تحضير الإنس للجن شيء معروف في عالم السحر والدجل، وقد أشارت أكثر من آية في القرآن إلى طبيعة الاتصال بين الإنس والجن، من ذلك قوله تعالى:" وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً"، وقوله تعالى:" وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ"، وغالب آيات القرآن تذكر العلاقة النفسية والمساعدة تكون من هذا النوع، يعني التأثير على نفسية الناس، ويذكر العلماء أن أكثر الناس الذين يتأثرون بذلك هم العصاة والمبتعدون عن منهج الله، غير أنه ليس من المقبول أن نقول:
إن الجن ساعدوا الجاني في عملية القتل، لأن هذا فيه نوع من الخلل في سنن الله في الكون كما أفهم، فالأصل أن الجن عالم، والإنس عالم آخر، نعم قد يحدث اتصال، ولكن المساعدة لا تكون في القتل، وإلا لكان من الجائز أن تقوم الجن بمساعدة الجناة لسرقة البنوك والناس، ويساعدونهم في أشياء كثيرة، وهذا غير موجود وغير مقبول.
و يؤيد هذا أن الجن والسحر حين ذكره القرآن الكريم فهو نوع من التخييل، كما قال تعالى في شأن موسى حين عمل السحرة أعمالهم "فخيل إليه من سحرهم أنها تسعى"، وفي شأن العلاقات الاجتماعية، قال:" يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله".
ولكن استحضار العفاريت في حادثة قتل عشرة من بني مزار بالمنيا، وأن الجاني حضر الجن وساعدوه في ذلك، وأنه ذبح لهم حماما، يعتبر مشكلة لها أطراف عدة.
أولا: أن الجاني حتى الآن لم يعلم هل هو شخص أم أكثر حتى نقول إن الجن ساعده، حتى لو كان واحدا، ولكنه قد يكون شريرا ومجرما تعود على احتراف القتل.
بل يمكن للجناة أن يفعلوا هذا ظنا من أن الجن يساعدهم ، وليس بحقيقي، ولكنهم يتوهمون وهم الجناة الذين يفعلون كل شيء.
الثاني: أنه ليس هناك أجهزة أمنية تقوم بحماية الناس، وهذا يعني أن العشوائية التي تركتها الدولة تسببت في هذا، وهو دور تحاسب عليه الدولة أمام الله، إن صح أنه ليس في البلدة "نقطة شرطة"، أو " عمدة".
الثالث: عدم المقاومة للجرائم وهو أمر أقره الإسلام ، وقد قال صلى الله عليه وسلم :"من مات دون نفسه فهو شهيد، ومن مات دون ماله فهو شهيد".
وهناك تفسير يلجأ إليه الناس دائما حين يفشلون في شيء، أو يريدون الهروب من شيء أن يفسروه على أن له صلة بالجن هروبا إلى عالم الخيال، بدلا من مناقشة مشاكلهم بشيء من الموضوعية.
والواجب علينا أن نناقش مشاكلنا بواقعية، بدلا من ظلم العفاريت الذين نظلمهم معنا ،ونستدعيهم عندما نريد الهروب.
واقرأ أيضا:
هل فعلها المجنون في بني مزار/ لغز مذبحه بني مزار/ حادث "عزبة شمس الدين" / إمامة المرأة .. مصيدة أمريكية/ النكاح في الدبر .. الشجرة المحرمة