صدرت حديثاً رواية "التلصص" للكاتب الروائي صنع الله إبراهيم، وهي نوع من التلصص على الذات للخروج بسيرة ذاتية غير تقليدية، كما تشمل التلصص (الأدبي المشروع والمقنن) على ذوات الآخرين المشاركين في الأحداث وهم يقاومون أو يضعفون أو يسقطون، خاصة وأن الرواية تصف فترة تعرض الكاتب ورفاقه للاعتقال في سجن الواحات أيام عبد الناصر.
والتلصص على الذات من أصعب أنواع التلصص حيث توجد دفاعات نفسية لا شعورية تجعلنا لا نستطيع أن نرى نقائصنا وعيوبنا، لهذا –حين نفتقد الشجاعة لرؤية أنفسنا- نلجأ إلى التلصص على الآخرين فنستريح ونحن نسقط عليهم عيوبنا، أو نزيح إليهم نقائصنا، أو نشعر بالشماتة فيهم، أو نطمئن بأننا وهم في الهم سواء، أو نشبع شهوتنا في الحديث واختراق الحجب والأستار، أو نمارس عدواننا تجاههم حين نمزقهم ونحن نغتال خصوصياتهم ونزرع الشقاق بينهم.
وفي الآونة الأخيرة تعرّض الشيخ العلامة يوسف القرضاوي لاختراقات عديدة لحياته الشخصية، وتعرّض الفنان نور الشريف لشائعات عديدة إبان خلافاته مع زوجته، ويتعرض حالياً أيمن نور لاختراقات عديدة وشائعات متنوعة تخص خلافاته مع زوجته، وغيرهم كثر.
حتى الأموات لم ينجوا من ذلك، فتعرضت هبة ونادين بعد قتلهما في حادث مأساوي منذ شهور إلى الخوض في حياتهما بشكل جارح مما استدعى اعتذاراً من الجهات النقابية.
إذن فالتلصص وإطلاق الشائعات لا يفرقان بين رجل دين أو فنان أو سياسي معارض، رجل كان أو فتاة، أحياء أو أموات. ولا يعرف آلام التلصص والشائعات إلا من ذاقه فعلاً وتجرّع مرارته.
ومما يزيد الأمر صعوبة وخطورة وجود آلة إعلامية ضخمة ومتوحشة تدور في دقائق فتسحق عظام أهدافها خاصة إن كانوا هشّين ولديهم القابلية لذلك. وكلما زادت شهرة الأشخاص وأهميتهم وتأثيرهم في حياة الناس -بالسلب أو بالإيجاب- زادت فرصة تعرّضهم للتلصص والشائعات، وزاد قبول الناس لتلك الشائعات حولهم.
من تعشّق المعرفة إلى التلصص (From Epistemophilia to Scopophilia):
والتعشّق هنا يعني الرغبة الشديدة والتي تصل إلى مستوى الغريزة التي يحتاج الإنسان لقوة وإرادة كي يقاومها. وقد ينصرف هذا التعشق للمعرفة عند بعض الناس إلى معرفة الحقيقة، فيخرج منهم العلماء والمحققون والمؤرخون، وقد ينصرف عند بعضهم الآخر إلى معرفة أسرار الناس الشخصية والاهتمام بسقطاتهم ونقاط ضعفهم وفضائحهم، فتنشأ جماعة من النمامين والمغتابين والنهاشين في لحوم البشر.
ونظراً لقوة هذا الدافع جاءت آيات وأحاديث كثيرة تنهى عن الغيبة والنميمة والتجسس والتلصص والتدابر. ويلحق بحب المعرفة رغبة أخرى ذات علاقة وطيدة بها وهي حب التطلع Scopophilia ، والتطلع هنا يتحصل بواسطة النظر؛ بمعنى أن الإنسان لديه الرغبة في الرؤية (الفرجة) على الناس والأشياء والأحداث.
وهاتان الرغبتان: حب المعرفة وحب التطلع، تكونان متضخمتان لدى العاملين في الصحافة والإعلام عموماً، إذ يكون لديهم رغبة ملحّة في معرفة الأسرار وتحقيق السبق بنشرها، يمكن أن نسميها "شراهة الرؤية والمعرفة، وشراهة النشر"، مما يعرضهم للوقوع في مشكلات كثيرة حين تطغى هذه الشراهة على ضوابطهم المهنية والضوابط الاجتماعية السائدة، مما استدعى وضع ضوابط أخلاقية لمهنة الإعلام وسنّ قوانين تنظم النشر وتردعه إن تجاوز الخطوط الحمراء لتلك الضوابط.
يربط علماء النفس التحليليون الرغبة في المعرفة والرغبة في الرؤية بالرغبة الجنسية؛ فهم يرون أن الطفل في المرحلة الفمية يستمتع استمتاعاً غريزياً فمياً وهو يتعرف على البيئة من حوله بواسطة فمه، فكل شيء يصادفه يضعه في فمه ليتعرف عليه.
ثم ينتقل الإنسان في الفترة من سن الثالثة إلى الخامسة للمرحلة لقضيبية، وفيها تشتد رغبته في التعرف والتقرب إلى الوالدين (الجنسين)، والتعرف على أعضائه وأعضائهم الجنسية وما يتصل بها، ومن هنا تبدأ بذور الرغبة الشديدة في المعرفة، وإذا وجد الطفل أن بعض الأشياء محظورة يبدأ في التلصص لمعرفتها سراً، ومن هنا تترسخ غريزة التلصص وتنمو، وتصل عند بعض الناس إلى درجة التضخم أو التوحش.
تلفزيون الواقع والإشباع المقنن لغريزة التلصص:
لقد نشأت فكرة تليفزيون الواقع في الغرب وسرعان ما اقتبسناها (كأغلب البرامج عندنا)، وعرّبناها ولاقت نجاحاً ورواجاً لدينا، فظهر برامج على شاكلة: "ستار أكاديمي"، "الهوا سوا"، و"سوبر ستار"... فكيف نفسر نجاحها في الغرب ونجاحها في الشرق أيضاً؟.
وصلت المجتمعات في الغرب إلى أبعد مدى في الفردية والاستقلال، فانشغل كل شخص بنفسه واحتياجاته وبات التدخل في شؤون الآخرين أمراً مستهجناً، وهنا ألحت مرة أخرى غريزة التلصص على الحياة الخاصة لآخرين، فصنعوا –كعادتهم– برامج تهيّئ إشباع هذه الغريزة بشكل مقنن من خلال متطوعين يقبلون تصويرهم أثناء ممارستهم لحياتهم اليومية بكل تفاصيلها، والناس يستمتعون بذلك بلا حرج أومشاكل قانونية، فيما يتقاضى المتطوعون أموالاً مقابل إمتاعهم للمتلصصين.
أما العرب فلديهم في الأصل رغبة عارمة في معرفة خبايا حياة الآخرين، مع رغبة تالية أو موازية للتدخل في شؤونهم الخاصة؛ فالآخر لدينا مستباح، ولنا عليه وصاية ربما نعطيها تسميات مقبولة مثل "الاهتمام" أو "الرعاية" أو "التكافل" أو "التناصح" في حين يتجاوز الأمر في حقيقته كل هذا ولتلبية احتياجات شخصية لدينا.
الدوافع النفسية للتلصص:
1 – الاستمتاع بالمشاهدة: كما نستمتع بمشاهدة أحداث فيلم أو مسلسل مثير، ويكمن وراءها غريزة حب الاستطلاع والفضول.
2 – الاستمتاع بالتأليف والتوليف: فالمتلصص لا يرى الحقيقة كاملة وإنما يرى أجزاءً منها، فيقوم هو بإكمال الحلقات المفقودة من عنده، وهنا يمارس هواية القص والحكي والتأليف لينتج نصاً حسب هواه هو يستمتع به.
3 – الظهور بمظهر العليم ببواطن الأمور وأسرار البشر، وهو ما نطلق عليه "أبو العريف".
4 – التوحد: بمعنى أن يتوحد المتلصص مع أحد الشخصيات التي يتلصص عليها ويشعر بالسعادة حين تقوم هذه الشخصية بعمل ما يرغب هو في عمله ولكنه لا يجرؤ على ذلك؛ فمثلاً: إذا التقط المتلصص حادثة طلاق لأحد المشاهير فهو هنا يشبع رغبته في الطلاق، وإذا تلقى حادثة زواج ثان أو ثالث لأحد الناس فهو يشعر بالسعادة حيث يضع نفسه مكان من تزوج ويعيش حالة وجدانية عالية في ظل مشروعية الحدث وتحققه في الواقع.
5 – الإسقاط: وهو آلية دفاعية نقوم خلالها بتصدير كل سلبياتنا ونقائصنا إلى طرف آخر وبعدها نشعر بالسعادة، إذ نرى هذا الطرف سيئاً أو مخطئاً بينما نحن أبرياء وأسوياء! فمثلاً: إذا كانت لدينا رغبة في الغدر والخيانة فنحن لا نحتمل رؤية هذه الرغبة في أنفسنا، وهنا يحدث التلصص لاقتناص موقف غدر أو خيانة عند آخر ثم نلقي ما في أنفسنا فوق رأسه ونستمتع بالحديث عن غدره وخيانته، وفي ذات الوقت ننظر لأنفسنا ونشعر أننا بخير إذ لم نفعل كما فعل.
6 – التعميم: فإذا كان شخص ما يرتشي ويشعر من وقت لآخر بعذاب الضمير، لذلك فهو يتلصص على مرتشين آخرين ربما يكونون أكبر وأسبق منه في الرشوة فيتحدث عنهم ويوحي لسامعه بأن سلوك الرشوة موجود لدى كل الناس بل لدى كل الشعوب، وبهذا يقول لسان حاله "لا تقلق يا عزيزي فكلنا مرتشون (يا عزيزي كلنا لصوص)، وكلنا في الهوا سوا" أو في الهم سواء.
7 – الشماتة: وهي الشعور بالسعادة لما لحق بالآخرين من أذى، وذلك لما يحمله تجاههم من مشاعر الغيرة أو الحسد أو الكراهية.
ثقافة الفضائح وتدمير لرموز:
نظراً لتزايد أعداد الصحف والمجلات والقنوات الفضائية ومواقع الإنترنت، وازدياد حدة المنافسة بين كل هؤلاء، وسعيهم المتوحش للاستحواذ على وعي القارئ واهتمامه، نمت لدى الإعلاميين (خاصة الشباب الصغير الذي يريد أن يثبت وجوده وتميزه) رغبة متوحشة في السبق الإعلامين، والسعي نحو الأخبار التي تبهر القارئ، وبما أن أسرار الناس الشخصية وخاصة المشاهير والنجوم في كل المجالات تثير شهية القارئن.
لذلك نجد شهوة إعلامية في الحصول على التفاصيل الدقيقة لحياة المشاهير والبحث عن أي ثغرة أو نقطة ضعف يزفونها إلى الناس ليطمئنوهم على أنفسهم أنهم بخير! فهذا النجم الذي يظنونه ملاكاً سعيداً يعيش تجارب فشل وانهيار، أو لديه سقطات أخلاقية، أو في حياته نقاط ضعف تسقطه من على عرشه وتهوي به إلى مصاف عامة الناس، وهنا يشعر الناس بالراحة لأنهم متساوون مع هذا النجم في نقاط الضعف والفشل.
وشيئاً فشيئاً فقد الناس ثقتهم في الرموز والقيادات ولم يعد أحد فوق مستوى الشبهات، فكل كبير له زلاته وفضائحه وملفاته (وشرائط فيديوهاته وسيديهاته– جمع سي دي)، ولذلك لم يعد الناس يثقون بأحد أو يلتفون حول أحد مما أثر على محاولات الإصلاح، إذ لم يعد هناك أحد يقود هذه المحاولات بعد انهيار كل رموز الإصلاح بسبب التشويه الإعلامي التلقائي أو المتعمد.
وقد تلعب بعض الجهات دوراً في هذه الأمور حين تمد بعض الصحف والمجلات والفضائيات بمعلومات خاصة ثم تعطي الدور الأخضر للاغتيال المعنوي لبعض الأشخاص تحقيقاً لمصالح معينة. وانتشرت مجلات وصحف الحوادث وكثرت برامج التوك شو، وأصبح المجتمع عارياً لأقصى درجة.
خصوصيات الناس بين الستر والتستر:
بعض الناس يرون في الكشف الإعلامي (حتى في درجاته الفاضحة) ميزة وشفافية تدفع كل شخص لأن يحافظ على سيرته ومسيرته وأن يعرف بأن عين المجتمع تراقبه، وأن السكوت عن الأخطاء يؤدي إلى تفاقمها، وبعضهم الآخر يرى أن للناس خصوصيات يجب المحافظة عليها وصيانتها وسترها.
وهنا يختلط مفهوم الستر بمفهوم التستر؛ فالستر يعني الاحتفاظ بتفاصيل الحياة الشخصية بعيداً عن أعين الناس وآذانهم، وهو مفهوم إيجابي يجعل لحياة الناس الخاصة حرمة ويضع الحدود بين العام والخاص، فليس كل ما يعرف يقال، وليس كل ما يحدث في الغرف المغلقة قابل للنشر على صفحات الجرائد والمجلات.
والفرق بين الستر والتستر هو أن الأخير يعني التغطية على جرائم وأحداث شخصية تضر بالمجتمع وتشكل تهديداً لسلامته، فمثلاً: إذا كان هناك شخص جعل من شقته مكاناً لممارسة الدعارة أو الإرهاب فهذا يستدعي الكشف والملاحقة، ولكن بضوابط قانونية.
التلصص الحكومي:
قد يستدعي الأمر (أو لا يستدعي) عمل تسجيلات أو تصوير مشاهد من حياة بعض الناس وخصوصياتهم لأهداف قانونية أو سياسية، وفي الدول المتقدمة التي ترعى حقوق الإنسان وتقدسها نجد أن ذلك يتم في أضيق الحدود وبضوابط غاية في الدقة، ولأهداف تحقق المصلحة العامة أو تدفع خطراً يهدد المجتمع.
أما في المجتمعات المتخلفة والاستبدادية فإن ذلك يتم بشكل واسع وبأقل الضوابط أو حتى دونها، وتتسع دائرة الاشتباه لتشمل المعارضين السياسيين والمعارضين المحتملين، وتتكدس الأشرطة المسجلة وربما تتسرب بقصد أو بغير قصد لتشكل عوامل اغتيال لبعض الشخصيات المؤثرة.
وقد اكتشف الرئيس السادات –رحمه الله وغفر له – حين توليه كميات هائلة من الأشرطة المسجلة لمسؤولين وشخصيات عامة فأعلن إحراقها، لكن للأسف الشديد لم تتوقف عادة التلصص بعد هذه الواقعة. وقد تساق مبررات واهية أو منطقية، لكنها في النهاية من الأفعال التي تصنف ضمن انتهاكات حقوق الإنسان التي نتمنى وضع حدّ لها.
بعد أحداث 11 سبتمبر توسعت إدارة الرئيس بوش في التلصص على الأجانب المقيميمن في أمريكا، بل وعلى الأمريكان أنفسهم، وكان هذا من مساوئ ذلك العهد حين فقدت أمريكا أحد أهم مقوماتها كدولة ديموقراطية وراعية لحقوق الإنسان.
الآثار النفسية والاجتماعية للتلصص:
0 من ناحية المتلصص؛ فيتعود على اختراق الحواجز والتهام لحوم الناس وأعراضهم , وتزداد رغبته في ذلك لدرجة التوحش، وتقل لديه الحساسية تجاه قدسية الأسرار والأعراض فيصبح مستهلكاً نهماً لكل ما يخص الناس في دقائق حياتهم، بل ويتكسب من ذلك مالاً أو مكانة مهنية أو اجتماعية أو سياسية أو أمنية.
0 ومن ناحية المتلصص عليه؛ فيشعر بالتعري والغدر والخيانة، ويشعر بالسهام تأتي إليه من كل صوب، وقد تنهار سمعته ومكانته الاجتماعية، وقد يمتد الانهيار لينال من أبنائه وأقربائه وأحبائه فيجد نفسه أمام نار هائلة تلتهم كل شيء في حياته دون وجه حق، وقد تحدث الأخبار المنشورة والناتجة عن التلصص شرخاً أو صراعاً عائلياً يصعب رتقه بعد ذلك.
0 أما من ناحية المجتمع فتشيع فيه الفاحشة حيث تزداد الجرأة على الخطأ وتقل الحساسية تجاهه، وتنهار الرموز وتنعدم الثقة، وتتصاعد النزعات العدوانية بين الفئات المختلفة وهي تستخدم سلاح الفضائح ضد بعضها البعض، وتسود ثقافة الفضائح، وتصبح الأخبار الملتهبة والمثيرة هي تسلية الناس يلوكونها بألسنتهم ويستمتعون بها وتنهار معها عزيمتهم ورغبتهم في العمل المنتج، إذ تتسرب الطاقة في الكلام والتشفي والإسقاط.
بين التلصص والشائعات:
ثمة علاقة وثيقة بينهما؛ فالمتلصص لا يصل إلى الحقيقة كاملة فيملأ هو الفراغات- كما ذكرنا- بأكاذيب وشائعات تنتجها قريحته وتوجهها احتياجاته ونقائصه. وهناك معادلة للشائعة قررها علماء النفس، وهي كالتالي:
الشائعة= أهمية الموضوع (أو شهرة الشخص) x درجة الغموض x البيئة المتلقية للشائعة، وهذه المعادلة هي نفسها التي يستخدمها الأشخاص المعرضين للشائعات أو الفضائح (أو بيوت الخبرة) لتقليل أثر الشائعة، وذلك بجعل أحد عناصر المعادلة صفراً؛ فمثلاً: يعلنون الحقيقة لتكون درجة الغموض صفراً، أو يغيرون من توجهات الناس للشائعة، أو يقللون من أهمية الموضوع. وحين تقل الشفافية ويزيد الغموض تزيد رغبة الناس في التلصص ويسهل إطلاق الشائعات، خاصة حول الموضوعات التي تهمهم أو الأشخاص المؤثرين في حياتهم سواء بالسلب أو الإيجاب.
الموقف الديني:
إذا زادت النصوص الدينية حول موضوع من الموضوعات أو أحد السلوكيات فهذا دليل على تجذره في النفس البشرية وتالياً الحاجة لكثير من التنبيه حوله لترتدع النفوس الوالغة فيه بغرائزها البدائية والعدوانية.
ولما كان سوء الظن بالناس وما يتبعه من التجسس والتحسس والتنافس والتحاسد والتباغض والتدابر(تتبع العورات) من أمراض النفوس، جاء الحديث في صحيح مسلم في قول الرسول محمد صلّى الله عليه وسلّم: "إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث. ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً"
وقد حذر الله من شهوة الغيبة والخوض في أعراض الناس وخصوصياتهم فقال في كتابه العزيز: ".... وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ" (الحجرات:12).
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم موضحا مفهوم الغيبة ومفهوم البهتان: "أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره. قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته". وعن عائشة قالت: قلت للنبي حسبك من صفية (زوج النبي) كذا وكذا -تعني أنها قصيرة- فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته".
إن الغيبة رغبة عدوانية جبانة تسعى إلى سلب الآخرين إيجابياتهم، وإلى طعنهم من الخلف وتشويه صورتهم، لهذا تعددت الأحاديث حولها ناهية عنها ومنفرة منها.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: كنّا عند النبي صلّى الله عليه وسلّم فقام رجل (أي غاب عن المجلس) فوقع فيه رجل من بعده، فقال النبي لهذا الرجل: "تخلل" فقال: ومم أتخلل؟ ما أكلت لحماً. قال: "إنك أكلت لحم أخيك".
وعن جابر قال: كنا عند النبي صلّى الله عليه وسلّم فهبت ريح منتنة فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أتدرون ما هذه الريح؟ هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين".
واقرأ أيضا:
لماذا يقتل المصريون بوحشية؟ / المصريون والشعوذة / سيكولوجية النصب والاحتيال2 / انتبه من فضلك: الجرّار يرجع إلى الخلف