تتوالى الإحصائيات والدراسات الأسرية في الدول العربية لتؤكد على أن الطلاق أصبح ظاهرة اجتاحت المجتمعات العربية فها هي دراسة مصرية من مركز المعلومات بمجلس الوزراء المصري تؤكد أن40% من حالات الزواج انتهت بالطلاق خلال السنة الأولى من الزواج وأن 70 % من هذه الحالات من نوعيه الزواج الأول وأن معظم الشريحة العمرية لهذه الحالات لم تتجاوز الثلاثين عاما وها هي إحصائيات أخرى تخرج علينا من منطقة الخليج العربي لتؤكد أن حالات الطلاق في هذه المنطقة وصلت إلى 47 % من حالات الزواج الحديث وأيضا معظمها من شريحة الأعمار الشبابية كما أظهرت دراسة نشرت على موقع نساء عربيات أن أعلى معدلات طلاق كانت في الكويت حيث بلغت 67% بينما هذه النسبة في المملكة العربية السعودية بلغت 35% خلال العام الحالي بينما لم تتجاوز هذه النسبة خلال عام 1422 هجرية حسب إحصائيات وزارة العدل السعودية عن 19%حيث كان إجمالي حالات الزواج 90982 بينما بلغت عدد حالات الطلاق 18765 في هذا العام بينما بلغت نسبة الطلاق في الإمارات 26%
وكانت أعلى معدلات الطلاق في الشريحة العمرية من 20 إلى 30 عام، حيث وصلت نسبة المطلقين في هذه السن إلى 42% من إجمالي عدد المطلقين، وتنخفض حالات الطلاق بالنسبة للإناث بعد 39 سنة بينما تصل عند الرجال إلى معدلات مقاربة بعد سن الـ 50 . ومعظم حالات الطلاق تمت في السنوات الست الأولى من عمر الزواج، و 15% من حالات الطلاق تمت في أول سنة من عمر الزواج و 37% تمت وعمر الزواج ما بين 1 إلى 6 سنوات و 21% تمت وعمر الزواج بين 6 إلى 10 سنوات و 26% تمت وعمر الزواج 10 سنوات، وقد أكدت هذه الأرقام دراسة (الطلاق في الإمارات) التي أعدتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية. وتضمنت الدراسة أيضا أنه من بين 4305 حالات زواج حدثت بين المواطنين عام 96 وقعت 1326 حالة طلاق على مستوى الدولة، وسجلت أبو ظبي أعلى نسبة طلاق إذ من بين 1291 حالة زواج حدثت 573 واقعة طلاق.
كما أن منطقة المغرب العربي لم تكن بمنأى عن هذه الظاهرة حيث وصلت حالات الطلاق في هذه المنطقة إلى 25% من حالات الزواج الحديثة (خلال عامين من الزواج) كما أنني عايشت بنفسي قصة صديق لي في الثلاثينات من عمره أقبل على تجربه الزواج الثاني من إحدى أقاربه وذلك بالرغم من ثنائه المستمر على زوجته الأولى واستقرار حياته معها ولكن فاجأني بعد شهر فقط من زواجه بفشل هذه الزيجة الثانية نادما على ما أقدم عليه معتبرا أنه أساء الاختيار وأخطأ في حق زوجته الأولى وبالرغم من أنه أطلعني على أسباب طلاقه تعلقت بسوء تعامل الزوجة الجديدة معه لدرجة أنها حولت حياته إلى جحيم إلا أنني تأكدت أن هناك خلل خطير اندس في حياتنا الأسرية ودفعها إلى الانهيار.
وقد فرضت عليه هذه القصة والأرقام المفزعة تناول هذه القضية التي تحولت من كونها ظاهرة إلى سلوك عربي أصبح يهدد مجتمعاتنا العربية والإسلامية التي من المفترض لو التزمت بقواعد دينها الإسلامي الحنيف المنظمة للحياة الزوجية لعاشت في ظل سعادة واستقرار أسرى يحسدها عليها أصحاب النحل والملل الأخرى ولكن الواقع العربي في هذه الظاهرة يدفعنا لنؤكد أن هناك خللا في التركيبة الاجتماعية بسبب البعد عن جوهر ديننا الحنيف الإسلام ولكن من خلال ما اطلعت عليه من دراسات وأبحاث في هذا الشأن خلصت إلى أن ظاهرة الطلاق وانتشارها بهذه الصورة وقف وراءها أسباب عدة على رأسها أن معظم شبابنا لم ينزلوا العلاقة الزوجية مكانتها في شريعتنا ويكفينا أن الله عز وجل وصف هذه العلاقة بالميثاق الغليظ فقد قال ربنا في كتابه العزيز [وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً] (النساء : 21 ).
بل وصل الاستهتار بقضية الزواج في تصور شبابنا العربي إلى درجة أنهم اعتبروه مجرد استمتاع جنسي حتى يقضى من زوجته وطرا ثم يلقي بها إلى سلة المهملات ولا نعيب فقط على الشباب بل وصل الأمر ببعض الفتيات بعد الزواج بأنهن يطلبن الطلاق لأسباب ما أنزل الله بها من سلطان ومنها ما أثبتته الدراسات الأسرية في مصر حيث إن هناك أكثر من 10 % من حالات الطلاق كانت سببها عدم اقتناع البنات بشخصية أزواجهن ومنهن من طلبن الطلاق بسبب (شخير) الزوج أثناء النوم ومنهن من طلقت بسبب شكاواها من رائحة قدم زوجها وعرقه وعلى هذا الغرار نجد أن أسباب الكثير من حالات الطلاق كانت من (الهيافة) بمكانة كبيرة وتناسى هؤلاء المتورطون في ظاهرة الطلاق أنهم يدمرون اللبنة الأولى في بناء المجتمع وبالطبع لابد أن نعترف جميعا أن الآباء والأمهات تناسوا دورهم في تعميق قيمة الأسرة في نفوس أولادهم ولعل ما نشهده من انتشار الطلاق ما هو إلا ثمرة لتناسي الآباء والأمهات لدورهم هذا.
الفيديو كليب
ومن أخطر ما استخلصته من خلال قراءتي في الدراسات التي تناولت قضية الطلاق أن 50%من الشباب العربي طلق بسبب أنه كان متخيلا أن زوجته سيكون أداؤها في فراش الزوجية على نمط (استايل) فنانات الفيديو الكليب (أصحاب الفن المحرم) وأنا لا أنكر على أي زوج أن يسعى لأن تكون زوجته في الصورة التي يودها من أجل أن تعفه عن المحرمات بل أطالب كل زوجة مهما كان عمرها بان تتميز في علاقتها الزوجية بما فيها العلاقات الجنسية ولكن على شبابنا أن يعلم أن هناك فرق كبير بين الزوجة العفيفة وبين من تفننت في إباحة جسدها لكل من يريد أن ينهشه وقبل أن نغلق هذا الأمر لابد أن نعلم جميعا أن وسائل الإعلام الناقلة لمثل هذا الفن الرخيص كانت من معاول الهدم لقيمة الأسرة في نفوس أجيالنا وعلى أصحاب هذه الفضائيات أن يفيقوا من غيهم ويعودوا لرشدهم فكفاهم هدما لشبابنا.
كما أننا نجد أن تقصير أحد الزوجين في فراش الزوجية وعدم إشباع هذه الرغبة بصورة مرضية كانت مسببة لأكثر من 45% من حالات الطلاق وأن المسئولية عن ذلك كانت متساوية بين الزوجين وهذا يدفعنا لأن نقول إن الأسر العربية مازالت غير حريصة على تحصيل الثقافة الجنسية لمن هم مقبلين (فقط) على تأسيس عش الزوجية وعلى الجمعيات المهتمة بشئون الأسرة تقديم التثقيف الجنسي بضوابطه الشرعية لمن هم على أبواب الزواج عن طريق دورات يقوم بتدريسها المتخصصين في هذه المجالات حتى نتفادى هذا التقصير.
التكافؤ وحسن الاختيار
كما كان من الأسباب الدافعة بقوة إلى خروج ظاهرة الطلاق على سطح حياتنا الاجتماعية سوء اختيار أحد الزوجين لبعضهما حيث أظهرت كثير من الدراسات أن هذا العامل تسبب في الطلاق بنسبة 10% في الوطن العربي لأن معظم هذه الحالات تظاهروا بمظاهر بعيدة كل البعد عن حقيقة شخصيتة ولذلك على كل من أقدم على الزواج أن يظهر خفاياه قبل أن تظهر بصورة صدامية بعد الزواج تؤدي إلى الانفصال في نهاية الأمر .
كما أن الاختلال في التكافؤ بين الزوجين في مختلف مجالات الحياة كان سببا للانفصال في حالات قاربت نسبتها 3% في منطقة الخليج وذلك بخلاف ما يترتب عليه من خلافات بين العائلات ولعل ما حدث بالمملكة العربية السعودية مؤخرا من إقدام إحدى العائلات على قتل أحد أزواج ابنتهم بسبب عدم التكافؤ بينه وبين زوجته خير دليل على وجود هذه الظاهرة خاصة في حالة تصميم الشباب أو الفتيات على زواج شخص بعينه وهنا لابد أن يكون لنا وقفة جادة فعلينا أن نراعى بوضوح ما وجهنا له الإسلام في هذا الشأن فلا نستطيع أن ننكر أهمية التكافؤ بين الطرفين كما يحكمنا أيضا في ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) الترمذي وابن ماجة.
وقد يفرض علينا ذلك مراعاة التكافؤ بين الزوجين وبين قبول أصحاب الدين والخلق القويم وعمل معادلة التزاوج بينهما حتى نقضي على هذا السبب الفعال في ظاهرة الزواج، كما كان نصيب الزواج الثاني من حالات الطلاق مفزع في بعض الدول كمصر حيث وصلت نسبة الطلاق فيه إلى أكثر من 60% ووصفه كثير من الدراسات بالغريب على طبيعة المجتمع وعدم قبوله في المجتمعات النسائية (للأسف) بالرغم من إقرار الشرع للتعدد بصورة تحل كثير من المشاكل الاجتماعية التي تعانى منها المجتمعات العربية وعلى رأسها مصر التي بها أكثر من خمسة ملايين عانس لكنه كان أكثر استقرارا في منطقة الخليج حيث لم تتعد نسبة الطلاق فيه 29% وهى أيضا إحصائية من الخطورة بمكانة فبالرغم من أن ثقافة التعدد مستقرة ومقبولة بين النساء في هذه المنطقة إلا أن ظاهرة الطلاق طالت هذه المجتمعات وذلك يجعلنا نؤكد على أن التعدد بالشروط التي أقرتها شريعتنا الإسلامية الغراء ضمن لنا استقرار هذه الزيجات ولكن كان كثير من حالات الطلاق لأثرياء تزوجوا من أجل قضاء الوطر بصورة حلال كما صوروا لأنفسهم ولكن عليهم أن يعلموا أن الزواج بهذه الصورة ما هو إلا درب من دروب زواج المتعة المحرم بالكتاب والسنة.
كما كان من أسباب ارتفاع نسبة الطلاق في المنطقة العربية أيضا تطبيق قانون الخلع في بعض الدول كمصر والتي وصل بها عدد المطلقات بالخلع خلال 3 سنوات 5 آلاف حالة وذلك حسب إحصائيات دفاتر وزارة العدل المصرية وأن المزعج فيها أن نصفها لزيجات حديثة، وفى النهاية لابد أن تتكاتف جهود مؤسسات المجتمع المدني والعلماء والباحثين في دراسات الأسرة حتى نتخلص من هذه القضية التي أطاحت باستقرار الأسرة العربية وتحولت من كونها ظاهرة إلى سلوك عربي.
اقرأ أيضاً:
في مجتمعنا الإسلامي.حالة طلاق كل 6 دقائق / أمي تعايرني بطلاقي : غدا سيفهمون ! / قرار الطلاق