جاء يطلب مني إعطاءه شهادة مرضية فسألته عن مرضه فقال لي: الامتحانات فداعبته قائلا: أما زلت تخشى الامتحانات وأنت الآن وكيل مدرسة وفي الخمسين من عمرك؟.. ثم إنك تعلم أنني لا أعطي مثل هذه الشهادات "المضروبة"، فأطرق بوجهه خجلا وحرجا وتمتم قائلا: أعرف كل ذلك، وأنت أيضا تعرف عني بحكم الصحبة والقرابة أنني أمقت مثل هذه الأشياء ولكنني في أزمة لا أجد منها مخرج، فكل عام تتعرض حياتي للخطر بسبب الامتحانات حيث أكلف برئاسة مجموعة من اللجان كل عام في منطقة م، وأنا –كما تعلم– لدي مشكلة مزمنة لم أستطع علاجها حتى الآن وهي أنني أصر على منع الغش في كل اللجان التي أترأسها.
قلت له أعرف ذلك وأذكر أننا كل عام كنا نبحث عن وسيلة نخرجك بها من مقر اللجنة حيث كان يتجمع أهل البلدة أو القرية أو المنطقة يحاولون الفتك بك لأنك ضيعت مستقبل أبنائهم وبناتهم وأذكر كيف كان المسئولون عن أمنك وحمايتك يغمضون أعينهم غضبا منك وشماتة فيك لأنك "نشفت رأسك أكثر من اللازم"، وأذكر أنك كدت تفقد عينك أو حياتك كلها في كثير من الامتحانات لإصرارك على نزاهة الانتخابات، معذرة "الامتحانات".
قال نعم ولكن الأمر اختلف هذه الأيام فلم تعد حياتي مهددة من العامة والدهماء الذين اعتدنا على صفاقتهم وحرصهم الجاهل الغبي على حق أبنائهم في الغش والذي يعتبرونه حقا مشروعا لأبنائهم المساكين، وإنما الخطر الآن يأتي من أناس لهم حيثياتهم ولهم نفوذهم يرسلون بالإجابات النموذجية لأبنائهم بالكامل ليحصلوا على الدرجة النهائية أمام عيني، ومن يفعلون ذلك هم ممن يفترض أنهم يحرسون الأمن والقانون والعدالة والنزاهة والحق، وأنا كما تعلم مجرد مدرس لا حول لي ولا قوة ولن أستطيع أن أقف في وجه الجميع، ولن أستطيع في هذا السن أن أغير رأسي، وهذا العام بالذات سأراقب في أحد المدارس الخاصة للغات وهي معقل أبناء الضباط والمستشارين وكبار رجال الأعمال، وليس لي طاقة بكل هؤلاء.
وهنا دارت رأسي أنا بين وقائع مماثلة، ولكن كان أقربها لبؤرة وعيي واقعة كنت أنا أحد ضحاياها في الثمانينات من القرن الماضي ودارت أحداثها في إحدى الجامعات الإقليمية وبطلها أحد رؤساء الأقسام (وهو بالمناسبة ليس من تخصصي ولكنه كان يرأس مجموعة أقسام إداريا ومنها القسم الذي أعمل به) حيث كان معروفا عنه قسوته واستبداده وغطرسته ودكتاتوريته وعناده وجبروته وميله الشديد للظلم والبطش، وكان النجاح والرسوب في الأقسام التي يتحكم فيها مرهون برضاه الشخصي عن طالب الدراسات العلي، ولسبب أو لآخر لم أحظى برضاه الشخصي فعشت أياما سوداء ومررت بخبرات امتحانية مؤلمة قررت بعدها ترك هذه الجامعة الإقليمية بل ترك مصر بالكامل وفي نيتي أن لا أعود إليها ما حييت، ولم يكن ذلك لمجرد غضبي من ممارسات هذا الرجل وحده، أو كان تعميما خاطئا مني تجاه كل أساتذة الجامعة ومنهم بالطبع كثيرون فضلاء، وإنما مما رأيته من قبول من حوله ومن تحته ومن خلفه بتسلطه وغطرسته واستبداده وظلمه، هذا القبول الذي كان يمتد من أصغر نائب في المستشفى إلى رئيس الجامعة في ذلك الوقت رغم معرفة الجميع بنقائصه وحديثهم عن تلك النقائص ليل نهار في الجلسات المغلقة، أما حين يصل الأمر إلى المواجهة فالكل راض بما يفعله ويقنع نفسه أنه على حق.
تركت مصر وتركته وتركتهم جميعا ومرت السنون وقابلت أحد أقارب هذا الرجل فقال لي بأنه اقتحم الشقة على إحدى قريباته (بسبب خلاف عائلي تافه) وضربها ضربا عنيفا هي وابنته، وأصبحت قضية كبيرة، فقلت الحمد لله سيأخذ جزاءه على ما فعل بي وبكثيرين قبلي وبعدي حاربهم في مستقبلهم العلمي وشردهم داخل مصر وخارجها بما يملكه من سلطة الأستاذ الجامعي ورئيس القسم وهي سلطة مطلقة استنادا إلى افتراض نزاهة من يتبوءون تلك المكانة العلمية الرفيعة، ولكن محدثي نظر إلى بأسىً وهو يقول: للأسف الشديد لقد خرج منها –كعادته- مقابل 17 ألف جنيه دفعها (لا تسألني لمن حتى لا نقترب من مواطن العفة).
ودارت الأيام وتم القبض على هذا الأستاذ الجامعي وهو في الثانية والستين من عمره يلعب القمار في شقة مشبوهة ومرصودة (وقد كان القمار نشاطه المفضل بعد الانتهاء من عيادته)، ولكنه خرج من هذا الأمر بتدخل أحد أصحاب النفوذ من أقاربه، وغادر محبسه المؤقت وهو يخرج لسانه للذين قاموا بالقبض عليه، بل وتطاول عليهم بالكلام، إلى أن حانت لحظة الصفر بعد عدة شهور من تلك الواقعة وتم القبض عليه بواسطة إدارة مكافحة الآداب بالقاهرة وهو يدير شقته بإحدى مدن الدلتا للقمار ومعه عدد من المقامرين المحترفين أحدهم يعمل موجها للتربية والتعليم بالإسكندرية في ذلك الوقت، وكانت فضيحة مدوية نشرتها أغلب الصحف والمجلات الرئيسية وكتبت عنه روزاليوسف على غلافها "طبيب يعالج مرضاه بالقمار" وأفردت لقصته صفحتان في العدد رقم 3694 بتاريخ 27 مارس1999، وذكرت أنه كان يعمل رئيسا للقسم منذ 1970 حتى 1997 ولم يترك رئاسة القسم إلا بسبب إحالته للمعاش، وتم إلقائه في الحبس لمدة ثلاثة أسابيع وتحدد موعدا للقضية، ولكنه مات بعد فترة قصيرة، وأفضى إلى ربه بعد أن تسبب في تشريد عدد كبير من الأطباء الأكفاء إبان فترة رئاسته للقسم التي استمرت 27 عام، وترك آثارا شديدة على البنية النفسية لكل من عمل تحت رئاسته. وقد كان هذا الرجل يمثل لي النموذج الأولى للاستبداد والفساد، وكان ذلك النموذج من أقوى المحفزات لي على كراهية هاتين الصفتين وبذل كل ما أستطيع من جهد لمحاربتهما في أي مجال.
هذه الوقائع وغيرها لا تشير إلى مجرد فساد وإنما إلى اقتراب ذلك الفساد من مواطن العفة في المجتمع (أسمع من يعترض على كلمة اقتراب ويقول إنه وصل فعلا وتغلغل)، تلك المواطن التي يفترض أن تظل بعيدة عن الفساد لتشكل صمام أمان للمجتمع حتى لا ينهار تماما. عموما دعونا نفتح ملف الفساد لنفهم سيكولوجيته وآثاره ونرى إلى أي مدى اقترب أو وصل إلى مواطن العفة في مجتمعنا وما الذي يتوجب علينا فعله إن كان ثمة من يشعر بهذا الواجب.
ما هو الفساد؟
لقد هالني ما للفساد من معان ودلالات في اللغة العربية وتساءلت عن علاقة هذا الثراء اللغوي عن الفساد وانتشار الأخير بشكل ملحوظ في المجتمعات العربية؟!...
فالفساد هو مصدر للفعل فسد، وقد عرّفه لسان العرب بأنه نقيض الصلاح. وقد يتضمن الفساد معنى عضويا فيقال فسد اللحم أو اللبن أو نحوهما فسادا إذا أنتن أو عطب. وقد يشير الفساد إلى تجاوز الحكمة أو الصواب فيقال فسد الرجل أي جاوز الصواب، وفسد العقل أي بطل، وفسدت الأمور أي اضطربت وأدركها الخلل، وكما ورد في القرآن الكريم "لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا". ويشير معنى الفساد إلى الجدب والقحط، كما أنه قد يعنى إلحاق الضرر، أو يعنى أخذ المال ظلما.
فإذا انتقلنا من المعنى اللغوي إلى المعنى الاصطلاحي وجدنا أن الفساد نقيض للإصلاح والرشادة والخير العام، ولذا حين يعم الفساد مجتمعا من المجتمعات وتفوح رائحته تجد تظاهرا بمحاولات الإصلاح وحديثا مملا ومكررا عن الشفافية وكأنه ستار يخفى ما تحته من الفساد كي يعيش أطول فترة ممكنة.
فالفساد ضد المصلحة، وإذا كانت كلمة سياسة في أصلها العربي تعني القيام على الأمر بما يصلحه فإن الفساد السياسي يعني عدم القيام على الأمر بما يصلحه. ويعرف الدكتور حمدي عبد الرحمن حسن أستاذ العلوم السياسية الفساد بأنه: "أحد أنماط السلوك الذي يقوم به، أو يمتنع عن القيام به، صاحب المنصب العام، والذي يهدد من خلاله معيار القيام على الأمر بما يصلحه سواء وقع ذلك تحت طائلة القانون والقواعد التي تحكم عمله أو لم يقع، ويكون الهدف من وراء هذا السلوك دائما هو إعلاء المصلحة الذاتية على المصلحة العامة" (الفساد السياسي في إفريقي، 1993م، دار القارئ العربي، القاهرة).
الفساد ظاهرة عالمية ولكن!!
استند الرئيس الأمريكي نيكسون إلى بعض الاضطرابات في المجتمع الأمريكي وشكل لجنة مارس ضغوطه على أفرادها لتضع تقريرا أطلق عليه وقتها "خطة هيوستون"، ذلك التقرير الذي مهد لتكوين جهاز "أمن الدولة الأمريكي"، ذلك الجهاز الذي يمتلك الحق في جمع المعلومات بصورة غير قانونية عن المواطنين الأمريكيين بحجة تأمين النظام والمحافظة على التوازن الداخلي، على أن تصل هذه المعلومات إلى الرئيس بشكل مباشر حيث أن هذا الجهاز السري تابع للبيت الأبيض وتحظى معلوماته بثقة خاصة. وتحت غطاء السرية والخصوصية توسع هذا الجهاز في جمع المعلومات عن الصحفيين والموظفين العموميين ورؤساء الأحزاب والشخصيات العامة والقيادات الدينية والاجتماعية ذات التأثير.
وفي عام 1972 استغل نيكسون المعلومات المتاحة لإعادة انتخابه رئيسا لأمريك، ولكن الصحافة الحرة والواعية استطاعت فضح هذه المؤامرة فيما عرف باسم "فضيحة ووترجيت"، وأقيل بسببها نيكسون من رئاسة أمريكا وتم حل هذا الجهاز. وفي عام 1976 تم الكشف عن قيام شركة "لوكهيد" لصناعة الطائرات برشوة عدد من المسئولين في اليابان وهولندا وإيطاليا وتركيا وذلك بهدف ترويج مبيعاتها من الطائرات.
وهناك العديد من فضائح الفساد العالمية في كثير من دول العالم المتقدمة منها والمتخلفة، وهذا يؤكد أن الفساد ظاهرة عالمية لا تقتصر على مجتمع دون آخر، بل هو ظاهرة إنسانية ترتبط بدوافع قوية لدى الإنسان خاصة دافعي التملك والخلود وهما من الدوافع الجامحة لدى الإنسان خاصة حين تضعف لديه الضوابط القيمة، أو تضعف آليات رقابته.
وبعبارة أخرى فإن الفساد مرتبط بالإنسان وبالحياة في كل المراحل التاريخية، فهو أشبه بالميكروبات والفيروسات التي تخترق الجسد في كل لحظة وتحاول الفتك به، ولولا وجود جهاز المناعة في الجسد الحي لهلك الناس جميع، وكذلك الفساد يهاجم المجتمعات البشرية في كل لحظة، والفرق بين مجتمع صحيح ومجتمع عليل ليس هو في غياب الفساد عن الأول ووجوده في الثاني وإنما في قدرة المجتمع الصحيح على اكتشاف الفساد واعتباره دخيلا على منظومته وبالتالي مقاومته بآليات قادرة على ذلك طول الوقت. أما المجتمع العليل فإن الفساد يتسلل إليه دون وعي به وبخطورته ودون استنهاض للهمم لمقاومته ودون وجود آليات للمواجهة.
ولا شك أن الدول المتقدمة لا تخلو من فساد بدرجة أو بأخرى ولكنها تملك وسائل إعلام حرة وقوية قادرة على تسليط الضوء على ذلك الفساد وتملك أيضا رأيا عاما وجماعات ضغط قادرين على توجيه الآليات المؤسسية لاجتثاث الفساد أو محاصرته في أضيق الحدود، أما الدول المتخلفة (والتي نحن منها للأسف الشديد) فوعيها بمظاهر الفساد أقل، كما أنها تفتقد للإعلام القادر على كشف الفساد بشكل فعّال، وتفتقد للرأي العام وجماعات الضغط ذات التأثير، وتفتقد أكثر لآليات محاصرة الفساد أو اجتثاثه، ومن هنا تنكشف المغالطة الخطيرة التي يروج لها أنصار الفساد ورعاته من أن الفساد موجود في كل المجتمعات وليس مقصورا على مجتمعنا المصري أو المجتمعات العربية فهو ظاهرة إنسانية توجد حيث يوجد الإنسان، فهذه كلمة حق يراد بها باطل ومقولة يراد بها تسهيل قبول الناس للفساد كأمر واقع وسنة كونية لا يمكن تلافيها أو تفاديها.
إذن فهناك فوارق جوهرية تخص ظاهرة الفساد بين المجتمعات المتقدمة والمتخلفة نوجزها فيما يلي:
1 – الفساد في الدول المتقدمة استثناء، أما في الدول المتخلفة فهو قاعدة للسلوك الخاص والعام خاصة لدى الطبقة الحاكمة والمتحكمة.
2 – هناك وعي في الدول المتقدمة بمظاهر الفساد وخطورته على المجتمع في حين نرى في الدول المتخلفة جهلا بكل ذلك وغموضا حول ما هو مقبول وما هو غير مقبول سياسيا وأخلاقيا وقانونيا.
3 – النخبة في الدول المتخلفة أكثر ميلا للفساد وممارسة له من ناحية الكم والكيف.
4 – المواطن في الدول المتخلفة أكثر قبولا للفساد كأمر واقع لا يملك تغييره وربما لا يفكر في تغييره أو يسعى إلى ذلك، بل قد يتقبله ويمارسه هو شخصيا كنوع من التكيف المشوه مع الواقع الحتمي في نظره، أو يفعله توحدا مع النخبة التي تحكمه وتتحكم في مصيره، وهو ما نسميه بالتوحد مع المعتدي فبدلا من أن يصبح ضحية لنخبة تمتص دمه، يتحول هو الآخر إلى فاسد يحاول أن يأخذ حقه ولو أمكن ينتزع فوق حقه حقوقا أخرى.
5 – هناك العديد من وسائل الكشف عن الفساد في الدول المتقدمة مثل وسائل الإعلام المختلفة والنقابات المهنية واستطلاعات الرأي وغيرها في حين نرى في الدول المتخلفة غيابا لهذه الآليات الكاشفة أو ضعفا شديدا لها أو تنكيلا بالقائمين عليها أو تجاهلا لما تكشفه.
6 – توجد في الدول المتقدمة مؤسسات وآليات لديها القدرة على تتبع الفساد الذي تكشفه وسائل الإعلام أو الأفراد أو الجمعيات وتقوم بمحاسبة المتورطين فيه أيا كانت مواقعهم، أما في الدول المتخلفة فإما أننا نجد غيابا لهذه المؤسسات، أو وجودها بشكل صوري غير قادر على محاسبة أحد.
7 – الدكتاتورية في الدول المتخلفة تشكل راعيا أساسيا للفساد ورموزه على الرغم من ادعاءاتها بمحاربته في الظاهر، وهذا يشكل تحديا هائلا أمام أي محاولة للإصلاح.
8 – تجري محاولات مستمرة لتزييف الوعي في الدول المتخلفة وبهذا يفقد المواطن العادي رؤيته للأمور فلا يتشكل رأي عام مضاد للفساد، في حين نرى رأيا عاما قويا ومؤثرا ومضادا للفساد بكل صوره في الدول المتقدمة.
9 – للرأي العام وزن وتأثير وقوة ضغط على صناع القرار في الدول المتقدمة في حين ينعدم تأثير الرأي العام أو يضعف جدا في الدول المتخلفة ولهذا لا يأبه الحكام الفاسدون بالرأي العام في تلك الدول.
10 – تشكل المنظومة القانونية سياجا ضد انتشار الفساد في الدول المتقدمة، في حين نجد تلك المنظومة مضطربة في الدول المتخلفة سواء من حيث صياغتها التى تخضع لهوى ومصالح الحاكم الفرد أو من حيث تطبيقها الذي يتم بشكل انتقائي لا يحقق مصالح جموع الناس بل يحقق حماية للفاسدين الكبار والصغار.
11 – مع شيوع الفقر والجهل والمرض في الدول المتخلفة تنهار القيم الأخلاقية مثل الصدق والأمانة وإتقان العمل، وتشيع قيم الخوف والانتهازية والتملق والفهلوة، تلك القيم التي تشكل أرضا خصبة يترعرع فيها الفساد.
12 – النخبة في الدول المتخلفة إما رخوة أو هشة أو مفتتة أو مستقطبة أو يتم احتواؤها بواسطة السلطة القائمة، ولهذا تصبح غير قادرة على إدارة دفة الأمور في اتجاه الإصلاح حتى ولو كانت تملك رؤية لذلك الإصلاح، أما في الدول المتقدمة فإن النخبة تشكل ضمير المجتمع وتملك مفاتيح التغيير والإصلاح فيه ولا يملك أحد تفتيتها أو سحقها أو استقطابها أو شراءها.
13 – لأسباب سياسية واقتصادية مختلفة تقوم بعض الدول القوية برعاية الأنظمة الفاسدة في الدول المتخلفة حيث تكون مستفيدة من وجودها أو تخشى وجود قوى أخرى في السلطة وهذا يشكل دعما للفساد وحماية له في الدول المتخلفة لا نجده في الدول المتقدمة التي تملك إرادة حرة بشكل نسبي.
14 – أنظمة الحكم في الدول المتخلفة استبدادية ولا تتغير بسهولة لذلك يعشش الفساد فيها لسنوات طويلة دون وجود فرصة لتغييره، وهذه الأنظمة تؤمن المحاسبة لأنها تعرف أنها أبدية في الحكم، أما في الدول المتقدمة فإن آليات التغيير السياسي تزيح أي نظام فاسد في أقرب انتخابات وتستبدله بنظام آخر له القدرة على كشف مساوئ النظام السابق ومحاسبة رموزه .
وبكلمات موجزة نستطيع القول بأن الفساد في الدول المتخلفة أشبه بفيروس في جسد بلا مناعة، وهذا الفيروس يتسلل إلى نواة الخلية (نظام الحكم ومؤسساته) فيصيغ برامجها طبقا لاحتياجاته ثم يتسلل إلى المجتمع فينتشر المرض وتتغير البرامج كلها طبقا للبرنامج الفيروسي.
ويتبع.................. : حين يصل الفساد لمواطن العفة(2)
اقرأ أيضاً:
بثينه ومنى... حدوتة مصرية / عماد الدين الكبير جدا / لنتعلم كيف نتعلم / المعارضة.. من النفس إلى الكون(1)