العلاقة الحميمة بين الجسد والروح (3)
العجز الجنسي:
لا نستطيع فهم العجز الجنسي دون الرجوع إلى ما سبق الحديث عنه من العلاقة بين الحب والجنس، والتوافق النفسي الجنسي، ومراحل النشاط الجنسي، وأحداث ليلة الزفاف لأنها كلها موضوعات مترابطة.
والعجز الجنسي كلمة عامة تطلق حين يعجز الزوج أو الزوجة عن أداء العلاقة الجنسية بشكل سليم ومرضي للطرف الآخر.
وهذا العجز قد يصيب أحد المراحل الثلاثة في العملية الجنسية أو بعضها وهي: الرغبة، والإثارة والنشوة (أو هزة الجماع أو الإرجاز).
وفى الرجل تكون المشكلة الأكثر هي ضعف الانتصاب وقد يكون راجعًا لمرض عضوي مثل السكري أو التهاب الأعصاب لأي سبب آخر أو مرض عضوي يؤثر في الحالة الصحية العامة أو نتيجة تعاطي أدوية مثل أدوية القلب أو الضغط أو بعض الأدوية النفسية.
ويكون العلاج في هذه الحالة بعلاج السبب، إضافة إلى استخدام الأدوية الحديثة المنشطة للانتصاب مثل الفياجرا والسيالس وغيرها على أن يكون ذلك بدرجة معتدلة ويتم التوقف عنها والرجوع إلى الحالة الطبيعية في أقرب فرصة ممكنة.
ويمكن البدء بتعاطي جرعة صغيرة من هذه الأدوية المنشطة مثلاً: ½قرص 50مجم قبل الجماع بساعتين على معدة غير ممتلئة، وإذا لم يكن ذلك كافيًا فيمكنه في المرة التالية زيادة الجرعة إلى قرص كامل 50مجم. وفي حالات قليلة قد نحتاج لقرص 100 ملجم كاملاً. ويراعى الاعتدال في استخدام هذه المنشطات خاصة لمرضى القلب والضغط وكبار السن عمومًا.
ويراعى أيضًا تفادي الاعتماد على هذه المنشطات بحيث لا يستطيع الشخص القيام بواجباته الجنسية إلا بها، فليس أفضل في النهاية من الممارسة الطبيعية المعتدلة، خاصة وأن الجسم ينظم احتياجاته الجنسية بشكل طبيعي طبقًا لاعتبارات الصحة العامة والسن، أما التنشيط الصناعي فإنه يتجاوز هذه الاعتبارات وبالتالي قد تكون له بعض المضاعفات. وهناك بالإضافة لذلك بعض التدريبات والإرشادات يقوم المعالج بتعليمها لمن يعاني من مشكلة ضعف الانتصاب لتساعده على المدى الطويل.
أما في المرأة فيطلق وصف البرود الجنسي وهو يعني نقص الإحساس باللذة الجنسية لدى المرأة، وهذا يجعلها لا تستثار جنسيًا بأي حال من الأحوال، وقد يكون هذا البرود موجودًا في المرأة منذ البداية أو يكون نشأ لديها نتيجة مشكلات في الممارسة من قبل الزوج كأن يكون أسلوبه قد نفرها أو أحدث لها آلامًا لذلك تبدأ في النفور من هذه العلاقة وتموت مشاعرها وأحاسيسها تجاهها.
وعلاج البرود يستدعى دراسة حالة المرأة الباردة من حيث الرغبة والاستثارة وبلوغ النشوة أو الهزة الجنسية، ومحاولة علاج الأسباب الموجودة أو تعديل أسلوب الممارسة من قبل الزوج أو الرجوع لما قبل ذلك والبحث في العلاقة العاطفية بين الزوجين ودرجة التوافق بينهما.
وإذا لم يكن هناك أسباب واضحة أو هناك أسباب لا يمكن علاجها، فيمكن مساعدة المرأة بإعطاء تعليمات لتدريبات تزيد من استجابتها الجنسية، وهذه التدريبات تتضمن اكتشاف الذات بمعنى اكتشاف مناطق الجاذبية الجنسية والإحساس الجنسي في جسدها من خلال برنامج يتم في أسبوعين، لمدة ساعة كل يوم تقضيها في الأسبوع الأول في التأمل في جسدها أمام المرآة وفي الأسبوع الثاني تتحسس جسدها لاكتشاف مناطق الإحساس والإثارة فيه.
وهناك تدريبات أخرى يقوم بها الزوجان سويًا لتحقيق هدف إعادة اكتشاف الخريطة الحسية الجنسية لكل منهما وتنشيط مراكز تلك الأحاسيس، هذه التدريبات تسمى تدريبات البؤرة الحسية.
وهناك فترات فتور مؤقتة قد تعتري أحد الزوجين وهذه الفترات تمر بشكل طبيعي دون الحاجة لأي علاج. وقد تمتد هذه الفترات لأسابيع وأحيانًا شهور ثم يعود النشاط الجنسي لطبيعته دون أي تدخل علاجي.
وهناك مشكلة أخرى تصيب الكثير من الزوجات حيث ثبت إحصائيًا أن 60% من النساء لا يبلغن هزة الجماع، في حين أن بعض النساء قد يبلغنها أكثر من مرة أثناء اللقاء الواحد. ومن لا تبلغ هزة الجماع قد تعاني من آلام ومشكلات نفسية أثناء وبعد اللقاء الجنسي خاصة إذا افتقد هذا اللقاء لأبعاده العاطفية.
أما إذا كان اللقاء يتسم بالحب والود والتعاطف من الطرف الآخر فإن الزوجة تستمتع باللقاء على الرغم من عدم بلوغها هزة الجماع، فهي تستمتع بحالة الحب التي تعيشها في تلك اللحظات، خاصة وأن الجنس بالنسبة للمرأة لا يفترق أبدًا عن الحب، بل قد يسبق الحب الجنس في الأهمية لديها عكس الرجل الذي قد يسبق الجنس الحب لديه.
وبعض الرجال قد يتأخر القذف لديهم وهذا إما أن يكون نتيجة تعاطي العقاقير خاصة مضادات الإكتئاب، أو يكون نتيجة ضعف الإثارة أو تكرار الجماع بشكل يجعله روتينيًا والعلاج هنا يكون بعلاج السبب.
العلاقات الجانبية وأثرها على العلاقة الجنسية بين الزوجين:
أحيانًا يكون للزوج (أو للزوجة) علاقات عاطفية أو جنسية أخرى (كاملة أو غير كاملة) خارج إطار الزواج.. فماذا يا ترى سيكون أثر هذه العلاقات الجانبية على العلاقة الجنسية بين الزوجين؟
أولاً: يحدث تسريب للطاقة الجنسية لأن الطاقة الجنسية عبارة عن شحنة، فلو صرفنا هذه الشحنة في مسارات جانبية سوف يضعف بالضرورة المسار الرئيسي، وأحيانًا يحدث تحول بالكامل لهذه الطاقة إلى مسار بديل فتفشل تمامًا العلاقة الجنسية داخل إطار الزواج ويبدأ الزوج في إلقاء اللوم على زوجته على أنها لا تستطيع مساعدته ولا تتزين له بالقدر الكافي، في حين أن المشكلة تكمن فيه هو.
ثانيًا: المقارنة بين زوجته وبين عشيقته، وهي مقارنة ظالمة لأن الزوجة ليست مجرد موضوع عاطفي أو جنسي خالص وإنما هي كل ذلك بالإضافة لكونها أم وربة منزل وموظفة أحيانًا، أما العشيقة فهي تتجرد من كل ذلك في لحظة اللقاء فتصبح موضوعًا عاطفيًا أو جنسيًا فقط، ولو وضعت في مكان زوجته وقامت بنفس الأدوار فستفقد بالضرورة الكثير من سحرها وجاذبيتها. وهذا ما يحدث حين يتزوج الرجل عشيقته ويبدأ في رؤيتها في سياق الحياة اليومية الطبيعية، فيراها وهي تصحو من نومها بغير زينة، ويراها وهي مهمومة بشئون البيت والأولاد والوظيفة، وهنا يكتشف أنها امرأة أخرى غير التي عرفها في لحظات اللقاء العاطفي أو الجنسي التي كانا يختلسانها قبل الزواج.
ثالثًا: أثناء لقاء الرجل -ذو العلاقات العاطفية الجانبية- بزوجته فإنه تنتابه مشاعر متناقضة مثل الشعور بالذنب تجاه زوجته، أو تداخل صورة زوجته مع صورة عشيقته، أو الخوف من أن تعرف زوجته بما يفعله، كل هذا يؤدي إلى تشتت ذهنه وإلى أضعاف قدرته الجنسية.
هذه هي الجوانب النفسية في تأثير العلاقات غير المشروعة على العلاقة الزوجية، ولكن هناك جانب روحي وديني آخر غاية في الأهمية، خلاصته أن من يمد عينيه أو أذنيه أو يديه خارج حدود بيته يعاقبه الله على ذلك في الدنيا والآخرة وعقابه في الدنيا يأتي في صورة فشله واضطرابه في علاقته الزوجية، وهذا الشيء ملحوظ بوضوح، فكلما كان الرجل وفيًا لزوجته مخلصًا لها كلما كانت علاقته الجنسية بها متوافقة وموفقة؛
أما إذا بدأ في العبث خارج المنزل فإن علاقته بها تضطرب، وليست فقط علاقته بها بل علاقاته في عمله وعلاقاته في الحياة كلها وكأن ذلك عقاب له من الله على خيانته، وهذا الكلام الذي ذكرناه ينطبق أيضًا على المرأة حين تخون، وكأن هناك قانون يقول بأن من يسعى للحصول على لذته الجنسية في الحرام يحرم منها في الحلال ولا يجدها حتى في الحرام ذاته.
وهناك نقطة أخيرة في موضوع تسريب الطاقة الجنسية في العلاقات الجانبية، وهي أنه ربما لا يكون لأحد الزوجين علاقة بآخر، ومع هذا تتسرب الطاقة الجنسية من خلال العادة السرية، فبعض الأزواج والزوجات يستمرون في ممارسة العادة السرية حتى بعد الزواج، ونسبة منهم ربما تفضلها على العلاقة الجنسية وذلك إما بسبب تعودهم عليها قبل الزواج أو بسبب ما تتيحه من تخيلات مثيرة، أو ربما لفقدان الإثارة مع الطرف الأخر. المهم أن الاستمرار في ممارسة العادة السرية بعد الزواج لأي سبب من الأسباب يعمل على تفريغ الطاقة الجنسية ويؤدي بالتالي إلى قصور في العلاقة الجنسية أو فتور تجاهها.
ويلحق بذلك العلاقة بالمواقع الجنسية على الإنترنت أو على الفضائيات فهي تؤدي إلى حالة من الإجهاد والاستنزاف ليس فقط للطاقة الجنسية ولكن أيضًا للطاقة الذهنية والجسمانية، حيث أن خداع التصوير وإبهاره وتغير المناظر والأوضاع يستلزم حالة عالية من التركيز والانتباه وبالتالي يؤدي إلى إجهاد شديد للجهاز العصبي، إضافة إلى أنه يحدث ارتباط شرطي بين مشاهدة هذه المواقع وحدوث اللذة الجنسية فتصبح بديلاً للذة الحاصلة من اللقاء الجنسي مع الزوجة أو الزوج.
اقرأ أيضاً:
الدردشة الالكترونية وحوار الأعماق / الحوار وقاية من العنف / الثانوية العامة....مرحلة دراسية أم أزمة نمو ؟