ظاهرة العنف في المجتمع المصري(2)
الوقاية والعلاج:
لابد وأن نعترف بأن مواجهة ظاهرة العنف هي واجبنا جميعا بلا استثناء لأن الظاهرة تحرق الجميع بلا تفرقة, وتعطى صورة سيئة عنا في الداخل والخارج, لذلك يجب أن نكف عن اتهام بعضنا البعض وإسقاط المشكلة على الآخرين أو إلقاء التبعة عليهم وانتظار الحل منهم، ومن المهم أن نعترف بأننا أصبحنا في نظر العالم بيئة مصدرة للعنف والإرهاب, وأننا بالتالي نحتاج كمجتمع للتأهيل النفسي والاجتماعي والسياسي والديني, وأن العالم الآن يفكر (بحسن نية أو بسوء نية) كيف يتم هذا التأهيل, فكأننا أصبحنا نمثل أحد عشوائيات العالم التي تحتاج للعلاج والتأهيل بعد أن كنا أرض الحضارة ومهبط الديانات.
0 مبادئ عامة في الوقاية والعلاج:
1) توجيه العناية نحو الفئات الهشة (الأكثر قابلية لاستثارة العنف) للتعرف على مثيرات العنف لديها ومحاولة خفض هذه المثيرات.
2) دراسة حالات العنف دراسة علمية مستفيضة لاستكشاف الجوانب العضوية والنفسية والاجتماعية التي تحتاج إلى علاج.
3) الحوار الصحي الإيجابي لإعطاء الفرصة لكل الفئات للتعبير عن نفسها بشكل منظم وآمن يقلل من فرص اللجوء إلى العنف.
4) التدريب على المهارات الاجتماعية، حيث وجد أن الأشخاص ذوي الميول نحو العنف لديهم مشكلات كثيرة في التواصل والتفاعل الاجتماعي مما يضعهم في كثير من الأحيان في مواجهات حادة وخطرة مع من يتعاملون معهم، وهذا يستثير العنف لديهم، لذلك فإن برنامجاً للتدريب على المهارات الاجتماعية كمهارة التواصل ومهارة تحمل الإحباط وغيرها، يمكن أن يؤدي إلى خفض الميول العدوانية لدى هؤلاء الأشخاص.
5) العقاب، أحياناً يؤدي العقاب المناسب (خاصة إذا كان قريباً من الفعل العنيف زمنيا) إلى تقليل حدة وتكرار السلوكيات العنيفة من خلال الارتباط الشرطي بين العنف والعقاب، ولكن إذا كانت هناك فترة زمنية طويلة بين الفعل العنيف وبين توقيع العقوبة، أو كان العقاب غير متناسب مع الفعل العنيف فإن العقاب ربما يؤدي إلى نتيجة عكسية فيزيد من احتمالات زيادة العنف، وهذا ملاحظ في الحالات التي تتعرض للإيذاء الجسدي والنفسي العنيف حيث يصبحون أكثر ميلاً نحو العنف، بل ويزداد عنفهم خطورة.
6) الاستجابات المغايرة، وهذه الطريقة تقوم على مواجهة السلوك العنيف بسلوك مغاير تماما يؤدي إلى إيقاف العنف والتقليل من معاودته، وكمثال على ذلك إذا وجد الشخص ذوي الميول العنيفة أن الشخص المقابل يعامله بحب وتعاطف وشفقة فإن ذلك يقلل من اندفاعاته العنيفة، وهذا مصداق للآية "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" ومثال آخر؛ أن تقابل الميول العنيفة بالدعابة من الطرف الآخر، وقد وجد فعلا بالتجربة أن الدعابة والطرافة في المواقف الحادة تقلل من احتمالات العنف، ووجد أيضاً أن إيقاظ الإحساس بالذنب أو الانغماس في نشاط ذهني معرفي، أو التعرض لبعض المثيرات المحببة للشخص، كل هذا يمكن أن يؤدي إلى انخفاض نزعات العنف.
7) العلاج الدوائي، وهذا العلاج يصبح ذو أهمية خاصة في الحالات المرضية كالاضطرابات العضوية أو النفسية وحتى في غير هذه الحالات وجد أن لبعض الأدوية مثل الليثوم والريسبيريدون وأدوية الصرع أثراً على نزعات العنف.
0 مسئولية السلطة السياسية:
- البدأ فورا ودون تراخ أو انتظار في عملية الإصلاح السياسي الحقيقي الذي يؤدى وبسرعة وبلا خوف أو تردد إلى نظام ديموقراطي تعددي يستوعب كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي دون نبذ أو وصم أو استبعاد أو إلغاء أيا كانت أسبابه أو مبرراته.
- الكف عن اغتصاب السلطة التنفيذية أو التشريعية بالتزوير أو بغيره من المحاولات المكشوفة للجميع, والتي يمكن أن تعصف بكل شيء في لحظة انفجار لا يعلم مداها أحد.
- إلغاء قانون الطوارئ الزى أدى إلى تنامي أحداث العنف بدلا من أن يحد منها, وخلق حالة من الاحتقان الأمني والسياسي لا مبرر لها.
0 مسئولية السلطة الأمنية:
- الالتزام الكامل بالقوانين العادية وبحقوق الإنسان في التعامل مع المواطن.
- الابتعاد عن الصراعات السياسية والطائفية والتعامل مع المصريين جميعا بشكل متعادل وحيادي.
- استعادة ثقة المواطن في أجهزة الأمن وتشجيعه على أن يكون عونا لتلك الأجهزة في السيطرة على المجموعات الإرهابية والخارجين على القانون.
- محاسبة كل من ينتهك حقوق الإنسان من المنتمين إلى جهاز الشرطة.
0 مسئولية وزارة التربية والتعليم:
- استعادة الدور التربوي للوزارة حتى لا يتم هذا الدور في الأماكن المغلقة وفى التنظيمات السرية, أو لا يتم أصل.
- تطوير التعليم بالشكل الذي يؤدى إلى انتهاء أزمة الدروس الخصوصية فعلا لا قولا.
0 مسئولية الإعلام:
- إشاعة قيم التسامح والصدق والعدل والرحمة وغيرها من الأخلاقيات.
- الكف عن الاستفزاز الإعلامي والاستهلاكي والأخلاقي في مجتمع فقير ومتدين.
- الكف عن الكذب والتضليل والخداع ونفاق الحكام لأن كل ذلك من شأنه فقد الثقة لدى الناس في التغيير الحقيقي والتعبير الحقيقي بما يفتح احتمالات وخيارات التغيير العنيف.
- إعطاء الفرص المتكافئة لكافة الأطياف السياسية والاجتماعية والدينية والثقافية للتعبير عن نفسها بحرية دون حجر أو وصاية أو إلغاء أو استبعاد.
0 مسئولية المؤسسات الدينية:
- محاربة الفكر الديني الإستقطابي والكف عن اللعب على الوتر الطائفي.
- إشاعة قيم المحبة والقبول للآخر المختلف.
- عدم الاكتفاء بالقبلات والأحضان التليفزيونية بل الدخول في عمق المشكلات وحلها بأمانة وموضوعية.
- ممارسة الأنشطة التربوية والدينية والثقافية في جو مفتوح وبعيد عن السرية.
- الكف عن الشحن الطائفي بكل الوسائل خاصة لدى الشباب.
0 مسئولية الأسرة:
- رعاية الأبناء واحتوائهم.
- إشاعة جو الحوار والتفاهم داخل الأسرة.
- تعليم الأبناء قيم الاختلاف ومهارات حل الصراع.
اقرأ أيضا:
أزمة النمو في شعر عبد الرحمن الأبنودي(7) / بين الإبداع والابتداع