قرأت للتو عبارة منسوبة للكاتب "برنارد شو" يقول فيها:
"يكفي المرأة رجلا واحد لتفهم جميع الرجال، ولكن لا يكفي الرجل مئات النساء حتى يفهم امرأة واحدة"
شجعتني العبارة على كتابة بعض الملاحظات أعتقد أن فهم النساء شيء صعب، وقررت أن أتوقف عن بذل الجهد فيه، فإن سمحت الظروف كان بها، وإلا فالحياة مليئة بأشياء أكثر نفعا وإمتاعا.
وتزداد المهمة صعوبة في البيئة العربية الإسلامية حيث نشأنا على قواعد مدمرة منها أنه يعيب الرجل التعبير عن مشاعره، ومنها أنه لا يعيب المرأة أن تكذب وتلف وتدور، وأن هذا جزء من الدلال والغموض ولذة العلاقة بين الجنسين!!!
والفتاة العربية التي ستصبح فيما بعد زوجة لم يقل لها أحد أن فارس أحلامها هو مجرد وهم مستحيل صنعته الأغاني والروايات الرومانسية، ومؤخرا مشاهد الفيديو كليب الأعمق تأثيرا من أفلام زمان.
والرجل يفاجأ بأنه يعيش تحت سقف واحد مع أكثر من شخصية في عبوة واحدة، أكثر من وجه، وأكثر من لسان، وقد يدرك هذا، وقد ينخدع، وهذه مجرد أمثلة وإرشادات سريعة للموضوع.
قد يفهم الرجل أن التي في بيته مخلوق مسكين عاش وتنفس ثم أتقن تقمص الازدواجية والمداراة، وكتمان المعلومات، وإظهار البراءة حتى يصعب عليه أن يكون غير ذلك!!!
قد يدرك مبكرا أو متأخرا أنه يتعامل مع إحدى ضحايا الحرمان العاطفي، والتمييز الجنسي، والاحتقار الاجتماعي، والإشعار المستمر بالدونية، وأن قبول هذا والتطبيع معه مثل التمرد عليه والاكتفاء بمجرد رفضه، وكلاهما يمنح الضحية زخما هائلا من التشوهات والعاهات النفسية، وأن الاستماتة في تعديل وضعية الضحية قد تنتهي بكارثة.
قد يفهم أنه أمام حالة من الذعر المتواصل، والشعور بفقدان الأمان، والرعب من الوحدة والرفض، وأنه عليه أن يدفع فواتير كل هذا، أو يتحمل فواتير مغامرات البحث عن التحقق والأمان بأي ثمن!!!
والعلاقة الزوجية تنجح ليس بسبب نجاح طرفيها في التواصل والتعاون والتبادل والتشارك، بل هي تنجح أكثر حين يفهم الرجل حاجات زوجته وثغرات تكوينها ويفلح في تلبية هذه الحاجات، وسد تلك الثغرات، بغض النظر عن الاستفزازات والأكاذيب، مهمة صعبة... أليس كذلك؟!!
ضبطت نفسي وأنا أقول لصديق قديم: لا تحاول فهم النساء، وكنا نسير أنا وهو، ثم ضحكت حين تذكرت كلماتي هذه لأنه عاش مراهقته وشبابه في أحضان النساء من كل الأعمار والأنواع، ومثله الآخر الأكبر سنا، والأوسع تجريبا – فهو يعاشر النساء من قبل بلوغه – وهو اليوم قد وصل إلى نفس النتائج، فهل أحمد الله أنني لم أنفق وقتا أو جهدا كبيرا في محاولة أو محاولات تنتهي إلى نفس النقطة؟!!!
ومن يريد أن يكون رجلا نجحا مع النساء ماذا يحتاج؟!
أعتقد أنه يحتاج إلى وقت ومال، وأذن مصغية، وقدرة تعبير عن المشاعر، أو على الأقل كذب في إظهارها، ويحتاج إلى تركيز وتفكير وتحليل وقدرة على تجاوز القشور والأقنعة والمخاوف والالتباسات والألغاز ليصل إلى قائمة الأولويات الأقرب إلى الصواب بالنسبة لمن يحب فيعطيها ما تحتاج لا ما تطلب، والفارق بينهما يكون كبيرا جدا غالبا.
أتمنى أن تتاح أمام رجالنا فرصة ليفهموا هذا، وليتدربوا على السلوك الناجح مع النساء لأن ما يحدث فعلا فيه ظلم شديد للطرفين، وتناول المسألة في الإعلام وعامة الخطاب السائد المتداول لا يخرج عن إعادة إنتاج الكذب على الذات والناس، أو الكلام العام من الدين أو الثقافات الأخرى، وهذا كله لا يفيد بل يضر أحيانا.
واقرأ أيضا على مجانين:
على باب الله: أن تكون طبيبا نفسيا/ على باب الله: 7/3/2005/ على باب الله: الثلاثاء 8/3/2005 .. من مدريد/ على باب الله: الأربعاء 9 / 3 / 005 .. من مدريد/ على باب الله: الخميس 10/3/2005 .. من مدريد/ على باب الله : الجمعة 11/3/2005 .. في طريق العودة/ على باب الله: يا بنت بلدي: - السبت 12/3/2005/ على باب الله 13 /3 مع العراق/ على باب الله: وجوه في المؤتمر12 – 13/3/2005/ على باب الله: الاثنين 14 -3.. بحب السيما/ على باب الله: الثلاثاء : 15 /3 /2005/ على باب الله :شفرة دافنشي: الأربعاء16/3/2005/ الخميس القادم 24 مارس(مؤتمر هام) 16/3/2005/ على باب الله: الخميس 16/3/2005/ على باب الله: أمريكا في غرفة النوم/ على باب الله : ذكرى 20 مارس/ على باب الله : الخميس 24/3/2005/ على باب الله : الجمعة 25/3/2005 مؤتمر القاهرة/ على باب الله: يوم اليتيم – الجمعة – 1 أبريل/ على باب الله: السبت 9/4/ 2005 .. تفجير الأزهر