أصبحت الآن أكتب وأنا أعرف من سيكرهني ومن سيتمنى لو قطعت أصابعي حتى لا أدق بها علي جهاز الكمبيوتر فأحول أفكاري إلى إعترافات ومع ذلك أكتب ليس لأني أحب أن يكرهني البعض بل يتهمني بأني أخسر جمهوري الذي أحبني من خلال برنامج "اعترافات ليلية" ولكن لأني أريدهم أن يعرفوا أنهم أحبوني لأن تلك كانت أفكاري.
كذلك أذهب إلى شرم الشيخ للراحة والاستجمام فأجدني منزلقة مرات في حوارات ومتطوعة للانزلاق مرات أخرى. كأن يخبرني شاب مصري أن الإيطاليين الذين يتولون الترفيه بالفندق يتحدثون بشكل سيئ مع الزبائن عن المصريين فأناقش معه الفكرة بالمنطق وكيف أن الاستسلام لفكرة أن الآخر يكرهني كافية لأن لا أسعى من جانبي لأن أكسبه في صفي أو على الأقل لأن يعرفني ثم يحبني أو يكرهني ثم لماذا يأتون إلى بلادنا لو كانوا فعلا يكرهوننا هل ضاقت بهم الدنيا أم هم من هواة تعذيب النفس ربما أكون قد استدرجت إلى هذا الحوار وغيره مع أصحاب بازار شبان يكييسون بضاعتهم راحلين عن القرية السياحية لأن صاحب المكان لا يريد أن ينقص إيجار المحل يورو واحدا رغم كل الأحاديث المترددة عن مساندة المتضررين وتناقشت مع بعض المتخصصين في مجال السياحة في المنطق الاقتصادي وراء ذلك ورأى البعض أنه من المهم بمكان الحفاظ على مستوى السياحة بشرم الشيخ حتى عودتها إلى سابق عهدها ولست خبيرة اقتصادية.
وهذا الموقف يشبه الحلم فقد كنت سائرة في القرية واستمعت لشريط ديني لأحد الدعاة الجدد الذين يبثون روح التطرف في صوت مرتفع كأني في ميكروباس خط امبابة ينبعث من كشك خشبي يبيع ألعاب البحر البلاستكية يعاني صاحبه من الكساد فلم أشاهده طوال يومين في ذهابي وإيابي يبيع ولو مرة واحدة واستغربت فالقرية كل نزلائها تقريبا ألمان وروس وبريطانيون وإن شاء الله بدءا من هذا الأسبوع سيعود الايطاليون بعد أن ألغت الخارجية الايطالية قرار حظر الطائرات الشارتر القادمة إلى شرم الشيخ وكان هذا مدعاة للراحة والسعادة وفي نفس الوقت للأسف على المصريين الذين أحجموا عن الذهاب واعتبروا كما أفصحت إحدى قريباتي التي تقضي إجازتها الصيفية بمصر حيث أنها تعمل وزوجها بإحدى الدول الخليجية عن أنه ماحبكش شرم اليومين الدول وعندما أخبرتها إني لم أكن لأذهب إلى شرم في الصيف إلا عن قصد ونية مبيتة وإحساس بالواجب ردت ساخرة بأنها وطنية زائدة ومع ذلك اصطحبت ابنها معنا وكانت من أمتع الإجازات التي قضيتها ولم أكن أرغب في العودة لولا مقتضيات العمل لي ولزوجي وكم كرهتني ابنتي وصديقاتها وابن قريبتي الذين كانوا طائرين من السعادة نظرا لجمال الطبيعة والبشر والشعاب المرجانية في محمية رأس محمد كانا يومان في الجنة دون مبالغة.
ووجدتني أقصد الشاب الذي يدير الشريط الديني وأسأله عن السبب الذي يدفعه لإدارة مثل هذا الشريط في منتجع سياحي فاستنكف مجرد السؤال دون إدراك لخطورة الأفكار التي تمتلئ بها مثل هذه الشرائط ودون إدراك لأن هذه الأفكار هي المسئولة عما يعانيه هو وزملاؤه وما نعانيه جميعا من عواقب وخيمة للإرهاب ودون إدراك لما تفرضه طبيعة المكان الذي يعمل فيه ودون قدرة على التمييز بين حقه في الاستماع إلى ما يشاء وحق الآخرين في آلا يخرق آذانهم في منتجع يبغي فيه الناس الراحة والهدوء بأحاديث التطرف الديني.
اقرأ أيضاً:
كيف نصبح أنفسنا / أيوه تمثيلية بس مش حأقاطع