في أحد أيام دوامي في استقبال المستشفى التي أعمل بها....جاءت لي حالة في منتهى القسوة على نفسي... من زمن لم أبكي.. حتى أبكتني تلك الحالة..
طلال.. شاب 16 سنة فلاح.. بجلباب .. هجم عليه كلب مسعور وقرمة في وجهه من.. أيام
وعلى الرغم من أن هذا الشاب قد حقن بمصل الكلب بالجرعات المناسبة وفي أيامها المحددة.. إلا أن أمر الله كان بإصابته بداء الكلب.. السعار – عافاكم الله والمسلمين - وجاء شاب طول بعرض وهو مكبل اليدين والقدمين يعوي كالكلب.. ويهذي ويعافر..ويتشنج.. ويسيل لعابه على خده.. لم أوقع الكشف عليه فالحالة واضحة والتشخيص يقول أنا أهو
ولكن أخذت أتأمله... وسرحت طويلا... هذا الكلب كان ممكن أن أكون ضحيته.. قد عافاني الله.. وغيري من المسلمين.. ياااه فيروس صغير في لعاب الكلب لا يرى إلا بتكبير 10 أس 30 مرة تكبير بالمجهر الإلكتروني يلغي عقل الإنسان ويورده موارد التهلكة.. ياااه.. الولد ده كان زي الفل من أقل من 24 ساعة فقط.. كان يعيش حياته طولا وعرضا.. ياه الآن عزرائيل معنا في الغرفة. ينتظر أمر ربه..
لم أكن قد أنهيت الكلمة..و إذا بالولد يهدأ فجأة ... و يقول بالحرف الواحد وبصوت مهزوز.. متقطع. - بعد ما كان بيهذي وبيهلفط - أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله لا حول ولا قوة إلا بالله..... حسبي الله ونعم الوكيل... الله يسامحهم الله يسامحهم!!!؟؟؟
أفقت أنا عند تلك الكلمات... وذهبت إليه.. أنظر.. كما أحب أن أفعل دوما مع حالات الوفاة.... فهم السابقون ونحن اللاحقون..... والعبرة لمن يطلبها..
والده واقفا بنفس الصلابة قد فك يده الممسكة المثبتة لولده حيال هياجه السابق.. فسألته.. على الرغم من حالة ابنه.. هل كان ابنك يصلي؟؟.. سؤال ربما يقول البعض : هوده وقته؟؟؟ ولكن.. سؤالي هذا كان لعلة في نفسي..
فالنهاية غير مألوفة.. والفواق من هكذا مرض مستحيل.. فكان سؤالي له علني أعرف كيف كان هذا الشاب؟
وكيف كانت حياته؟؟ لتكون هذه وفاته..
قال:: بيصلي بس؟؟ ده كان من رواد المساجد ومن الصالحين ومن.... ومن.... ومن... لم أسمع الباقي
فقد سرحت من جديد... أتساءل عن حسن وسوء الخاتمة....
كما أسلفت.. من المحال أن يفيق مريض السعار..
ليقول بالشهادتين إلا إذا كان بهذا الشكل الذي يرويه والده..
قد لقنته الملائكة الشهادة.. أو هكذا أعتقد..
عاش بها ولها...................... ومات عليها..
قد عاش بالصالحات................. ومات بالصالحات...
قد ملأ فيه بذكر الله ................. فأبى الفاه.. إلا أن يوحد.. الله
قد زرع.................................. فحصد.
قد أعطى................................. فأخذ.
اتقى الله................................فوقي.. (بضم الواو)
ثم..
لفظ الأنفاس...
إنا لله وإنا إليه راجعون
اللهم لا تمتنا إلا وأنت راض عنا
اللهم لا تمتنا على معصية..
اللهم أحسن ختامنا
اللهم اختم بالصالحات أعمالنا
اللهم إن زللنا وفعلنا المعاصي.. فنقسم عليك أن تمهلنا ولا تقبض أرواحنا حتى نتوب..
رحم الله طلالا...
ورحم الله موتاي من مرضاي
ورحم موتانا من المسلمين
وغفر لنا ولهم
والسلام عليكم.
واقرأ أيضًا:
يوميات رحاب: في مترو الأنفاق! / يوميات رحاب: عيد الأم