أوجه الشبه بين قتل صدام والمستعصم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
قرأت مقالة حضرتك أوجه الشبه بين قتل صدام والمستعصم وحقا ما حدث لبغداد الحزينة على يد المغول هو نسخه بالكربون لما يحدث الآن. في عام 1258 سقطت العراق على يد هولاكو قائد المغول وفى العام2003 سقطت بغداد على يد راعى البقر بوش قائد "قطيع الهمج"وفى كلا الحالتين لم يدافع جنود وشعب بغداد عنها ومن الأسباب الأساسية لسقوط بغداد الأولى والثانية هو فساد الحاكم وخيانة من حوله "ففي الوقت الذي كان فيه التتار يسيرون في بلاد المسلمين قتل وتدمير وتخريب كان خليفة بغداد المستعصم يلهو في الحفلات والمراقص" وفي الوقت الذي تنداس فيه بلاد ومقدسات المسلمين أيضا كان حاكم بغداد صدام يلهو مع الأمريكان ينكل بشعبه يغزو ويقتل شعب عربي مسلم.
بالأمس كانت الخيانة على يد ابن العلقمي واليوم كانت على يد السستاني ومقتدى الصدر والمعارضة العراقية الجلبي والمالكي وما شابهم من الخونة فخيانة سقوط بغداد 1258 كان الهدف منه إزالة الدولة العباسية وبداية الدولة العلوية وعندما وصلت جواسيس هولاكو إلى الوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمي ببغداد، وتحدثوا معه، ووعدوا جماعة من أمراء بغداد بعدة وعود ولم يحققوا هؤلاء الخونة غايتهم فيؤكد المؤرخ "الشيرازي" في كتابه (تاريخ وصاف) أن المغول بعد أن تم لهم تدمير الخلافة، لم يلق منهم ابن العلقمي ما يؤمله، بل بالعكس إذ سريعاً ما انقلبوا عليه، وأخذوا ينظرون له نظرة ازدراء واحتقار بسبب خيانته لخليفته المسلم، وأكد الشيرازي أنهم عاملوه بمنتهى الإذلال والإهانة، إذ جعلوه تابعاً لشخص يدعى ابن عمران، الذي كان خادماً في الخلافة العباسية!!
وسقوط بغداد 2003 كان من أجل إنهاء الحكم البعثي "السني" وبداية الحكم الشيعي والطمع في نفط وخيرات العراق ولا يعلم هؤلاء الخونة أنهم لا قيمه لهم عند الأمريكان وما هم إلا أداه تستخدمها أمريكا لإضعاف المسلمين وإذلالهم وكل ذلك ينصب طبعا في مصلحه الصهاينة وبعد ذلك سوف تلقى بهم في أقرب صندوق للقمامة.
ولعل أكثر المواقف شبهًا بين إعدام صدام كالأضحية في عيد الأضحى وقتل المستعصم هو توجيه الإهانة للمسلمين، وإن كانت إهانة الأمة الإسلامية بموت صدام هي في توقيت إعدامه، فإن إهانتها بموت المستعصم كانت في الوسيلة التي اختارها المحتل لقتله..
لقد تم وضع المستعصم في جوال أو لفه في سجاده وتم ركله بالأقدام حتى الموت وكما كان المستعصم حاكما فاشلا وشخصية ليست على قدر المسئولية،أضاع مجد تم بنائه من مئات السنين إلا أن العالم الإسلامي كله قد حزن عليه ليس حبًا فيه وفي نظام حكمه ولكن لأنه كان رمزًا للخلافة العباسية العريقة، وأيضًا لأنه قُتل على يد مجموعة من الهمج الوثنيون وكذلك صدام حسين فبالرغم من انه دمر العراق بحروبه الثلاثة وجر المنطقة العربية كلها لحرب الخليج عندما غزا دوله الكويت التي لم يكن لها أسباب ولا أهداف واضحة إلا إشباع غروره وتنفيذ مخطط الأمريكان وهذا ما استدرجوه له مما ساعد على احتلال بلاده وتدميرها وتدمير الجيش العراقي الذي كان يعتبر من أقوى الجيوش العربية والإسلامية ووضع قدم الأمريكان في المنطقة وسيطرتها ونهبها لثروات الخليج فبالرغم من كل ذلك إلا أن الشعوب الإسلامية أيضا حزنت حزن شديد ليس لإعدامه وإنما لأنه تم قتله على يد مجموعه من الخونة ما هم إلا خيالات مآتة في يد الأمريكان ينفذون ما يريدون الأمريكان ضاربين بمصلحه بلادهم عرض الحائط.
وإذا نظرنا دكتور مصطفى نظره تأمليه لما وصل إليه المسلمين من هوان وذل وضعف سنرى أن السبب الأساسي بصرف النظر عن الخيانة والمكائد هو البعد عن الدين وجبروت الحاكم وطغيانه وفساده واستسلام الشعوب له ولظلمه وعدم إبداء أي نوع من الاعتراض ولن يكون النصر حليف للمسلمين إلا في حاله رجوعهم إلى كتاب الله وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم عندما يكون العدل أساس الملك عندما توحد كلمه المسلمين عندما تكون غايتهم النصر أو الشهادة عندما يتم وصف جند المسلمين مثل ما وصف العربي ابن هزاز جند موقعه اليرموك عندما أمره أحد قاده الروم أن يدخل بين جند المسلمين ويقيم بينهم يوم وليله ثم يأتيه بخبرهم فدخل ابن هزاز في جيش المسلمين، فأقام فيهم يوماً وليلة، ثم رجع إلى قائد الروم، فقال له القائد:ما وراءك؟
قال: بالليل رهبان، وبالنهار فرسان، ولو سرق فيهم ابن ملكهم قطعوا يده، ولو زنى رجم لإقامة الحق فيهم.
فقال القائد: لو كنت صادقا فيما حدثتني لبطن الأرض خير من لقاء هؤلاء على ظهرها، ولوددت أن حظي من الله أن يخلي بيني وبينهم، فلا ينصرني عليهم، ولا ينصرهم علي.
بهذه الكلمات البسيطة عبّر هذا العربي عن بعض أسرار القوة التي عند المسلمين، والتي كانت من أسباب نصرهم على جيوش أكثر منهم عدة وعتاداً، ومن ذلك:
-قوة الإيمان والصلة بالله عز وجل .
-الحرص على إقامة علم الجهاد ورفع رايته.
-الحرص على إقامة الحق وتطبيق الشريعة على الكبير والصغير، ولا تأخذهم في ذلك لومة لائم .
ولعل وعسى أن يكون في إعدام صدام صحوة المسلمين الدافع الذي يدفع المسلمين للثأر وان يخرج من بينهم قطز كما كان في مقتل المستعصم ونسترد على يده مقدسات وأرض المسلمين المحتلة على يد أبناء القردة والخنزير وأخيرا كما انتقم رب العزة من الخائن ابن العلقمي كما أكد لنا كثير من المؤرخين ومنهم المؤرخ "النويري" أن هولاكو بعد أن استباح بغداد وأكرم ابن العلقمي في البداية، استدعاه ثم شتمه ووبخه على عدم وفائه لمن هو ولي نعمته والمحسن إليه يقصد الخليفة العباسي المستعصم، ثم أمر بقتله، لكنه تراجع وجعله يعيش ذليلاً مهاناً فلندعو الله أن يكون هذا مصير كل من تأمر على سقوط بغداد 2003 وكل خائن يخون وطنه وعروبته ودينه ولكن على يد أبناء هذه الأوطان من الشرفاء والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
منى السمان
16/1/2007
أختي العزيزة "منى"
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وسلمت يداك لما كتبت من توضيح واستفاضة ومقارنة تاريخية دقيقة تفيدنا في رسم إستراتيجية هامة لمستقبل أمتنا؛ ويعلم الله عز وجل مقدار ما بي من قلق وانزعاج على ما قد تأتي به الأيام والشهور والسنوات القادمة، فما قام به المحافظون الجدد مخطط سابق لدى مؤيدي الصهيونية العالمية للإيقاع بمنطقتنا بصورة خاصة والدول الإسلامية بصورة أشمل وأعم؛ وذرائعهم في ذلك لا تنتهي ؛ فتارة محاربة الإرهاب وتارة البحث عن أسلحة الدمار الشامل وتارة التطرف الديني وأحياناً بذريعة حماية الأصدقاء والحلفاء وعددوا من ذرائع ولا حرج ... وللأسف هم يجدون من بيننا من يصفق لأفكارهم وذرائعهم لأمراض في نفوسهم عافانا وعافاهم الله.
وكما احتقر هولاكو ابن العلقمي بالأمس ورفض أن يحقق له أيا من أحلامه والتي كان أبسطها هو بناء مدارس كثيرة للمذهب الشيعي بالدول الإسلامية التي سيطر عليها المغول - ولكن هيهات هيهات فلم ينل التعس إلا الكمد والحسرة، وأكد المؤرخون أنه مات بعد غزو بغداد بثلاث سنوات كمداً وحسرة على ما ناله من سراب أفكاره وآماله، وبعد أن سبه هولاكو على خيانته للمستعصم وفكر جديا في قتله كما قتل خليفته المستعصم - وستحتقر دول التحالف الصهيوني كل من يساعدها من أهل منطقتنا، ومن لا يصدق هذا فلينظر إلى مشاهد إعدام صدام حسين ومشاهد قتل ولديه من قبل والتي سُربت لوسائل الإعلام مع سبق الإصرار والترصد!!!، هذه الوحشية الغربية الصهيونية هي ضد كل مبادئ حقوق الحيوان قبل أن تكون ضد حقوق الإنسان..أليس كذلك؟!!
والذي يبث في نفسي بعض الاطمئنان أن وحشية هولاكو وقسوته مع المسلمين قد جعلت أول حاكم مسلم من عائلة جنكيز خان وهو السلطان بركة خان بن جوجي بن جنكيز خان - والذي كان معاصراً للخليفة المستعصم قبل قتله، وكانت بينهما مراسلات وسفارات حيث كان السلطان بركة خان يحكم معظم روسيا وأجزاء من أوروبا وبعضا من الصين في ذلك الوقت - يحمل في صدره ونفسه غضباً شديداً على فعلة ابن عمه الأصغر هولاكو من قتله للمستعصم بهذه القسوة وتحطيمه لعاصمة الخلافة بغداد، وقد أدى ذلك إلى حدوث موقعة عظيمة بعد عدة سنوات من سقوط بغداد؛
وبعد هزيمة القائد المغولي كتبغا - تلميذ هولاكو - وقتله على يد قطز في عين جالوت انتصر في هذه الموقعة السلطان المغولي المسلم بركة خان على ابن عمه الوثني هولاكو بل وقُتل عدد هائل من الطرفين، وقد أصيب هولاكو باكتئاب شديد وهلك غماً وحسرة بعد معركته تلك مع ابن عمه المسلم "بركة خان" و صدق الله تعالى "وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ".و قوله تعالى أيضاً: "وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ". ولعلي أكتب عما قريب عن هذه الدولة المغولية المسلمة ومدى تأثيرها على نشر الإسلام ووقف المد الوثني لدولة هولاكو وأحفاده بعد ذلك.
وكما قلت أنت أختي العزيزة علينا أن نستعد لما سيأتي من أحداث بعد غزو بغداد ومقتل صدام وبعد المجازر الوحشية الصهيونية في جنين والخليل وطولكرم وغزة ونابلس.....و.....و و...و..و..على مستوى الأشخاص والأسر والقبائل والمجتمعات باستعادة العلاقة الصحيحة السليمة مع الله عز وجل، والتمسك بأخلاق العزة والشجاعة والثقة مع التسامح بيننا والسعي لإصلاح ذات البين واستعادة وحدة الكلمة والصف والأخذ بيد من حديد على المفسدين الانتهازيين الطفيليين الذين يأخذون ولا يعطون؛
وينهبون خيرات الوطن ويهربون. وطرق الإصلاح كثيرة ولكن كلها يبدأ من رغبتنا الحقة كأشخاص وأسر وقبائل ومجتمعات وشعوب في العودة إلى الله مع رغبتنا الصادقة جميعاً في ألا يصيبنا ما أصاب بغداد وأهلها. ومن هذه النقطة الأخيرة بدأ استعداد أهل القاهرة وأهل مصر لصد المد المغولي -الذي لم يُقهر من قبل - منذ أكثر من سبعة قرون، فانتصروا بعون الله وتدبيره في تشتيت قوة المغول ونشوب الحروب بين أحفاد جنكيز خان في الشرق مع هزيمتهم الساحقة في عين جالوت، "ولله الأمر من قبل ومن بعد" .
وأقرأ أيضا:
لماذا تنعي مجانين صدام حسين مشاركتان / لماذا تنعي مجانين صدام حسين؟ / الموت في بلدي علنا والمقبلات مجانا / صدّام حسين ليس بطلا