تناولت الدراسة ثلاثة عشر كتابا في مادتي التاريخ وعلم الاجتماع طبعة 2000 – 2003، وتستخدم هذه الكتب في المدارس النمساوية فيما يساوي المدارس الابتدائية في الفرقة الثانية حتى السادسة، وهذه الكتب مجازة من وزارة التربية والتعليم في النمسا.
تقدم الكتب مجالا لبحث الحضارة العربية الإسلامية في صورتها الجديدة والمشرفة، ومع ذلك يوجد عرض لبعض المفاهيم الإسلامية بصورة سلبية نتيجة لتقديمها خارج سياقها التاريخي أو الجغرافي أو الاجتماع، أو الثقافي أو الديني أو الحربي أو السياسي، وكذلك تقديمها بدون شرح ولو مختصر ومن هذه المفاهيم"الإسلام"و"صورة الرسول محمد"و"انتشار الإسلام".
تعرض معظم هذه الكتب الإسلام دون وصفه"بالدين السماوي" وتقدم الإسلام باعتباره مجموعة من التعاليم المسيحية واليهودية تعرف عليها محمد أثناء رحلته التجارية، مع أن القرآن ينص في عديد من الآيات علي أن الإسلام مكمل لليهودية والمسيحية ومتمم لهما.
ودون وصف الرسول محمد "بالنبوة" تركز هذه الكتب علي نشأة محمد الفقيرة وقيامه برعي الغنم بصورة توحي إلى أنه من طبقة اجتماعية ليست من الأعيان، ولا تصفه بصفة الأمين، ثم تذكر نزول الوحي عليه على أنه رؤيا، وهذه الصفات لا تليق بالرسول محمد، وتثير مشاعر المسلمين.
وغالبا ما يرتبط تناول موضوع الدين الإسلامي بوجود صور ورسوم تجعل القارئ يربط هذا الدين بالبداوة والتخلف، وتقديم البداوة في سياقها بجعلها جزءا من الثقافة العربية الإسلامية وليست مظهرا من مظاهر التخلف.
تركز هذه الكتب على انتشار الإسلام عن طريق الحروب المقدسة، والإسلام لا يعرف الحرب المقدسة، فهو مصطلح استخدمه الصليبيون، كما تذكر الكتب أن المسلمون كانوا يخيرون أهل البلاد المفتوحة بين اعتناق الإسلام أو الجزية أو الحرب، وتم الاستشهاد بآيات من القرآن تحث المسلمين على الحروب، وقدمت ترجمة لآيات قرآنية دون الإشارة إلى مصدر الترجمة.
ويلاحظ عدم تقديم الآيات في سياقها التاريخي أو الجغرافي أو الثقافي أو الديني أو الحربي أو السياسي، وكذلك تقديمها بدون شرح ولو مختصر، فالآيات القرآنية التي تأمر بالقتال تتعلق بمواقف دفاعية، وأما الآيات التي تمثل مبادئ إسلامية فهي تنهى عن الاعتداء:"وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ" (البقرة : 190) .
وخطورة عرض الكتب في الربط بين الإسلام والحروب لآياتكم، ولا شك أن تقديم النصوص في سياقاتها كفيل بتوضيح المعنى المقصود للنص أو الآية، والمدرسة النمساوية التي تعد إحدى أفضل المدارس في العالم كفيلة بتقديم شروح مختصرة للمحافظة على معنى النص، وهذا العمل يؤدي إلى إثراء الثقافتين، وإلى تعاون أوربا مع العالم الإسلامي والعيش معا في الإسلام.
أ.د محمد أحمد منصور
أستاذ ورئيس قسم اللغة الألمانية بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر
اقرأ أيضاً :
الثقافة الإسلامية في الكتب المدرسية الأوروبية/ الإسلام في المدارس السويدية/ فى مناهج التاريخ الأوربيه .. العرب يدرسون/ أوربا والإسلام في العصور الوسطي/ صفحات مشرقة من التاريخ العرب