لماذا جاءت أمريكا إلى المنطقة التي نعيش فيها؟!! ما هو الخطر الذي نمثله فجاءت جيوشها تدفعه؟!! لم يتوقف بترولنا يوما عنها منذ عقود، ولا بقي نظام حكم عربي واحد يشاغب أو تحدثه نفسه بالشغب، وما تريده تحصل وزيادة، فأين المشكلة إذن؟!!
أمريكا شعرت أنها وإسرائيل في خطر حقيقي، والتهديد هذه المرة كان قادما من الناس، عموم الناس، وتعالوا نتذكر:
منذ اندلاع انتفاضة الأقصى سرت في الأمة روح مختلفة، هل تذكرون مظاهرات الأطفال في الشوارع والمدارس؟!! هل تذكرون حملات المقاطعة للسلع الأمريكية والإسرائيلية؟!! هل شاهدتم المسيرات الحاشدة التي كسرت محظور النزول إلى الشارع من موريتانيا إلى المنامة؟!! الأمة كلها كانت على قلب رجل واحد: "كلنا لفلسطين"، وكانت الانتفاضة هي المنار والدليل، والقمر المكتمل في سماء ليلنا الذي طال سواده وحزنه.
وعلى الصعيد الدولي كانت حركات مناهضة العولمة الرأسمالية أو بالأحرى النيوليبرالية قد نضجت ووصلت إلى حدود تقديم الضحايا والتضحيات بالروح كما حدث في مظاهرات "جنوة"–إيطاليا، ثم في فلسطين نفسها بعد ذلك–" راتشيل كوري".
والحركة التي تبلورت من ستايل 1999 وتطورت رويدا رويدا أنتجت صفعة ساخنة على قفا الصهاينة والأمريكان بالأصول والقانون وحقوق الإنسان في قمة العنصرية ديربان صيف/خريف 2001، والمخرجات أو النواتج عن هذه القمة كانت مذهلة حيث كانت بمثابة إعادة اعتبار أن الصهيونية هي مثل النازية، وهي مساوية للعنصرية ثم جاءت 11 سبتمبر، وأغرقونا في تفاصيل من الجاني ولماذا؟! رغم أن الأهم كان يجري وقتها أمام أعيننا، ولكن أحدا لم يتكلم!!!
استفادت الإدارة الأمريكية من 11 سبتمبر لتقلب كل الأجندات وتضرب كل التحركات المناهضة أو تعرقلها على الأقل، وتأملوا معي.
1– بدأت الحملة ضد الإرهاب لنغرق في جدل الدفاع عن الإسلام، بدلا من انتهاز فرصة الاندراج في الحملة ضد أمريكا وإسرائيل العنصرية طبقا لمقررات ديربان http://www.sis.gov.eg/online/note/html/n260821a.htm ، وتواصلا مع حركات مناهضة العولمة.
2– جاءت الجيوش لتحتل أفغانستان ثم العراق، وتشرف على تصفية الروح الجماهيرية التي كانت متصاعدة، وبدلا من المقاطعة ومسيرات التضامن أغرقونا في طوفان مشاهد العربي كليب، وفضائح من زنا أو من أراد تصوير مضاجعته لعشيقته أو زوجته!!!
3– بدلا من اتحاد الأمة حول هدف وقضية تمت استعادة أجنحة الطائفية والمذهبية فعادت الصراعات بين المسلمين والأقباط في مصر مثلا، والشيعة والسنة في العراق وغيرها، وبدلا من اتجاه البنادق والخناجر والعقول صوب إسرائيل صارت الأمة" وبعضها بعضا يلوى، ولحمها بزيتها "يشوى" كما يقول أحمد مطر
4– بدلا من الروح الاستشهادية والنقاش حول أيهما أنفع: الموت في سبيل الله أم إبقاء الحياة في الجهاد لأجله، صارت الحوارات عن إمامة المرأة للرجال في الصلاة، وهل يمنع العرف المرأة من التصويت أو الترشيح للانتخابات في الخليج ؟!!
5– بدلا مما كان قد بدا من تجاوز الحركة الجماهيرية للحكومات والحركات بحيث كانت الناس تلقائيا وبدافع من وعي لا بأس به، وحماس منقطع النظير، تتحرك وتتصاعد حركتها السلمية المنظمة، إذا بنا نعود إلى الحظيرة حيث تمسك الأنظمة بزمام الأمور، وفرقنا في حديث ممل عن شيء اسمه الإصلاح، وحارت العقول في تفسيره، وضاعت الأوقات والجهود في السعي وراءه أو الإجابة علة أسئلة من قبيل: من الدخل أم من الخارج؟!! من الأنظمة أم من الشعوب؟! ولم يتغير حتى الآن شيء سوى بعض الشكليات التي لم تفد أحدا سوى أمريكا أو على الأقل جاءت موافقة لرغبتها وضغوطها.
والحصيلة أن الأساطيل الأمريكية صارت على شواطئنا، والقوات فوق أراضينا، والأفكار والخطط تحمل داخل إعلامنا وأنظمتنا وغرف نومنا يلقون إلينا بقمامة القضايا والاهتمامات فننشغل بالتهارش حولها مثل الأطفال، ويحاصرون روح الحركة الجماهيرية التيس اندلعت فلا يبقى على الأرض سوى اتجاهات الميوعة والرخاوة، أو استخدام العنف في التعبير والتغيير أو حتى الدفاع عن النفس في مواجهة السلاح والتصفية الجسدية!!! وتم الخلط بامتياز بين كفاح التحرير والإرهاب!!!
وحين كتبت عن الجهاد " المدني" كنت أطرح بالفعل طريقا ثالثا نحو فعل يختلف عن الميوعة وعن العنف الذي صار كله إرهابا! وفي الحقيقة كنت أكتب محاولة للتنظير واستيعاب منطق الحركة الجماهيرية السليمة التي اندلعت مع انطلاق الانتفاضة، وبقيت تتجلى في مشاهد ومناسبات ومظاهر كثيرة، ولكن أحدا لم يفهم ذلك تقريبا!!
البعض اعتبر "الجهاد المدني" مجرد هروب من مواجهة استبداد الأنظمة، أو خروجا من مضمار السياسة ومنافسات الوصول للحكم، وآخرون اعتبروها تعطيلا للجهاد القتالي أو الكفاح المسلح بوسائله لتحرير الأرض والدفاع عن العرض، أي أن الإدراك الذاتي، إدراكنا لذواتنا وأوضاعنا صار هو الآخر محتلا بما تريده لنا أمريكا، أي أنك إما أن تكون مائعا بلا هوية، أو تكون حاملا للسلاح إذا أردت الجهاد!!
وإذا كان الجهاد لا يكون إلا قتالا، وغير ذلك هو هروب أو تضليل وطبقا لما يراه بعضنا، فإن هذه التصورات والاختيارات وطريقة تحليل الأمور هي الخدمة الأكبر لأمريكا لأنها تقضي تلقائيا على ما جاءت أمريكا لتصفيته أي حركة الناس خارج الأطر الحكومية والحركية والأيدلوجية، وما حصل من إنجازات في إنضاج هذه الحركة وثمارها قطريا وإقليميا ودوليا.
وبالتالي كأنه لم يعد أمام الناس سوى اختيارين: الميوعة أو العنف لأنه حتى اختيار الاندراج في حزب سياسي أو جماعة أيدلوجية لم يعد يجدي كثيرا أو أصبحت تواجهه ضغوط أمنية وملاحقات تقلل من عائده، إن لم يكن أمامنا سوى هذه الحياة المادية السخيفة، أو الانضمام إلى تنظيم القاعدة، فعلى من تقع مسئولية إغلاق الطرق والاختيارات الأخرى؟!!
روابط لحركات مناهضة العولمة
http://www.endthewar.org/default-new.htm
http://www.petitiononline.com/abcd1039/petition.html
http://www.stopwar.org.uk / http://www.austinagainstwar.org/iraq.html
Green day fans- No War
http://www.petitiononline.com/abcd1039/petition.html
Home page of the National Network to End the War Against Iraq
http://www.endthewar.org/default-new.htm
Opendemocracy http://www.opendemocracy.net/conflicts/index.jsp
Le Guin delivers "Artists and Writers' Petition Against War on Iraq"
http://www.douglaslain.com/aawii.html
Stop the War Coalition
http://www.stopwar.org.uk
واقرأ أيضا على مجانين:
على باب الله: أن تكون طبيبا نفسيا/ على باب الله: الخميس 17/3/2005/ على باب الله : ذكرى 20 مارس/ على باب الله: أن تكون شهوانيا