البوالُ هو : "الإفراغ المتكرر للبول في السرير أو الملابس سواء كان ذلك لا إداريا أو إراديا"، والبوال معروف منذ القدم حيث كتب عنه في البرديات المصرية التي يرجع تاريخها إلى1550سنة قبل الميلاد، وكانوا يعالجونه بخليط من الجعة ومنقوع العليق، ويذكر التاريخ أن علاجات عديدة استخدمت لهذا الاضطراب أهمها (حموده 1991):
1. حرق الأوراق بين الرجلين.
2. كي الفتحة الخارجية لقناة الإحليل (العضو الذكري) بنترات الفضة وذلك لجعل التبول مؤلماً.
3. شكشكة القضيب.
4. ربط ضفدعة إلى القضيب لتنقنق عندما يبول الطفل فيستيقظ (هذه الطريقة كانت تستخدم في نيجيريا).
أنواعه: يقسم البوال إلى:
1. البوال الليلي (أثناء النوم) وهو الأكثر شيوعاً.
2. البوال النهاري (أثناء اليقظة).
3. البوال الليلي والنهاري معاً.
0أو يقسم إلى:
1. البوال الأولي: وهو يعني أن الطفل لم يمر بفترة تحكم في البول قبل ذلك ، فهو يتبول في فراشه أو ملابسه منذ أن ولد.
2. البوال الثانوي: وهو يعني أن الطفل مر بفترة تحكم في البول (على الأقل سنة) ثم فقد هذه القدرة بعد ذلك لأي سبب من الأسباب.
علاقته بالنوم:
بما أن أكثر الأنواع شيوعاً هو التبول في الفراش ليلاً أثناء النوم إذن يبدو أن هناك علاقة بين نوعية النوم أو مراحله وبين هذا الاضطراب، وهذه العلاقة لم يتم اختبارها بشكل كاف حتى الآن، والملاحظ إكلينيكيا من خلال مواكبة أعداد كبيرة من حالات البوال أن الأطفال المصابين بهذه الحالة يوصفون (بواسطة أبويهم) بأن نومهم ثقيل، وأنه يصعب إيقاظهم أثناء الليل أو حتى في الصباح للذهاب إلى المدرسة. وهذه الملحوظة البسيطة والمتواترة تشير إلى صعوبة تنبه المريض لامتلاء المثانة ليلاً.
وقد وجد في بعض الدراسات أن معظم حالات التبول تحدث في الثلث الأول من النوم، وهذا الجزء من النوم تغلب عليه مراحل النوم العميق (المرحلة الثالثة والرابعة على وجه التحديد) وهو ما يعرف بالنوم غير المصحوب بحركة العين السريعة (NREMS) وفي هذه الحالة لا يتذكر الطفل أنه تبول وإنما يفاجأ في الصباح بفراشه وقد تبلل. أما إذا حدث التبول أثناء النوم الحالم، وهو ما يعرف باسم النوم المصحوب بحركة العين السريعة REMS فإن الطفل يتذكر أنه تبول أثناء رؤيته لحلم مفزع.
معدل حدوثه:
يختلف معدل حدوث البوال حسب المرحلة العمرية كتالي:
" في سن 5 سنوات 15-20%
" في سن 7 سنوات 15 %
" في سن 10 سنوات 3 %
" في سن 14 سنة 1.5 %
" في سن الرشد 1 %
وهذا يعطي إشارة مهمة أنه يحدث تحسن طبيعي مع التقدم في العمر حتى بدون أي تدخل علاجي ويلاحظ أن هذا الاضطراب أكثر حدوثا في الذكور من الإناث.
الاضطرابات النفسية المصاحبة لحالات البوال:
وجد أن20%من حالات البوال تكون مصحوبة باضطرابات نفسية (اضطراب التغوط Encopresis أو المشي أثناء النوم Sleep Walking، أو الفزعات الليلية Night Terrors أو اضطراب ضعف الانتباه زيادة الحركة ADHD، أو اضطرابات السلوك، أو مشاكل التعلم) وخاصة في الحالات التالية:
1. البنات.
2. الأطفال الذين يتبولون في الفراش أو في الملابس نهاراً وليلاً.
3. استمرار الأعراض حتى فترة المراهقة.
فسيولوجية التبول:
عندما يزيد الضغط داخل المثانة فإن مستقبلات الضغط في الطبقة العضلية لجدار المثانة ترسل تنبيهات إلى الحبل الشوكي ومنه إلى المخ الذي يتم فيه الشعور بالرغبة للتبول، فإن كانت الظروف مناسبة فإن المخ يرسل اشارات إلى المراكز العصبية في المنطقة العجزية من الحبل الشوكي لترسل بدورها إشارات إلى جدار المثانة فينقبض وإلى العضلة العاصرة(الصمام) فترتخي وبذلك يتم إخراج البول.
أما إذا كانت الظروف غير مناسبة فإن المخ يرسل إشارات إلى المنطقة العجزية من الحبل الشوكي لترسل بدورها إشارات إلى جدار المثانة فيرتخي وإلى العضلة العاصرة (الصمام) فتنقبض وبذلك يتأجل فعل التبول إلى حين تأتي ظروف مناسبة، ولكي تتم هذه العملية بنجاح يجب أن تكون الوصلات العصبية سليمة وقادرة على نقل الإشارات المطلوبة، وكذلك تكون المراكز العصبية في المنطقة العجزية من الحبل الشوكي وفي المخ على درجة كافية من النضج، وأن تكون المثانة في حالة جيدة.
والسؤال هو: متى يتم نضج المراكز العصبية لكي يصبح الطفل قادراً على التحكم في تبوله؟
والإجابة أن ذلك يحدث في خلال السنة الثالثة من العمر في الأحوال الطبيعية.
الأسباب: تتعدد أسباب هذه الحالة وتتداخل، ولذلك نحاول أن نجملها ونبسطها في نوعين رئيسيين:
1. أسباب عضوية مثل:
" العوامل الوراثية (الجينية)
" صغر حجم المثانة الوظيفي.
" زيادة كمية البول (نتيجة نقص الهرمون المضاد لإدرار البول).
" خلل في الأعصاب المسئولة عن التحكم.
" تأخر نضج مراكز التحكم في المخ والحبل الشوكي.
" الصرع أثناء النوم.
2. أسباب نفسية مثل:
" اضطراب في النوم (زيادة مراحل النوم العميق)
" الغيرة من وصول طفل جديد في الأسرة، وهذا يؤدي إلى نكوص في السلوك.
" عدم الشعور بالأمان.
" الخوف من الظلام ومن الأشباح والحيوانات خاصة بعد سماع القصص المرعبة أو مشاهدة مناظر مخيفة في التليفزيون.
" أن يكون أحد الوالدين أو كليهما شديد السيطرة، فيصبح التبول هنا تعبير عن العدوان تجاه الأسرة (وخاصة الأم).
" التدليل الزائد والحماية المفرطة بما يؤدي إلى حاجة الطفل لاستمرار جذب الانتباه أو التمرد على الحماية المفرطة.
" الاضطرابات النفسية والسلوكية.
وسوف نتناول بعض هذه الأسباب بالتفصيل نظراً لأهميتها:
(1) العوامل الوراثية (الجينية) .
غالباً ما يوجد تاريخ عائلي للبوال في الأسرة وحين يكون الأبوان قد أصيبا بمثل هذه الحالة فإن 77% من الأطفال سيعانون منها، أما إذا كان أحدهما فقط قد أصيب بها فإن 44% من اطفال سيعانون منها وفي 15% من حالات التبول الليلي لا نجد مثل هذه الحالة في الأب أو الأم. وفي بض الدراسات تم التعرف على الجين المسئول عن حدوث هذه الحالة وهو جين سائد موجود على الكروموسوم رقم 13.
(2) صغر حجم المثانة الوظيفي:
ففي بعض الحالات كانت السعة الوظيفية للمثانة (Functional Bladder capacity ) في الأطفال المصابين اقل من أقرانهم غير المصابين. وعند فحص مثانة الأطفال المصابين بالبوال تحت تأثير مخدر عام وجد أن حجمها طبيعياً، وهذا يعني أن المثانة في غير ظروف التخدير تكون في حالة انقباض ولذلك لا تتحمل كمية كبيرة من البول، وفي بعض الأحيان يطلق على هذه المثانة أنها"مثانة عصبية" لا تستوعب البول بداخلها وتحاول طرده من خلال انقباضات جدارها المستمرة. وربما يتم الربط بين عصبية المثانة وعصبية الطفل، ولكن هذا الربط يحتاج إلى دراسات منضبطة أكثر لإثباته أو نفيه.
(3) زيادة كمية البول:
وذلك بسبب نقص إفراز الهرمون المضاد لإدرار البول(ADH Anti-diuretic Hormone )أثناء الليل. ففي الأحوال العادية يزيد إفراز هذا الهرمون أثناء الليل حتى يقلل من كمية البول التي تنتجها الكليتين أثناء النوم لكي تتناسب هذه الكمية مع حجم المثانة فلا يحتاج الطفل للاستيقاظ ليلاً للتبول، فالطفل الطبيعي ينام من 8 إلى 12 ساعة دون حاجة للتبول خلال هذه المدة.
فإذا لم تحدث هذه الزيادة الطبيعية في إفراز ذلك الهرمون المضاد لإدرار البول، فإن كمية البول حتماً ستزيد عن سعة المثانة خلال هذه الساعات الطويلة من النوم وبالتالي يحدث تفريغ إجباري للمثانة خاصة إذا كان نوم الطفل عميقاً ولا يسمح له بالتنبه لامتلاء المثانة.
(4) تأخر نضج الجهاز العصبي: ( Maturational Delay of CNS )
إن السبب الأكثر قبولا ولكنه الأكثر صعوبة في الإثبات هو تأخر نضج الجهاز العصبي المركزي وذلك يؤثر على قدرة الطفل على التحكم في إفراغ المثانة. وفي هذه الحالة عندما تمتلئ المثانة بالبول ويتمدد جدارها وتنقل الأعصاب الحسية إشارات الامتلاء إلى المخ مروراً بالمراكز العصبية في المنطقة العجزية للحبل الشوكي فإن هذه المراكز تفشل في القيام بوظيفتها التنظيمية. ويمكن أيضاً أن تفشل آلية إيقاظ المريض أو تنبيهه عند امتلاء المثانة.
(5) اضطرابات النوم:
وقد تحدثنا عنها من قبل فهؤلاء الأطفال يكون نومهم أكثر عمقاً من أقرانهم (زيادة في مراحل النوم العميق الثالثة والرابعة على وجه الخصوص).
وتزيد نسبة التبول أثناء النوم حين يكون هناك انسداداً في مجرى التنفس بسبب وجود لحمية في الأنف أو التهاب اللوزتين، ولذلك نلاحظ أنه بعد العمليات الجراحية التي تزال فيها هذه الانسدادات تتحسن حالة كثير من الأطفال المصابين بالتبول أثناء النوم ويحدث هذا في 76% من الحالات.
(6) الغيرة:
حيث نجد أن الطفل بعد أن مر بفترة تحكم في بوله عاد مرة أخرى إلى التبول في فراشة بعد ميلاد طفل جديد في الأسرة حيث تحدث حالة نكوص(Regression ) بمعنى أن يرجع الطفل بسلوكه إلى مراحل نمو مبكرة في محاولة منه لجذب انتباه أمه التي انشغلت بالطفل الجديد فيأتي بأفعال طفولية (مثل المولود الجديد) لعل الأم تعود إليه مرة أخرى. وربما يكون التبول في الفراش هنا أيضا عدوانا موجها نحو الأم بشكل خاص ونحو السرة بشكل عام بسبب إهمالهم للطفل بعد وصول المولود الجديد، وفي هذه الحالة ربما يتبول الطفل إرادياً في ملابسه أو فراشه أثناء الليل أو النهار بهدف مضايقة الأسرة التي أهملته.
(7) عدم الشعور بالأمان:
ويحدث هذا نتيجة انفصال الطفل عن أمه ، أو انفصال الوالدين ، أو النزاعات العائلية ، أو إدخاله مستشفى .
(8) عوامل نفسية وسلوكية:
هناك بعض الاضطرابات النفسية والسلوكية في نسبة من هؤلاء الأطفال مثل الخجل والانطواء وسرعة الاستثارة وكثرة الحركة والقلق ولكنه ليس معروفاً إن كانت هذه الاضطرابات سبباً أم نتيجة لهذه الحالة.
التشخيص :
متى نقول أن هذه حالة مرضية وتحتاج للعلاج؟ … هناك خصائص محددة وضعت لتشخيص هذه الحالة وهي كما وردت في دليل التشخيص والإحصاء الرابع DSM IV:
"تكرار التبول في الفراش أو الملابس ليلاً أو نهاراً سواء كان ذلك لا إرادياً أو إرادياً، وهذا السلوك ذو أهمية إكلينيكية من ناحية تكرار حدوثه مرتين أسبوعياً ولمدة ثلاثة شهور متتابعة، أو من ناحية أنه يسبب كرباً أو خللاً اجتماعياً أو تعليمياً أو وظيفياً أو أي وظائف أخرى مهمة.
"العمر الزمني لا يقل عن خمس سنوات.
"وهذا السلوك ليس بسبب تأثيرات فسيولوجية مباشرة لمادة (دواء مدر للبول مثلاً) أو اضطراب جسماني مثل البول السكري أو الصرع أو الصلب المفلوج.
ويحدد النوع كالتالي:-
1- ليلي فقط.
2- نهاري فقط.
3- ليلي ونهاري.
التشخيص الفارق:
يجب أن نفكر في الأسباب العضوية التي تؤدي لمثل تلك الحالة وتقدر نسبة هذه الأسباب العضوية بـ3 - 10% من الحالات، ونتوقعها أكثر في الحالات التي تتبول في الفراش نهاراً وليلاً وتكون مصحوبة بسلس البول أو عدم القدرة على التحكم حين تأتي الرغبة (URGENCY) وهذه الأسباب العضوية تتمثل في:-
1) اضطراب في الجهاز البولي والتناسلي سواء كان اضطراباً تشريحياً أو عصبياً أو التهاب في المثانة .
2) اضطراب الوعي والنوم مثل الصرع أو التسمم أو المشي أثناء النوم .
3) أعراض جانبية من بعض الأدوية مثل مضادات الذهان (الكلوزابين ، الميليريل … إلخ)
مسار المرض ومآله:
البوال يعتبر اضطراب قابل للشفاء الذاتي بمعنى أنه يتحسن تلقائياً مع التقدم في العمر ونضج الجهاز العصبي، ومع هذا نوصي بالعلاج حتى نتفادى المضاعفات التي تحدث للطفل لو تركناه حتى يتحسن تلقائياً، وطبقاً لتعريف البوال فإن بدايته في سن الخامسة، أما البوال الثانوي فبدايته غالباً بين الخامسة والثامنة من العمر، وأغلب المصابون به يتحسنون في المراهقة ولكن تبقى نسبة 1% بوالين حتى مرحلة الرشد.
أما إذا كانت بداية البوال بعد سن الثامنة أو مرحلة الرشد فيجب أن نضع في الاعتبار الأسباب العضوية بشكل أقوى، وفي الأطفال الذين مروا بفترة جفاف سابقة ثم حدث لهم البوال يجب أن نفكر في وجود صعوبات نفسية لديهم.
المضاعفات: لو تركنا حالات البوال بدون علاج حتى تصل إلى الشفاء الذاتي مع تقدم العمر فإننا نعرض الطفل المصاب لمضاعفات نفسية خطيرة نذكر منها:-
1) ضعف صورة الذات ونقص احترامها وضعف الثقة بالنفس.
2) الخجل والشعور بالدونية.
3) الانطواء وعدم القدرة على التفاعل الاجتماعي بشكل طبيعي.
4) القلق أو الاكتئاب.
5) الحرمان من الذهاب للرحلات والمعسكرات وزيارة الأقارب خوفاً من حدوث الحالة.
6) الخوف من الزواج خاصة عند الفتيات.
تقييم الحالة:
عند تقييمنا لمثل هذه الحالات علينا أن نراعي عامل السن وشدة الحالة، ففي الأطفال الأكبر سناً تكون الأعراض مزعجة أكثر وتسبب وصمة للطفل، وهذا يستدعي تدخلا علاجية أكثر حسماً، في حين أن السن الأصغر لا يسبب مثل هذا القلق وبالتالي يسمح بتدخل علاجي هادئ يأخذ وقتاً أطول. وهذه الاعتبارات نراعيها أيضاً بالتوازي مع شدة الحالة.
ويتلخص تقييم هذه الحالات في النقاط التالية:
(1) التاريخ المرضي للحالة: وهو في غاية الأهمية للوصول إلى التشخيص الصحيح ولاستبعاد الأسباب العضوية ، ويجب أن يتضمن ذلك التاريخ نمط التبول والتبرز ، والفحصوات المعملية أو الاشعاعية والعلاجات السابقة أن وجدت .
(2) الفحص الطبي والعصبي: وهو شامل للبطن والأعضاء البولية والتناسلية والجهاز العصبي .
(3) الفحصوات المعملية والإشعاعية: تتضمن تحليلاً للبول لاستبعاد أعراض التهاب بالمثانة، أو مرض البول السكري أو البول المائي، وهذا بالإضافة إلى أشعة على الفقرات القطنية والعجزية للاطمئنان على حالة المراكز العصبية في هذه المنطقة خاصة لو وجدنا في الفحص الطبي أو العصبي ما يدعو لذلك خاصة ما يسمى بحالة الصلب المفلوج Spina Bifida، فكثيراً ما يتهم الصلب المفلوج على أنه السبب في البوال، ولتوضيح حقيقة الأمر نذكر ما يلي (حموده 1991):
يعرف الصلب المفلوج بأنه فشل التقاء الأقواس الفقارية، وهو على نوعين:
(أ) الصلب المفلوج الخفي (Spina Bifida occulta):
حيث يصيب المنطقة القطنية والعجزية من العمود الفقري، وقد يكون مصحوباً بإصابة الجلد المغطي له دون إصابة الحبل الشوكي أو السحايا، وقد تكتشف هذه الحالة عن طريق الصدفة عند تصوير الفقرات بالأشعة لأي سبب من الأسباب دون ظهور أية أعراض إكلينيكية لها، وقد يلفت النظر إلى هذه الحالة إصابة الجلد الذي يكسوها بشامة أو ورم دموي أو خصلة من الشعر، أو حفره في العجز أو ورم شحمي في المنطقة القطنية العجزية من الظهر، كما أن وجود اضطراب عصبي قد يشير إلى وجود الصلب المفلوج في بعض الحالات ولهذا الاضطراب العصبي أسباب عدة:
1) تشوه أو نقص الحبل الشوكي.
2) ربط الحبل الشوكي إلى أحد الأنسجة المجاورة الذي قد يؤدي شدة أثناء حركة العمود الفقري إلى تلف بالحبل الشوكي.
3) الضغط المباشر على الحبل الشوكي أو ذيل الفرس بواسطة مثير عظمي أو امتداد ورم شحمي داخل النخاع.
هذه الأسباب المؤثرة على الحبل الشوكي تؤثر على المسارات العصبية فيه فينتج شلل تقلصي سفلي، واضطراب إخراج البول الذي يحدث في هذه الحالة هو سلس البول(Incontinence ) وليس البوال(Enuresis)، حيث يكون تنقيط البول مستمراً ليلاً ونهاراً بالإضافة إلى ما يصاحبه من علامات عصبية في الطرفين السفليين ونقص(أو اختلال) الإحساس في منطقة السرج (Saddle shaped area).
(ب) الصلب المفلوج الكيسي (Spina Bifida Cystica ):
وفي هذا النوع يكون النقص العظمي متسعاً وتبرز خلاله السحايا والحبل الشوكي أو أحدهما، وفي حالة الفتق السحائي فإنه يؤدي إلى شلل ارتخائي في الطرفين وبالتالي سلس البول (حموده 1991):
العلاج:
هناك العديد من الوسائل العلاجية لحالات البوال وهي تتدرج من اتباع بعض التعليمات البسيطة إلى العلاج السلوكي والعلاج النفسي وأخيراً العلاج الدوائي. ويتم اختيار الوسيلة أو الوسائل العلاجية بعد التقييم الكامل للحالة بواسطة الطبيب المتخصص، ويراعى في الاختيار سن المريض وشدة الحالة وتعاون الأسرة، فالأطفال بين الخامسة والسابعة يستحب أن نبدأ معهم بالوسائل البسيطة (غير الدوائية) أما الأطفال الأكبر سناً أو الحالات الشديد فربما نفكر في أكثر من وسيلة من بينها العلاج الدوائي.
وفلسفة العلاج هنا هو أننا نساعد الطفل على التحكم بوسائل وإجراءات خارجية على أمل أن يكتسب القدرة على التحكم في وقت من الأوقات أو يحدث النضج التلقائي للأجهزة العصبية، وبالتالي نحمي الطفل من مضاعفات الحالة التي ذكرناها آنفا وبناءاً على ذلك يجب أن نشرح للوالدين وللطفل (إذا أمكن) طبيعة العلاج ودوره ومدته لكي يكونوا متعاونين معنا في تحقيق أهداف العلاج.
وهناك بعض الحالات ربما لا ترغب في العلاج طويل المدى ولكنها تحتاج فقط للعلاج في فترات مؤقتة حين الذهاب في رحلة أو معسكر أو زيارة لأحد الأقارب لفترات محددة، والعلاج يكون مفيداً أيضاً في تحقيق هذه الأهداف.
وفيما يلي بعض هذه الوسائل العلاجية المتاحة:-
1) اتباع بعض القواعد والعادات: مثل الامتناع عن شرب السوائل ليلاً خاصة تلك التي تسبب إدرار البول كالشاي والقهوة والكوكاكولا والعصائر بأنواعها المختلفة، وإذا شعر الطفل بالعطش فيكتفي بشرب كميات بسيطة من المياه العادية، ويتعود الطفل أن يفرغ المثانة وذلك بالتبول قبل الذهاب للنوم مباشرة، وأن يوقظه أحد أفراد الأسرة بعد ثلاث ساعات من بداية نومه للتبول أو يتم ذلك من خلال وضع منبه بجوار الطفل، وإذا تبول الطفل في هذا الوقت فإن المثانة تتحمل كمية البول المفرزة بقية الليل لأنه وجد أن معظم البول يتم إدراره في الثلث الأول من الليل ونتجنب لوم الطفل أو عقابه أو تغييره إذا أصبح وقد بلل فراشه، ولكن نطلب منه المشاركة في تنظيف ملابسه ومكان نومه.
ونراعي عدم مشاهدة أو سماع قصص مخيفة أو مثيرة قبل النوم ونتأكد من جود إضاءة كافية في غرفة نوم الطفل وفي الصالة وفي دورة المياه.
2) تدريب المثانة لزيادة سعتها: حيث يشرب الطفل كميات كبيرة من السوائل أثناء النهار ونطلب منه تأجيل التبول أكبر وقت ممكن حين يشعر بالرغبة فيه، ويزاد هذا الوقت تدريجياً على مدى عدة أسابيع وبذلك تزيد سعة المثانة وتتعود الاحتفاظ بالبول لفترة أطول.
3) تدريبات الانتباه والاستجابة: وتهدف هذه التدريبات إلى زيادة الشعور بامتلاء المثانة وتعلم الاستجابة الفورية لذلك الشعور ويمكن تحقيق ذلك بأحد الطريقتين التاليتين أو كليهما معاً:-
أ) لعب الدور: نشرح للطفل أننا وهو سنقوم بعمل تمثيلية حيث يمثل أحد الوالدين أولاً ثم الطفل أنه ينام ثم يشعر بامتلاء المثانة والرغبة في التبول فيقوم ويذهب للحمام (فعلاً) ويفرغ كمية من البول (فعلاً)، ويكرر لعب هذا الدور ثلاث مرات قبل النوم مع إفراغ جزء من البول في كل مرة وفي المرة الثالثة يفرغ البول تماماً ثم يذهب لنومه.
ب) لعبة رجل المطافئ: يتمثل الطفل بأنه رجل مطافئ وعندما نوقظه أو يوقظه المنبه أثناء الليل فإن عليه أن يقوم فوراً ليطفئ النار المشتعلة بواسطة البول الذي يفرغه في الحمام.
4) العلاج الأسري: وذلك بهدف:
0 استعادة جو الطمأنينة والهدوء والحب داخل الأسرة لكي يشعر الطفل بالأمان.
0 تجنب الشجار بين الوالدين خاصة أمام الأطفال.
0 تجنب القسوة الزائدة والتدليل الزائد.
0 مراعاة مشاعر الطفل بعد ميلاد طفل جديد.
0تجنب اللوم والعقاب للطفل على اعتبار أن هذه الحالة تحدث لا إرادياً في أغلب الأحوال، وتجنب معايرة الأخوة والأخوات له.
5) العلاج النفسي:
لإزالة الآثار النفسية التي تراكمت عند الطفل أو المراهق نتيجة الحالة ومحاولة استعادة ثقته بنفسه من خلال التأكيد على أنه غير مسئول عن حدوث هذه الحالة، وأنها قابلة للشفاء، وليست دليلاً على ضعف شخصية أو نقص فيه، ويرى بعض المعالجين أن البوال في بعض الحالات يكون صرخة استغاثة من الطفل ولذلك يجب الاستجابة لها ومساعدته في مواجهة صعوباته وصراعاته والعلاج النفسي في الأطفال لا يقوم بالضرورة على الحوار اللفظي ولكن يمكن الاستعانة فيه باللعب والرسم بجوار الحوار البسيط.
6) العلاج السلوكي:
أ- برنامج التدعيم الإيجابي:
السبت الأحد الاثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة.
تشرح الأم أو الأب للطفل أو الطفلة البرنامج بعبارة بسيطة مثل:"إنك الآن كبرت، وأعتقد أنك تريد أن نساعدك على أن تتوقف عن التبول في الفراش، فأنا أعرف أنها تسبب لك الإزعاج بسبب الرائحة والجهد الذي يتطلبه غسل أغطيتك وملاءات سريرك… وسنستخدم لذلك برنامج مكافآت… ولهذا نريدك أن تختار الأشياء التي تعجبك أو تحب أن تكون لديك(ونشتري له مجموعة من الهدايا الصغيرة التي يحبها بالإضافة إلى ملصقات على هيئة نجوم ذهبية) … والآن إذا مرت ليلة دون أن تبلل نفسك فسنضع نجمة ذهبية في جدول الأيام ونعطيك هدية من الهدايا"
تقدم المكافآت في اليوم التالي مباشرة إذا نجح الطفل في الحفاظ على عدم تبوله. والمكافآت تقدم يومياً وفوراً في الأسبوع الأول، ثم كل يومين في الأسبوع الثاني ثم كل أربعة أيام في الأسبوع الثالث، إلى أن تتوقف المكافآت المادية، ولكن نستمر لفترة طويلة في وضع النجوم الذهبية في جدول الأيام عن كل ليلة تمر دون بلل (إبراهيم وآخرين 1993)
امتدح سلوك الطفل أمام أفراد الأسرة في كل مرة ينجح فيها، ,إذا فشل الطفل في يوم من الأيام لا تقم بتأنيبه أو نقده بل دعه يضع الملابس والأغطية المبللة في المكان المعد للغسيل. تذكر أن الطفل سينجح في بعض الليالي وسيفشل في البعض الآخر فلا تيأس من المحاولات واستمر في تطبيق البرنامج حتى ينجح الطفل في التوقف عن التبول لعدة أسابيع.
ب- جهاز التنبيه الليلي : (Nocturnal Alarm) الفكرة في هذه الوسيلة هي إيقاظ الطفل للتبول في الوقت المناسب، وتتحقق بنوعين من أجهزة التنبيه.
" جهاز تنبيه عادي يوضع بجوار الطفل بحيث يوقظه بعد بداية النوم بثلاث ساعات على اعتبار أن أكبر كمية من البول يتم إفرازها في الثلث الأول من الليل.
" جهاز تنبيه خاص (Bell and pad apparatus) وهو عبارة عن جرس كهربائي متصل بدائرته شريحتين من المعدن إحداهما بها ثقوب(العليا)، وهاتين الشريحتين تشبكان بمشابك في الملابس الداخلية للطفل في حين يعلق الجرس كالعقد في رقبة الطفل بحيث يتدلى على صدره، وعندما يبدأ الطفل في البول تبتل ملابسه الداخلية فتغلق دائرة الجاهز ويرن الجرس فيستيقظ الطفل وهذه الطريقة لكي تنجح تحتاج لأن يكون الطفل أكبر من 7 سنوات ومستعد هو وأسرته للتعاون، وإذا توافرت هذه الشروط فإن نسبة نجاح هذا العلاج تصل إلى70% ، وإذا لم يستيقظ الطفل على صوت الجرس فيمكن لأحد الأبوين أن يوقظه حين سماع الجرس.
7) العلاج الدوائي:
هناك عدد من الأدوية المتاحة للعلاج نذكر منها:
1. الاميبرامين (تفرانيل) Tofranil وهو أحد مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، وهو يستخدم بجرعات صغيرة لعلاج حالات البوال منذ عام1960 وقد أثبتت الكثير من الدراسات جدواه في مثل هذه الحالات. وتبدأ الجرعة من 25مجم قبل النوم بساعتين وتزاد الجرعة بواقع 25مجم كل اسبوع حتى يتوقف البوال أو نصل إلى الجرعة القصوى للدواء وهي 5مجم /كجم من وزن الطفل أو تظهر الأعراض الجانبية للدواء بشكل واضح (جفاف الفم ، وزغللة العينين أو الإمساك) . وفي الأطفال الذين يتبولون في بداية النوم يستحسن أن نقسم الجرعة إلى جزئين الأولى بعد الظهر والثانية قبل النوم بساعتين .
ولو زادت الجرعة عن 3.5مجم / كجم من وزن الجسم فيجب عمل رسم قلب للمتابعة.
ونسبة نجاح هذا الدواء تصل إلى60% وهو يتميز برخص ثمنه وتأثيره الواضح والذي ربما يحدث نتيجة الآليات التالية:
" تقليل درجات النوم العميق فيصبح الطفل أكثر قابلية للاستيقاظ عند امتلاء المثانة.
" العمل على ارتخاء جدار المثانة وانقباض العضلة العاصرة (الصمام) من خلال تأثيره على الأسيتيل كولين.
" يعمل كمضاد للاكتئاب والقلق فيؤدى ذلك إلى تحسن الحالة النفسية للطفل.
والجرعة المعتادة يومياً هي 75-125 مجم مع مراعاة السن والوزن وظهور الأعراض الجانبية سالفة الذكر، وتستخدم الجرعة المناسبة لمدة 6 شهور ثم نعطي للطفل راحة فنوقف العلاج بالتدريج حتى نرى أن كان البوال قد توقف أم لا، وفي حالة عدم التوقف نعيد استخدامه ستة شهور أخرى.
2. الديسموبريسين (المينيرين) ( Desmopressin Minirine)
وهو عقار جديد نسبيا يعمل كشبيه لهرمون التحكم في إفراز البول مما يقلل من إفراز البول أثناء النوم، حيث ثبت أنه في حالات التبول اللاإرادي الأولى يكون مستوى هرمون التحكم في إفراز البول ليلاً (ADH) أقل من المستوى الطبيعي مما يسبب كثرة إدرار البول بما يفوق سعة المثانة.
وهو موجود في صورة بخاخة للأنف وفي صورة أقراص 0,1مجم و0.2 مجم ويستخدم لمدة 3 شهور ثم نوقفه بالتدريج فإذا عاد الطفل إلى البوال فيمكننا إعطاؤه دورة أخرى من العلاج……وهكذا حتى يتوقف، ويتميز هذا العلاج بالفاعلية والأمان حيث أن أعراضه الجانبية بسيطة ولا يشعر بها أحد باستثناء بعض الحالات القليلة التي يحدث فيها انخفاض مستوى الصوديوم في الدم (Hyponatraemia) ويمكن أن يلاحظها الوالدين حيث يشكو الطفل من صداع وغثيان وقيئ وفي هذه الحالة يوقف العلاج ويتم قياس نسبة الصوديوم في الدم. ولكن نظرا لارتفاع سعره فيقتصر استخدامه على المرضى القادرين على ذلك. وهذا الدواء الفعال يمكن استخدامه بشكل مؤقت أيضاً في الرحلات والمعسكرات والزيارات وقبل الزواج ونسبة نجاح هذا الدواء تصل إلى 93%.
3. أدوية أخرى
" مضادات الأستيل كولين (Anticholinergics ) وتستخدم كعلاج مساعد مع العلاجات الأخرى والأمثلة لها البلاسيد والبسكوبان وغيرها.
" مانعات استرداد السيروتونين النوعية SSRISوخاصة الفلوكستين والسيرترالين وهي في الأساس مضادات اكتئاب ولكن وجد في بعض الدراسات أن لها تأثيرا واعدا في حالات البوال
ماذا يجب على الوالدين فعله تجاه الطفل المصاب بحالة البوال؟
1- تشجيع الطفل على التوقف عن التبول في الفراش أو الملابس متى أحس به ثم الانطلاق نحو دورة المياه لإكمال التبول هناك.
2- وفي حالة تبول الطفل في الفراش يجب أن تغير ملابس الطفل المبتلة وتوضع ملاءة جافة فوق الموضع المبتل من السرير ؛ ولكي نساعد الطفل على الاستقلال وتحمل المسئولية نضع بجانب سريره ملابس بديلة ( بيجامة مثلا) وملاءة سرير بديلة بحيث يغيرهما بنفسه إذا حدث وتبول في الفراش.
3- وفي الصباح يجب أن نشجع الطفل على القيام بغسيل ملابسه وملاءة السرير المبتلة.
4- لا يلام الطفل ولا يعاقب ولا يعير لأن هذه الأشياء هي التي تحدث مضاعفات نفسيه خطيرة لدى الطفل.
5- يستحب تغليف المرتبة بالبلاستيك أو وضع مفرش بلاستيك تحت ملاءة السرير حتى يسهل تنظيف السرير، يمكن ارتداء ملابس داخلية سميكة.
واقرأ أيضًا على مجانين:
التبول اللاإرادي وأسبابه النفسية / الحلم والتبول أثناء النوم / التبول اللاإرادي مصحوبا بحلم! م / علاج التبول اللا إرادي والاكتئاب: هل له نهاية