وقف أ.د عادل صادق عليه رحمة الله في أحد اللقاءات التي جمعت أساتذة الطب النفسي وكبار الأخصائيين قائلا وهو يبتسم من يعرف لي الفصام أو شيزوفرينيا فلم ترتفع يد للإجابة لأن الجميع قد فهموا ما يرمي إليه الأستاذ الدكتور العالم عليه رحمة الله وهو ما أوضحه قائلا......
أننا على الرغم من أننا ندعي أننا نعالج الفصام منذ سنوات.... فإن المشكلة الحقيقية التي تواجهنا أننا لا نعرف حقيقة ما هو الفصام.... لأننا كل يوم نكتشف جديدا في كيمياء هذا المرض تجعلنا نتأكد أنه أمامنا وقتا طويلا حتى نصل إلى علاج حقيقي... علاج بالمعنى الذي يفهمه الناس وهو أن يشفى المريض تماما وتختفي الأعراض ويعود إلى حالته الطبيعية..
أننا الآن نتعامل مع مجموعة متباينة وممتدة من الأعراض التي تجعل حتى وصف الفصام بأنه مرض ليس دقيقا ويصبح السيندروم باللغة الإنجليزية أو المتلازمة باللغة العربية هو الوصف الأكثر دقة أي أننا في الحقيقة لا نتعامل مع مرض واحد ولكن مع طيف من الأمراض التي اتفق على أن تسمى بالفصام...
لماذا ننقل هذا الحوار وماذا يستفيد القارئ العادي منه..... نفضل ذلك من أجل توصيل قناعة إلى أهل المريض وإلى كل الناس أن مريض الفصام عندما لا يعالج أو عندما نخبر أهله بأن علاجه سيستمر طوال العمر.. فهذا ليس تقصيرا من الأطباء أو عجزا منهم ولكنها طبيعة هذا المرض.... وأيضا حتى لا يظل الأهل يجرون وراء سراب كاذب فيتنقلون من طبيب إلى طبيب... لأنه ربما وجدوا عند أحدهم العلاج الناجح.
يأتي أهل المريض يشكون لقد كان ابننا ناجحا، لقد كان من الأوائل حتى السنة الأولى من الجامعة... وفجأة بدأ ينعزل ويرفض الذهاب إلى الكلية، إنه يتصور أن زملاءه يتكلمون عنه... أو أن أساتذته يضطهدونه أو أن هناك من يراقبه... أو يسيطر على أفكاره أو أن زملاءه جميعا يعرفون ما يدور في نفسه من أفكار ويتطور الانعزال من عدم النزول للكلية... إلى عدم الخروج من الغرفة ... ويقل اهتمامه بنظافته الشخصية ويرفض الخروج من الغرفة... ويقل اهتمامه بنظافته الشخصية ويرفض الاستحمام.... أو لا يهتم بملابسه... ثم هو يجلس في غرفته يتكلم مع نفسه وكأنه يرد على أصوات يسمعها... وقد يعلن ذلك أن هناك من يأمره بفعل أو يسبه أو يعلق على تصرفاته... أو هو بدأ يقوم بتصرفات شاذة فلا مانع عنده من أن يخلع ملابسه تماما... أو يمارس العادة السرية أمام الناس.. أو يجمع القمامة أو أشياء غريبة في جيوبه... إنها الضلالات والهلاوس السمعية والانعزال والتصرفات الشاذة والعاطفة المتبلدة، وتدهور الوظائف وعدم القدرة على الأداء.
نحن لا نريد ممن يقرأ المقال أن يشخص الفصام، ولكن نريد أن ينتبه أن الأمر يتعلق بمرض يحتاج إلى مراجعة الطبيب لأن المشكلة الكبرى في مرض الفصام بصورة خاصة وفي المرض النفسي بصورة عامة هو حالة الإنكار التي يقوم بها الأهل في مواجهة ما يرونه من أعراض تظهر على ابنهم... فهم قد يصلون إلى تصديق ضلالات ابنهم حول اضطهاد الآخرين له أو كلامهم عنه وربما اشتركوا في تأكيد ضلالاته بالرغم أن الفاصل هو أن الضلالة هي اعتقاد لا يقبل ممن هم في نفس المستوى التعليمي والاجتماعي والسني... ولكننا في البداية لا نريد أن نعترف بالمرض ويفسر الأهل الهلاوس السمعية التي يتلقاها ابنهم بأن الجن والعفاريت يحدثونه أو أنه مليوس أو ملموس فيلجأون إلى المدعين النصابين الذين يؤكدون لهم أن هذه الأصوات التي يسمعها ابنهم هي من أثر العمل أو السحر مما يفاقم حالة ابنهم المزمنة حيث تتعمق ضلالاته فقد وجد من يؤكدها ويثبت صحتها.....
إننا ببساطة نطلب ممن يرى أن ابنه قد انعزل عن أصحابه ورفض الاتصال بهم وقبع في غرفته رافضا النزول لدراسته أو عمله وتدهور مظهره واهتمامه بنظافته أو أصبح في حالة من اللامبالاة والتبلد سواء صاحب ذلك ضلالات من نوع أن الناس يضطهدونه أو يسيطرون على أفكاره أو هلاوس ظهرت من حديثه مع نفسه أو عبر عنها...
من رأى ذلك فيلجا أولا وبسرعة إلى الطبيب النفسي لأننا سنكون بصدد مرض يحتاج للعلاج...
إن الاكتشاف المبكر لمرض الفصام يجعل النتائج افضل والقدرة على السيطرة على الأعراض أسرع فهل نجحنا في إلقاء بعض الضوء على ذلك المعلوم........... المجهول
واقرأ ايضا:
الفصام / هل الفصام ..... هو ازدواج الشخصية ؟!!! / ضحايا الاعتقال المنسيون