( هذا الحوار من فيلم يصور جلسة علاج نفسي)
(..................
المريضة: أنا خائفة من هذه اللحظة.
الدكتور: تقولين خائفة لكنك تبتسمين. لا أفهم كيف يكون المرء خائفاً وهو يبتسم في اللحظة ذاتها.
"تضطرب المريضة، تأخذ ابتسامتها بالارتجاف ثم الاختفاء".
المريضة: أنا متشـككة باتجاهك أيضاً، وأعتقد أنك تفهم جيداً وأعتقد أنك تعرف أنني حين أشـعر بالخوف أضحك وأمزح لإخفاء ذلك.
الدكتور: حسناً هل ترتبكين من مواجهة الآخرين؟.
المريضة: لا أعرف، أنا أشـعر بالرهبة أمامك. أعتقد أنك تحاول أن تحشـرني في زاوية وتحاول الهجوم علي، يخيفني هذا. أريد أن تكون إلى جانبي
"المريضة تضرب صدرها لاشعورياً وهي تقول ذلك".
الدكتور: لقد قلت أني قد أحشرك في زاوية وضربت على صدرك.
"الدكتور يكرر حركتها في الضرب على صدرها فتنظر هي إلى صدرها وكأنها تراه للمرة الأولى ثم تعيد الحركة إرادياً".
المريضة: أوه...
الدكتور: ماذا تريدين أن تفعلي؟.
هل تستطيعين وصف الزاوية التي ستحشرين فيها؟. والتي توفر لك الحماية الكاملة؟.
"وعند التفاتة المريضة لتنظر إلى زوايا الغرفة أصبحت على وعي بأنه مكان يمكن أن تلجا إليه".
المريضة: في الخلف، في الزاوية حيث يجد المرء حماية كاملة.
الدكتور: إذن هناك ستجدين أماناً أكثر من مواجهتي.
المريضة: أعرف أنه ليس أماناً كاملاً، لكنه أكثر أماناً، ربما.
"تهز رأسها وهي ما تزال تنظر إلى الزوايا".
الدكتور: إذا استطعت التصديق بأنك ستلجئين إلى هذه الزاوية، فلماذا ستفعلين هناك؟.
"تفكر لحظة وكأن المسألة أصبحت واقعاً ملموساً".
المريضة: سوف أكتفي بمجرد الجلوس.
الدكتور: تجلسين فقط؟.
المريضة: نعم.
الدكتور: كم من الوقت ستجلسين؟.
"وكأنها فعلاً في الزاوية، تتخذ المريضة وضعية طفلة صغيرة على كرسي صغير"..
المريضة: لا أعلم، لكن من المضحك أن تقول ذلك. هذا يذكرني بالفترة التي كنت فيها طفلة صغيرة.
فكلما كنت أشعر بالخوف، كان الجلوس في الزاوية يمنحني إحساسا أفضل بالأمان.
الدكتور: حسناً، هل أنت طفلة صغيرة؟.
"مرة أخرى تضطرب حيث وجدت أن إشارتها قد سجلت عليها".
المريضة: حسناً، كلا ولكنه الإحساس ذاته.
"ولكي يفرض عليها الدكتور مواجهة الإحساس بأنها طفلة صغيرة، يتابع كلامه".
الدكتور: هل أنت طفلة صغيرة؟.
المريضة: كلا..كلا..كلا.
الدكتور: تقولين، كلا..كم عمرك؟
المريضة: ثلاثين.
الدكتور: إذن لست طفلة صغيرة
المريضة: كلا.
(وفي مشهد آخر...)
الدكتور: إذا تظاهرت بالصمت والبلاهة ستجبرينني على مزيد من الصراحة.
المريضة: لقد قلت لي مثل ذلك مرات عديدة، لكني لا أهتم به.
الدكتور: ماذا تفعلين بقدميك الآن؟.
المريضة: أهزهما.
"تضحك لأن حركة اهتزاز قدميها جعلتها تدرك أنها تتظاهر، الدكتور يضحك أيضاً".
الدكتور: إنك تمزحين الآن.
.....وبعد وقت تقول:
المريضة: تتعامل معي وكأني أقوى مما أنا فعلاً أريد منك حمايتي، أريدك أكثر لطفاً معي.
"صوتها غاضب، ومع ذلك تبتسم وهي تقول ذلك، الطبيب يقلد ابتسامتها".
الدكتور: هل أنت مدركة لابتسامتك؟ أنك لا تصدقين كلمة مما تقولين.
"تبتسم لتلطيف الجو، لكنها تهز رأسها دلالة على عدم الموافقة على رأيه".
المريضة: نعم أصدق.
"تحاول الامتناع عن الابتسامة، لكن الدكتور جعلها تعترف بحقيقة ابتسامتها".
المريضة: أعرف أنك لا تعتقد أني....
الدكتور: بالتأكيد...أنت تخادعين...أنت محتالة...
المريضة: هل تعتقد ذلك...؟!.. وهل تقول ذلك بجدية..!.
"تصبح ابتسامتها خافتة ثم تختفي".
الدكتور: نعم، واضح من الضحك والقهقهة والتلوي.... إنه احتيال.
"يقلد حركاتها بسخرية وكأنه يريدها أن ترى حركاتها من خلاله.".
الدكتور: كأنك تقدمين عرضاً مسرحياً أمامي.
المريضة: إني أغتاظ من هذا كثيراً.
"تختفي الابتسامات والقهقهة ويبدو الغضب على صوتها وجسمها".
الدكتور: هل تستطيعين التعبير عن هذا؟.
المريضة: أنا بالتأكيد لسـت محتالة. أعترف أنه من الصعب علي إظهار حيرتي . أكره أن أكون مرتبـكة...لكني أسـتاء من اتهامي بالاحتيال. إن مجرد ابتسـامتي حين أكون مرتبكة أو محشـورة لا يعني أني محتالة.
الدكتور: لقد كنت صادقة مع نفسك في الدقيقة الأخيرة.
المريضة: أشعر بالجنون ...."تبتسم ثانية".
المريضة: الآن انتهى كل شيء.
"يقلد ابتسامتها".
الدكتور: هل فعلت ذلك للتغطية على غضبك من ذاتك؟.
في تلك الدقيقة..في تلك اللحظة…ما الانفعال الذي كان يسيطر عليك؟..
المريضة: حسناً، في تلك اللحظة كنت أحس بالجنون، مع أني لم أكن مرتبكة.
..................).
أهم ما في هذه الجلسة الخاصة طريقة الدكتور. في التقاط شارات لغة الجسد المستخدمة من قبل المريضة،...ابتسامتها...قهقهتها...وحتى رغبتها في الجلوس في الزاوية. ثم قدرته على مواجهتها وإجبارها على الإقرار برمزية لغتها الجسدية.
إنه يبين لها أن ابتسامتها وضحكتها ليست سوى وسيلة دفاعية لتخفيف مشاعرها الحقيقية، وهو الغضب الذي لا تسمح لنفسها بإظهاره لأنه قد يكون مدمراً لها.
في اللحظة الأخيرة فقط أصبحت على درجه جنونية من الغضب سمحت لها بالتخلي عن ابتسامتها الدفاعية والتعبير عن نفسها بواقعية. وهذه مواجهة للذات بشكل عملي.
إن ما تستطيع فعله لغة الجسد المقترنة بمواجهة الذات، كما تبين مثل هذه الحالات، هو جعل الشخص مدركاً لما يقوم به بجسده بشكل مناقض لما ينطق به فمه، فإذا كنت مدركاً لما تفعله بجسدك يصبح فهمك لنفسك أكثر عمقاً ومغزى.
ومن جهة أخرى، حين تستطيع السيطرة على لغة جسدك، يمكنك اختراق الكثير من الحواجز الدفاعية التي تمسك بها.
المصدر: المجلة الإلكترونية للشبكة العربية للعلوم النفسية
واقرأ أيضاً:
فكرة عن التحليل النفسي للفيتشية2 / اضطـراب الشـخصية المتجنبـة / المريض الغاضب