سألت عم عبده غفير عمارتنا الصعيدي: هل أدليت بصوتك في الاستفتاء على تعديل المادة 76 من الدستور ولم أثقل عليه بالحديث عن إدخال المادة 192مكرر منه... قال يعني من باب التبسط لكنه برضك لم يفهم قصدي فسألته مباشرة اديت صوتك النهاردة؟ فأجابني بأن صوته في البلد. فقررت أن ألعب معه بمنتهى الشر الطيب إلى النهاية.
ولكن هكذا يا عم عبده يمكن أن يوقعوا عليك غرامة بعدم التصويت فأجابني بكل طمأنينة في مواجهة حرصي الساذج عليه: لأ ما هُمّا في البلد حيسددولي.
ولم أيأس فاستمريت في مراوغته وسألته ولكن ماذا يعرفون عن رأيك؟ ماذا لو أردت أن تقول لأ؟ فأجابني وابتسامة بلهاء تعلو وجهه. أنا أمّي عمري ما حأقول لأ... طيب يا عم عبده ماتعرفش تقرا وتكتب لكن تعرف أنت عايز إيه... فأتحفني بحكم المصريين الموغلة في الهوان.. الميه مابتطلعش للأدوار العالية وأدرك أنه أفحمني فنظر إليّ بطرف عينه.. واللا إيه يا مدام؟ فأجبته: بتطلع بالموتور يا عم عبده... فانطلق في موضوع آخر يهمه أكثر وهو ابنته المريضة نفسيا التي توقفت عن الذهاب إلى الطبيب عندما عرفت أنها حامل خوفا على جنينها من أن يعطيها الطبيب دواءً، وكأنها أكثر وعيا من الطبيب فلطمت حيث أن طبيبها قد أخبرني بخطورة مرضها... ليس عم عبده فقط الأمي ولكن الجيل الثاني أيضا... والإقبال الجماهيري كان أعلى بالمحافظات على الاستفتاء منه في القاهرة... إلام يشير ذلك؟ هل لارتفاع الوعي السياسي خارج القاهرة أم ماذا؟
الفتيات اللاتي اشتركن في مظاهرة كفاية تعرضن تحت أعين رجال الشرطة والأمن في وسط البلد لما يشبه الاغتصاب على أيدي البلطجية وأين؟ أمام نقابة الصحفيين..فما هي الرسالة؟ تلك اللحظة التاريخية من عمر الوطن تفرز العديد من الأسئلة التي يلزمها الاجتهاد للبحث عن إجابات بضمير... ومريم أعطتني درسا في حقوق المواطنة تلقته من مدرسها الفرنسي في مادة الدراسات المدنية عن الغباء السياسي عندما سألتني. هل أدليت بصوتك؟ فأجبتها بأن وقتي لن يسمح فصفعتني قائلة وكيف ستطالبين بحقوقك إذا لم تؤدِ واجبك هذا ما يطلق عليه "الغباء السياسي".
وكان وقع الكلمة لطيفا لأنه جاء بالفرنسية ومؤثرا لأنه جاء من ابنتي فأنهيت مكياجي سريعا وتوجهت إلى الكوافير ألهث وانطلقت إلى مقر لجنتي الانتخابية أجري فوجدتها تهش وتنش ورحبت بي المشرفة على لجنتي الفرعية وهي محامية ومسئولة نسائية بالحزب الوطني الديمقراطي وسألتني عن برنامج اعترافات ليلية ولماذا توقف وأجبتها بأن "كله خير" وأسرعت إلى عملي وجلست لأقرأ نشرة الأخبار عن توافد المواطنين على اللجان الانتخابية بمصر الجديدة والزيتون والسيدة والمهندسين وجنوب الوادي والباجور ومدن القناة وشمال وجنوب سيناء وأنا في منتهي السعادة لأن شعبنا لا يعاني الغباء السياسي البتة.....
اقرأ أيضاً على مجانين:
اعترافاتي الشخصية أسواري الواطية / عندما تحشمت