عندما يصبح الإعجاز القرآني مصدر للكسب
أرسل عمر (28 سنة، السعودية) يقول:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
الحمد لله رب العالمين، والحمد لله أرحم الراحمين، والحمد لله العزيز الحكيم، والصلاة والسلام على النبي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
أ.د محمد سعيد رمضان البوطي, زادك الله بعلمه ونفع بك الإسلام والمسلمين.
في البداية أشكر الله ثم لك على إثراء هذا الموضوع, وفتح نوافذ حتى يتمكن القارئ من الرؤية بشكل أبعد وأشمل. ولكن عندي تساؤل...
الإعجاز الإلهي في القرآن الكريم مُصدّق لدى كل مسلم ولا يحتاج إلى إثبات بشري على حقيقته، ولكن ماذا عن الغير مسلمين؟!!
من خلال متابعتي البسيطة لبعض حلقات الإعجاز العلمي والمناظرات، وجدت أن هناك أعدادًا أسلمت, من خلال بيان الإعجاز الإلهي في القران الكريم.
مسألة الخوض في الإعجاز الإلهي في القرآن ليس موجهًا إلى المسلمين, إنما إلى الذين لا يؤمنون. وهي وسيلة من إحدى الوسائل للدعوة إلى الله. والله يهدي من يشاء.
* تعليق الأستاذة رفيف الصباغ:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلًا بك يا أخ عمر...
يبدو أن فكرة الدكتور الشيخ البوطي –حفظه الله- لم تصلك جيدًا. إن الشيخ لم يغلق باب الخوض في إعجاز القرآن جملة وتفصيلًا، ولم يمنع من استعماله في دعوة غير المسلمين، وإنما دعا إلى ضبط البحث في إعجاز القرآن بالضوابط العلمية، وأنكر ما يجري اليوم من تبني الظنون التي لم تثبت في العلم، ثم محاولة إلصاقها بالقرآن الكريم على أنها حقائق ثابتة، وعلى أن القرآن قال بها، مع أنه منها بريء، وذلك ابتغاء إحراز السبق وجمع المكاسب.
وهذا ظاهر في قوله: (... ولكن الشيء الذي لا يقبله عقل العقلاء أيًا كانوا، مؤمنين أو جاحدين، أن يعمد أحدنا إلى آية من القرآن فيفرغها من دلالتها الظاهرة التي تنزلت بها، ثم يجعلها وعاء (قبلت اللغة العربية أم لم تقبل) لظنون علمية ربما ظهر فيما بعدُ بطلانها!..)
وهذا الفعل ولا ريب سيصد عن سبيل الله تعالى بدل أن يدعو إليه...، تخيل مثلًا لو أن طبيبًا عالمًا من غير المسلمين، سمع المعلومة التي ذكرت عن التعرق، وأنه يعيد البصر، وسمع أن القرآن قال بهذا... وهو يعلم أن هذا لم يثبت بل تنكره التجربة -وإن جاء من يقول به-، إذ لو كان الأمر كذلك لما وجدنا ضريرًا على وجه الأرض، حيث الضرير نفسه يتعرق فلماذا لم يذهب عماه بتأثير عرقه؟!!
لو سمع الطبيب غير المسلم بهذا ماذا يقول؟ سيقول حتمًا: إن القرآن عبارة عن مجموعة خرافات، مناقضة للعلم، فلا داعي لاتباعه ولا للإيمان به!! أليس هذا صحيحًا؟
أو تخيل لو أن عالمًا غير مسلم من علماء الأرض (الجيولوجيا)، سمع أن القرآن يقول بأن الحديد نزل كالمطر من السماء، وهو يعلم أن هذا باطل، ألن يدعوه هذا للاستهزاء بالقرآن، ولأن يجعل منه ومن المؤمنين به أضحوكة هذا الزمان؟
هذا عدا عن أن تحميل القرآن ما لا يحمله غير جائز، إذ هو تفسير له بغير معناه ومقصوده.
هذا هو الذي ينبه عليه الشيخ البوطي في مقاله وينكره في مسألة أبحاث الإعجاز.
أما لو كان هناك حقيقة علمية ثابتة، لا جدال فيها ولا خلاف، وكان يمكن فهمها من آيات القرآن الكريم، دون الخروج عن قواعد اللغة العربية، وقواعد التفسير...، فهنا لا مانع أبدًا من التنبيه لهذا الإعجاز، ومن دعوة الناس -مسلمين وغيرهم- للتفكر فيه. ولا ريب أن التنبيه لإعجاز القرآن حينئذ سيسوق كل عالم منصف للإيمان بالله تعالى، وسيوقن أن هذا الكتاب الذي تحدث عن حقيقة علمية لم تكن معروفة من قبل، إنما هو وحي من عند الله تعالى خالق الكون والعالم بأسراره...
أخي الكريم؛
إن قضية الإعجاز فيها كثير من التهويل اليوم، وفيها كثير من الخروج عن العلم، وعن قواعد التفسير، يعرف هذا كل من حاول أن يتثبت مما يسمع. قد غدت تطبيلًا وتزميرًا، ونفخًا، وإثارة لعواطف البسطاء من الناس، أو الذين يحبون تتبع الغرائب مهما كان مستندها...
والحري بالعاقل، أن يتأكد مما يسمع، ومما يأتي إلى بريده من رسائل مليئة بقولهم: أثبت العلماء... دون أن يعلم من هم هؤلاء العلماء؟ ومتى أثبتوا؟ وكيف أثبتوا؟ وهل أثبتوا فعلًا؟
وقد سبق لي أن أشرت إلى هذا الموضوع في: مجانين يتحدى: وسواس واكتئاب ما له القرين؟ مشاركات.
وأهلًا بك دائمًا...