قال تعالى
" بسم الله الرحمن الرحيم "
وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو.... " صدق الله العظيم ( الأنعام آية 54 )
كثيرٌ منا قرأ هذه الآية الكريمة واستوقفته كلمة مفاتح الغيب ماذا تعني؟ وما هي؟
كلمة مفاتح تعني بدايات أما الغيب فهو كل ما لا ندركه بالحواس الخمسة، إذن ما هي مفاتيح الغيب؟
إن مفاتيح الغيب عند الله سبحانه وتعالى خمسة بيتنها الآية الكريمة الآتية :
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) صدق الله العظيم (لقمان:34)
بالنظر إلى الآيات الكريمة التي نحن في رحابها وبتدبرها والإمعان فيها سنجد أنها تحمل معانٍ وإعجازات كبيرة وعظيمة تجلت فيها قدرة المولى عز وجل ولنبدأ بالمفتاح الأول
المفتاح الأول:
إن الله عنده علم الساعة:
نتوقف عند كلمة (علم) ونلاحظ أننا هنا نتكلم عن علم الله لا علم البشر فما الفرق بينهما؟
علم الله وعلم البشر:
علم البشر هو نتيجة لاستخلاص معلومات حسية عن طريق الحواس فمثلا نحن نسمع بحاسة السمع و
لكن هل يستطيع إنسان أن يستغني عن حاسة السمع ويسمع؟!
لو فعل إنسان هذا لأصبح علم السمعيات له علم مطلق لأنه لا يعتمد على الحواس وهذا هو علم الله فهو علم لا يستخلص ولا يعتمد على وسائل حسية وعلمه علم مطلق كمالا تاما لا منقوصا كعلم البشر.
كما أن علم البشر علم احتمالي فواحد + واحد = اثنين إلى أن يثبت العكس أما علم الله فهو علم يقيني غير قابل للتغيير أو الإضافة.
و قد يعطينا الله شيئا من علمه إلا أنه يظل علما منقوصا ما ندركه منه أقل بكثير مما نجهله نتيجة لجهلنا الكيفية في كثير من الأمور
وفى الآية السابقة حسم الأمر عندما قال عز وجل أنه عنده علم الساعة فلا يستطيع بشر أن يعرفها فهو وحده يستأثر بعلمها وتوقيت حدوثها
المفتاح الثاني :
وينزل الغيث:
لنتأمل جيدا ونلاحظ فعل (ينزل) وهو فعل مضارع أي واقع، فلعلنا ونحن نكتب هذه الجملة يكون الغيث قد نزل بالفعل في مكان ما على الأرض ولنتأمل سويا كلمة غيث، ومن عظمة الله عز وجل وإعجازه لنا أن قال
(الغيث) وليس المطر فلم يقل ينزل المطر، والغيث من الإغاثة وهو الماء الذي به سر الحياة والذي ينزل على أرض جافة قاحلة فيحيها
وهناك من يقول أن العلماء يمكنهم إنزال مطر صناعي فإن كان يمكنهم إنزاله على أرض قاحلة فليقوموا بذلك.
ونلاحظ أيضا أن الله عز وجل لم يقل مثلا "وعنده علم تنزيل الغيث" مثلما قال وعنده علم الساعة، فالأمر هنا مختلف فكما قلنا علم الله علم مطلق لا نعلم عنه شيئا أما تنزيل المطر فنحن نستطيع أن نتنبأ بنزول الغيث وهذا ليس بالشيء الجديد على البشر بل منذ قديم الأزل والإنسان يستطيع أن يتنبأ بنزول الغيث وقمة الإعجاز هنا تكون في الكيفية فنحن نفتقد كيفية التنزيل.
فكان الأمر هكذا "يا عبدي ها أنا أعطيتك جزءا من علمي فهل تقدر أن تعلم الكيفية؟؟؟؟؟؟؟؟"
المفتاح الثالث:
ويعلم ما في الأرحام:
تتواصل إعجازات الله التي لا تنتهي لنمعن النظر في هذه الآية وكلمة (يعلم)مثل كلمة ينزل أي فعل مضارع لاستمرار حدوث الفعل في كل لحظة فجميع إناث الحيوان تقريبا تلد في أي لحظة وكل لحظة مولود جديد إلا أن قمة الإعجاز في كلمة (ما) لنجد صوتا يعلو ليقول العلم يستطيع أن يتنبأ بنوع الجنين ذكرا أم أنثى، بل وقد يقدر أن يستدل على شكله وجاءت كلمة (ما) لتصمت هذا الصوت فقال تعالى
(ما) وليس (من) الدالة على النوعية بل قال (ما) وهي تعني الكينونة والماهية، ماهية وكينونة هذا الشيء الموجود بالأرحام فهل يقدر العلم أن يقول لنا كيف تحولت الذرة العادية إلى خلية حيوانية سيبقى هذا التساؤل هو لغز العلم وهذا ما دلت عليه كلمة (ما)
المفتاح الرابع:
وما تدري نفس ماذا تكسب غدا:
سبحانك يا الله مهما اعتقدنا أن العلم يجيب على كل تساؤلاتنا أعجزتنا، مهما اعتقدنا أننا وصلنا لقمة المعرفة، و في الآية السابقة قد نجد من يقول أستطيع أن اعلم ماذا سأكسب غدا، فهل قال تعالى ماذا تكسب بفتح السين؟ لا بل قال تكسِب فلو قال تكسب بفتح السين لختلف الأمر فالكسب شيء يجنى عن طريق حساب المكسب والخسارة كما أن تكسَب فعل مقصور على الجانب المادي وهو علم احتمالي "علم الاقتصاد" وإن عرفت ماذا ستكسب فهل تستطيع أن تصف لنا ذلك على وجه الدقة!!؟
أما تكسِب فكلمة عامة يقصد بها جميع نواحي الحياة المجهولة عند جميع البشر فلو سألنا أحدا ماذا فعلت اليوم لوجدناه دون قصد يذكر جوانب شتى من حياته غير المكسب المادي فهل يمكننا التنبؤ بماذا ستكسب غدا أو لا تكسب؟! استحالة
المفتاح الخامس:
وما تدري نفسا بأي ارض تموت:
قد يكون أكثر وضوحا ويتناول قضية تناولتها علوم عديدة وأكثرها الطب وهو ما يتناول جسم الإنسان وصحته وتطوراتها حتى اللحظة الحتمية التي تنقطع فيها سبل الحياة وهذا العلم هو علم احتمالي أما عند الله فهو يقين والموت الذي قال الله أنه كتاب ولكل أجل كتاب، وهو بقليل من التفكير مجموعة طويلة وعقدة ومتفاعلة من عدة عوامل وشروط عديدة لا يستطيع الإنسان تحديدها أو فعلها وهذه الشروط ترتبط ببعضها بعلاقة غيبية لا يعلمها إلا الله، عند حدوثها ينتهي الأجل الذي لن يستطيع الطب أو غيره أن يتنبأ لنا به
وبالرغم من بساطة الآية الكريمة إلا أنها قمة الإعجاز "وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو" فليتنحى العلم جانبا ولينحني لعظمة الخالق فهذه قضية محسومة بكلمة (لا)
ولنا لقاء آخر
اقرأ أيضاً على مجانين :
الفصام (schizophrenia) بين العلم والسينما / السعادة الآن1