إن المتابع لقضايا الجنس وما كُتب عنه ربما يظن أن الإسلام قد أغفل هذه القضية ولم يناقشها وذلك من الكتابات القليلة والآراء المغلوطة التي ناقشت هذا الأمر في الوقت الذي يذخر فيه ديننا الحنيف بالآيات والأحاديث الصحيحة التي عالجت ووضحت أسسا لحياة جنسية سليمة ولست أدري هل إهمال هذه القضية وتعمد سياقها في أسلوب غامض جاد متعمدا حتى يظل البحث عنها وعن أسرارها هو غاية الجميع فتكثر الأسواق التي تروج ما تشاء وتعرض البضاعة بالأسلوب الذي يحقق أهدافها هي، لا لمصلحة من يجول بهذه الأسواق. أم هو غير ذلك.
ولكن كيف تنظر المرأة المسلمة للجنس لقد أسلفنا الذكر بأن نقطة انطلاقنا في هذه القضية تعتمد أساسا على اعتبار الجنس وظيفة إنسانية ضرورية يؤديها جهاز خصه الله بذلك، لذلك ُتربى المرأة المسلمة منذ الصغر على المفاهيم الصحيحة التي تتعلق بتأدية هذا الجهاز لوظيفته وتتعلم جيدا أن هذا الجهاز أسمى وظائفه هي العلاقة التي تجمع بينها وبين الرجل.
نعم هي أسمى وظائفه علاقة حب واتحاد يباركها الله تعالى ويحث الدين عليها حتى تستمر البشرية وتتحقق عمارة الكون فلقد استخلف الله آدم في الأرض وأعد له كل الوسائل التي تساعده علي إعمارها بل أعطاه الله نعمة المتعة أو الشهوة حتى لا يمل من عمله في الأرض فآدم خلق للأرض وقد أسكنه الله الجنة اختبارا منه وتعليما له لقيمة الطاعة ولسوء المعصية لذلك أخفى الله عنه هذه العلاقة وهو في جنته.
وليس معنى ارتباط كشف السوءة وتحريك الغريزة الجنسية في آدم بعد معصيته لله بأن العلاقة الجنسية معصية أو رذيلة أو أمر سيىء ولكنها كانت إيذانا لهبوط آدم لأداء الوظيفة التي من أجلها خُلق، فالله تعالى استخلفه في الأرض وليس في الجنة، فإذا حقق آدم هدفه الذي من أجله خُلق بعد أن تعلم الدرس العملي لجزاء المعصية يعود آدم لجنته ليحيا حياة خالدة لا يؤدي فيها وظائف ولكن يستمتع فقط..
يستمتع آدم بما كان يمتعه في الأرض وجربه بنفسه ولكن بأسلوب أجمل وأكثر متعة لا يتصورها عقل، لذلك نجد آيات القرآن الكريم عندما رسمت لنا صورة للجنة وكل وسائل المتعة فيها من لذة الطعام والشراب إلى اللباس ولذة المناظر من الأنهار وغيرها، تحدثت أيضا عن المتعة الجنسية وكيف ستكون جميلة وممتعة في الجنة، بأن يصف جمال حور العين ورقتهن وعذريتهن في معا ملة أزواجهن وكيف يشتقن إلىهم، بل عن كيفية أدائهم لهذه العلاقة في الجنة.
إن الرجال الذين يمارسون الزنا مع الساقطات برغم أنهم متزوجون وبرغم أن العاهرة هذه ربما تكون أقل جمالا من زوجته وربما تكون قذرة لا تعرف شيئا عن الطهارة والنظافة بل والأخطر ربما تكون مريضة، فلماذا يذهب إلىها إذن... إنه يذهب إلىها لأنها تجيد (فن ممارسة الجنس) ماهرة في كيفية إمتاع الرجل تتقن العمل الذي هو مصدر رزقها كما يدعين، الرجل يذهب إلىها حيث المتعة المتقنة المؤداة على أعلى أداء، هل تتصور أن الله سبحانه وتعالى عندما تكلم عن الحور العين في الجنة وكيف يمتعن أزواجهن هذه المتعة الكاملة تكلم بنفس المفهوم الذي يطلبه الرجال لتحقق لهم هذه المتعة – لقد ورد في وصف نساء الجنة واللاتي كن صالحات قانتات عفيفات طائعات في الدنيا عندما يدخلن الجنة تعدن صبايا وشابات جميلات أبكارا...{إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء َجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً عُرُباً أَتْرَاباً} (الواقعة) وفي اللغة العربية لكلمة (عربا) معاني كثيرة كلها تتعلق بممارسة العلاقة في صورة ممتعة، وكانت تصدر أصوات عند لقائها وزوجها، هؤلاء هن نساء أهل الجنة اللاتي أعدهن الله وعلمهن الله بنفسه ليكن متعة للصالحين من رجال الدنيا..
فإذا أيقنت المرأة المسلمة أنها في ممارستها لهذه العلاقة مع زوجها في أمتع وأبهى صورة هي تؤدي صفة وعملا هو من صفات نساء الجنة لارتقت بالعلاقة ولشعرت بسموها، إذن الإسلام يحض على إتقان العلاقة وعلى الوصول إلى كمال المتعة وعلى عمل كل ما تتطلبه حتى تصل في أتقن وأمتع صورة ليست مجرد عملية ميكانيكية فقط فاقدة للروح والحب، ولذلك نجد الآيات القرآنية عالجت بعض المفاهيم الخاطئة لدى الصحابة عن هذه العلاقة في قمة الفن والسمو والمهارة فالمهاجرات اللاتي عشن بمكة لهن طريقة في الاستمتاع بأزواجهن تعودن عليها وهي الاستمتاع بكل الأوضاع بينما الأنصار والذين تربوا في المدينة لهم أسلوب آخر تعودوا هم أيضا عليه في ممارسة العلاقة وحينما اختلط المهاجرون بالأنصار وتزوجوا منهم ظهرت هذه الاختلافات في كيفية الأداء فكيف عالجها الرسول المربي وكيف علمها الله لهم هل أمرهم بألا ينشغلوا بهذه الأمور لأن وراءنا خصما أكبر ودعوة نريد إقامتها هل لم يستمع أساسا لهذه الشكوى واعتبرها من الأمور التي يجب ألا يعيرونها بالاً.
لقد نزلت الآيات القرآنية تعلم الصحابة رضوان الله عليهم وتجيب الأنصار الذين ينظرون لهذه الأوضاع الجديدة في الممارسة نظرة الشك والريبة نزلت لترسخ أسس علاقة سليمة سوية جميلة ممتعة {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} لقد لخص القرآن الكريم جميع الأوضاع الجنسية التي كتبت وأفاضت فيها وفي وصفها كتب الجنس بكلمة واحدة "أنى شئتم" وورد في تفسيرها أنها تعني المكان أو الكيفية التي يمارس بها الرجل والمرأة العلاقة أو الزمان الذي تغلب فيه الشهوة وعندئذ لابد من إخراجها لا كبحها وكبتها، كيف استقبل نساء الأنصار هذا الأمر كيف رضين بأن يخالفن ما تعودن عليه من سنين سابقة ويطاوعن رجالهن في ممارسة الأوضاع الجديدة حتى يصلن بهم إلى أقصى درجات المتعة، إنها المرأة المسلمة التي تفهم رسالتها جيدا التي ترغب في إسعاد زوجها بكل ما تملك وإن كان غريبا عليها وتأتي السنة الشريفة لتعلم الأجيال والأزواج أن لك الحق في ممارسة العلاقة كيفما تريد وبالصورة التي تحقق لك أقصى درجات المتعة ولكن فقط تجنب"الحيض والدبر" .
هكذا الإسلام هو الدين الذي لا يضاد الفطرة بل يسير معها لا يكبت غريزة طبيعية وضعها الله في الإنسان بل يهذب ويعلم ويؤدب، حتى حق الرجل في ممارسة الجنس أثناء حيض الزوجة لم يهمله لأن هناك الكثير من الذين تستدعي ظروف عملهم غيابهم أيام كثيرة عن زوجاتهم فكيف يشبع رغبته ويستمتع بزوجته وهي حائض ناقشت السنة النبوية ذلك وعلمته للأزواج والزوجات، وكل هذا سنتطرق إلىه بالتفصيل عند موضعه ولكن فقط أردت الإشارة إلى النظرة الإسلامية الصحيحة للجنس واهتمامه بها والتي يجب أن تعيها كل زوجة مسلمة وتربي عليها الطفلة الصغيرة والفتاة المقبلة على الزواج كلٌ بالقدر الذي يناسب المرحلة التي هو فيها دون تحريك للشهوة وإثارة للغرائز.
إننا نريد ثقافة جنسية نظيفة واقعية قريبة من الأفكار الواردة إلىنا من الخارج ليست منكرة ورافضة إلىها بالكلية ولا آخذة بكل ما فيها دون مراعاة للذوق والحس الإنساني الرفيع.
.................................يتبع: التربية الجنسية (1) مرحلة الطفولة1
اقرأ أيضاً:
دور الجنس في حياتنا