الاضطرابات النفسية عند ديتلف ميليس(3)
مظاهر اضطرابات السادية- المازوخية عند ميليس:
1- في أسلوب التحقيق: يبدأ مقاربته الأولى بموقف مازوخي خاضع وتابع ومتفهم، ثم تتفجر ساديته في المرحلة الثانية من التحقيق. وهي سادية يمارسها ميليس بدعم من الحماية والقوة الأميركية وليس بتقنية شخصية خاصة، وهذا يشير إلى مازوخية معنوية متأصلة في طبيعته.
2- في المؤتمرات الصحفية: في المؤتمرات الصحفية التي عقدها في لبنان نراه قوياً وثعلباً كما يحب للكثير في لبنان تسميته، أما في المؤتمرات في الأمم المتحدة بعد تسليم تقريره الأول للأمين العام للأمم المتحدة ووجود نسختين نلاحظ كيف كان متلعثماً ومرتبكاً ومتوتراً بمعنى آخر كان أرنباً وهكذا كان سادياً في سلوكه الصحفي في لبنان ومازوحياً في سلوكه الصحفي في الأمم المتحدة.
3- في لقاءه الشخصيات: نلاحظ السادية المسيطرة في طريقة جلوسه وأسلوب حديثه مع المسئولين اللبنانيين، والعكس تماماً في جلسة الأمم المتحدة، نلاحظ الموظف المطيع الملتزم المهذب الذي يخشى أي ملاحظة أو نظره من رؤساءه وهذا واضح من خلال طريقة تسليمه لتقريره للأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، بمعنى آخر نلاحظ المازوخيه أمام رؤساءه، قد يعتبر البعض هذا رئيسه في العمل وهذا نوع من الاحترام، ولكن ألا نلاحظ طريقة سلامه على بوابة الخارجية السورية مع الدكتور الداوودي واللطف والخضوع الزائد الذي أبداه حتى في حركة جسده، وموافقته على كل ما عرض من الجانب السوري دون أدنى اعتراض، ثم يذهب ليقول أمام الأمم المتحدة في تقريره بأن سوريا لم تتعاون وسبب لسوريا القرار 1636 أليس في ذلك الكثير من السلوك المازوخي السادي.
4- الساديه لدى ميليس مصطنعة من خلال على اعتماده على أجهزة المخابرات العالمية وخاصة الأمريكية وهي ملاحظة من سلوكه المهني الحالي والسابق وتقودنا إلى فقدان ميليس للمرجعيات الأخلاقية مع استبداله لها بالاستعداد للخيانة والانقلاب على مبادئه وأقواله، إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك، وهي انقلابات مألوفة في سلوك ميليس في التحقيق. ونجد لها مشابهات في القضايا السابقة التي حقق فيها. حيث كانت نتائجه خاضعة دوماً لمعلومات المخابرات الأميركية تحديداً. كما أن الانقلاب على الشهود هي من السوابق المعروفة لميليس. ولعلنا نجد في انقياد ميليس وراء الرواية الكاذبة لمحمد زهير الصديق خير دليل على عدم ثبات مرجعياته الأخلاقية. إذ قبل الرواية لأنه يريد تصديقها. ولو كان هو قاصراً فعلاً لحد تصديق الرواية فعلاً لأعتبر ذلك مصدر شك بذكائه ونفس الشيء كرر مع الشاهد هشام طاهر هشام.
5- عدم ثبات المرجعيات الأخلاقية: وهو ما تثبته مراجعة ملف ميليس وسلوكه في القضايا السابقة. وفيه اللجوء إلى صفقات لا تراعي تقاليد طبيعة التحقيقات عبر احتوائها على عناصر المؤامرة. عدا عن فشله في التوصل إلى نتائج دقيقة محددة قابلة لاعتبارها حاسمة من قبل المحاكم، والملفت في كافة القضايا التي حقق فيها أن اتجاه المؤامرات يميل دوماً نحو المصالح الأميركية مع الاضطرار إلى خنق الحقيقة وتطويعها لمصلحة أميركا، وهكذا تتحول تحقيقات ميليس إلى أداة ضغط في يد ساسة أميركا إما لتحقيق أهداف ومصالح لها أو لتساوم على حساب تحقيقات ميليس، وسلوك ميليس مع سوريا ليس جديداً، فله تجارب في محاولة توريطها في تحقيقاته السابقة، ولكن اختلاف الظروف ومطالب الأميركيين الراهنة واختلاف القضايا تجعل من المقارنة والمقاربة غير موفقة.
6- الميول العدوانية الموجهة: حيث وجه ميليس عدوانيته في الاتجاهات الممانعة لأميركا، وهي ممانعة لا تفسر أو تؤدي إلى اغتيال الحريري. إذ ركز ميليس على سوريا والرئيس اللبناني إميل لحود ومحيطهما (هذه العدوانية التي توسعت خلال الانتخابات لضمان فوز السعديين في الانتخابات) متجاهلاً بذلك احتمالات المنافسة الاقتصادية وانطلاقة الاغتيال من داخل محيط الرئيس الحريري وتياره وأيضاً احتمالات ورطات إسرائيلية أو حتى دولية أبعد كثيراً من سوريا. باختصار فقد مارس ميليس عدوانيته على الأعداء الافتراضيين لأميركا في لبنان.
7- الكذب ومن يتابع الصحافة الإسرائيلية التي كذّبت ميليس وأعلنت أن مسئوليها من زود ميليس بالكثير من المعلومات عن اغتيال الحريري.
8- من الأمثلة الأدبية على الشخصية المازوخية Masochistic Personality آنا كارنينا في كتاب آنا كارنينا للكـاتب Leo Tolstoy، وشـخصية تيري وان في كتاب البحث عن السيد غودبار للكاتبة Judith Wharton وشخصية تيس في كتاب تيس دور برفيل لـ Thomas Hardy. يمكن الاطلاع عليها للوقوف على نماذج من الشخصية المازوخية.
مظاهر من اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع:
للشخصيات المعادية للمجتمع (السيكوباتية) والتي تسمى أيضاً الشخصية المعتلة أخلاقياً أو الشخصية المستهينة بالمجتمع أو المعتلة اجتماعياً أخطاء عدة فهم لا ينصاعون للحدود الاجتماعية والقانونية وعندهم غياب الشعور الواعي بالذنب وتنقصهم قدرة الشعور مع أو من أجل الآخرين، لكنهم مع هذا قد يكونون في أول لقاء شديدي الجاذبية والتأثير، لذلك قد يبدو أنهم قادرين على إنشاء علاقات اجتماعية وجنسية بسرعة ولكنهم غير قادرين على الاحتفاظ بها بسبب عدم احترامهم القاسي للآخرين وحاجاتهم.
وعدم اهتمامهم وعدم مسؤوليتهم لا يظهر بالدرجة نفسها في كل المواقف، فليست كل الالتزامات الشخصية والمهنية منكرة وليست كل الوعود غير منجزة، وعدم احترام الحقيقة لا يرافق كل المواقف الحياتية.. ومن الأمثلة الأدبية شخصية فليكس كرال في كتاب اعترافات كرال للكاتب Thomas Mann وشخصية مايكل كورليوني في كتاب العراب وشخصية مستر هايد في كتاب الدكتور جيكيل ومستر هايد للكاتب Robert Louis Stevenson .
ومن خلال ما عرضت من ملاحظات على طريقة وأسلوب ووقائع عمل ميليس نجد:
* عدم التزامه بالمبادئ والمعايير الاجتماعية.
* عدم احترام القانون والانصياع له
* العدوانية.
* عدم المبلاة بالحقيقة أو الاكتراث بها.
* النفاق وخلق وقائع لا تمت للواقع والحقيقة بصلة.
* الافتقار إلى الضمير أو الشعور بالندم.
* التبجح في انجازاته وتحليلاته التي تطال أموراً خارج اختصاصه أيضاً، كحديثه (إن اعتداءات مثل لابيل هي التي مهدت الطريق أمام الاعتداءات التي شهدتها نيويورك) إشارة إلى أحداث أيلول (سبتمبر) 2001.
إضافة إلى عدم ثبات المرجعيات الأخلاقية، والميول العدوانية الموجهة، وجميعها دلائل ومعطيات تنسجم مع مظاهر من اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.
ويتبع >>>>>>>> : لغة الجسد عند ديتلف ميليس
* نشرت على الشبكة العربية للعلوم النفسية