر صحابته بالذهاب للطبيب وهو رسول الله ودعاؤه مستجاب ولكنه يعلمنا الأخذ بالأسباب، إذن فالتعميم والتعتيم الذي يمارسه بعض المعالجين الآن ما هو إلا جهل بالدين أو الطب أو كلاهما معاً.
(5) أن الرسول e نهى عن إتيان الكهان والعرافين ونهى عن تصديقهم، وما يفعله الكثيرون من المعالجين البدائيين اليوم لا يخرج عن كونه"عرافة" أو"كهانة" لأنهم يجزمون بتلبيس الجن والجن غيب عنا والجزم بالغيب عرافة (حتى ولو تستروا بشعارات ورموز دينية أو شبه دينية) والمريض المسكين حين يذهب إلى أحدهم فهو يرمي نفسه في المجهول.
(6) أن الاستعاذة من الجن ومن السحر ومن الحسد أمر بسيط علمنا إياه رسول الله صلي الله عليه وسلم بقراءة المعوذتين وآية الكرسي وباقي أدعية الصباح والمساء وبتقوية العلاقة بين الإنسان وربه دون الحاجة إلى وسيط وهذه الأدعية يقرؤها الشخص المريض نفسه أيا كان نوع مرضه أو يقرؤها عليه أحد أقاربه أو أصدقائه ولا يكون هناك شخص بذاته يتولى هذه المهمة ويتخذها وظيفة وإلا أصبحت كهانة صريحة.
(7) ليس هناك ما يمنع بل إنه من الضروري الجمع بين أخذ الدواء الذي يصرفه الطبيب المتخصص وبين الدعاء وقراءة القرآن والرقية الشرعية التي علمنا إياها رسول الله صلي الله عليه وسلم فكل هذا من أمر الله أما الأخذ بشيء مع إهمال باقي الأشياء فهو من قبيل الاختزال، فالإنسان جسد وروح ولا يمكن الفصل بينهما وللجسد ما يفيده وللروح ما يلائمها.
الرقية الشرعية:
في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري، أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلي الله عليه وسلم فقال: يا محمد! أشتكيت؟ فقال: "نعم"، فقال جبريل عليه السلام:"بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك"، وهذه الرقية بصيغتها البسيطة يكفي أن يقرأها أحد الأقارب على المريض دون حاجة لتعريضه لممارسات الدجالين والمشعوذين ومدعي العلم الذين يوحون إلى المريض إيحاءات شيطانية أو سحرية لا يملكون عليها دليل إلا ظنونهم الخاصة. وحين يقرأ أحد أفراد الأسرة الرقية على المريض واضعا يده على موضع الألم فإن في ذلك رسالة حب وحنان ومودة تضاف إلى بركة الرقية وتأثيرها الروحاني.
الخلاصة
لم أجد أجمل من كلمات فضيلة الشيخ الشعراوي (رحمه الله) لإيجاز هذا الموضوع:
[ إذا كان إيماننا قويا بالله – واتجهنا إليه سبحانه وتعالى نستعيذ به – فانه جل جلاله يقينا شر هذا كله.. ولكن الذي يبقى فعل هذه الأشياء.. أننا لا نلجأ إلى الله جل جلاله.. ولكن إذا أصابنا ضرر فإننا نحاول أن نلجأ إلى قدرات البشر، فإذا أصيب الإنسان بضرر السحر، فإنه ينتقل من ساحر إلى ساحر.. يحاول أن يبطل أثر السحر.. مع أنه لو اتجه إلى الله تبارك وتعالى.. بقلب مخلص.. فإن السحر يبطل فعله. وكذلك الحسد.. نحن نحاول أن نلتجئ إلى التمائم أو الأحجبة.. أو أشياء أخرى كالاستعانة بخرزة زرقاء أو غير ذلك. هذه التمائم كلها لا تضر ولا تنفع.. ولا تذهب حسدا، ولا تزيل سحرا.. وهذا نوع من الشرك نحذر الناس منه.. لأن الفعل في الكون كله لله سبحانه وتعالى وحده.. فلا يوجد فعال لما يريد.. إلا الحق جل جلاله.. فإذا التجأنا لغير الله عز وجل.. نطلب منه الحماية أو إزالة الضر أو غير ذلك.. فإن هذا يكون نوعا من الشرك]
الله تبارك وتعالى أمرنا في كتابه العزيز.. أن نستعيذ به من كل هذا.. فقال جل جلاله: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِوَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (سورة الفلق)، وقوله سبحانه وتعالى: {ُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ} (سورة الناس)، فنحن في سورة الفلق نتجه إلى الله ونستعين به في الأمور التي لا إرادة لنا فيها.. ولا نستطيع فيها دفع الضر عن أنفسنا.. وفي سورة الناس نتجه إلى الله جل جلاله ونستعيذ به في الأمور التي لنا فيها إرادة.. ولكننا نخاف أن نضعف أمامها (الشعراوي 1990).
والخلاصة كما يقول الشيخ الشعراوي: "أن السحر والحسد من القوى الخفية في الكون.. ولكنها قوى موجودة.. والله سبحانه وتعالى أخبرنا بها.. وأن الله جل جلاله قد أعطانا في قرآنه الكريم ما يقينا شر هاتين القوتين.. وطلب منا أن نستعيذ به منهما.. وأن من يتلو المعوذتين -وهما سورتا الفلق والناس_ كل ليلة فإن الله يحرسه ويحميه. كما أن في آية الكرسي حماية لمن يتلوها من كل سوء.. ولنعرف أننا يجب أن نتجه إلى الله سبحانه وتعالى.. لأنه وحده القادر على حفظنا وحمايتنا".
وفي النهاية أرجو أن يكون الميزان قد اعتدل بين ما هو طب ملموس وبين ما هو غيب نعتقده بعيدا عن الخرافات والأوهام والدجل، فالإسلام دين الحقيقة والوسطية والاعتدال.
مراجع الدراسة:
القرآن الكريم
ابن كثير، الإمام الحافظ أبو الفداء إسماعيل (توفى سنة 774ه ). تفسير القرآن العظيم. دار المعرفة بيروت، لبنان.
ابن القيم الجوزيه. الطب النبوى. مؤسسة الرسالة.
النووى، الإمام الحافظ أبوزكريا يحيى بن شرف( 631ه-676ه ). رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين. باب التغليظ فى تحريم السحر( ص 600 )، وباب النهى عن إتيان الكهان والمنجمين
( ص 562 ). مؤسسة علوم القرآن، دمشق.
الذهبى، الإمام الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز ( 673ه-748ه ). كتاب الكبائر.
( الكبيرة الثالثة : فى السحر )، ص 19-20 ، شرح ومراجعة مكتب الدراسات والبحوث العربية والإسلامية. دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت.
القرضاوى، يوسف ( 1418ه-1998م). فتاوى معاصرة، الجزء الأول( فصل : العلاج بالتمائم والرقى ، ص 189-191 )، دار القلم للنشر والتوزيع بالقاهره.
المهدى، محمد عبدالفتاح( 1990 ). العلاج النفسى فى ضوء الإسلام( فصل : المريض النفسى بين الطب والغيب )، ص 179-186، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، المنصوره.
المهدى، محمد عبد الفتاح( 1994 ). العلاج الشعبى والطب النفسى: صراع أم وفاق، ص 7-10 ، أورفو للطباعة، المنصوره.
موزه، محمد على ( 1990 ). تعليق ورد فى حاشية بكتاب رياض الصالحين، باب تحريم السحر ص600 ، مؤسسة علوم القرآن، دمشق.
واقرأ أيضًا:
مؤتمر العلاج بالقرآن بين الدين والطب/ الدوافع ودورها في النجاح والتفوق/ العادة السرية بين الطب والدين(1)/ حين يصل الفساد لمواطن العفة(1)