القلق
بالنظر إلى أعراض القلق التي تصيب المريض فهي ناتجة عن:
أولاً: إثارة في الجهاز العصبي السمبثاوي فتؤثر على القلب بزيادة ضرباته وسرعتها وعلى العضلات فتسبب الصداع نتيجة شد في عضلات الرقبة، أو باقي عضلات الجسم فتسبب الألم المستمر. وتؤثر على الجهاز الهضمي فيصاب المريض بإسهال نتيجة اضطرابات في حركة القولون والأمعاء والجهاز التنفسي لتزداد معدلات التنفس عن معدلها الطبيعي، وكلما زاد عدد مرات التعرض لتلك الأشياء والمواقف أو الأشخاص المسببين للقلق أو الهلع بالنسبة للشخص المصاب فإن الجهاز العصبي السمبثاوي يألف تلك النوبات وبالتالي تقل حدة هذه الأعراض.
ثانيًا: دور النواقل العصبية وهي السيروتونين Serotonin، وجابا GABA ونورإيبينيفرنين Norepinephrine
نورإيبينيفرنين: يكمن دوره في فسيولوجية حدوث القلق فعند استثارة مركز إفراز النورايبينفرين في البقعة الزرقاء (اللوكس سيريولس) Locus Cerulous تنبعث منها إشارات إلى قشرة المخ ومنها إلى مركز المشاعر في جزع المخ والنخاع الشوكي وتزداد نسبة النورإيبينيفرنين في الدم ليكون الناتج هو الشعور بالخوف، أو العكس فإن إصابة مركز إفراز نورإيبينيفرنين يؤدي إلى تبلد شعور المصاب بالخوف.
وفي الشخص المصاب بنوبات الهلع فإن معدلات نسبة النورإيبينيفرنين أو نواتج استقلابه في البول أو السائل المحيط بجذع المخ تزداد عند الشخص غير المصاب بتلك النوبات.
وكلما زادت نسبة الشعور بالقلق كلما لوحظت زيادة نسبة هرمون الكورتيزون بالدم لزيادة نشاط محور الإفراز المرتبط بنشاط الغدة فوق الكلوية نتيجة لزيادة معدلات الهرمون المفرز من الغدة النخامية ولذلك فإن هؤلاء المصابين بالقلق دائمًا ما يعانون من ارتفاع ضغط الدم وهشاشة العظام وتصلب بالشرايين وزيادة الكوليسترول والدهون الثلاثية بالدم، وكثيرًا من أمراض القلب.
ويلعب جابا GABA دورًا مهمًا في فسيولوجية حدوث القلق، ويظهر هذا في ميكانيكية عمل مركبات البينزودايازيبين Benzodiazepine حيث يزيد من كفاءة ونشاط ال GABA عن طريق التأثير على مستقبلات AAللناقل الكيميائي GABA .
وقد وجد أن البينزودايازيبين طويلة المفعول لها تأثير قوي على أعراض القلق المتعمم بينما البينزودايازيبين قصيرة المفعول لها أثر فعال على نوبات الهلع، والعكس يحدث في وجود مضادات البينزودايازيبين فغالبًا استعمال مثل هذه المواد مثل الفلومازينيل Flumazenil يتسبب تكرارًا بحدوث نوبات من الهلع في مرضى القلق أنفسهم.
وقد لوحظ أن بعض أدوية الاكتئاب من مثبطات استرجاع السيرتونين الانتقائية (م.ا.س.ا) لها تأثير قوي لتقليل حدة الأعراض المصاحبة للقلق وبالبحث فقد وجد أنه كلما ارتفع مستوى السيروتونين Serotonin كلما زادت حدة أعراض القلق في المرضى المصابين سابقًا به.
ويتضح لدينا وجود تغييرات عضوية في تركيب المخ لدى الأشخاص المصابين بمثل تلك الأنواع من القلق.
فمثلاً وجد في الأشعة المقطعية C.T والرنين المغناطيسي MRI على المخ وجود زيادة في حجم الجيوب المخية.
ووجد لدى الأشخاص المصابين بنوبات من الهلع وجود عيوب في الفص الصدغي في المخ من خلال صور الرنين المغناطيسي لديهم.
وعامة فإنه في معظم المرضى المصابين بالقلق قد تبين وجود بعض التغيرات المرضية في الفص الأمامي والخلفي والجانبي من المخ من خلال الأشعة المتقدمة مثلSPECT- PET – FMRI.
أما بالنسبة للتغيرات الفسيولوجية فيعاني المرضى المصابون بتوتر ما بعد الحوادث أو الصدمات (اضطراب الكرب التالي للرضح Posttraumatic Stress Disorder) من نشاط فسيولوجي زائد في اللوزة المخية Amygdala
وحول الأسباب التي تساعد على ظهور مرض القلق المتعمم فهي تحديدًا غير معروفة ولكننا بالبحث نجد أن هناك خللا في ميكانيكية عمل النواقل العصبية. فاستعمال مواد البينزودايازيبين دائمًا ما يقلل من حدة أعراض المرض والعكس فإن استعمال مضادات البينزودايازيبين كانت دائمًا ما تتسبب في حدوث المرض، وقد ركزت الأبحاث على مناطق وجود مستقبلات البينزودايازيبين حيث عرف وجودها في الفص الخلفي وللأمانة العلمية فلا يوجد بحث واضح يؤكد وجود خلل في تلك المستقبلات في المرضى الذين يعانون من مرض القلق المتعمم.
وجود نواقل السيروتونين ومستقبلاتها، فوجود مستقبلات للسيروتونين 5.HTA داخل مراكز أخرى من المخ مثل الجهاز الحوفي limbic system والقشرة الجبهية Frontal cortex والنوى القاعدية basal ganglia وتأثير دواء البوسبيرون Buspiron عليها مما يوحي بوجود خلل في نظام السيروتونين بهؤلاء المرضى.
والكثير من هؤلاء المرضى يعانون من نقص في معدلات (الأيض) في النوى القاعدية.
ويعاني الكثير منهم من وجود خلل في رسم المخ المتعلق بهم.
وفي رسم المخ أثناء النوم فقد لوحظ زيادة في تقطع فترات النوم وتغيرات أخرى في طبيعة نوم مثل هؤلاء المرضى تختلف اختلافاً واضحاً مع هؤلاء الذين يعانون من اكتئاب.
ولا ننسى دور الوراثة في انتشار مثل هذا المرض لتصل نسبة الإصابة في الأقارب من الدرجة الأولى للمريض إلى حوالي 25%.
يلعب العامل الوراثي دومًا مهمًا في حدوث القلق، فغالبًا نجد أن نصف الأشخاص المصابين بنوبات الهلع لديهم على الأقل شخص من الأقارب لديه نفس النوبات.
وعامة فإنه يوجد نسبة عالية من الإصابة بأنواع مختلفة من القلق لدى الأقارب من الدرجة الأولى للشخص المصاب.
واقرأ أيضاً:
نفسي عصابي قلق متعمم GAD / نفسي عصابي: خلطة قلق Mixed Anxiety / نفسي عصابي: خلطة قلق واكتئاب Anxiety Depression