وبه تعالى نستعين؛
كنت أعاني كثيرا من (الازدواجية).. الازدواجية في التوجه.. المعتقد.. المعتنق... التصرف.. الأفكار والمرجعية.. فيمن حولي.. حتى أنني كنت أتهم بالازدواجية...!!!
وبفضل من الله.. قد نشأت على تقبل الآخر.. وأغذي هذا التوجه دوما حتى لا يموت جوعا... ولأنني دوما ما أحب التعرف على الجميع، وأوثق تلك المعرفة بصداقة أحيانا وبملازمة ومواصلة أحيانا أخرى.. فكان لابد في بداية أي معرفة طالما يتوافر لدي هذا الفكر -تقبل الآخر– أن أحدد بنفسي أو يحدد من أعرف من شخصيات "لونه إيه بالضبط!؟" ليس لتلوين معاملاتي معه طبعا - لكوني لا أحب الازدواجية!! -ولكن لأكون على دراية توفر قدرا من الحذر في كلمات تقال وأخرى تحجب... وأفكار تستعرض وأخرى يكون من الجدل العقيم استعراضها ليكون للحديث فائدته المرجوة ولتكون للعلاقة ربحها المستهدف فيأخذ كل منا من الآخر ما يريد بعد المرور بمرشح خاص ويترك ما يعتبره غثا عديم الفائدة..
وفي كل يوم من أيام حياتي أتعلم درسا مفيدا.. ولله الفضل والمنة.. فمع بداية معرفتي بأستاذ غالٍ لي.. قد حباني ربي بالوصل معه.. عرفته من آخرين بشكل وصورة كنت خاطئة أن تكون الوحيدة.. فكنا سويا في حوار هاتفي وكان يحكي لي عن إحدى رحلاته وآخرها.. فاسترعاني اهتمام له ربما في اعتقادي الشخصي -القاصر غالبا - ينافي ما احتوى عقله العبقري.. فقلت له وفي لهجتي استنكار..- أندم عليه الآن..- أنا عايزة أعرف لونك إيه بالضبط!!!!؟؟؟
ورد علي أستاذي الغالي ردا بليغا.. ساعتها وبعد ذلك: في كونه دوما يصبح ما يريد هو ولا يلتفت لرأي الآخرين كيف يريدونه أن يكون... وأن الازدواجية سمة ربما تكون فطرية في كل منا... طبعا بعد كلمات أستاذي الذي قذفها في عقلي.. أخذت أرصد بطريقة أخرى تصرفاتي قبل تصرفات الآخرين ليست محاسبة ولا مراقبة ولكن لأني أريد توثيق كلمات أستاذنا الغالي في هذا العقل النامي.. والمعرفة مخلوق ذكي.. كما أقول دوما.. لو استشعرت أنك تبحث عنها وتجاهد.. فستأتيك هي وهي مرحبة بأن تنهل منها ما تشاء...
فوقعت تحت يديَّ الكتب ووقعت أحداث توالت وكأنها رسالات.. تأكد أن الإنسان بالفعل يملك من الفعل الأضداد.. لأن الله قد ألهم النفس فجورا وتقوى... ورهن الفلاح لكل منا بالتزكية.. وإليكم بعض المرصود..
- كنت في مستشفاي -محل عملي- وفيها من أحداث كثيرة تغيظ وتفقع المرارة.. ولكون طبيعتي هادئة.. استنكر علي أحدهم مجرد الانفعال استجابة للحدث المغضب بطبيعته!!! واتهمني بالازدواجية.. وأني أمثل الإسلام بطريقة خاطئة!!!!!!!! ومسيئة!!؟؟
وساعتها اكتفيت بقول: أن الانفعال ردة فعل طبيعية لأي فعل غير طبيعي.. حقٌّ لكل إنسان بصرف النظر عن معتنقه ومرجعيته.. ويكفيني أني صبورة في العادة ولست انفعالية ليحكّ لي على منخاري!!!!..كما أنه يكفيني أني لم أتعدى على أحد..
- وعرفت إحداهن أني أطرب لسماع الموسيقى الهادئة في الوقت الذي لا أعرف أسماء المغنين والمغنيات الجدد ولا أتابع الحركة السينمائية فاتهمتني بذات التهمة..
- وأخرى استنكرت حديثي لأحد الزملاء الذكور في العمل العام والخاص.. رغم السابغ من الثياب..!!!
- وثالثة راعها الاحتفال بمولد النبي-عليه الصلاة والسلام- وعيد الأم والتهنئة بمناسبتهما....
- وأخ لي في الله تعاونا كثيرا في نشاطات عديدة.. اتهمني بذات التهمة عندما ألقيت كلمة مداعبة خالية من أي تجاوز..!!!
السابق المسرود هو بعض الأحداث التي جعلت الفكرة التي ألقى بها أستاذي العزيز لي تتبلور في عقلي وخلصت إلى التالي:
** أن الازدواجية هي صفة تصبغ عقولنا وأفكارنا.. وتنطلي على حكمنا على التصرفات.. فربما يكون أولئك وكما كنت أنا.. يريدون سياقا أوحد للتصرفات الخارجة من الذات نفسها بعيدا عن قبول التنوع المحمود..
** أن بين جنبات النفس الواحدة يوجد التنوع في الفعال.. من غير تضاد للفعل الواحد.. ولبيان ذلك أسوق المثال التالي: ربما يكون الأوضح فالشخص يستمع للآذان ويهرول ليصلي.. وبعد الصلاة يضع العراقيل أمام طالب الحاجة فإما القهر وإما الدفع!!!
** طالما نعمل في حدود مرجعية كل منا أيا ما تكون... فلا يشذ تصرف عن آخر فسيكون هذا إطارا مقبولا للازدواجية.. هذا إن صح المسمى في الأصل....
** أن نجاح الإنسان في ترسيخ صورته الشخصية تكمن في التقارب قدر الإمكان بين أفعاله المختلفة فلا تكون هناك فرصة للتهمة..
** أن لا يعطي الواحد منا اهتماما لرأي المحيطين ليس ضربا بعرض الحائط بجل الآراء ولكن هناك يقين بأنه لن تجتمع العامة على رأي واحد.. فليكون الاجتماع لكل منا -أفضل -على رأيه.. من غير استبعاد لرأي الثقات وذوي الخبرات.. هذا إن كان الواحد منا يريد تجويدا.. فلا يستأثر برأيه على بطلانه.. فيصد عنه الناصح.. ويصم عن الإرشاد الآذان..
هذه تجربتي وأحد أساتذتي أسوقها عرفانا وامتنانا
وفي الختام
ما أحلى المعرفة..
وما أحلى السلام... مع النفس.. ومودتي..
واقرأ أيضًا:
يوميات رحاب: عيد الأم / يوميات رحاب: العمل التطوعي