كيفية الحد من انتشار الزواج العرفي
مشكلة الطلاق في الزواج العرفي:
يحدث أحيانا أن يتفق الطرفان على الزواج العرفي ثم يتغيب أحد طرفي العلاقة الزوجية لسبب أو لآخر وذلك مثل الغياب أو السفر إلى بلد عربي أو الموت.
وتكمن المشكلة في حالة ما إذا كان الزوج غير مصري – عربي (1) ويسافر إلى بلاده بعد أن تزوج عرفيا، ولا يعود ولا تعلم الزوجة متى يعود.
في هذه الحالة إذا رفعت الزوجة دعوى إثبات علاقة زوجية فإن تلك الدعوى لا تسمع لعدم تواجد الزوج لأنه يعتبر منكراً فيهذه الحالة.
فما هو الوضع بالنسبة لتلك الزوجة؟ فهي لا تستطيع أن تتزوج شخصا آخر لأنها في عصمة الزوج الغائب أو المفقود أو الميت فكما أن دعواها غير مسموعة أمام القضاء بالزوجية.
يرى الأستاذ/ حامد الشريف أن الحل
هو سماع دعوى إثبات الطلاق وذلك سواء أكان الزوج غاب عنها لمدة طويلة أو لم يعد أو أنه فعلاً طلقها، وذلك مع إنكار الزوج لواقعتي الزواج والطلاق.
وهذا الرأي يتفق مع قواعد الشريعة ومقاصدها، ومع قواعد القانون ويحل جميع المشكلات المترتبة على الزواج العرفي عند السقوط إلى هاوية الفساد ولا شك أن ذلك يمكن الزوجة من الزواج بزوج آخر إعفافًا لنفسها.
والقانون في المادة 99 من القانون رقم 78 /1931 قد خلا من النص على دعوى إثبات الطلاق من الدعاوى الممنوع سمعها بدون وثيقة رسمية.
الزواج الثاني العرفي هل هو ضرر يبيح التطليق.؟
وضع القانون المصري شروطا لتوثيق الزواج من أجنبي بمصرية هي:
1- حضور الأجنبي بشخصه. 2- ألا يتجاوز الفارق السني 25 سنة .
3- تقديم شهادتين لعدم الممانعة في الزواج من سفارته.
4- تقدم شهادتي الميلاد للزوجين .
كل هذه الشروط للحد من هذه الظاهرة التي انتشرت مؤخراً.
صدر قانون بسماع دعوى إثبات الطلاق من الزواج العرفي (2003)
إذا أرادت الزوجة الأولى وقد علمت بأن زوجها قد تزوج عليها وأرادت الطلاق فإنه لا يجوز لها طلب التطليق إلا في حالتين:
أولهما: أن يعترف ويقر الزوج أمام الجهات الرسمية أو أمام القضاء بالزواج الثاني. أما في حالة الإنكار فإنه لا تسمع دعوى الزوجة الأولى أمام المحاكم، وذلك لعدم تقديم وثيقة الزواج الرسمية الخاصة بالزوجة الثانية.
ولاشك أن ذلك تحايل على الزواج دون تمكين الزوجة الأولى من طلب الطلاق.
أما الزوجة الثانية المتزوجة عرفيا، فسواء كانت تعلم أو لا تعلم بأن زوجها قد تزوج من قبلها فإنه لا تسمع دعواها بالتطليق للضرر في هذه الحالة وذلك في حالة الإنكار أما في حالة اعتراف الزوج بالزواج العرفي فتسمع الدعوى ويحق لها طلب الطلاق.
هذا رأى القانون، أما رأى الشريعة: فهو يختلف عن ذلك، وقد سبق التنويه إلى أن الزواج الثاني لا يعتبر في الشرع ضرراً لأن الله أباح التعدد في الزواج دونما شرط ولا قيد سوى العدالة .
خاتمة
وبعد: فهذا هو الزواج العرفي والفرق بينه وبين الزواج الرسمي الموثق الشرعي وهو زواج فاسد لأنه بغير شهود، ومن أحكامه: أنه لا يحل للرجل فيه أن يدخل بالمرأة فإن دخل بها كان عاصيا ويجب تغريمهما والتفريق بينهما ويترتب على الدخول الآثار الآتية:
1- يرد حد الزنا عنهما لوجود الشبهة.
2- أن كان قد سمي مهراً كان الواجب الأقل من المسمى وهو مهر المثل .
3- تثبت بالدخول حرمة المصاهرة
4- تجب فيه العدة على المرأة وتبدأ من وقت مفارقة الزوجين أو أحدهما للآخر، إن تفرقا باختيارهما أو من وقت تفريق القاضي بينهما إن لم يتفرقا اختياراً، وتعتد المرأة لهذه الفرقة عدة طلاق حتى في حالة وفاة الرجل.
5- يثبت به نسب الولد وذلك للاحتياط في إحياء الولد وعدم تضييعه.
ولا يثبت شيء من هذه الأحكام إلا بالدخول الحقيقي، أما غير ذلك من الحقوق فلا ثبت كالتوراث بين الزوجين والنفقة والطاعة.. الخ .
ولأنه زواج يحمل عنوان المحرم كان جديرا بالمسلم.. الذي شانه أن يترك ما يريب إلى ما لا يريب – أن يمتنع عنه، ولا يقدم عليه، ولا يزج بنفسه في مداخله الضيقة التي لا تحمد عاقبتها، وليعتبره من المشتبهات وليستبرأ لعرضه ودينه ـ دينه عند الله وعرضه عند الناس ـ وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: عن ترك الشبهات (إن الحلال بيّن، وإن الحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات، وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) متفق عليه.
وأخيرا:
فأني قد ألقيت بعض الضوء على موضوع الزواج العرفي بين الشريعة والقانون وذكرت في ثنايا ذلك بعض الأضرار الاجتماعية المترتبة عليه
والحق أنني أوجزت في الحديث عن شروطه وأثاره لاشتراكه في كثير منها مع الزواج الشرعي الموثق، وهذه الشروط قد امتلأت بها كتب الفقه في أبواب النكاح والعقود.
وآثرت أن أركز على الفوارق بينه وبين الزواج الشرعي وأرجو أن أكون قد وفقت.
وختاماً:
جزى الله كل من قدم لنا يد العون والمساعدة جزاءاً موفوراً
واسأل الله العظيم أن يغفر لي تقصيري
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في 1/12/2004 صدر عن جريدة الأهرام مقال عن الزواج العرفي ذكر فيه أن هناك 30 ألف حالة إثبات نسب ناتج عن الزواج العرفي. أي 30 ألف طفل ليس لهم أب شرعي وبدون شهادة ميلاد. الأمر الذي يستدعي من المجتمع كله التوقف لمناقشة هذه الظاهرة ومحاولة تغيير التقاليد البالية المتعلقة بالزواج والتي لم يقبلها عقل ولا دين وخاصة المغالاة في المهور وتعبير الزواج وشروطه وخاصة زواج الأرملة والمطلقة فلقد كانت الأرملة في عصر النبي صلى عليه وسلم والمطلقة ـ كعاتكة بنت زيد والتي تزوجت بأكثر من صحابي فقد تزوجها عبيدة بن الحارث ثم عبد الله بن أبي بكر ثم عمر بن الخطاب ثم الزبير بن العوام ثم محمد بن أبي بكر ثم تزوجها عمرو بن العاص وكل أزواجها قتلوا وبقيت أيما حتى توفيت ـ لها العديد من الطالبين وحديث فاطمة بنت قيس مشهور والتي خطبها أكثر من صحابي في وقت واحد وقد ثبت أنها رضي الله عنها قالت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم :" يا رسول الله إنه خطبني معاوية وأبو جهم ", فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه، أما معاوية فصعلوك لا مال له, انكحي أسامة (رواه مسلم وأحمد) .
اقرأ ايضاً على مجانين :
محكمة الأسرة وروح القانون / نفسية المصريين : الزواج :أهم الاحتياجات العاطفية / الأبعاد النفسية للزواج ومشاكله في مصر / سر الخلافات الزوجية المتكررة