وصلت إلى أعتاب الطيران إلى المغرب.
البلاد التي ظللت أحلم بزيارتها طويلا، وتصورت أنها جميلة، وأنني سأحبها، وحصل!!!
شعب كريم مضياف يحب مصر والمصريين، ويحب الحياة، ويجاهد ليعيش وسط ظروف صعبة مثل ظروف العرب جميعا في غير أقطار الوفرة، العائمة فوق النفط الذي بدأ يظهر في بلدان أخرى مثل السودان.
إذا أردت أن أصف الشخصية المغربية فيمكنني تلخيصها في كلمة "إيزي جوينج –easy– going " -وهي تعني المهاودة بلغة المصريين، أي المطاوعة، لين الجانب، التسامح، أو ما شابه،وأرى أن هذا من علامات التحضر، وفي المغرب تحضر، وفيه فقر، مدقع أحيانا مثل كل الأقطار المفقرة، ولا أقول فقيرة، لأن في المغرب ثروات هائلة طبيعية وبشرية، ولكن إدارة الموارد وفتح آفاق العمل والاستثمار تبدو مشكلة أرجو أن تكون في طريقها إلى التحسن مثل حالة حقوق الإنسان هناك، وأقصد ما يتردد عن فتح ملفات الماضي الكئيب الذي مرت فيه المغرب حين اختفى البعض، وعذب آخرون، وقضى الآلاف شطرا من أعمارهم بين جدران السجون والمعتقلات ولو كنت تحب المغرب وتتابع أخباره مثلي فلا يمكن أنم يكون قد فاتك سماع اسم مثل " إدريس البصري" الرجل الحديدي الذي ظل ممسكا بزمام الأمن الداخلي طيلة عقود وحتى أعوام قليلة خلت.
"البصري" خارج السلطة الآن، وغيره من "مغرب" الماضي بعد أن جرت في النهر مياه كثيرة أغلبها صحي وصالح للشرب وناجح في إطار تجديد شرعية النظام الملكي مع وصول "محمد السادس" إلى العرش، والمغرب مؤهل لقفزة تنموية تنقل اقتصاده من مربع الاقتصادات القائمة على السياحة والخدمات إلى أنشطة وصناعات مختلفة وكلنا يذكر الأسماك المغربية المحفوظة والطريق مفتوح للاستفادة من مشاعر المحبة والود المتبادل بين المصريين والمغاربة بأكثر من زيجات كثيرة ناجحة دفعتني يوما للتفكير في عمل جمعية للصداقة بين البلدين تكون من أنشطتها تسهيل الزواج.
لكن ما أقصده هنا هو التبادل الثقافي والعلمي، والتعاون الفتي والاقتصادي، وفي "المغرب" جمهور كبير من القراء، والشباب هناك يحب الاطلاع، ومعرفة ما يدور حوله في العالم، ولا أتعجب إذا استوقفني أحدهم ليسأل عن كاتب أو كتاب أو مقالة أو جريدة مصرية ليكشف عن متابعة تلفت النظر، وتثير الإعجاب.
وحتى الشباب من ذوي التوجه الإسلامي وجدتهم مختلفين، ولا أنسى " نعيمة " و "صباح"، وكانتا مثالا من أمثلة المتميزات هناك.
صديقتان تحملان كل الذوق والتحضر والامتلاء بالخير، كانتا لا تكادان تفترقان، وحين قابلتهما في زيارتي للمغرب منذ ما يربو على سبعة سنوات، وربما أكثر، كانتا تشعان ذكاءا، وتتعطشان للمعرفة، وتحلمان بالسفر لاستكمال الدراسة العليا في أوروبا وأرجو أن تكون نعيمة قد أنهت الدكتوراه في مهجرها البلجيكي، وكذلك "صباح" في"باريس"، أدعو الله أن يحفظهما، ويكثر من أمثالهما.
في مرات تالية قابلت "خديجة" وغيرها من شبان وشابات يتشرف بهم وبهن القطر الذي ينتمون إليه، ثم قابلت في مؤتمر دولي السيدة "نادية" كريمة الشيخ عبد السلام ياسين وكانت مثالا للذوق والتحضر، وعنوانا جيدا للمرأة المسلمة الملتزمة والمتحدثة بلسان حركة واسعة الانتشار في الأوساط الشعبية والطلابية المغربية هي حركة العدل والإحسان الحكايات عن المغرب لن تنتهي، وأرجو أن تتاح لي الفرصة لأكتب أكثر عن هذا البلد وأهله عسى أن تكون الذكرى والفكرة ناقوسا يوقظ حين يدق.
واقرأ أيضا على مجانين:
على باب الله: يوم اليتيم – الجمعة – 1 أبريل/ على باب الله: السبت 9/4/ 2005 .. تفجير الأزهر/ على باب الله أن تكون رجلا السبت /6/4/2005/ على باب الله ما أروعك يا مراكش–18/4/2005/ على باب الله: التغيير – 19 / 4 / 2005