وعن أعماق الصعيد يتحدث العالم:
نعم أمل في لحظات اليأس أمل يثبت لكل عالم أن جمال العلم وانتشاره هو في ثبوت مصدره بمعنى عندما يكون هناك عالم ناجح في المجال الدولي فليس من الضروري أن نهجر أوطاننا لكي نتاجر بعلمنا خارج البلاد ولكن الجمال الحقيقي في بزوغ شمس العلم على أرضه، وأيضا داخل بلادنا لا بد ألا يكون العلم حكرا على العاصمة فيهاجر كل من محافظته ليبث علمه في العاصمة ويترك محافظته تعاني الفقر والقحط العلمي البحت، فنرى ما نراه في المشكلة السكانية نتيجة لهجرة المواطنين من الأقاليم إلى العاصمة بحثا عن الخدمة الأفضل، وراء العلم طبعا.
فماذا يحدث لو كانت كل بقاعنا شموع شمعة في القاهرة وشمعة في أسوان والأخرى في سيناء وغيرها في الشرقية وكلها مصر ويا له من جمال عندما يشعر العالم أن العالم يتحدث عن مجده وهو في أرضه ويرقى بوطنه ليكون كل عالم على أرضه شمس تجتذب العالم من شدة الضياء نريد في كل محافظة شمعة فتكون القاهرة الشمس والمحافظات الكواكب التي تزين سماء الوطن، ولا نريد الاحتكارية ولندعو الله جميعا أن نستيقظ من غفلتنا كمصريين وعرب.
ولكن الآن إليكم بدليلي على كلماتي حيث نحن الآن في جنوب الصعيد وليست أبدا القاهرة نعم من أعماق الصعيد يتحدث العلم والعالم عن تجربة نادرة من نوعها لم تجرِ في باريس ولا في أمريكا ولا في القاهرة نبتت من منابع النيل:
من جنوب مصر المحروسة: وما نشر في جريدة الأهرام إذ كتب موفق أبو النيل:
وتلك هي تجربة أسوان التي أبهرت العالم كله وأثارت انتباه العالم أجمع!!!! وهي عن العلاج العائلي للأمراض النفسية!!!............. إذ أنه لأول مرة تجذب تجربة علاجية تم تطبيقها في مستشفى أسوان للأمراض النفسية والتي حققت نجاحا باهرا انتباه العالم مما دفع دوائر العلاج خارج مصر إلى تطبيقها وتنظيم ندوة طبية دولية حول تجربة أسوان؟!!!
الفكرة بسيطة إلا أنها حققت نجاحا ملحوظا كما يقول الدكتور حبشي الجمال مدير مستشفى أسوان للأمراض النفسية أن المستشفى تخدم أكثر من 5,1 مليون هم سكان المحافظة التي تنشر بها الأمراض النفسية المختلفة وأكثرها مرض "الفصام الذهني" وتبلغ نسبته 3 % نظرا لانتشار ظاهرة زواج الأقارب ولا يستطيع المستشفى استيعاب كل المرضى.
( العلاج العائلي Family Therapy) ينقسم إلى شقين:
الأول: وهو وجود مرافق للمريض يقيم معه في المستشفى ويشارك في علاجه مع أطباء المستشفى وهيئة التمريض واكتشفنا أن موجود مرافق للمريض يشعره باهتمام الأسرة والمجتمع فيقبل على العلاج وتحقق سرعة الشفاء ويخرج المريض ليمارس حياته العادية.
والشق الثاني: متابعة علاج المريض وهو في منزله حيث يقوم فريق طبي مكون من طبيب أمراض نفسية وممرض وأخصائي اجتماعي بزيارة المريض في منزله لمتابعة حالته وإعطائه العلاج الذي يكون في صورة حق طويل المدى والزيارة أسبوعيا للمريض داخل مدينة أسوان وكل أسبوعين للمريض المقيم خارج المدينة.
وقد حققت هذه الطريقة العلاجية نتائج مبهرة فحققنا للمرضى الشفاء وحققنا انخفاضا في تكلفة العلاج وهي لا تزيد على عشرة جنيهات أسبوعيا ووفرنا ما يزيد على100جنيه تكلفة إقامة المريض وتغذيته كل أسبوع كحد أدنى مع الحفاظ على أثاثات ومنشآت وأجهزة المستشفى.
تدويل التجربة:
* ويضيف الدكتور حبشي الجمال أنه بالصدفة قام50 طبيبا وطبيبة من المختصين في الأمراض النفسية من فرنسا كانوا في زيارة لأسوان بزيارة مستشفاها النفسي وقضوا يوما كاملا مع الفريق الطبي والمرضى وتعرفوا على طريقة العلاج العائلي التي نتبعها في مستشفى أسوان ومن واقع السجلات ومناقشة المرضى انبهروا بنتائج هذه الطريقة، وبعد عودتهم عرض الأطباء الفرنسيون تجربة العلاج في مستشفى أسوان ونشروا مقالات مؤيدة لها في مجلة الطب النفسي الفرنسية التي تصدر شهريا من جميعية الطب النفسي بفرنسا وطلبوا أطباء أوروبا بتطبيق النظرية التي تنفذ في أسوان.
ونوه بروفيسور جان بول بوسوا كبير أطباء الأمراض النفسية بجامعة ليون بفرنسا بأن علاج المريض وسط أسرته يحقق نتائج أفضل حيث يشعر بأنه في دائرة اهتمام المستشفى والأسرة والمجتمع، وإنه إنسان غير منبوذ أو مكروه من المجتمع وأنه فرد منتج يمارس عمله وحياته وينتج ويشعر بقيمته كفرد بناء في أسرته ومجتمعه وأرسلت المستشفى لمدير مستشفى أسوان أن يوافيها بمقالة وإحصائيات عن التجربة نشرتها في المجلة كبحث علمي تطبيقي ناجح وقبل بضعة أيام وصل إلى أسوان البروفيسور جان بول بوسوا والتقى بالمحافظ سمير يوسف الذي رحب به وطلب البروفيسور الفرنسي أن تستقبل أسوان خلال الشهر القادم 100 طبيب وطبيبة من المختصين في الأمراض النفسية من مختلف دول أوروبا ليعقدوا مؤتمرا طبيا في أسوان ليشاهدوا التجربة على أرض الواقع على مدى أسبوع كامل، من خلال ورشة عمل يطلعون على الدراسات الخاصة بالصحة النفسية في مصر الفرعونية ومدى تقدم الطب النفسي عند قدماء المصريين.
المصدر: جريدة الأهرام العدد 43131 - 7 يناير 2005
واقرأ أيضاً:
التعليم أيضا مهزلة وليس الدواء فقط: / الخرافون في عالم الخرافة / يوميات بالفول والدقة .....وكله بتنجان