رضوان المصمودي
أذكر أنني قابلت المصمودي في القاهرة منذ سنوات جاء ليجري مشاورات ويعقد لقاءات لبناء شبكة علاقات هامة تفيده في مشروعه الذي بدأ في واشنطن منذ سنوات، وهو مركز دراسات الإسلام والديمقراطية.
وتفاصيل عمل المركز ومشاريعه وأنشتطه ستجدونها على الموقع، وأزعم أنه مشروع هام لعدة أسباب:
أولا: أن مشكلة من مشاكل تعثر الديمقراطية في العالم العربي والإسلامي كانت كامنة وما تزال –في فكرة الخصوصية، والتي مؤداها أن لشعوبنا وبلداننا وثقافاتنا خصوصية لا تجعلها صالحة ولا مستعدة للقبول بالتعددية والديمقراطية على النمط الغربي، وهي مقولة يختلط فيها الحق بالباطل، ولكنها تؤخر- على كل حال– الإسراع بالخطى على طريق إقرار القيم والممارسات والمؤسسات الديمقراطية في أقطارنا، وسيكون هاما أن تُبْـذل مجهودات رصينة في بحث نقاط الالتقاء والخلاف بين الإسلام كنظام حياة وخبرة وتاريخ، وواقع بشر، وبين الديمقراطية كطريقة في التفكير والإدارة تتضمن صيغا متنوعة وتطبيقات شتى في كل الدنيا.
ثانيا : أن استيعاب ونشر النضال الشعبي العربي مثلا من أجل الديمقراطية يقتضي بحثا في تعريب واستعادة البنى المؤسسية والفكرية سواءا من تجارب إسلامية غير عربية مثل تركيا وماليزيا وإيران، وكذلك الانفتاح على تاريخ الممارسات الديمقراطية العربية فيما قبل مرحلة الحكومات الثورية لدول ما بعد الاستقلال من الاستعمار العسكري أواسط القرن الماضي، والإسلام بوصفه مكونا حضاريا وثقافيا وتاريخيا هاما لا يمكن أن يكون بعيدا عن هذه العمليات جميعا.
ثالثا: في إطار الضغوط الخارجية في منطقتنا وشعوبنا بوصفنا –بحسب الأجندة الغربية– منطقة لتصدير الإرهاب، وفي زحام الاتهامات المتبادلة حول التطرف وحول الدور الغربي الاستعماري ثم السياسي في دعم أنظمة الاستبداد العربية ثم في الضغوط الحالية لصالح ما أصبح يطلق عليه "الإصلاح"، وسؤال دور الداخل والخارج في هذا الإصلاح، في هذا المناخ فإن استنبات الأفكار الديمقراطية واستلهام القيم النضالية، من دين يدعو إلى الإصلاح والتغيير المستمر إلى الأفضل، هذه العملية تبدو مسألة حياة أو موت لأفكار الإصلاح ومشاريعه
رابعا: هناك جهود مبعثرة تنشط هنا وهناك للبحث في إطار إنتاج خطاب إسلامي جديد منفتح إنسانيا على الحكمة من أي وعاء خرجت، وما انطلق إسلاميا من جذور العمق الثري لنظرة الإسلام ونظريته، فلسفته ومقاصده، بساطته وتركيبه، وكل معطياته الغنية الزاخرة. وهذه الجهود المبعثرة تنشط من خلال مشاريع بحثية أو مجلات فكرية رصينة أو جهود نشر أو حوارات هنا أو هناك، وقيام مركز مثل هذا يرفع راية يمكن أن يجتمع تحتها بعض المهتمين بهذه المسائل شديدة الأهمية في رأيي، وفي المرحلة التي نعيشها.
خامسا: إن بقاء وازدهار أوضاع العرب والمسلمين في أقطارهم وفي الغرب مرهون بقدرتهم على فهم كيفية عمل الأنظمة الاجتماعية والسياسية هناك، ودون استيعابهم لهذه الأدوات والمؤسسات، وكيف يمكن توظيفها في التعبير عن أوضاعهم، وتغيير الصورة الشائعة عنهم، وحصاد عائد أفضل لهذه الملايين التي تتحرك وتعمل وتنتج وتساهم ضمن النهضة الغربية بينما لا تأخذ سوى اللوم والتقريع والاتهامات الباطلة عند توزيع الأنصبة!!!
وطالما كانت أفكار وممارسات واهتمامات العرب والمسلمين في الخارج بعيدة عن الديمقراطية وأدواتها، وعيوبها ومميزاتها... الخ، فإن الأمل يبدو ضعيفا في أي تحسين حقيقي في أوضاع هذه الجاليات.
من أجل ذلك سررت لرؤية "رضوان" في مدريد، ودار بيننا حوار طويل حول أنشتطه وزياراته التي لا تنقطع للمنطقة العربية، واتفقنا في الرأي حول أن الخطاب والدور السياسي للحركات الإسلامية العربية يحتاج إلى مراجعة وإعادة نظر تفضي إلى تطوير منشود ولازم يستوعب المتغيرات الحالية، ويستشرف المستقبليات البادية، وأنه بدون تطوير كهذا ستظل أفكارنا تتحرك في محلها دون تقدم ديمقراطي يذكر، كون الحركات الإسلامية هي قوى أساسية، وأحيانا القوة الأساسية في هذه الأقطار سياسيا واجتماعيا، هل يمكن أن يكون الإسلاميون قريبا من دعاة ورواد نشر ديمقراطية نحتاجها؟
اقرأ أيضاً على مجانين:
على باب الله: الأربعاء 9 / 3 / 2005 .. من مدريد/ على باب الله: الخميس 10/3/2005 .. من مدريد/ على باب الله : الجمعة 11/3/2005 .. في طريق العودة / على باب الله: يا بنت بلدي: - السبت 12/3/2005/ على باب الله 13 /3 مع العراق