ما أكثر الذين يبحثون عن عمل يرتزقون منه.. والحق معهم.. فمتطلبات هذه الحياة أصبحت كثيرة.. وتكاليفها كبيرة (بتهد الحيل.. وبتكسر الظهر).. ولكن للأسف فالوظائف التي تؤمّن لهم ذلك قليلة جدا.. ولكن ما أقل أولئك الذين يفكرون في تحصيل متطلبات الحياة المقبلة ويجمعون تكاليفها.. مع أن الوظائف الشاغرة لذلك كثيرة جدا بل وعائداتها خيالية..
فكم من أم فقدت ابنها.. قد يكون مات فعلا.. شهيدا.. أو لأي سبب كان.. أو ربما فقدته وهو لا يزال حيا.. ومع ذلك لا تجد من يقوم بدور ابن لها يعطف عليها ويكرمها في أواخر أيامها.. وكم من طفل يتيم حقيقة أو مجازاً وهو بحاجة إلى من يقوم بدور أم أو أب له.. وكم من مسنّ يحتاج اللمسة الحانية والكلمة الرقيقة.. وهناك في آخر الشارع بيت تعيش فيه أرملة مع أطفالها.. لا تجد من يطرق بابها ليتفقد أحوالها.. لقد تركها الجميع تواجه أعاصير الحياة بمفردها.. أصبحت كريشة في مهب الريح لا تجد من يعطف عليها أو من يرحمها..
وفي الطرف الآخر من المدينة أحياء تحسبها لأول وهلة أطلال مدينة مهجورة قد عفا عليها الزمن.. ولكنك تفاجأ بأن بيوتها المتداعية مليئة بالبشر.. يا إلهي.. إنها لمأساة حقاً أن يعيش بشر في بيوت تأنف البهائم – أعزكم الله - أن تتخذها زريبة لها.. هؤلاء جميعا لا يجدون من يتحرك قلبه رأفة لحالهم فضلا عن أن يعينهم ليحيوا حياة تليق بالكرامة الإنسانية..
وفي أكثر أحياء المدينة رقياً.. وحوالي الساعة السادسة مساء.. وجدت فيه الكثير من الفتيات والشباب.. ماذا يفعلون؟؟ يرتكبون جرائم متعددة أقلها : قتل الوقت.. وأوسطها: قتل الشرف.. وأعظمها: قتل الدين.. كل هؤلاء لم يجدوا من ينصحهم ويوعّيهم لحقيقة وجودهم ولمصيرهم بعد الموت..
وهناك عند زاوية الحي الشرقي من المدينة وجدت جامعاً.. وفيه العديد من الأطفال الصغار الذين يؤمونه.. ولكن يا لملابسهم الرثة.. ويا لأدواتهم البدائية.. إنهم طلبة علم وأصحاب همة عالية.. ولكنهم لا يجدون المال لينفقوه على التعلم.. ولا يجدون أيضا من ينفق عليهم ليتعلموا..
وكم من جاهل لا يجد من يعلّمه ولو حرفاً واحداً.. مع أن الكثيرين ممن حوله علماء بالنسبة له.. ولكنهم يستنكفون عن الحديث معه لأنه ليس من مستواهم..
وكم من مكتئب حزين لا يجد من يسرّي عنه همّه بكلمة طيبة.. وكم من متدين يعيش في برج عاجي من المثاليات يكاد بنيانه يصل إلى السماء ولا يجد من يبصّره بأرض الواقع..
وكم من ملجأ للأيتام لا يجد من يهتم بأطفاله اهتماما أبويا ملؤه العطف والحنان والرحمة.. وكم من ظالم وآكل لحقوق الناس وأموالهم بظلم.. ولا يجد من يقول عنده كلمة الحق ليرده عن ظلمه.. وكم من مظلوم لا يجد من ينصفه ممن ظلمه.. وكم من معتدٍ على مقدسات الدين لا يجد من يرده بحجة: "وأنا مالي.. هو أنا اللي حصلّح الدنيا" وكم من دسّ وتشويه وافتراء على دين الله لا يجد من يرده ولا من يبيّنه..
هذه هي الشواغر المطلوب لها موظفون .. وإليكم الآن : شروط القبول :
1- السن: أن تكون حياً, فالأموات لا يصلحون لهذه الوظائف.. (حياً: أي لديك إحساس عالٍ بدينك وبأمتك وبمعاناة الناس + أن يكون لديك مقادير هائلة من الرحمة والحب لهم) .
2- أن تكون ذا مظهر لائق, أي: نظيف ومرتب, لأن صاحب العمل: جميل يحب الجمال, ونظيف يحب النظافة..
3- أن تجيد لغة التعامل والحوار والأخذ بيد الناس برفق وود, ولديك معرفة بكيفية تطبيب القلوب المجروحة..
4- الإخلاص.. تنبيه : البث مباشر بينك وبين رب العمل.. وهو يعرف إخلاصك من عدمه من أول ثانية تلتحق فيها في الوظيفة.. فكن حذراً..
5- الخبرة غير مطلوبة.. فعملك معنا سيحقق لك الخبرة..
تقدّم الطلبات على العنوان التالي : ركعتين على سجادة الصلاة, وفي أي وقت من ليل أو نهار.. فمكاتبنا تعمل 24 ساعة.. الأجور.. على مرحلتين:
عاجلة: سعادة وتوفيق..
آجلة: ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.. رضا من رب العمل ورضوان + رؤيته مرتين يوميا.. مرافقة خير البشر وخلاصتهم حين تسليم الجوائز.. والآن.. هل من متقدم؟!!!!؟
واقرأ أيضاً:
تعليم مين، إيه،..ليه!يا عم كبر، مشاركة / حكايات بنت الفرات: مواقف مؤثرة / حكايات بنت الفرات: حفلة بمناسبة يوم اليتيم..