إن قامت الحرب فلن تقوم إلا في منطقتنا العربية "... جملة كان يرددها أستاذي ومعلمي د.عاطف رضوان الذي أمدني بمعلومات كثيرة ومساندة كبيرة حول كيفية التعامل مع الكوارث من الناحية النفسية والاجتماعية، وقد صدقت مقولته وتوقعاته فقامت الحرب في لبنان، فكيف لنا أن نساعدكم يا إخواني بلبنان؟ وكيف نمد لكم يد العون؟ لنتحرك ونبدأ بما هو في أيدينا... ما في أيدينا نحن العاملون بالمجال النفسي هو العلم!!
قد تقولون: وماذا يفعل العلم الآن؟ فأقول لكم قد يفعل القليل ولكن أن نضيء شمعة خير من أن نلعن الظلام، والعلم الذي في أيدينا هو علم النفس وعلم الاجتماع والطب النفسي وكل هذه العلوم يمكن أن تقدم بعض من المساعدات النفسية للناجين من الحرب، إن الآثار النفسية للحروب أكبر من الآثار والإصابات الجسدية، وكل من يتعرض للحرب يتأثر بها نفسياً سواء كان شيخاً أو طفلاً أو حتى شاب قوي، ولكن هذه الآثار النفسية المدمرة تختلف باختلاف عوامل متعددة من أهمها:
1- ظروف الصدمة ومدى استمرارها.
2- الفروق الفردية في الاستجابات الإنسانية تبعا لقوة البناء النفسي قبل الحرب، والإيمان بالله سبحانه وتعالى وسمات الشخصية وغيرها.
3- رؤيتنا للعالم وللحرب تحدد انفعالنا بالأحداث، فمن يرى أن القتيل هو شهيد يكون أقدر على المواجهة مثلاً.
4- طرق مواجهة العوامل الضاغطة والتكيف معها أو التغلب عليها.
5- يزداد احتمال تطوير اضطراب ما بعد الصدمة لدى الأشخاص الذين لديهم اضطراب انفعالي سابق.
6- كلما كان التدخل العلاجي والمساندة النفسية فورية كلما كانت الآثار النفسية غير مزمنة.
أطلب من زملائي بسوريا والأردن الذين نزح إلى بلادهم عدد من اللبنانيون أن يتابعوا سلسلة مشروع المساندة النفسية في الكوارث التي بدأت من عدة أشهر، ويبدؤون بزيارة الناجين بأنفسهم للاطمئنان على حالهم وإشعارهم أن العرب والمسلمين يشعرون بهم، ويستفسروا عن حالتهم النفسية فالتفريغ النفسي أو "الفضفضة" في جو مطمئن يساعد على إخراج بعض الهموم حتى لا تترك آثارها الرهيبة فيما بعد، كما يساعد على معرفة من ظهر عليهم بعض الاضطرابات النفسية استمرار الإحساس بالفجيعة أو كرب ما بعد الصدمة (PTSD) ويقومون بدعمهم نفسياً كما أوضحته في مقال سابق بعنوان الصحة النفسية في مواجهة الكوارث، وجزاكم الله كل خير
واقرأ أيضاً:
التفكير العلمي في مقابل التفكير الخرافي والأسطوري / اسمك... ودلالته / وحدة للتدريب على طب الكوارث بالزقازيق