"لا":كلمة يصعب نطقها بالنسبة لكثير منا ولكن قبول كل شيء خطر جدا فهو يعني أن نترك الآخرين يجتاحوننا للدرجة التي ننسى معها رغباتنا الشخصية. إذن كيف نكسر دائرة نعم لكل شيء؟
ولكن أصلا لماذا يجب أن نعرف أن نقول "لا"؟ لأن ذلك يسمح لنا بأن نجد مكاننا وسط الآخرين وأن نعمل على أن نكون محترمين. لكل منا فكرة عما هو مقبول بالنسبة له وما هو ليس كذلك، ولكن وضع الحدود التي لا يجب أن يتجاوزها الآخرون معنا متروك لنا وإلا فلا مجال إلا لأن يغزوننا وأن نترك أنفسنا لرغباتهم فنترك أنفسنا نحيد عن أهدافنا الخاصة إلى الدرجة التي لا نعرف معها من نحن وماذا نريد.
إن من لا يعرف أن يقول لا، لا يمكن أن يقول نعم حقيقية فكلتاهما تأكيد للذات وما دامت ليست لديك فكرة واضحة عما لا تريده فبالتأكيد أنت لا تعرف ماذا تريد. ولكن من أين تأتي صعوبة قول لا؟ الخوف من الصراع؟ إنه البداية ولكن هذا الخوف يخفي مخاوف أخرى: الخوف من السلطة الذي سيظهر مثلا في عدم القدرة على قول "لا" للرئيس في العمل أو في إطار العلاقة الزوجية نجد الخوف من عدم الإعجاب أو فقدان حب الآخر إنها تبدأ بالضبط بالحرص على أن نسعده وتنتهي بإعطاء الأولوية لرغباته فقط لدرجة أن تصبح تشويشا يمنعنا من سماع رغباتنا.
وأخيرا القدرة على قول "لا" تتوقف أيضا على القدرة على اللجوء للعدوانية بالمعنى الإيجابي لها: الغضب، المعارضة والمطالبة... وهذا أكثر وضوحا عند النساء فالتقاليد تعلمهن أن المرأة يجب ألا تُظهر غضبها وبالتالي يكبتن قدرتهن الكامنة على العدوانية ويصبحن غير قادرات على إدارتها وهو ما يفسر معاناتهن أكثر من الرجال من فقدان تأكيد الذات. ولكن عندما تصبح الحياة اليومية غير محتملة، عندما يتفاقم الخوف من الانغلاق في نظام مدمر نكرهه، عندما تبدو الحياة الحميمية مهددة يجد البعض في أعماقهم حافزا أخيرا لقول "لا".
لا للفساد، للبربرية، للعنف اليومي من زوج كريه. لا لحياة لم نخترها أو لحياة ستضيع فجأة من أيدينا لو لم ندافع عنها. إن الطريق من لا إلى أخرى يختلف لكنه، غريزي، فوري مثل صرخة قلب أو سلوك للبقاء بالنسبة للبعض. هو طويل ومؤلم، مثير للشعور بالذنب بالنسبة للبعض الآخر.
في بعض الأحيان ينهار الجسم أولا جاعلا إشارة الخطر تُدوي في الوقت المناسب.في بعض الأحيان يكون سلوك أحد المقربين، أو جملة سمعناها هي التي تعطي شرعية التمرد. في جميع الأحوال تكون "لا" الموجهة للآخر لها نفس قيمة "لا" المهداة إلى الحرية والحياة الخاصة. وأكمل في الأسبوع القادم بلا وأنواعها في اعترافات مذهلة.
اقرأ أيضاً:
عشتها من قبل بشكل أو بآخر / العسراء